حكاية
للعبرة
كَانَ
لِبَعْضِ الصَّالِحِينَ أَخٌ صَالِحٌ يَزُورُهُ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، فَجَاءَ
مَرَّةً لِزِيَارَتِهِ فَطَرَقَ بَابَهُ فَقَالَتْ زَوْجَتُهُ: مَنْ؟ فَقَالَ:
أَخُو زَوْجِك فِي اللَّهِ جَاءَ لِزِيَارَتِهِ فَقَالَتْ ذَهَبَ يَحْتَطِبُ لَا
رَدَّهُ اللَّهُ وَبَالَغَتْ فِي شَتْمِهِ وَسَبِّهِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ
وَإِذَا بِأَخِيهِ قَدْ حَمَّلَ الْأَسَدَ حُزْمَةَ حَطَبٍ وَهُوَ مُقْبِلٌ بِهِ،
فَلَمَّا وَصَلَ سَلَّمَ عَلَيْهِ وَرَحَّبَ بِهِ، ثُمَّ أَنْزَلَ الْحَطَبَ عَنْ
ظَهْرِ الْأَسَدِ وَقَالَ لَهُ: اذْهَبْ بَارَكَ اللَّهُ فِيك ثُمَّ أَدْخَلَ
أَخَاهُ وَهِيَ تَسُبُّهُ فَلَا يُجِيبُهَا فَأَطْعَمَهُ ثُمَّ وَدَّعَهُ
وَانْصَرَفَ عَلَى غَايَةِ التَّعَجُّبِ مِنْ صَبْرِهِ عَلَيْهَا ثُمَّ جَاءَ فِي
الْعَامِ الثَّانِي فَدَقَّ الْبَابَ فَقَالَتْ امْرَأَةٌ: مَنْ؟ قَالَ أَخُو
زَوْجِك جَاءَ يَزُورُهُ. قَالَتْ: مَرْحَبًا وَبَالَغَتْ فِي الثَّنَاءِ
عَلَيْهِمَا وَأَمَرَتْهُ بِانْتِظَارِهِ، فَجَاءَ أَخُوهُ وَالْحَطَبُ عَلَى
ظَهْرِهِ فَأَدْخَلَهُ وَأَطْعَمَهُ وَهِيَ تُبَالِغُ فِي الثَّنَاءِ عَلَيْهِمَا،
فَلَمَّا أَرَادَ مُفَارَقَتَهُ سَأَلَهُ عَمَّا رَأَى مِنْ تِلْكَ وَمِنْ هَذِهِ
وَمِنْ حَمْلِ الْأَسَدِ حَطَبَهُ زَمَنَ تِلْكَ الْبَذِيئَةِ اللِّسَانِ
الْقَلِيلَةِ الْإِحْسَانِ، وَحَمْلِهِ لَهُ عَلَى ظَهْرِهِ زَمَنَ هَذِهِ
السَّهْلَةِ اللَّيِّنَةِ الْمُثْنِيَةِ الْمُؤْمِنَةِ فَمَا السَّبَبُ؟ قَالَ يَا
أَخِي تُوُفِّيَتْ تِلْكَ الشَّرِسَةُ وَكُنْت صَابِرًا عَلَى شُؤْمِهَا
وَتَعَبِهَا فَسَخَّرَ اللَّهُ - تَعَالَى - لِي الْأَسَدَ الَّذِي رَأَيْته
يَحْمِلُ الْحَطَبَ لِصَبْرِي عَلَيْهَا، ثُمَّ تَزَوَّجْت هَذِهِ الصَّالِحَةَ وَأَنَا
فِي رَاحَةٍ مَعَهَا فَانْقَطَعَ عَنِّي الْأَسَدُ فَاحْتَجْت أَنْ أَحْمِلَ عَلَى
ظَهْرِي لِأَجْلِ رَاحَتِي مَعَ هَذِهِ الصَّالِحَةِ.
الزواجر
عن اقتراف الكبائر - الهيتمي(2/ 80)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق