الاثنين، 17 يوليو 2017

لقد مضت أيام القرابين

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
لقد مضت أيام القرابين ، كان أنّ الله عزّ وجلّ قد جعلها لبني إسرائيل في موضع امتحان إخلاصهم ، وتعرّف صدق نياتهم، فكانوا يتقرّبون بالقربان. فمن كان منهم مخلصا نزلت نار من قبل السّماء حتّى تحيط به فتأكله، فإذا فعلت ذلك كان صاحب القربان مخلصا في تقرّبه. ومتى لم يروها وبقي القربان على حاله ، قضوا بأنّه كان مدخول القلب فاسد النّية.
قال الله تعالى : أَنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْهِمْ فِي كُتُبِهِمْ أَلَّا يُؤْمِنُوا بِرَسُولٍ حَتَّى يَكُونَ مِنْ مُعْجِزَاتِهِ أَنَّ مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ مِنْ أُمَّتِهِ فقبلَتْ مِنْهُ أَنْ تَنْزِلَ نَارٌ مِنَ السَّمَاءِ تَأْكُلُهَا.183 سورة آل عمران
 ولم يبق لنا سوى الظاهر من العمل للدلالة علىه
أن ننوي فعل أمر ممكن ، وممكن أيضاً أن نفعله
والنية قد نعقدها على أمر حسن وخالص لوجه الله تعالى
وقد تكون النية ظاهرها من الفعل الحسن وباطنها الإساءة
قد نمكر ببعضنا لتحقيق كسب ونحن نعلم أن ليس من صفته الدوام
إلا أنني أسأل من اتخذ من المكر غطاء لسلوك ووصولا لغاية
أسأل هل ضمن مكر الله به في الدنيا قبل الأخرة
وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-       الحيوان (4/ 488)
-       تفسير ابن كثير (2/ 177)


رايتو بيضا

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
في المعرة عندنا يقولون صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
في المعرة عندنا يقولون رايتو بيضا ، للدلالة على صفة الفضل عند أحد ما ، ولخدمة أو خدمات قدمها
ترى أين هم أصحاب الرايات البيض اليوم ؟ ولا أظن أنهم قد فقدوا ، وكلي يقين أنهم موجودون
تراب الشام كل الشام يدوعوهم لترك بصمة قد تفتح باباً للفرج
إبليس يوحي بتثبيط الهمم شغله الشاغل ، النهي عن سلوك طريق فيه خير
لواء إبليس يرفع رايته وقد دوّن عليها : لا تحاول والله موطالع بالإيد شي
ترى ألا يبحث الغريق ، عن قشة يحاول الاتجاه نحوها أملا بإنقاذه ، وهو يعلم أنها غير قادرة على فعل شيء
مصيبة أن يكثر بيننا أناس شغلهم جمع الهموم وبثها بين الناس ، إما لعجزهم أو أن استمرار البلاء هدف ذا قيمة يلبي رغباتهم
من أبشع صور العجز أن تستصغر فعلا خيراً مهما قل حجمه وضعف توقع أثره
والمرء يثاب على نية حسن ، فكيف إن فعلها
وأقل القليل اشغال الفكر في مخرج من هذا البلاء
وبزل ما نحن قادرون عليه ، ومن ثم نترك أثره قبوله واتباعه على الله
ورحم الله القائل :
أهل الجود والمعروف وين أراضيهم
وين ألاقيهم
أشكي لهم ناس ما بعرف أراضيهم
    ، للدلالة على صفة الفضل عند أحد ما ، ولخدمة أو خدمات قدمها
ترى أين هم أصحاب الرايات البيض اليوم ؟ ولا أظن أنهم قد فقدوا ، وكلي يقين أنهم موجودون
تراب الشام كل الشام يدوعوهم لترك بصمة قد تفتح باباً للفرج
إبليس يوحي بتثبيط الهمم شغله الشاغل ، النهي عن سلوك طريق فيه خير
لواء إبليس يرفع رايته وقد دوّن عليها : لا تحاول والله موطالع بالإيد شي
ترى ألا يبحث الغريق ، عن قشة يحاول الاتجاه نحوها أملا بإنقاذه ، وهو يعلم أنها غير قادرة على فعل شيء
مصيبة أن يكثر بيننا أناس شغلهم جمع الهموم وبثها بين الناس ، إما لعجزهم أو أن استمرار البلاء هدف ذا قيمة يلبي رغباتهم
من أبشع صور العجز أن تستصغر فعلا خيراً مهما قل حجمه وضعف توقع أثره
والمرء يثاب على نية حسن ، فكيف إن فعلها
وأقل القليل اشغال الفكر في مخرج من هذا البلاء
وبزل ما نحن قادرون عليه ، ومن ثم نترك أثره قبوله واتباعه على الله
ورحم الله القائل :
أهل الجود والمعروف وين أراضيهم
وين ألاقيهم
أشكي لهم ناس ما بعرف أراضيهم


هل سمعتم بقبر يزيد حبك في الدنيا لتزداد حبا في الآخرة

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
القبور تذكرنا بالآخرة
إلا أن قبورا تحببك بالدنيا لتفوز بالآخرة
فهل سمعتم بقبر يزيد حبك في الدنيا لتزداد حبا في الآخرة  
لا أقصد التوسل بها واستمداد العون من أصحابها
فنحن قوم على يقين من أن الضار والنافع هو الله
أمرنا بزيارة قبور موتانا
وفي الزيارة تتحقق أمور كثيرة
في ذؤآبتها أن الله موجود وهو الحي القيوم
وأنا هنا لست بصدد الحديث عن مشروعية زيارة المقابر ، بل عن بعض الأثر الذي تتركه الزيارة
هناك من يزور من خلال مرافقة جنازة وهناك من يزورها ودا لمن غدا تحت التراب من أحبته
وهناك من يزورها لأخذ شحنة إضافية تقوية للعقيدة الإيمانية بالله جلّ جلاله وتدفعه الزيارة وهو أمام قبر أحد العظماء أن الله استجاب لنبيه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فكان قبر أبي أيوب الأنصاري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تحت أسوار القسطنطينية
حتى أن الروم كانوا يتباركون به ، وحتى أن الروم عندما أدركوا هزيمتهم أمام العثمانيين هددوا المهاجمين بنبش القبر فأجابهم محمد الفاتح أنه سيقتل بكل خطوة تجاه القبر مائة ألف من أسارى الروم البالغين ستمائة ألف
كثيرون منا لم يتسنى لهم زيارة قبر أبي أيوب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
ولكن الدنيا ملأى بقبور العظماء من هذه الأمة فتراب قارة آسيا وأوروبة وأفريقية قد تعطرت برفاتهم
لقد كان دافعي لما قلت دعوة من أحب للوقوف أمام قبر رجل أقل ما يقال في سيرته أن مشاكل الدنيا حلت وعلى يديه في أقل من سنتين لينعم الناس بما يرضيهم روحيا واجتماعيا واقتصاديا ، في ظل سيادة شرع الله
لقد أقر كل من درس حياة ذلك الرجل حتى من غير المسلمين أنه أحد عظماء التاريخ
وأقسم أني ما زرته مرة – ولا أذكر كم كانت عدد تلك المرات حتى وأنا طفل كنت أزره ماشيا - إلا وأحسست بحالة عجيبة تنتابي أقل ما فيها أنه لولا الإسلام لما كان عمر بن عبد العزيز
كتبت عنه وربما كنت أقل الناس في ذلك
كنت سببا في زيارة طلابي وطالباتي لقبر عمر رحمه الله ، وكنت أقول لتقولوا يا رب عمر هيئ لنا كعمر
كنت أطلب إليهم أن يسألوا الله ما يشاؤوا ، لا تضرعا بقبر بل ببركة صاحب هذا القبر
راودتني فكرة أن تقوم الدولة بعمل مهرجان عنوانه عمر بن عبد العزيز
عرضت الفكرة على عدد من وزراء الثقافة الذين زاروا المعرة ، وكان اعتراضهم مهرجان أبي العلاء
قال لي أحدهم لنتحفل بعمر من خلال مهرجان أبي العلاء
فكنت أجيب ولماذا لا نتحفل بأبي العلاء من خلال عمر
لا إقلالا لمكانة المعري لا ، وهو أحد عظماء العربية 
فإن كان المعري أحد عظماء العربية ، كان عمر عظيما على ساحة الدنيا كلها
وفي ختام كلماتي
أقول : عندي رغبة أدعو إليها أحبتي وهي المشاركة بصفحة أرغب في إنشائها باسم عمر بن العزيز
على أن تكون المشاركة متاحة للجميع بشروط لا بد منها
1-  ذكر المصدر لكل منشور كقولنا تاريخ الطبري ج 2 ص1 أو نقل فلان
2-  لا مانع من أن يكون المنشور من اجتهاد الناشر ، وهنا لا بد أن يشير صاحب المنشور لنفسه وباسمه الصريح والكامل كمصدر ولا تقبل الكنية كأبو عمر مثلا
3-  لا مانع من النقل ومن ثم النشر اعتمادا على المواقع الألكترونية ذات المصداقية مع ذكر اسم الموقع
4-  كل منشور ليس له علاقة بسيرة عمر بن عبد العزير لن يسمح له بالظهور
5-  كل منشور لا يملتزم بما ذكر لن يسمح لمنشوره له بالظهور
والغاية أيها الأخوة أن حبنا لعمر رحمه الله لن يدفعنا للكذب على عمر
هي تجربة أسأل الله لها القبول


خبزو بلا إيدام وبيعزم الجيران

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
وقد قيل : خبزو بلا إيدام وبيعزم الجيران
من المصيبة أن يتحول المرء إلى مُتَحَلِمٍ بما ليس لديه ، وأن لا يقف عند حد قدراته
في مظهره حَلّال مشاكل ، وفي واقعه عاجز عن حل مشاكله
يقدم خدماته للناس هكذا جزافا ، وربما بمقابل يودي بكارثة
وهوي يا دوب عبدبر حالوا
يقع في مصيدته الملهوف صاحب الحاجة
يوقعه الأمل في حل عثرته في مصيدة : الغريق يتعلق بشعرة
ومن الغريب أن هؤلاء وخشية من اتهامه بالنصب والاحتيال يكثرون لك من أسماء الطرق المؤدية للحل وكلها موصولة إلى السراب
حتى يمل صاحب الحاجة أو إن أسعفه الحظ ، ليتنبه إلى أن صاحبنا نَصّاب ، وبعد فوات الأوان
ورحم الله البحتري حيث قال :
ويبيت يحلم بالمكارم والعى ... حتى يكون المجد جل منامه
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
- الموازنة بين شعر أبي تمام والبحتري – الآمدي (1/ 347)


اللي بِشُور عليك بالطلاق ما بعينك بالنفقة

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
قيل : اللي بِشُور عليك بالطلاق ما بعينك بالنفقة
كثيرون من يقدمون المشورة إلينا من ظاهر الود والمحبة ، وربما كانت المشورة تقع في مصلحتة من يشور ، فقد وجد عندنا الرغبة في أمر يصب في مصلحته فزادنا بتحسينه
في نهاية الأمر نحن من ستقع عليه النتيجة وسيأكل ثمار استشارته
والأمر مرتهن بحجم الفعل
كذلك لن نتوقع المشاركة ولا الموآزرة ممن أشار لنا إن وقعنا بكارثة
كلمة لا بد  منها للتنصل : من أجبرك على قبول مشورتي ، كان بامكانك أن تفعل
مشورات خربت بيوتا ، وأخرى دمرت أوطان
سر الوقوع بها ، وضع العقل جانبا واتباع الهوى ، لتحقيق لذة لا تدوم
ألم يخرج سيدنا أدم من الجنة بمشورة إبليس
أمس واليوم الكل يدعوك للجنة سواء هي جنة الدنيا أم جنة الآخرة
ولا أحد يدعوك إلى النار
معقول هذا


قالوا للجمل : ليش بتاكل شوك ؟ قال : لأني بفتكروا لما كان أخضر

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
قالوا للجمل : ليش بتاكل شوك ؟ قال : لأني بفتكروا لما كان أخضر
ومن قصة قارون نتعلم
كثيرة هي الحالات التي قد تدفعنا للانتقام ، سيما ونحن قادرن على تفريغ شحنة من الأذى تجاه من قد تسبب في أعلا درجات الضرر النفسي أو الاجتماعي أو أو  …. لنا وهو قاصد عامد
لكن كيف بنا إن كان الانتقام من خلق الله شهوة لتحقيق مأرب أو لذة دنيوية ودون ذنب اقترف
والأعجب أن يكون الانتقام ممن سار في طريق الصلاح ، حيث أن وجوده يسبب خطر في كشف
من سار في درب إبليس ، إذا لا بد من الخلاص منه
في المعرة عندما يعبرون عن تلك الحالة بـ : إذا وقع تحت الصواب سطروا – والمثل يعبر عن قدرة الانتقام في لحظة معينة
الحق أن نصل للحق دون زيادة
عن عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ نَوْفَلٍ، قَالَ: " كَانَ قَارُونُ يُؤْذِي مُوسَى بِكُلِّ أَذًى، وَكَانَ ابْنُ عَمِّهِ، فَقَالَ لِامْرَأَةٍ بَغِيٍّ: إِذَا اجْتَمَعَ النَّاسُ عِنْدِي غَدًا فَتَعَالِي فَقُولِي: إِنَّ مُوسَى رَاوَدَنِي عَنْ نَفْسِي، وَلَكِ كَذَا وَكَذَا، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ عِنْدَ قَارُونَ جَاءَتِ الْمَرْأَةُ، فَقَالَتْ: إِنَّ قَارُونَ أَمَرَنِي أَقُولُ: إِنَّ مُوسَى رَاوَدَنِي عَنْ نَفْسِي، وَإِنَّ مُوسَى لَمْ يَقُلْ لِي ذَلِكَ، فَبَلَغَ مُوسَى قَوْلُهُ، وَهُوَ فِي الْمِحْرَابِ فَسَجَدَ، فَقَالَ: يَا رَبِّ إِنَّ قَارُونَ قَدْ بَلَغَ مِنْ أَذَاهُ أَنْ قَالَ: كَذَا وَكَذَا، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ أَنْ يَا مُوسَى، إِنِّي قَدْ أَمَرْتُ الْأَرْضَ أَنْ تُطِيعَكَ، وَقَدْ أَمَرْتُ السَّمَاءَ أَنْ تُطِيعَكَ، وَقَدْ أَمَرْتُ الْبِحَارَ أَنْ تُطِيعَكَ، فَأَتَى مُوسَى قَارُونَ وَهُوَ فِي غَرْفَةٍ لَهُ قَدْ ضَرَبَ عَلَيْهَا صَفَائِحَ الذَّهَبِ، فَقَالَ: يَا قَارُونُ أَقُلْتَ كَذَا وَكَذَا؟ يَا أَرْضُ خُذِيهِمْ، فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى أَكْعُبِهِمْ، فَقَالَ لَهُ قَارُونُ وَمَنْ مَعَهُ: يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ فَيُنْجِينَا وَنُؤْمِنُ بِكَ، فَقَالَ: يَا أَرْضُ خُذِيهِمْ، فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى رُكَبِهِمْ، فَقَالُوا لَهُ مِثْلَ ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا أَرْضُ خُذِيهِمْ، فَأَخَذَتْهُمْ إِلَى أَنْصَافِهِمْ، فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ، فَلَمْ يَزَلْ يَقُولُ ذَلِكَ، وَيَقُولُونَ لَهُ يَا مُوسَى: ادْعُ لَنَا رَبَّكَ فَيُنْجِينَا، وَنُؤْمِنُ بِكَ حَتَّى تَطَابَقَتْ عَلَيْهِمْ وَهُمْ يَهْتِفُونَ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: مَا أَفَظَّكَ يَا مُوسَى، أَمَا وَعِزَّتِي لَوْ دَعَوْنِي دَعْوَةً وَاحِدَةً لَرَحِمْتُهُمْ
وَلَأَجَبْتُهُمْ     
ترى أفلا نحب أن يغفر الله لنا بمسامحتنا أحد خلقه
نتذكر قبيل الانتقام صفة خير عند عدونا
قارون مثلا اتصف بالكرم وهو أول من قال للضيف صدر البيت
ـــــــــــــــــــــــــ
-       تفسير مجاهد (ص: 533)
-       تفسير الطبري (19/ 632)


قلو ياعمي خدني معك ، قلو الدرب بيسعني وبيسعك

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
وقد قيل : قلو ياعمي خدني معك ، قلو الدرب بيسعني وبيسعك
مبدأ الفردية في الحياة مستهجن ، كذلك أن يكون المرء تابعا على الدوام مستنكر أيضاً
الحياة تتسع للجميع وقضية التعلق بالأفراد ساقطة فلا عصمة إلا للأنبياء
يحدثنا التاريخ عن أفراد كانت حياتهم إقصاء الأخر حتى وإن كان على حق
ويحدثنا أيضا عن التعايش بين الخلق ، بغض النظر عن القهر والإكراه
هناك من أراد الدنيا لنفسه ووجد أنها بذلك لا تتسع إلا لسواه 
وهناك من سعى وأدرك بأن السعي أمر إنساني بعيد عن الفردية 
قرن من الزمن والناس في البلاد التي فتحها المسلمون على غير الإسلام 
نسبة المسلمين لم تكن لتتجاوز العشرين بالمئة
سعى الناس بعد ذلك إليه ، فقد وجدوا أن بيت الإسلام يتسع الجميع ، دون النظر لمعتقده ، وأن السعي مطلوب من الجميع فالاتكالية مرفوضة ، والفردية كذلك
لست مطالبا فوق ما تستطيع 
إلا أنك مطالب بالسعي


يا شي بيصلح يا تركو أصلَح

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
وقد قيل : يا شي بيصلح يا تركو أصلَح
ولعل هذه المقولة تنساح لتغطي مناحي الحياة كلها
أن يفقد المرء التمييز بين ما ينفع وما يضر ، حالة مرضية تدل على تراجع في استدلاته العقل
إلا أن المشكلة فيمن امتلك حدا أدنى من قواعد التفكير الصحيح وانصب اهتمامه على فعل ما يصلح فتركه إلى ما لا يصلح
اللص مثلا يحسن فعل السرقة قبل أن يقوم بها ، وكأنه قاض حكم على رجل بدفع غرامة بانتزاعها قهرا ولتخفيف الألم في ظنه أخذاها خلسة
من يغش في فكره وعمله يلبس ذلك ثوب الإصلاح
وكذلك من تحول إلى نمام يضيف ما شاء من سوء على سواه
الدعوة لقضية خاطئة يحتاج إلى الاعتقاد بصحتها وأنها الأصلح ، وأن الابتعاد عنها يفقد المرء ويبعده عن تحقيق منفعة
كثيرة هي الأشياء التي اعتقدنا بصحتها وأثبتت الأيام أن تركها هو الأصلح
سر ذلك أننا غلبنا هوى النفس على العقل
والبداية تبدأ من البيت
من اعتاد الدخول لبيته مثلا هكذا – لا إذن ولا دستور – له أن يتحول إلى طلب الإذن ليحصل على مشروعية الدخول
فمن قام بما يصلح في بيته ، ترك ما لا يصلح بين الناس


ابن خلدون رحمه الله لا حظ أثر البيئة على الإنسان

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
كان الملح في المعرة ينقل إليها وإلى سواها في مدن سوريا ،من مدينة اللاذقية ، وكان وزن كيس القنب منه بين المائة وعشرون والمائة وثلاثون كيلو غرام ، وهو خشن حباته كحبات المرو الصغيرة ، وبرؤوس إبرية تسبب الألم عند الحمل ابتاع والدي لمحلنا سيارة ، كان الوقت أربعينية الشتاء وصلت السيارة قرابة منتصف الليل وأصر قائد السيارة على إفراغها
حاول والدي إيجاد من يفرغها ممن امتهن ذلك ، فلم يجد لشدة البرد ، طلب مني أن أذهب لاحضار أولاد عمتي ، ففعلت وكنت لا أتجاوز الثامنة
ساعداه في تهيئة الكيس في السيارة وكان رحمه الله من يحمله حتى أكمل ذلك ، وكانت ستة عشر طنا
لا تستغربوا لقد كان جل أهلنا في المعرة وريفها ، على هذه الصفة ، ولربما كل الناس ، الصبر مع قوة البنية ، وحتى النساء نافسن الرجال في القوة وشدة التحمل ، كان الناس لطفاء في حياتهم الخاصة أقوياء عند الحاجة ، لدرجة تثير الغرابة
الأمر يتعدى البنية العامة فحتى السمع والصبر كانا غاية في الاستغراب ، كنت تسمع من يقول – هاي سيارة فلان – تصغي فلا تسمع شيئا وبعد لحظات تسمع الصوت وتظهر السيارة
كان الناس يشيرون بأبصارهم لجوارهم ولمسافات كبيرة – ليكو إجا أبو فلان – وتمد بصرك فلا ترى شيئا ، الضجيج ، وكثرة الحواجز التي تعيق امتداد البصر ، أضعفت مهارة السمع والبصر
ابن خلدون رحمه الله لا حظ أثر البيئة على الإنسان ، يقول : وكذا المتغذون بألبان الإبل و لحومها أيضاً مع ما يؤثر في أخلاقهم من الصبر و الاحتمال و القدرة على حمل الأثقال الموجودة ، للإبل و تنشأ أمعاؤهم أيضاً على نسبة أمعاء الإبل في الصحة و الغلظ فلا يطرقها الوهن و لا ينالها من مدار الأغذية ما ينال غيرهم . ومن ثم انتقل الناس لأكل لحوم البقر
كان والدي من جيل أكل لحوم الغنم ، ونحن جيل يأكل لحم الدجاج غير البلدي
ولربما أثر اللحم في أخلاق الناس
ترى ألم يؤثر الخنزير في أخلاق من اهتم بتربيته وأكل لحمه


أن أسوأ الحفلات هي التي يقوم بها أحد جوارنا ولا ندعى إليها

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
ويقال : أن أسوأ الحفلات هي التي يقوم بها أحد جوارنا ولا ندعى إليها
وفي حياتنا فكل أمر خارج عن دائرة مشورتنا ، وظل حضورنا خاضع للنقد الذي لا يرحم
في داخلنا إحساس ورغبة في فشل أي أمر بعيد عن بصمة رأي لنا
فكيف إن استبعدت مشورتنا عمداً وعن سابق اصرار
وقتها نلطخ فعل الأخرين بما خطر من سوء ، ونطوي كل جوانب الجمال فيه
في البيت كل قرار يتخذ هو مشورتنا ، لا فسحة لزوجة أو ابن أن يخرج عن دائرتنا المغلقة
ونريح أنفسنا بفشل سوانا وبقولنا : مستاهل أو - والعياذ بالله – نقول إلى جنهم
يا أخي …. لو سألونا ….  لو استشارونا ….  كنا ….  وكنا ….
اجتماعيا يحركنا الشيطان لنظهر نبلنا على ما حدث بقولنا : الله يعينون
نحن أو لتحرق الدنيا
وصبيحتكم مباركة


ما لو راس من أساس

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
وفي المعرة عندنا يقال : ما لو راس من أساس
أي أن الجهل يدفع الجُهال إلى الأنانية المفرطة وحب الذات ، الأمر الذي يُحوّل المرء إلى متقلب لا قانون يضبط سلوكه
همه البحث عن شيء يحقق أدنى حد من المصلحة لديه وهي غايته
فقير بأخلاقه فاقد حتى لأبسط أشكال الأدب والتأدب
يفرط في الأهم لينال الأقل أهمية
قد يسعى لدمار أهله بيته ، حيه ، مدينته ، وطنه مقابل هواه
آماله كاذبة ، بوعود مصدرها شياطين من الإنس
ورحم الله المتنبي حيث قال :
فقر الجهول بلا قلبٍ إلى أدب ... فقر الحمارِ بلا رأسٍ إلى رسنِ
وهنا يشير المتنبي إلى أن المرء أول ما يحتاج إليه العقل والقلب الذي به يعقل ثم يتأدب بعد ذلك فإذا لم يكن عاقلا لم يحتج إلى أدب ، كالحمار إذا لم يكن له رأس لم يحتج إلى الرسن
ـــــــــــــــــــــــــــــ
شرح ديوان المتنبي للواحدي (ص: 128)


تحقيق الهدف وحكاية من المعرة

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
تحقيق الهدف وحكاية من المعرة
الهَدَفُ: كل شَيْء عَظِيم مُرْتَفع. ولاغنى لبلوغه من التوجه إليه حتى نصيبه
لا يشغلنا عنه سواه حتى لا تختلط الأمور ونخرج بخفي حنين
كثيرون شغلوا عن تحقيق أهداف بأخطائهم
ربما لأن أهدافهم كانت مبهمة تحتاج للجلاء
وربما رسمت لهم وكانوا مدفوعين إليها ، لذا فمن السهل التواني في الوصول إليها
ولا غرابة حينها في أن ينسي المرء الغرض الذي يسعى إليه
عبد الله بن رواحة رسم هدفه وسعى فوصل إليه
لَكِنَّني أَســــــــــأَلُ الرَحمَنَ مَغفِرَةً   *    وَضَربَةً ذاتَ فَرغٍ تَــــقذِفُ الزَبَدا
أَو طَعنَةً بِيَـــــــدَي حَرّانَ مُجهِزَةً   *    بِحَربَةٍ تُنفِذُ الأَحشــــــــــاءَ وَالكَبِدا
حَتّــــى يُقالَ إِذا مَرّوا عَلى جَدَثي   *    أَرشَـــــــدَهُ اللَهُ مِن غازٍ وَقَد رَشَدا
وكذلك نيرون بإحراق روما
انسقاق حكماء العرب وراء أهداف قزمية كرغبة في مُلك ، كالأمير فصيل فخسروا الخلافة وجزؤوا وضاعت فلسطين
وضوح الهدف والإيمان به ، يقتضي الإعداد له وتسخير ما أمكن للبلوغه
وقتل الهدف بالإنشغال عنه
حرامي نزل على بيت وفيه مرا
حست عليه وقالتلو بالله عليك خد أشو ما بدك بس فسرلي هل منام
قالى : أشو
قالتلو شفت بمنامي حرامي نازل علينا وصرت صيح بملى صوتي يا جيران حرامي حرامي
وعلى صوتا اجا الجيران ومسكوه
صار يضرب حالو ويقول : يا كلب يا ابن الكلب انتي حرامي ولا مفسر منامات
===========
المحكم والمحيط الأعظم (4/ 267)



أحمد سمير الجندي محام من بلدي

أحمد سمير الجندي
محام من بلدي
أنموذج لكل من امتهن المحاماة
يسعى معك للحق ويقف في جهك لباطل
رجل علمني كيف يحب المرء أهل بلده
وكيف يبني نفسه بنفسه
منذ أكثر من أربعة عقود كنت أستعد للذهاب إلى دمشق لأكون أحد طلاب جامعتها
أوصاني والدي يرحمه الله جملة وصايا ، من جملتها ، يا ولدي هناك أخ لي في دمشق اسمه أحمد سمير الجندي الجأ إليه فيما تعثر عليك من أمر ولن يخذلك
كانت العقبة الأولى الحصول على سكن في المدينة الجامعية ، ذهبت إليه وكان مكتبه في الحجاز ومن ثم نقل مكتبه إلى جوار القصر العدلي ، كان لقاء ود أحسست أني أمام أبي
سألني عن ظروفي الأولى في دمشق وإن كنت بحاجة لمساعدة ما ، قلت السكن
ابتسم وقال محلولة ولكن اذكر لي إن هناك آخرون من المعرة قد تقدموا لطلب السكن الجامعي
ذكرت بعض من أعرف ، وقبل الجميع
وفي دمشق كنت أتردد إليه ووالله ما قابلته مرة إلا وأشعرني بأنها الأولى في استقباله لي
تكرار زيارتي له ، وحتى في بيته جعلني أتعلم منه الكثير
شأن المحامين لا أقول كلهم بل جلهم كسب وكالة جديدة ، إلا أن الأستاذ كان عجبيا في مهنته
لا يقبل وكالة دون دراسة وتفحص فإن وجد أن أصحاب الدعوى على حق قبلها ، أما إن تبين أنهم على باطل رفضها دون أن يأبه للإغراءات المادية المقدمة
أكثر من مرة وحتى بعد قبوله دعوى معينة ، يتصل بأصحابها ليخبرهم بأنه لن يتابع الدعوى فهم على غير حق ، ويكتفي مما دفع له بما صرف على اضبارة الدعوة ومن ثم يعيد الباقي
كثر في دمشق من اكتشف به هذه الصفة ، وكثر من حاول الاستفادة من ذلك دون فائدة
في أحد المواقف التي عايشتها معه وكنت أزوره مساء ، إناس يرجونه ، لقد تأكدت يا أستاذ من أننا أصحاب حق من خلال رفضك لوكالة عرضها عليك خصومنا فكن لنا عونا لتحصيل حق علمته لنا
خذ ما تشاء من مال ، لن نبخل عليك
فكان رحمه الله يجيب ، لقد كنت مؤتمناً على أسرار خصومكم فكيف بي أن أستخدم الأمانة ضد أصحابها
جئته مرة وبرأسي – باي – على مبدأ أهل المعرة
يا أبا إياد هذا زياد أخي وصديقي ، صاحب البيت الذي يستأجره أراد إخراجه وأنت تعلم أزمة البيوت في دمشق ، ويريد منك أن تكون محاميا له عسى أن يستمر في سكنه
أجابني بابتسامة عتب
هكذا عرفتني يا هشام
أقف مع الباطل ضد الحق 
سأل زياد هل اشترط على صاحب البيت أن يستأجره إلى ما لا نهاية
وهل هناك بيت يؤجر هكذا
قال زياد لا
قال إذن عليك أن تسلم البيت لصاحبه لا وأن تشكره لقضاء حاجتك سنين
وثق بأن الله لا بد من أن يسهل لك بيتا آخر
زياد طيب يا أستاذ أرشدني إلى ثغرات قانونية أطيل بها أمد الدعوى دون أن تكون وكيلا لدعوتي
ابتسم وقال ولماذا ؟ الأفضل أن أقبض منك وأكون المحامي عنك ، فارشادي لك لا يقل إثما عن وكالة الدعوى
تدخلت وحاولت جاهدا معه الوقوف مع زياد دون فائدة
لا ولأول مرة يخاطبني عن أذنكم مضطر لإغلاق المكتب فلدي ما أقوم به
بعد أيام عدت معتذرا مقراً بذنبي
أجابني مهنتك في المستقبل التعليم ، والتعليم والقضاء من أساس نهضة الأمم
لو أراد هذا الرجل منصبا لوصل فعلاقاته والمواقع التي قدر له أن يعمل بها أو التي ما رسها في حياته تؤهله لذلك
لكنه أحب المحاماة وأراد من خلالها أن يكون رائد للحق
ولد عام 1358 هـ 1939م  ووكانت وفاته سنة 1422 هـ  2001 م


سبقنا أشعب يرحمه الله ونلوم فيه طمعه

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
سبقنا أشعب يرحمه الله ونلوم فيه طمعه
وصل الأمر بالبعض حداً يخشى من أن يُلقى السلام عليه خوفا من أن يكون له حاجة يرجو قضاءها
كان باب المنزل علامة لدخوله فأضحى وسيلة للحجب والعزلة
حتى مطرقة الباب غابت وحلت محلها العين الساحرة
تحول الباب إلى وسيلة لقطع الصلة بمن هو خارجه
لا عمبلطع ولا عمفوت – مقولة شاعت – وكأن العزلة تدفع البلاء
لقد عشنا أياماً كانت حجر البيت لا تمل زوارها
ونعيش اليوم وغرفة المسافرين أو الضيوف حزينة تعاني من كثافة الغبار عليها
نعم لو مد في عمر أشعب حتى زماننا لتعجب من خبث وجشع الطامعين ووسائلهم
ولم عرف عن أشعب أنه أكل حرام قط
وفي زماننا تحول الكرم عن معناه ليسمى الكريم حصرا على بيته لا يتجاوزه
لو أمكنه خنق رائحة الطعام حتى لا تصل لسواه
كان أشعب يختلف إلى جارية في المدينة، ويظهر لها التعاشق، إلى ان سألته سلفة نصف درهم، فانقطع عنها، وكان إذا لقيها في طريق سلك طريقا أخرى، فصنعت له نشوقا وأقبلت به إليه، فقال لها: ما هذا؟ قالت: نشوق عملته لك لهذا الفزع الذي بك! فقال: اشربيه انت للطمع الذي بك ؛ فلو انقطع طمعك انقطع فزعي! وأنشأ يقول:
أخلفي ما شـــــئت وعدي ... وامنحيني كلّ صــــــــــدّ
قد ســـــــــــلا بعدك قلبي ... فاعشــقي من شئت بعدي
إنّي آليت لا أعـــــــــــــــ ... ــشق من يعشق نقد نقدي!
ورحم الله القائل
أتيت أبــــا عمرو أرجي نواله ... فزاد أبو عمرو عــــــــــــلى حزني حزنا
فكنت كباغي القرن أسلم أذنه ... فآب بلا أذن ولم يســـــــــــــــــــــتفذ قرنا
ـــــــــــــــــــــــ
العقد الفريد (7/ 237)
المحاسن والأضداد – الجاحظ (ص: 103)


أعط الخباز خبزو لو أكلوا كلو

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
وفي المعرة عندنا يقال : أعط الخباز خبزو لو أكلوا كلو
ومن البلاء أن يتولى المرء أمراً لا يحسنه أو فوق طاقته ، فيسئ لنفسه ، ولسواه
أن تتسع معرفتك لأكثر من ٍعلم أو مهنة صفة محمودة
إلا أنك في النهاية : معلمٌ أو مزارع أو بناء أو نجار أو مُزين ( حلاق ) أو درزي ( خياط )
ولكن أن تكون كل هذه المهن أمر فوق طاقة المرء
أن تتحول من مهنة لأخرى ممكن
لكن أن تنجح وتعمل في مهن ربما لا رابط بينها غريب
والأغرب أنك شيخ الكار في كلها
والأشد غرابة أنك المشرف عليها
لا أحد يسد مسدك
لا أحد يقوم مقامك
الأئمة الأربعة مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد ، يرحمهم الله تعالى ، كانوا فقهاء سادة ، ولو شاؤوا لكانوا أهل حديث إلا أنهم وفقوا عند حد ما علموا
وقيل : من القبيح أن يتولى امتحان الصناع من ليس بصانع.
البصائر والذخائر  - أبي حيان التوحيدي (2/ 93)


ضرب زيد وعمرو

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
وحكاية ضرب زيد وعمرو:
علمونا وعلمناها طلابنا
وأصبحت حكمة نتداولها فالضرب أو العقاب ليس لنا أن نوقعه إلا على مذنب وبالحجم الذي استجوبه الذنب لا نتجاوزه ونسرف فيه انتقاما
مع كل آسف كثيرون اتخذوا من العقوبة سبيلا للانتقام ، في حين أن العقوبة شكل من التربية
لقد تحول العقاب إلى شكل من أشكال المتعة الظاهرية ، أو سبيل لتحقيق أهداف باطنة
هناك من باع أرضه أو بيته ، ليعاقب جاره ، أو لعجزه عن معاقبته
وهناك من باع وباع ….
ونعود للمثل المعري : نكاية في الطهارة نبول في اللباس
وهذه حكاية زيد وعمرو
أراد داود باشا أحد الوزراء السالفين في الدولة العثمانية أن يتعلم اللغة العربية فأحضر أحد علمائها, وأنشأ يتلقى عليه دروسها عهدا طويلا فكانت نتيجة علمه ما ستراه.
سأل شيخه يوما ما الذي جناه عمرو من الذنوب حتى استحق أن يضربه زيد كل يوم ويقتله تقتيلا ويبرح به هذا التبريح المؤلم, وهل بلغ عمرو من الذل والعجز منزلة من يضعف عن الانتقام لنفسه، وضرب ضاربه ضربة تقضي عليه القضاء الأخير؟
سأل شيخه هذا السؤال وهو يتحرق غيظا وحنقا ويضرب الأرض بقدميه, فأجابه الشيخ: ليس هناك ضارب ولا مضروب، وإنما هي أمثلة يأتي بها النحاة لتقريب القواعد من أذهان المتعلمين، فلم يعجبه هذا الجواب, وأكبر أن يعجز مثل هذا الشيخ عن معرفة الحقيقة في هذه القضية فغضب عليه وأمر بسجنه، ثم أرسل إلى نحوي آخر فسأله كما سأل الأول فأجابه بنحو جوابه فسجنه كذلك، ثم ما زال يأتي بهم واحدا بعد واحد حتى امتلأت السجون وأقفرت المدارس وأصبحت هذه القضية المشؤومة الشغل الشاغل له عن جميع قضايا الدولة ومصالحها، ثم بدا له أن يستوفد علماء بغداد فأمر بإحضارهم فحضروا وقد علموا قبل الوصول إليه ماذا يراد بهم، وكان رئيس هؤلاء العلماء بمكانة من الفضل والحذق والبصر بموارد الأمور ومصادرها، فلما اجتمعوا في حضرة الوزير أعاد عليهم ذلك السؤال بعينه, فأجابه الرئيس: إن الجناية التي جناها عمرو يا مولاي يستحق أن ينال لأجلها من العقوبة أكثر مما نال، فانبسطت نفسه قليلا وبرقت أسارير وجهه, وأقبل على محدثه يسأله: ما هي جنايته؟ فقال له: إنه هجم على اسم مولانا الوزير واغتصب منه الواو فسلط النحويون عليه زيدا يضربه كل يوم جزاء وقاحته وفضوله "يشير إلى زيادة واو عمرو وإسقاط الواو الثانية من داود في الرسم" فأعجب الوزير بهذا الجواب كل الإعجاب، وقال لرئيس العلماء: أنت أعلم من أقلته الغبراء، وأظلته الخضراء، فاقترح علي ما تشاء، فلم يقترح عليه سوى إطلاق سبيل العلماء المسجونين، فأمر بإطلاقهم وأنعم عليهم وعلى علماء بغداد بالجوائز والصلات.
أحسن داود باشا في الأولى وأساء في الأخرى، ولو كنت مكانه لما أطلقت سبيل هؤلاء النحاة من سجنهم حتى آخذ عليهم
وما أجمل قول أمية بن أبي الصلت :
وَقَد يَقتُلُ الجَهلَ السُؤالُ وَيَشتَفي       إِذا عايَنَ الأَمرَ المُهِمَّ المُعاينُ
وَفي البَحثِ قِدماً وَالسُؤالُ لَذي العَمى       شِفاءٌ وأَشفى مِنهُما ما تُعاينُ
ورضي الله عن سيدنا علي بن أبي طالب إذ قال :
وَفي الجَهلِ قَبلَ المَــــــوتِ مَوتٌ لِأَهلِهِ       وَأَجســــــادُهُم قَبلَ القُبورِ قُبورُ
وَإِنَّ اِمرَءاً لَم يُــحيِ بِالعِلمِ مَيِّتٌ       وَلَيـــــــــسَ لَهُ حَتّى النَشورِ نُشورُ
النظرات - المنفلوطي(1/ 308)


الحكي ما عليه مصاري

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
في المعرة عندنا يقولون : الحكي ما عليه مصاري
وجاء الزمن ليُكذب تلك المقولة ، وصرنا ندفع قيمة ما نقول من خلال الهاتف على الأقل
أن نغلق أذنينا فلا نسمع إلا ما نحب
أن لا نسمع إلا الصدق ، قضية غاية في الصعوبة
ولهذا قيل : لا تطمع في كل ما تسمع!
ولا يجدر أن نكون أبناء الجبل أي الصدى ، فنعيد كلّ ما يقال
فليس حقّا كلّ ما تسمع
ولكني أنصح بأن نسجل ما أمكننا مما نسمعه وهي وصية عالم قال : أكتب كل ما تسمع، فإن أخسه خير من مكانه أبيض
ورحم الله من قال : وهي أبيات جمعتها من قصائد شتى
يا أيها الناس روّوا القول واستمعوا ... وكلّ قول إذا ما قيل يسـتمع
يا أيها الناس لا تغرب عقولكم ... ولا تضفكم إلى أكنافها البدع
كم بين قَوم قد احتالوا لمنطقهم ... وبين قومٍ بصدق القول قـــد طُبعوا
وبين قوم رأوا في المَيْن مــكرمة  ... وبين قوم حكوا بعض الذي سمعوا
فالصمت في غير عيّ عد سـجية ... حتى يرى موضعا للرأي يستمع
===================
الإعجاز والإيجاز (ص: 55)
البيان والتبيين (3/ 154)
طبقات الشعراء لابن المعتز (ص: 244)
الفتح على أبي الفتح (ص: 108)

ربيع الأبرار ونصوص الأخيار (2/ 134)

هناك من يتكل على الحظ في انتظار النجاح

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
وهناك من يتكل على الحظ في انتظار النجاح ، ومقولته : انتظر لا تستعجل فلربما يسعفك الحظ ، ولكن ورُبمَا لم يكن هناك حظ وَرُبمَا كَانَ وَذهب
ومن المصيبة أن يتكل المرء على حسبه فَإن الحسب قد يكون بلاء على أَهله، فَإِنَّهُ يُقَال للناقص: هَذَا ابْن فلَان فيتضاعف غمه وعاره
أما أن يتكل المرء على العلم ، بعد اتكاله على ربه ، فذاك هو النجاح ، فلو لم يكن فِي الْعلم إِلَّا أَن الْعَالم يكرم وَإِن لم يكْسب لكفاه.
قَالَ بَعضهم لسقراط: ذكرتك لفُلَان فَلم يعرفك، فَقَالَ: لَا يضرني أَلا يعرفنِي هُوَ، ويضره أَلا يعرفنِي وَلَا أعرفهُ، لِأَنِّي لَا أعنى بِمَعْرِفَة خسيس، وَلَا يجهل مثلي إِلَّا خسيس.
-----------------
نثر الدر في المحاضرات – الآبي (7/ 19)


الجنة بلى ناس ما بتنداس

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
ومما يستخدمه الناس من أمثال: الجنة بلى ناس ما بتنداس
وذلك للتأكيد على أن الله خلق الإنسان وفي طبعه الحاجة لسواه
ولكن لنسأل أنفسنا وفي شهر رمضان أمؤنسين نحن أم منفرين
مصيبة أن نكون صائمين ومنفرين
لا يستأنس حتى بحديثنا والمصيبة أن نظن في أنفسنا اللطف
ونحن من الثقل ما يؤمل إزاحته والخلاص منه
حتى يقل إن خرجنا غيمة وانزاحت
فالأنيسُ و المُؤانِسُ ، كلُّ ما يُؤْنَسُ به. وما بالدار أَنيسٌ، أي أحد. وكانت العرب تسمِّي يومَ الخميس: مؤْنِساً.
قال الاصمعي: كلُّ اثنين من الإنسانِ مثل الساعدين والزَنْدين والقدمَين فما أقبل منهما على الإنْسانِ فهو إْنسِيٌّ، وما أدبر عنه فهو وحشيٌّ.
ويا رب اجعلنا ممن يؤنس به وله
=========
-       الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (3/ 905)
-       المنتخب من كلام العرب (ص: 541)


يعنينا أو لا يعنينا

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
شطارة وبالأخص بشهر رمضان نتسلى فيما يعنينا أو لا يعنينا ، نعلم أو لا نعلم
ولكن الله يقول : محذراً {وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ} المدثر أَيْ: نَتَكَلَّمُ فِيمَا لَا نَعْلَمُ.
قيل لأحد الناس أَلا تخوض مَعنا فِي حديثنا؟ فَقَالَ: الْحَظ للمرء فِي أُذُنه، والحظ فِي لِسَانه لغيره.
والأجدر أن يقف المرء عند ما يعلم
==============
تفسير ابن كثير (8/ 273)
نثر الدر في المحاضرات – الآبي (7/ 19)


ترى ما هو الصحيح ؟

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
ترى ما هو الصحيح ؟
أنا لا أشك أن هناك صحيح وهناك زائف
وأنه هناك صحيح ، صحيح
وزائف زائف
ولكن هناك صحيح زائف ، زيف بأسلوب طرحه للناس ، وإظهاره  لهم
وهناك زائف زين بصحيح ، لتسويقه ولأصحابه مصلحة لا تتحاوز الدنيا أملا في طمس الصحيح
ولكن هيهات فالصحيح سيد خلق ، وسيد وجد ، وسيد إن غاب لحكمة ، وسيد سيعود
اللهم نور قلوبنا بالهدى وزين أعمالنا بالتقى