السبت، 8 نوفمبر 2014

الحجاج وهند بنت النعمان

الحجاج وهند بنت النعمان
وحكي أن هند بنت النعمان كانت أحسن نساء زمانها. فوصف للحجاج حسنها فخطبها وبذل لها مالاً جزيلاً وتزوج بها وشرط لها عليه بعد الصداق مائتي ألف درهم ودخل بها.
ثم أنها انحدرت معه إلى بلد أبيها المعرة. وكانت هند فصيحة أديبة، فأقام بها الحجاج بالمعرة مدة طويلة. ثم إن الحجاج رحل بها إلى العراق فأقامت معه ما شاء الله، ثم دخل عليها في بعض الأيام وهي تنظر في المرآة، وتقول:
وما هند إلا مهرةٌ عربيةٌ         سلالة أفراس تحللها بغل
فإن ولدت فحلاً فلله درها         وإن ولدت بغلاً فجاء به البغل
فلما سمع الحجاج كلامها انصرف راجعاً ولم يدخل عليها. ولم تكن علمت به، فأراد الحجاج طلاقها، فأنفذ إليها عبد الله بن طاهر وأنفذ لها معه مائتي ألف درهم، وهي التي كانت لها عليه، وقال: يا ابن طاهر، طلقها بكلمتين، ولا تزد عليهما. فدخل عبد الله بن طاهر عليها فقال لها: يقول لك أبو محمد الحجاج كنت فبنت. وهذه المائتا ألف درهم التي كانت لك قبله.
فقالت: اعلم يا ابن طاهر، إنا والله كنا فما حمدنا، ثم بنا فما ندمنا وهذه المائتا ألف هي لك ببشارتك بخلاصي من كلب ثقيف.؟ ثم بعد ذلك بلغ أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان خبرها، ووصف له جمالها، فأرسل إليها يخطبها لنفسه، فأرسلت إليه كتاباً تقول فيه بعد الثناء عليه: اعلم يا أمير المؤمنين، أن الكلب ولغ في الإناء. فلما قرأ عبد الملك بن مروان الكتاب ضحك من قولها، وكتب إليها يقول: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً، إحداهن بالتراب، فغسل الإناء يحل الاستعمال.
فلما قرأ كتاب أمير المؤمنين، لم يمكنها المخالفة فكتبت إليه تقول: بعد الثناء عليه، اعلم يا أمير المؤمنين أني لا أجري العقد إلا بشرط، فإن قلت: ما الشرط؟ أقول: أن يقود الحجاج محملي من المعرة إلى بلدتك التي أنت فيها ويكون ماشياً حافياً بحليته التي كان فيها أولاً.
فلما قرأ ذلك الكتاب عبد الملك ضحك ضحكاً شديداً، وأرسل إلى الحجاج يأمره بذلك. فلما قرأ الحجاج رسالة أمير المؤمنين أجاب ولم يخالف وامتثل الأمر.
وأرسل الحجاج إلى هند يأمرها بالتجهز فتجهزت وسار الحجاج في موكبه حتى وصل إلى المعرة بلد هند. فركبت في محمل وركب حولها جواريها وخدمها فترجل الحجاج، وهو حاف، وأخذ بزمام البعير يقوده ويسير بها، فأخذت تهزأ منه وتضحك مع الهيفاء دابتها،ثم إنها قالت لدايتها: يا دايتي اكشفي لي ستارة المحمل لنشم رائحة النسيم! فكشفته فوقع وجهها في وجهه فضحكت عليه، فأنشد يقول:
فإن تضحكي يا هند يا رب ليلة         تركتك فيها كالقباء المفرج
فأجابته تقول:
وما نبالي إذا أرواحنا سلمت         بما فقدناه من مال ومن نشب
فالمال مكتسب والعز مرتجع         إذا النفوس وقاها الله من عطب
ولم تزل تلعب وتضحك إلى أن قربت من بلد الخليفة فلما قربت من البلد رمت من يدها ديناراً على الأرض وقالت: يا جمال! إنه سقط منا درهم فادفعه إلينا. فنظر الحجاج إلى الأرض فلم ير إلا ديناراً فقال: إنما هو دينار. فقالت: بل درهم. قال: بل دينار. فقالت:الحمد لله سقط منا درهم فعوضنا الله ديناراً. فخجل الحجاج وسكت ولم يرد جواباً ثم دخل بها على عبد الملك بن مروان فتزوج بها وكان من أمرها ما كان.
إعلام النساء بما وقع للبرامكة – الإتليدي /125- 129
من أي هاشم، قال: من أعلاها منزلة، وأشرفها قبيلة، ممن تهابه هاشم وتخافه، فعند ذلك قبلت الأرض، وقالت السلام عليك يا أمير المؤمنين، وخليفة رب العالمين. قال: فعجب المأمون وطرب طرباً عظيماً وقال: والله لأتزوجن بهذه الجارية لأنها من أكبر الغنائم، ووقف حتى تلاحقته العساكر، فنزل هناك، وأنفذ خلف أبيها وخطبها منه، فزوجه بها وأخذها وعاد مسروراً، وهي والدة ولده العباس والله أعلم.
وحكي أن هند ابنة النعمان كانت أحسن أهل زمانها، فوصف للحجاج حسنها، فأنفذ إليها يخطبها، وبذل لها مالاً جزيلاً، وتزوج بها، وشرط لها عليه بعد الصداق مائتي ألف درهم ودخل بها، ثم إنها انحدرت معه إلى بلد أبيها المعرة وكانت هند فصيحة أديبة، فأقام بها الحجاج بالمعرة مدة طويلة، ثم إن الحجاج رحل بها إلى العراق فأقامت معه ما شاء الله، ثم دخل عليها في بعض الأيام وهي تنظر في المرآة وتقول:
وما هند إلا مهرة عربية         سليلة أفراس تحللها بغل
فإن ولدت فحلاً فلله درها         وإن ولدت بغلاً فجاء به البغل
فانصرف الحجاج راجعاً ولم يدخل عليها، ولم تكن علمت به، فأراد الحجاج طلاقها، فأنفذ إليها عبد الله بن طاهر، وأنفذ لها معه مائتي ألف درهم، وهي التي كانت لها عليه، وقال:يا ابن طاهر طلقها بكلمتين، ولا تزد عليهما، فدخل عبد الله بن طاهر عليها، فقال لها:يقول لك أبو محمد الحجاج كنت فبنت، وهذه المائتا ألف درهم التي كانت لك قبله، فقالت:اعلم يا ابن طاهر: أنا والله كنا فما حمدنا، وبنا فما ندمنا، وهذه المائتا ألف درهم التي جئت بها بشارة لك بخلاصي من كلب بني ثقيف، ثم بعد ذلك بلغ أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان خبرها ووصف له جمالها، فأرسل إليها يخطبها، فأرسلت إليه كتاباً تقول فيه بعد الثناء عليه اعلم يا أمير المؤمنين، أن الإناء ولغ فيه الكلب فلما قرأ عبد الملك الكتاب ضحك من قولها، وكتب إليها يقول: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعاً إحداهن
بالتراب، فاغسلي الإناء يحل الاستعمال، فلما قرأت كتاب أمير المؤمنين لم يمكنها المخالفة،فكتبت إليه بعد الثناء عليه، يا أمير المؤمنين، والله لا أحل العقد إلا بشرط، فإن قلت ماهو الشرط؟ قلت: أن يقود الحجاج محملي من المعرة إلى بلدك التي أنت فيها، ويكون ماشياً حافياً بحليته التي كان فيها أولاً، فلما قرأ عبد الملك ذلك الكتاب ضحك ضحكاً شديداً، وأنفذ إلى الحجاج وأمره بذلك، فلما قرأ الحجاج رسالة أمير المؤمنين أجاب وامتثل الأمر ولم يخالف، وأنفذ إلى هند يأمرها بالتجهز، فتجهزت، وسار الحجاج في موكبه حتى وصل المعرة بلد هند، فركبت هند في محمل الزفاف، وركب حولها جواريها وخدمها،وأخذ الحجاج بزمام البعير يقوده ويسير بها فجعلت هند تتواغد عليه وتضحك مع الهيفاء دايتها، ثم إنها قالت للهيفاء: يا داية اكشفي لي سجف المحمل، فكشفته، فوقع وجهها في
وجه الحجاج، فضحكت عليه، فأنشأ يقول:
فإن تضحكي مني فيا طول ليلة         تركتك فيها كالقباء المفرج
فأجابته هند تقول:
وما نبالي إذا أرواحنا سلمت         بما فقدناه من مال ومن نشب
فالمال مكتسب والعز مرتجع         إذا النفوس وقاها الله من عطب
ولم تزل كذلك تضحك وتلعب إلى أن قربت من بلد الخليفة، فرمت بدينار على الأرض، ونادت: يا جمال إنه قد سقط منا درهم، فارفعه إلينا، فنظر الحجاج إلى الأرض، فلم يجد إلا ديناراً، فقال: إنما هو دينار، فقالت: بل هو درهم قال: بل دينار، فقالت: الحمد لله سقط منا درهم، فعوضنا الله ديناراً، فخجل الحجاج وسكت، ولم يرد جواباً، ثم دخل بها على عبد الملك بن مروان، فتزوج بها، وكان من أمرها ما كان، وقد وجدت في بعض النسخ ما
هو أوسع من هذا ولكن اقتصرت على القليل منه إذ فيه الغرض والله أعلم.
وقيل: إن جارية عرضت على الرشيد ليشتريها، فتأملها وقال لمولاها: خذ جاريتك، فلولا كلف بوجهها وخنس بأنفها لاشتريتها، فلما سمعت الجارية مقالة أمير المؤمنين قالت مبادرة:يا أمير المؤمنين اسمع مني ما أقول، فقال: قولي، فأنشدت تقول:
ماسلم الظبي على حسنه         كلا ولا البدر الذي يوصف
المستطرف في كل مستظرف /الأبشيهي ص 261/266


عجوز لكنها من أهل الجنة

بسم الله الرحمن الرحيم
عجوز لكنها من أهل الجنة
يا نساء الدنيا وفتيات العالم ويا أمهات المستقبل
أقدم لكم قبس من سيرة سيدة في الدنيا وسيدة في رياض الجنة
ولدت متميزة في بيت شيخ الإسلام ، وتزوجت عظيماً من عظماء المسلمين ، وولدت أبناء عظماء
فاقت النساء بملكاتها ، وكانت من أصحاب المبادئ بل صاحبة مبدأ ، تمسكت بمبدئها وماتت عليه
إن قلت أبوها فكفاك بذكره منزلة عند الله وعند رسوله r بل وعند الناس
زوجها وأي نوع من الأزواج هو ، حواري النبي r ومن السابقين الأولين وأول من سل سيفاً في سبيل الله 0
أولادها فهي أم أول مولد بعد الهجرة ، أحس بعظم أمه قبل ولادته وهي تحمل سفرة الطعام لرسول rالله في الغار
أما أختها فهي من نالت حظوة الحب عند سيد الخلق محمد عليه الصلاة والسلام بل وهي معلمة الأمة0
شاء الله أن اسمها من الأسماء التي تتساوى فيه الرجال والنساء دون النسب ليكون إضافة تأتي من النبي r بعد أن نسيت أن تجعل لسفرتها التي كانت تنقلها للنبي r عصاماً فشقت نطاقها وعلقتها بجزء منه ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : "قد أبدلك الله بنطاقك هذا نطاقين في الجنة" فقيل لها: ذات النطاقين.
نعم هي أسماء ذات النطاقين 0
كان في السابقين ألأولين ممن آمن بخبر السماء أسلمت بعد سبعة عشر ممن أمنوا بنبوة محمد r ، وبايعت النبي r على الإخلاص والوفاء 0
هي أم لكنها امتازت بعظم إيمانها ورجاحة عقلها ، وقدرتها على التحكم بعواطفها
خشي جدها أبا قحافة أن يكون الصديق الأكبر قد جعل كله ماله في خدمة النبي r ودعوته وكان قد كف بصره ، فجعلت الحجارة في صندوق وقدمتها لجدها يتحسسه ، فقال إن ترك لكم هذا فقد أحسن
دائما كان الإسلام ميزانا في كل حال لها حتى مع أخص الناس بها 0
يا عائشة يا أختاه اسألي النبي rوكانت أمها قد جاءت لزيارتها أأصل أمي !
فكان جواب الشريعة السمحاء على لسان النبي r أن دين الله لم يكن ليقطع صلة خير بين الناس (( صلي أمك ))
جندت نفسها مع آمن من أسرتها لخدمة هذا الدين ، وعلا ذكرها في أول عمل فدائي من امرأة ، كل العيون تقرب حركة النبي r وهي من كانت تنقل الطعام والخبر لرسول الله r مسافة ليست بالسهلة في قيظ مكة وهي حامل بأول أولادها 0
قد زجت نفسها في ركب الدعوة من بدايتها لتقول لكل النساء لا لن يستطيع الرجال بل الرجال والنساء معاً
جاءها أبو جهل وهي تستعد للذهاب لنقل الطعام لرسول الله r : أين أبوك
ونساء الإسلام لا يعرفن الخوف
 وكيف تنشر خبر رسول الله r
لا أعلم
فدفعه الاستعلاء إلى ضربها
فعل جبان نراه اليوم بل وكل يوم في الشيشان والعراق وفلسطين
كل هذه القوة ، إلا أنها زوجة في غاية الرقة ، وفية ، صابرة
عاشت قلت ذات اليد مع زوجها ، لقد كانت تجمع النوى ، ثم عاشت معه وقد انصب المال على بيتها صبا وبالأرقام الآن زاد عن الملايين جاء المال بالصبر ، لقد عمل الزبير فاغتنى بعمله ولم يغتن بجاه قرابته لرسول الله r
وأسماء وهي هي
رسول الله r يرأف لحالها اركبي - وهي تسير تحمل النوى على ظهرها -  وهو المعصوم r
لم تفعل فالزبير غيور فأبت وهي تعلم أن من يدعوها هو الطاهر المطهر ، وهو زوج أختها ، والحق أن الزبير t لم يكن ليسخط ، وكيف فهو رسول الله r ، لكنه تميز في مرضاة زوجها
اتصف زوجها بالكرم ملايين وخداما بالمئات ولم تجب عليه زكاة مال قط ،وكان الكرم والسخاء مما ميز ذات النطاقين رضي الله عنها وقال صاحب السير : ( نقلا من رواية أسامة بن زيد عن محمد بن المنكدر قال كانت : أسماء بنت أبي بكرt سخية النفس وقال هشام بن عروة عن القاسم بن محمد سمعت ابن الزبير يقول ما رأيت امرأة قط أجود من عائشة وأسماء وجودهما مختلف أما عائشة فكانت تجمع الشيء إلى الشيء حتى إذا اجتمع عندها وضعته مواضعه وأما أسماء فكانت لا تدخر شيئا لغد قال مصعب بن سعد فرض عمر للمهاجرات ألفا ألفا منهن أم عبد وأسماء هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر أن أسماء كانت تمرض المرضة فتعتق كل مملوك لها )) وتروي رضي الله عنها فتقول : مَرَّ بِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا أُحْصِي شَيْئًا وَأَكِيلُهُ. قَالَ: " يَا أَسْمَاءُ، لَا تُحْصِي، فَيُحْصِيَ اللهُ عَلَيْكِ " قَالَتْ: " فَمَا أَحْصَيْتُ شَيْئًا بَعْدَ قَوْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِي، وَلَا دَخَلَ عَلَيَّ، وَمَا نَفِدَ عِنْدِي مِنْ رِزْقِ اللهِ  إِلَّا أَخْلَفَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ[1]
وكانت في شجاعتها مضرب المثل لقد قاتلت في اليرموك صفاً واحداً مع عمة النبي r وحماتها صفية
وعندما توجه الحجاج لقتال ابنها عبد الله في مكة المكرمة وكان أهل الشام ينادون عبد الله بن الزبير بمكة ، كانوا يصيحون به: يابن ذات النطاقين؛ وهو يقول: ابنها أنا والله، ثم ينشد:
وعيرها الواشون أني أحبها         وتلك شـكاة ظاهر عنك عارها
فإن أعتذر عنها فإني مكذب         وإن تعتذر يردد عليها اعتذارها
وكانت رضي الله عنها قد بلغت المئة ودخل عليها ابنها فقالت : ما فعلت في حربك قال : بلغوا مكان كذا وكذا
قال : فضحك ابن الزبير رضي الله عنهما
وقال : إن في الموت لراحة
قالت : يا بني لعلك تمنهاه لي ما أحب أن أموت إما تملك فتقر عيني وإما أن تقتل فأحتسبك
قال : ثم ودعها
فقالت : له يا بني إياك أن تعطي من دينك مخافة القتل 0
الحجاج إياه: يا أم، إني لا أخاف القتل ولكني أخاف المثلة،
فقالت: يا بني إن الشاة المذبوحة لا تألم للسلخ؛ فسار قولها مثلاً.
وجاءت تحسسته وقد علمت أنه ميت وصلب رضي الله عنه
تقدمت أسماء إلى الحجاج فقالت له: يا حجاج أما آن لراكبك أن ينزل! فأمر بإنزاله وكان آلى على نفسه ألا يُنزله أو تتكلم أمه في شأنه.
قيل إنها أسن من السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها بعشر سنين بلغت المئة ولم يسقط لها سن ، ثم عميت
أحبت زوجها وكانت وفية له بعد طلاقه لها ورثته بعد مقتله t وكان قد قَتله عَمْرو بن جُرْمُوز المُجاشِعيّ بوادي السِّباع وهو مًنْصَرف من وَقْعة الجَمَل.
غَدَر ابن جُرْمُوز فارس بهُمِةٍ         يَــومَ الهِيَاِج وكان غَيْر َمُعَرِّد
يا عَمْرُو لو نَبَّهْتَه لوَجَــدَتْه         لا طائشاَ رَعِشَ الجَنَانِ ولا اليَد
ثَكِلْتك أمًّك إن قَتَلْت لمُسـْلِماً         حَلَّت علـــيك عُقوبة المُتَعَمِّد
وهي أيضا من رواة حديث المصطفى r روت عدة أحاديث فحدث عنها أولادها عبد الله وعروة وابن العباس وفاطمة بنت المنذر وابن أبي مليكة ووهب بن كيسان وابن المنكدر والمطلب بن عبد الله وخلق كثير0
وهي وابنها عبد الله وأبوها أبو بكر وجدها أبو قحافة كلهم صحابيون رضي الله عنهم 0
هذه هي أسماء ذات النطاقين
فيا نساء الدنيا هذه كانت نساءنا
ويا نساء المسلمين
هذا إرث لكم
ولكني أقول عادت أسماء رضي الله عنها ، في صورة نساء الشيشان وفلسطين والعراق والآن في لبنان
وعاد أبو جهل الجبان الذي لم يستطع قهر الرجال في ثوب جديد ليلطم النساء
والله والله
لو عرفت أمة الغرب امرأة واحدة فقط كأسماء لصُنعت لها التماثيل وقيلت الأشعار وألفت عنها الكتب و00و0000
ولكنني أقول كل نساء أمتنا أسماء بإذن الله كانوا وسيعودا
أخوكم هشام






[1] مسند أحمد (44/ 532)

أدب الحوار عند أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز


أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز
أدب الحوار عنده –  حقيقة دفنه في المعرة
 بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله  حمداً  يوافي نعمه ويكافئ مزيده ، الحمد لله الذي شاء أن يكون محمد r أخر نبي ابتعثه ، وشاء أن يكون الدين الذي جاء به منصوراً بنصره حتى يوم الدين 0 
وصلى الله وسلم على القائل (( إن الله يبعث إلى هذه الأمة على رأس كل مائة سنة  من يجدد  لها دينها ) المستدرك على الصحيحين))
فبعث على رأس المئة الأولى للهجرة عمر بن عبد العزيز وبعث على  رأس المئة الثانية الإمام الشافعي 0
وبعد
إن من يحيا دون جذور يحيا كرجل بلا نسب يعيش ذليلاً بل هو في حقيقة الأمر ميت وهو حي ، أما من اتكل على نسب ليحيا به كان إمعة وهو أمر مفروض إنسانيا وهو شأن البهائم وليس البشر 0
فهذا رسول الله r يحذر كل من اتكل على وحتى لو كان نسبه متصلا به  وإن كانت فاطمة رضي الله عنها فبرواية أبي هريرة قال وبعد بعدت وأنذر عشيرتك الأقربين دعا رسول الله  صلى الله عليه وسلم  قريشا فاجتمعوا فعم وخص فقال يا بني كعب بن لؤي أنقذوا أنفسكم من النار يا بني مرة بن كعب أنقذوا أنفسكم من النار يا بني عبد شمس أنقذوا أنفسكم من النار يا بني عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار   يا بني هاشم  أنقذوا أنفسكم من النار يا بني عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار يا فاطمة أنقذي نفسك من النار فإني لا أملك لكم من الله أن لكم رحما سأبلها ببلالها صحيح مسلم ج: 1 ص: 192
فالنسب لا يغني مهما علا وإن كان مما لابد منه ، وبناء عليه  فنسب الأمم هو تاريخها وماضيها بل وملاذها ،فخرها وعزها ، لا نعود إليه لكي نقبع فيه أو لنختبئ وراءه أو حتى ليحمل كما يحمل الحمار أسفاره 0
الماضي هو مشكاة لا غنى عنها في بيوتنا لكنها مشكاة فيها مصباح يضئ لينير ، ولكن السؤال هل كل العيون تبصر ؟ وفي الحقيقة هناك عيون ترى لكنها لا تبصر 0
نعم علينا العودة للماضي لنبني لا لنتغنى أو نبكي و لربما كان قول الشاعر العربي الأموي المتوكل الليثي يضعنا في صورة ما نريد فيقول
لَسنا وَإِن أَحســابُنا كَرُمَت       مِمَّن عَلى الأَحســابِ يَتَّكِلُ
نَبني كَمـــا كانَت أَوائِلُنا       تَبني وَنَفعَلُ مِثلَ مــا فَعَلوا
ومن كان توجهي لدراسة التاريخ كمصباح للإبصار لا للرؤية فحسب   
عمر بن عبد العزيز
هو عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف أبو حفص القرشي الأموي ، أمير المؤمنين وأمه أم عاصم ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ويقال له أشج بنى مروان وكان يقال الأشج والناقص أعدلا بني مروان 
بويع له بالخلافة بعد وفاة ابن عمه سليمان بن عبد الملك وعن عهد منه له ، ولقد كان مولده في سنة إحدى وستين للهجرة الموافق لسنة 680 م وقيل ولد بمصر وأغلب الظن أنه ولد في المدينة المنورة ، وهذا ما ذكره الإمام الذهبي رحمه الله تعالى 0
قال ابن عمر رضي الله عنهما إنا كنا نتحدث أن هذا الأمر لا ينقضي حتى يلي هذه الأمة رجل من ولد عمر يسير فيها بسيرة عمر بوجهه شامة ، وكان رحمه الله تعالى قد ضربته دابة من دواب أبيه فشجته 0 فجعل أبوه يمسح الدم ويقول سعدت إن كنت أشج بني أمية 0
وُصِف رحمه الله تعالى بأنه ابيض جميلا وقيل أسمر ، نحيف الجسم حسن اللحية ، غائر العينين ،يخضب لحيته  ، وقد خطه الشيب ، وقيل كان عمر بن الخطاب أصلع وعثمان وعلي ومروان بن الحكم وعمر بن عبد العزيز 0
وكان مع عدله وفضله حليما رقيق الطبع ، حفظ القرآن في صغره بعثه أبوه من مصر إلى المدينة فتفقه بها حتى بلغ مرتبة الاجتهاد وقال : الزبير بن بكار حدثني العتبي قال : إن أول ما استبين من رشد عمر بن عبد العزيز حرصه على العلم ورغبته في الأدب وما زال كذلك دأبه حتى اشتهر ذكره
والده:
هو
عبد العزيز بن مروان بن الحكم ، وكان من أفاضل بني أمية ، كان تقياً محبا للخير شجاعا كريماً ، كانت له جِفان توضع للناس وجِفان أخرى يطاف بها على الناس ومن جوده كان يقول: إذا أمكنني الرجل من نفسه حتى أضع معروفي عنده فَـيَدهُ عندي أعظم من يدي عنده.
عمل أميراً لأخيه عبد الملك على مصر مدة عشرين سنة ، ومما يدل على كمال صفاته وتقواه أنه لما أراد الزواج قال لقيّمه: اجمع لي أربعمائة دينار من طيب مالي، فإني أريد أن أتزوّج إلى أهل بيت لهم صلاح، فتزوج أم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب t ، وهي حفيدة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وقيل اسمها ليلى ، كما قيل أن هذا الزواج ما كان ليتم لو أن آل الخطاب وثقوا بتقواه وحسن سيرته ، وخلقه، عرف بحبه للعلم منذ شبابه إضافة لشدة شغفه بحديث المصطفى r فسمع من الصحابة وأخذ عن أبي هريرة t 0
أمــــــــــه:
فجدة عمر بن عبد العزيز لأمه هو زوج عاصم بن عمر بن الخطاب والقصة مشهورة ، كيف أن عمر بن الخطاب t قد خرج طائفا ذات ليلة فسمع امرأة تقول لبنية لها اخلطي الماء في اللبن فقالت البنية أما سمعت منادى عمر بالأمس ينهى عنه ، فقالت : أن عمر لا يدري عنك فقالت البنية والله ما كنت لأطيعه علانية واعصيه سرا فأعجب عمر بعقلها فزوجها ابنه عاصما فهذه جدة عمر بن عبد العزيز
إخوتـــــه:
ذكرهم المؤرخون فمحمد وعاصم أمهم ليلى بنت عاصم بن عمر بن الخطاب، والأصبغ وسهل وسهيل وأم الحكم وزبّان وأم البنين ، من غيرها 0
أولاده:
كذلك لقد اختلف المؤرخون في عدد أولاده رحمه الله تعالى فقيل - أربعة عشر ذكراً منـهم: عبد الملك وعبد العزيز وعبد الله  وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وبكر والوليد وموسى وعاصم ويزيد وزبان وعبد الله 0
وبناته ثلاث: أمينة، وأم عمار، وأم عبد الله ، وقيل  أن عدد الذكور اثنا عشر ، وعدد الإناث ست وهو الأرجح والله أعلم 0
أزواجه :
لقد تربى عمر رحمه الله تعالى في المدينة ونهل من علمائها ومشايخها ، ونال بذلك منزلة جعلت عبد الملك مروان وهو الفقيه بل أحد علماء المدينة المنورة السبعة ، أن يزيد في إكرامه ويضم لولده بعد وفاة عبد العزيز ، ثم فضله على كثير من بنيه شباب بني أمية وزوّجه، بابنته
فاطمة بنت عبد الملك ، وهي من قيل فيها 0
بنت الخليفة والخليفة جدها    أخت الخلائف والخليفة زوجها
فهي بنت الخليفة عبد الملك ، والخليفة جدها مروان بن الحكم ، وأخت الخلائف فهي أخت الخلفاء الوليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك ويزيد بن عبد الملك وهشام بن عبد الملك، والخليفة زوجها فهو عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، حتى قيل عنها: لا تعرف امرأة بهذه الصفة إلى يومنا هذا سواها . وقد ولدت لعمر بن عبد العزيز و إسحاق ويعقوب وموسى 0
وكان عمر قد تزوج غير فاطمة بنت عبد الملك ومن زوجاته لميس بنت علي بن الحارث،و أم عثمان بنت شعيب بن زيان0
حياته الخاصة
يكفيني القول أن الأمة قد أجمعت على أنه خامس الخلفاء الراشدين ، فلقد تخلق بأخلاق الصحابة حتى في دقائق الأمور ، ولقد أراد أن يكون صحابيا في قوله و سلوكه متأسيا بسيرة المصطفى r حتى وكأنه عاش في كنف رسول الله r وفي كل شيء ، فيمنحه أنس بن مالك وساماً شرف عالي الدلالة r فلقد أمَّ بأنس بن مالك يوماً فقال: ما رأيت أحداً أشبه صلاة برسول الله r من هذا الفتى 0
طعامه قال أبو أمية الخصي غلام عمر دخلت يوما على مولاتي فغدتني عدسا فقلت كل يوم عدس قالت يا بني هذا طعام مولاك أمير المؤمنين ، ويخبرنا خادمه أيضا فيقول:  لم تمتلئ معدته من طعام من يوم ولي وحتى مات ، وقال عون بن المعمر دخل عمر على امرأته فقال يا فاطمة عندك درهم اشترى به عنبا فقالت لا وقالت وأنت أمير المؤمنين لا تقدر على درهم تشتري به عنبا قال هذا أهون علينا من معالجة الأغلال غدا في جهنم 0 
وذكر الأوزاعي -رحمه الله- قال: كان عمر بن عبد العزيز يصوم ويفطر على البقل ، وكان في غالب أوقاته يغمس الخبز بالدقة ويأكله . وأهدي يوما إليه طبق فيه تفاح وفاكهة فرده ، ولم يأكل منه شيئاً ، فقيل له : ألم يكن رسول الله يقبل الهدية؟ قال :بلى ،ولكن الهدية إلى رسول الله r هدية ، وهي لنا ولمن بعدنا رشوة .
وأخبر محمد بن الزبير الحنظلي قال دخلت على عمر بن عبد العزيز أحسبه قال ليلة وهو يتعشى كسرا وزيتا قال فقال ادن فكل قال قلت بئس طعام المقرور قال فأنشدني
إذا ما مات ميت من تميم     وسرك أن يعيش فجيء بزاد
بخبز أو بلــحم أو بتمر    أو الشـيء الملفف في البجاد
تراه ينقل البطحاء شـهرا    ليأكل رأس لقمان بن عــاد
وقال الأوزاعي أيضا عن أبي عبيد حاجب سليمان عن نعيم بن سلامة قال دخلت على عمر بن عبد العزيز فوجدته يأكل توما مسلوقا بزيت وملح ، وكان رحمه الله يقول : أفرش طعامك اسم الله وألحفه حمد الله
ثيابه
ذكر أن ثياب عمر قومت وهو يخطب باثني عشر درهما وكانت حلته قبل ذلك بألف درهم لا يرضاها  وقال سعيد بن سويد صلى عمر بالناس الجمعة وعليه قميص مرقوع الجيب من بين يديه ومن خلفه فقال له رجل يا أمير المؤمنين إن الله قد أعطاك فلو لبست فنكس مليا ثم رفع رأسه فقال إن أفضل القصد عند الجدة وأفضل العفو عند القدرة ، وقيل كان  يلبس الفروة الكبل 0
ويعاتب مسلمة بن عبد الملك أخته فاطمة زوجة عمر في تركها غسل ثيابه وهو مريض فقالت: أنه لا ثوب له غيره
وقال مسلمة بن عبد الملك دخلت على عمر بن عبد العزيز أعوده في مرضه فإذا عليه قميص وسخ فقلت لفاطمة ألا تغسلون قميصه قالت والله ما له قميص غيره0    
في حين كانت ثيابه قبل الخلافة في صورة شبه عكسية فلقد ذكر فضل بن السراج عن حجاج الصواف قال أمرني عمر بن عبد العزيز وهو وال على المدينة أن أشتري له ثيابا فاشتريت له ثيابا فكان فيها ثوب بأربعمائة فقطعه قميصا ثم لمسه بيده فقال ما أخشنه وأغلظه ويروي رباح بن عبيدة قال كنت أتجر فقال لي عمر بن عبد العزيز يا رباح اتخذ لي كسائين قال خزا اتخذ أحدهما محبسا والآخر شعارا قال ففعلت فصنعتهما بالبصرة فلم آل ثم قدمت بهما فأمر بقبضهما فلما أصبح غدوت عليه فقال لي يا رباح ما أجود ثوبيك لولا خشونة فيهما فلما ولى قال لي يا رباح اتخذ لي من هذه الجباب 0
ويأمر بشراء ثوب له وهو خليفة فاشتروه بأربعة عشر درهما فلمسه بيده فقال سبحان الله ما ألينه وأدقه ، ويقوم  رجاء بن حيوة الذي كان وزير الصدق لبني أمية ثيابه فقال قومت ثياب عمر بن عبد العزيز وهو خليفة باثني عشر درهما ، فذكر قميصه ورداءه وقباءه وسراويله وعمامته وقلنسوته وخفيه 0
ويحدث علي بن بذيمة قال رأيته بالمدينة وهو أحسن الناس لباسا وأطيب الناس ريحا وهو أخيل الناس في مشيته ثم رأيته بعد يمشي مشية الرهبان فمن حدثك أن المشية سجية بعد عمر فلا تصدقه  
عمر في  أهل بيته
ذكر أنه بعد توليه الخلاف خير امرأته فاطمة بين أن تقيم معه على أنه لا فراغ له إليها وبين أن تلحق بأهلها فبكت وبكى جواريها لبكائها أن فسمعت ضجة في داره ثم اختارت مقامها معه على كل حال رحمها الله وقال له رجل تفرغ لنا يا أمير المؤمنين فأنشأ
يقول قد جاء شغل شاغل         وعدلت عن طريق السلامة
ذهب الــفراغ فلا فرا          غ لنا إلـــى يوم القيامة
وذكر أنه قال لامرأته فاطمة بنت عبد الملك وكان عندها جوهر أمر لها به أبوها لم ير مثله اختاري إما أن تردي حليك إلى بيت المال وإما أن تأذني لي في فراقك فإنه أكره أن أكون أنا وأنت وهو في بيت واحد ، قالت لا بل اختارك عليه وعلى أضعافه ، فأمر به فحمل حتى وضع في بيت مال المسلمين فلما مات عمر واستخلف يزيد قال لفاطمة إن شئت رددته إليك قالت لا والله لا أطيب به نفسا في حياته وأرجع فيه بعد موته  
فعبد الملك مات في خلافة أبيه قال بعض أهل الشام كنا نرى أن عمر بن عبد العزيز إنما أدخله في العبادة ما رأى من ابنه عبد الملك المذكور هذا ومات عبد الملك المذكور وله تسع عشرة سنة رحمه الله ،وكان منقطعا عن الناس وله كلمات حسان مع أبيه 0
وذكر زياد بن أبي حسان أنه شهد عمر بن عبد العزيز حين دفن ابنه عبد الملك استوى قائما وأحاط به الناس فقال والله يا بني لقد كنت برا بأبيك والله ما زلت منذ وهبك الله لي مسرورا بك ولا والله ما كنت قط أشد سرورا ولا أرجى لحظي من الله فيك منذ وضعتك في المنزل الذي صيرك الله إليه ، فرحمك الله وغفر لك ذنبك وجزاك بأحسن عملك ورحم كل شافع يشفع لك بخير من شاهد وغائب ، رضينا بقضاء الله وسلمنا لأمره الحمد لله رب العالمين 0
أما عبد الله بن عمر بن عبد العزيز بن مروان كان شجاعا دينا كريما وكان ولي العراق بعد وفاة أبيه وحفر بالبصرة نهرا يعرف بنهر ابن عمر
وإدريس بن عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي روى عن أبيه أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز روى عنه ابنه خلف بن إدريس بن عمر وكان بخناصرة مع أبيه وشهد وفاته بدير سمعان مع من شهده من ولده 0
أما بناته فحدث أصحاب السير عن حميدة حاضنة عمر بن عبد العزيز أنه كان ينهى بناته أن ينمن مستلقيات يطمع
وروى قربان بن دبيق قال مرت بي ابنة لعمر بن عبد العزيز يقال له أمينة فدعاها عمر يا أمين يا أمين فلم تجبه فأمر إنسانا فجاء بها فقال ما منعك أن تجيبيني قالت إني عارية فقال يا مزاحم انظر تلك الفرش التي فتقناها فاقطع لها منها قميصا فقطع منها قميصا فذهب إنسان إلى أم البنين عمتها فقال بنت أخيك عارية وأنت عندك ما عندك فأرسلت إليها بتخت من ثياب وقالت لا تطلبي من عمر شيئا
وقيل له يا أمير المؤمنين لو أنفقت على عيالك كما تنفق على عمالك فقال لا أمنعهم حقا لهم ولا أعطيهم حق غيرهم ، وكان أهله قد بقوا في جهد عظيم فاعتذر بأن معهم سلفا كثيرا من قبل ذلك وقال يوما لرجل من ولد علي إني لأستحي من الله أن تقف ببابي ولا يؤذن لك وقال لآخر منهم إني لأستحي من الله وأرغب بك أن أدنسك بالدنيا لما أكرمكم الله به 0
تركته
وحينما توفي عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى لم يترك لأولاده مالاً إلا الشيء اليسير، وقد أصاب الذكر من أولاده من التركة تسعة عشر درهماً فقط، بينما أصاب الذكر من أولاد هشام بن عبد الملك ألف ألف (مليون)، وما هي إلا سنوات قليلة حتى كان أحد أبناء عمر بن عبد العزيز يحمل على مائة فرس في سبيل الله في يوم واحد، وقد رأى بعض الناس رجلاً من أولاد هشام يتصدق عليه 0 فسبحان الله رب العالمين..
عمر مع ولاته ورعيته
لقد أكد المؤرخون على عناية عمر بن العزيز ودقة اختياره لولاته وكان دائما المتابعة لهم وتوجيههم،فمنذ أن ولي الخلافة كتب إلى عماله أن لا يستعمل على الأعمال إلا أهل القرآن فإن لم يكن عندهم خير فغيرهم أولى أن لا يكون عنده خير وكان يكتب إلى عماله اجتنبوا الأشغال عند حضور الصلاة فإن من أضاعها فهو لما سواها من شرائع الإسلام أشد تضييعا وقد كان يكتب الموعظة إلى العامل من عماله فينخلع منها وربما عزل بعضهم نفسه عن العمالة وطوى البلاد من شدة ما تقع موعظته منه وذلك أن الموعظة إذا خرجت من قلب الواعظ دخلت قلب الموعوظ وقد صرح كثير من الأئمة بأن كل من استعمله 0 
فولى أيوب بن شرحبيل بن أكثوم بن أبرهة بن الصباح أمير لمصر فلما ولي مصر جعل الفتيا بمصر إلى جعفر بن ربيعة ويزيد بن أبي حبيب وعبيد الله بن أبي جعفر وجعل على الشرطة الحسن بن يزيد الرعيني وزيد في عطايا الناس عامة وعطلت حانات الخمر وكسرت بإشارة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز ونزحت القبط عن الكور واستعملت عليها المسلمون ونزعت أيديهم أيضا عن المواريث واستعمل عليها المسلمون وحسنت أحوال الديار المصرية في أيامه وأخذ أيوب هذا في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإصلاح الأمور واستمر في ذلك حتى أتاه خبر وفاة عمر 0
وكتب عمر إلى عدي بن أرطاة وبلغه عنه بعض ما يكره أما بعد فإنه غرني بك مجالستك القراء وعمامتك السوداء وإرسالك إياها من وراء ظهرك وإنك أحسنت العلانية فأحسنا بك الظن وقد أطلعنا الله على كثير مما تعملون
وكتب إليه أيضا أما بعد فإن من الناس من شاب في هذا الشراب ويغشون عنده أمورا انتهكوها عند ذهاب عقولهم وسفه أحلامهم فسفكوا له الدم الحرام وارتكبوا فيه الفروج الحرام والمال الحرام وقد جعل الله عن ذلك مندوحة من أشربة حلال فمن انتبذ فلا ينتبذ إلا من أسقية الأدم واستغنوا بما أحل الله عما حرم فإنا من وجدناه شرب شيئا مما حرم الله بعد ما تقدمنا إليه جعلنا له عقوبة شديدة ومن استخف بما حرم الله عليه فالله أشد عقوبة له وأشد تنكيلا  
وقال يحيى الغساني لما ولاني عمر بن عبد العزيز الموصل قدمتها فوجدتها من أكثر البلاد سرقة ونقبا فكتبت إليه أعلمه حال البلد وأسأله آخذ الناس بالظنة وأضربهم على التهمة أو آخذهم بالبينة وما جرت عليه السنة فكتب إلى أن آخذ الناس بالبينة وما جرت عليه السنة فإن لم يصلحهم الحق فلا أصحلهم الله قال يحيى ففعلت ذلك فما خرجت من الموصل حتى كانت من أصلح البلاد وأقلها سرقة ونقبا
وأخرج السائب بن محمد قال كتب الجراح بن عبد الله إلى عمر بن عبد العزيز إن أهل خراسان قوم ساءت رعيتهم وإنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي في ذلك فكتب إليه عمر أما بعد فقد بلغني كتابك تذكر أن أهل خراسان قد ساءت رعيتهم وأنه لا يصلحهم إلا السيف والسوط فقد كذبت بل يصلحهم العدل والحق فأبسط ذلك فيهم والسلام  0
ثم عزله بعد خمسة أشهر عن إمرة خراسان ثم أعاده بعد سنة وخمسة أشهر وإنما عزله لأنه كان يأخذ الجزية ممن أسلم من الكفار ويقول أنتم إنما تسلمون فرارا منها فامتنعوا من الإسلام وثبتوا على دينهم وأدوا الجزية فكتب إليه عمر إن الله إنما بعث محمدا r داعيا ولم يبعثه جابيا0
ويروي صاحب الطبقات أن عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى كتب إلى عروة عامله على اليمن أما بعد فإني أكتب إليك آمرك أن ترد على المسلمين مظالمهم فتراجعني ولا تعرف بعد مسافة ما بيني وبينك ولا تعرف أحداث الموت حتى لو كتبت إليك أن اردد على مسلم مظلمة شاة لكتبت ارددها عفراء أو سوداء فانظر أن ترد على المسلمين مظالمهم ولا تراجعني 0
وكتب عامل حمص إلى عمر بن عبد العزيز لقد انهار سور حمص ورمه واجب فيم تأمر فكتب إليه عمر سور حمص بالعدل وطهر طرقاتها من الخوف والظلم ولا حاجة بعد إلى الطين واللبن والحجر والجص ، وأمر الله عز وجل داود عليه السلام يا داود إنا جعلناك خليفة في الأرض فاحكم بين الناس بالحق ويقول تعالى أليس الله بكاف عبده



أدب الحوار عند عمر بن عبد العزيز
إن ما تقدم من عرض بالغ الشدة في الإيجاز لجوانب من حياة عظيم من عظماء هذه الأمة كان مقدمة لابد منها ، الغاية منها إثارة البحث لدراسة جانب من جوانب الحياة ، لشخصية ليست الوحيدة في تاريخنا ممن استطاع أن يجعل من الماضي حاضرا ضمن إطار التجديد والذي أقصده محصور في مقولة عبر عنها قول معاذ بن جبل t : اجلس بنا نؤمن ساعة صحيح البخاري ج: 1 ص: 11 أي هو استئناف للحياة بلباثها الإسلامي، وإعادتها إلى نقائها وصفائها 0 وهو أمر مطلوب على صعيد الفرد والأمة ، تتأتى ضرورته من خلال التطورات الاجتماعية والسياسية والاجتماعية 000 والتي لابد من استيعابها بما يتوافق ومبادئ الشريعة الإسلامية وإصلاح الانحرافات التي قد تورثها 0
لقد أهَّلت البيئة الأسرية من جهة والاجتماعية من جهة أخرى ، وعلى وجه الخصوص مجتمع المدينة المنورة وضمن إطار من صحابة النبي r ، عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى ، وأعطته القدرة على استيعاب كل المتغيرات في مرحلة تاريخية شهدت تطورات على صعيد الأمة بأسرها فشكلت محاولته وتجربته في بعث الخلافة الراشدة من جديد ، دلالة على شخصية فذة استطاعت بطموحها أن تحقق أهدافها ، بل إنها تجربته ذات دلالة على قُدرة القيم التي اعتمادها عمر بن عبد العزيز ، على التطبيق وفي أي زمان أو مكان ، لقيادة المجتمع وبالتالي الوصول لنفس النتائج التي حققها عمر بن عبد العزيز0 
لقد مثل عهد عمر بن عبد العزيز وعلى الرغم من ضيق مساحته الزمنية إنجازاً إنسانيا استطاع فيها تستخير طاقات المجتمع من خلال الأسلوب القيادي المتميز الذي اتبعه ، فلقد استطاع أن يقرن القول بالعمل وأن يستثمر الوقت بتوظيفه بشكل عجيب في خدمة رعيته ، ولعل مبدأ العمل الجماعي بالاعتماد على بطانة من خيرة القادة السياسيين والإداريين الذين أدركوا ما يريد عمر وساروا بنفس النهج الذي يريده ، لتصبح بذلك المهمة أسهل وأيسر ، وليصبح العمل السياسي والإداري بحالة من الديناميكية العالية الوتيرة ، ولتنصب الجهود كلها في خدمة مصالح الرعية عامة0
ومن هنا كان مما لابد منه ، أن نقف وقفة عند شخصية رجل يمثل بقعة مضيئة في تاريخ هذه الأمة بل لازالت تضيء تاركة لكل مفكري الدنيا مجالا رحبا للنهل والإفادة منها ، وعلى الرغم من أنها ليست حالة استثنائية في تاريخنا وإلا فكيف انتشرت قيمنا في أرجاء الدنيا ، حتى قيل لم يعرف التاريخ فاتحا أرحم منا والرحمة ، وإن ذلك لم يتأتى إلا من ثقافة خلال الحوار وقبول الآخر حتى مع بقاء الخلاف الذي يعد حقيقة فطر عليه البشر منذ وجودوا
إن الدراس لحياة عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى يجد نفسه عند رجل ربما فُطِر على حب الحوار ، وأي حوار إنه الحوار المبني على أسس العلم بثوابته وحججه وبراهينه ،لقد آمن بأن الحقيقة ليست ملك فرد بعينه ، فليس كل الناس أنبياء ، لقد عاش عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى حياته باحثا عن الحكمة ، وهي ضالة كل الباحثين عن حياة إنسانية تضمن لكل البشر حرية الرأي ، ولا أقصد بالحكمة الحالة الصورية الخيالية منها والتي يتصور وجودها في الخيال ويصعب أو يستحيل تحويلها إلى واقع ، بل جعل عمر الحوار سببا الحوار للوصول للحقائق التي سيهل على الناس ترجمتها في حياتهم إلى سلوك يورَّث للأجيال ويبقى قاعدة صالحة تبنى عليها الأخلاق الإنسانية السامية
وليس الحوار في الحقيقة كلمة تقال فثقافة الحوار هي صورة يُعبِّر عنها الفعل البشري الحياتي لمجتمع ما وبالتالي فالحوار كلمة وفكر والثقافة وسلوك ، تصان فيه الحريات ويسود مبدأ الشورى ، وهو ما سنجده في سيرة عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى وأهله لكي يتبنى ثقافة الحوار فكرا وسلوكا 0
لم يتصف في عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى بالتسلط والفردية ، لقد قائدا صلباً اتسم بالعفو والرحمة تجاه خلق الله حتى وإن حكم بشرع الله أخر العقوبة خشية أن يمزج بين غضبه لنفسه وغضبه لله بل العفو والشورى هي القاعدة لتطبيق الأحكام ، وليست الفردية والاستعلاء ، إنه ترجمة لقول الله عز وجل ((فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ)) (آل عمران : الآية : 159).
لقد صان حرية الاعتقاد في الدولة فكان رحمه الله تعالى شديد الحرص على الالتزام بتطبيق كل عهد أو ميثاق حيال غير المسلمين وتحقيق العدالة ورفع الظلم وما أجمل مقولة القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق: اليوم ينطق كل من كان لا ينطق إذا لم يخالف الشرع. ولقد انصبت هذه السياسة لتشمل مناحي الحياة كلها وبك جزئياتها0
لقد حمل الأمانة كاملة ليست مجزأة لتمتد وتشمل الإنسان وتشمل البهائم ، لقد حدد حمولة البعير بستين رطلا ومنع حديدة تنخس بها الدابة لكي تسرع وحتى أنه أمر بمنع استخدام اللُجُمِ الثقيلةِ المستخدمة للخيول والبغال 
ولربما أبيات عبيد الله بن عبد الله ( سابق بن عبد الله البريري )الذي كان بحراً من بحور العلم ومفتياً في المدينة  وكان يقرض الشعر، أقول لعلها خير دلالة على مساحة الحرية التي حظي بها المجتمع في عهد عمر رحمه الله تعالى فقد كتب تهنئة إلى عمر بتولية الخلافة هذه الأبيات:
بسـم الذي أنزلت مـن عنده  السور     والحمــــــد لله أمّا بعـد يا عمر
إن كنت تعلم مـــا تأتي ومـا تذر     فكن علـــــى حذر قد ينفع  الحذر
واصبر على القدر المحتوم وأرض به     وإن أتاك بمـا لا تشـــــتهي القدر
فما صـفا لامرئ عيش يُســرٌّ بـه    إلا ســـــــيتبع يومـاً صفوه كدر
واســـتَخبِرِ الناسَ عمّا أنت جَاهِلُه     إذا عَمِيتَ فقد يَجلو العَمَــــى البَصَرُ
قَد يَرعَوِي المرءُ يوما بــعد هَفوَته      وتحكُم الجاهلَ الأيـــــــامُ والعِبَرُ
إن التُّقَى خَيرُ زادٍ أنت حامِــــلُهُ     والبرُّ أفضلُ شـــــــيءٍ نَالَه بَشَرُ
مَن يَطلُبِ الجَورَ لا يَظفَر بــحاجَتهِ     وطالِبُ الحقِّ قد يُهدَى لـــــه الظَّفَرُ
لغة الحوار في بيت عمر
ويظهر حبه للحوار منذ نعومة أظفاره فلقد تربى في بيت قاده أب لا يعتمد لغة القهر في تربية أبنائه ، حدث الزبير بن بكار حدثني العتبي فيما رواه ابن كثير في تاريخه قال إن أول ما استبين من رشد عمر بن عبد العزيز حرصه على العلم ورغبته في الأدب وكان أباه قد ولي مصر وهو حديث السن يشك في بلوغه فأراد أبوه إخراجه معه إلى مصر من الشام
فقال : يا أبة أو غير ذلك لعله يكون أنفع لي ولك
قال : وما هو
قال : ترحلني إلى المدينة فأقعد إلى فقهائها وأتأدب بآدابهم
فعند ذلك أرسله أبوه إلى المدينة لقد عبر عمر رحمه الله في حواره مع والده عن رغبته في اختياره الطريق والمكان والهدف بأسلوب في غاية الرقة المدعمة بالحجة ولنلاحظ قوله(يا أبة أو غير ذلك لعله يكون أنفع لي ولك ) وكان التتردد على عبد الله بن عمر رضي الله عنها في المدينة ولطالما رغب إلى أمه رغب إلى أمه وهو صغير يسألها : أريد أن أكون من خالي يقصد عبد الله بن عمر ! أتغرب أنت تكون مثل خالك ؟ وتكرر عليه ذلك غير مرة فماذا كانت النتيجة في بين كان سيده الحوار بغية الوصول لغاية نبيلة ؟
لقد غرس الأب وغرست الأم قيما أثمرت عند عمر ، فكانت مقياساً لعلاقته مع أبنائه لقد بدأ عمر فمنذ توليه الخلافة بدأ برد المظلم إلى أهلها ومنذ اللحظة الأولى ، لكن التعب أرهق جسده نتيجة إتمام دفن سليمان بن عبد الملك فأحب يقيل ، فيأتيه ابنه عبد الملك لتتجلى صورة أخرى من صور الحوار في أرفع مستوى لها ولكن الآن بين عمر وابنه عبد الملك
فقال : يا أمير المؤمنين ماذا تريد أن تصنع
قال : يا بني أقيل
قال : تقيل ولا ترد المظالم إلى أهلها
فقال : إني سهرت البارحة في أمر سليمان فإذا صليت الظهر رددت المظالم
فقال : له ابنه ومن يضمن لك أن تعيش إلى الظهر
قال : ادن مني أي بني فدنا منه فقبَّل بين عينيه وقال الحمد لله الذي أخرج من صلبي من يعينني على ديني ثم قام وخرج وترك القائلة وأمر مناديه فنادى ألا من كانت له مظلمة فليرفعها
وفي صورة أخرى من صور الحوار في بيت أمير المؤمنين ، حواره مع زوجه وأي زوجة هي إنها فاطمة بنت عبد الملك دخل عمر عليها بعد توليه الخلافة محاورا لزوجه فلم يعد الآن عمر اللامسؤول ، وقد لا تحتمل الزوجة الجديدة بشكلها ومضمونها وهي من هي
ولنلاحظ هذا الشكل من الحوار
لا فراغ يا فاطمة
لا حياة فيها الرغد في العيش
كل الحياة للأمة لا يقاسمني فيها أحد حتى ولا أنتِ يا فاطمة
وتجيب وهي تعلم أن حريتها بيدها : قبلتُ
وفي شكل أخر ومع أنكر العهد الذي ولي به الخلافة لأن الخلافة عند عمر ليست مسألة اغتصاب للسلطة ، فقد كلف بها دون أن يطلبها فبلغ عبد العزيز بن الوليد وكان غائبا موت سليمان بن عبد الملك ولم يعلم بمبايعة الناس عمر وعهد سليمان إليه فبايع من معه لنفسه ثم أقبل يريد دمشق يأخذها فبلغه أن عمر بن عبد العزيز قد بايعوا له بعد سليمان بعهد من سليمان فأقبل حتى دخل على عمر بن عبد العزيز ويدور الحوار التالي :
قال : عمر بن عبد العزيز قد بلغني أنك كنت بايعت من قبلك وأردت دخول دمشق
قال : عبد العزيز بن الوليد قد كان ذلك وذلك أنه لم يبلغني أن الخليفة كان عقد لأحد
فقال : عمر والله لو بويعت وقمت بالأمر ما نازعتك ذلك ولقعدت في بيتي
فقال : عبد العزيز ما أحب أنه ولي هذا الأمر غيرك وبايع  
وتشيع بين الناس لهجة الحوار ومنطقه فيتوافد أهل المظالم إلى دمشق وقبلتهم أمير المؤمنين فتسأل النصارى عمر رحمه الله تعالى مجلسا للحوار عنوان القضية فيه ما أدخله الوليد من أملاك في مسجد بني أمية ، ويجيب أمير المؤمنين وتبرز الأدلة في هذه القضية ويخرج نصارى دمشق راضون بما قدم المسلمون من وثائق
وقصة أهل سمرقند مشهورة لقد استأذنوا القدوم على عمر لعرض مظلمتهم
قال: أهل سمرقند قتيبة ظلمنا وغدر بنا فأخذ بلادنا ونحن نبغي العدل والإنصاف
فيأذن أمير المؤمنين ووجه كتابا إلى سليمان بن أبي السري قال فيه إن أهل سمرقند شكوا ظلما وتحاملا من قتيبة عليهم حتى أخرجهم من أرضهم فإذا أتاك كتابي فأجلس لهم القاضي فلينظر في أمرهم فإن قضى لهم فأخرج العرب إلى معسكرهم كما كانوا قبل أن يظهر عليهم قتيبة
وأجلس لهم سليمان القاضي ليقضي أن يخرج عرب سمرقند إلى معسكرهم وينابذهم على سواء فيشون صلحا جديد أصحابه أو ضفرا عنوة
فيقول : أهل الصغد بل نرضى بما كان ولا نحدث حربا وتراضوا بذلك  
لقد كان عمر يدعم أصولا ليست غريبة عن هذه الأمة فأول ما يجب على المحِاور أن يكون حقيقا بأن الحق والعدل أسلوبا أساسيا في حياته ، يحاور بأدلة علمية بغيته الحقيقة اليقينية وهو يعلم أن ذلك ليس محصور أو مقصورا عليه فيترك الأمر لغيره من أصحاب العلم فيه  كما قال سبحانه وتعالى: (يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) الحجرات: 6 وقال الله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً) الإسراء: 36 ، فالأصل في الحوار كشف غموض عن مسألة أختلف فيها ، وبالتالي رأب الصدع بين أصحابها وجمع الكلمة وإصلاح ذات البين وليس الحوار لإظهار التفوق وتحقيق الغلبة 0
لا لم يكن في قواعد وفلسفة وأهدافه الحوار عند أسلافنا إثبات الغلبة أو الخوف من هزيمة أي أن تكون غالبا أو مغلوبا إنما النصرة للحق فهو المطلوب ليس إلا ، والحق أحق أن يتبع 0
ومن جميل قوله في التعبير عن هذا المعنى (ما يسرني أن أصحاب رسول الله r لم يختلفوا لأنهم إذا اجتمعوا على قول فخالفهم رجل كان ضالاً، وإذا اختلفوا فأخذ رجل بقول هذا، ورجل بقول هذا ، كان في الأمر سعة) و قد جعل رحمه الله تعالى المناقشة والحوار قاعدة حتى مع المخالفين أو الخارجين على الدولة ، إنه استبعاد لكل أشكال التسلط والقهر إنها لغة الإقناع وكشف اللبس عن العيون لتظهر الحقيقة ، ولهذا نراه رحمه الله تعالى قد اتبع لغة الحوار لاستقطاب المعارضين  ومن خرج عن سلطان الخلافة لإيقاف القتل وسفك الدماء هدرا دون وجه حق فكانت النتيجة أن الكثيرين من خالفوا وخرجوا عن الطاعة دخلوا فيها ليتم استقطابهم ولكن بالإقناع لا بالقهر
مجموعة من الخوارج تخرج عن الطاعة وتفارق الجماعة ، إنه تمرد مسلح في استمراره سفك للدماء ، وكانت بقيادة شوذب الخارجي ويدعى بسطام اليشكري
ويكتب أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى كتاباً
يقول له فيه : " أما بعد فقد بلغني أنك خرجت غضباً لله و رسوله ، و لست أولى بذلك مني ، فهلم أناظرك ، فإن يكن الحق معنا تدخل فيه و إن يكن الحق معك نراجع أنفسنا و ننظر في أمرنا !! .
ويتوقف شوذب عن تحركاته ويرسل إلى عمر وقد أيقن الصدق في طلبه
فيقول شوذب : قد أنصفت  و قد بعثت إليك رجلين يُدارسانك و يناظرانك
ويلتقي عمر برسولي شوذب
ويدور حوار حر الحجة بالحجة والبرهان بما يرده
ويقر أحد الرجلين بالحق  فيقول : ما سمعت كاليوم قط من حجة أبين من حجتك  و أنا بريء ممن برأ منك.
ويقول الآخر : ما أحسن ما قلت و أبين ما وصفت
وكانت النتيجة أن ألقت هذه المجموعة أسلحتها و عادت تمارس حياتها الطبيعية بين أفراد المجتمع بكل رغبة و اقتناع ،والمناظرة طويلة أحببت اختصارها وقد ذكرها ابن كثير في البداية وابن الأثير في الكامل لمن أحب الإطلاع عليها 0
وحتى في دعوته للملوك كان الحوار سببا في دخولهم في دين الله قال ابن عساكر في تاريخه كتب ملك الهند إلى عمر بن عبد العزيز يقول :
من ملك الهند والسند ملك الأملاك الذي هو ابن ألف ملك وتحته ابنة ألف ملك والذي في مملكته نهران ينبتان العود والكافور والأكرة التي يوجد ريحها من اثني عشر فرسخا والذي في مربطه ألف فيل وتحت يده ألف ملك
ويرد عمر بن عبد العزيز بلغة مليئة بالقوة لكنها غنية أوضح فيها المهمة الموكلة لكل قائد مكنه الله من رقاب الناس يُعرّفه أن الناس خلقوا ليتعارفوا ويتعاونوا
ويرسل ملك الهند ردا لعمر على رسالته : فيقول  :
أما بعد فإن الله قد هداني إلى الإسلام فابعث إلي رجلا يعلمني الإسلام والقرآن وشرائع الإسلام وقد أهديت لك هدية من المسك والعنبر والند والكافور فاقبلها   فإنما أنا أخوك في الإسلام والسلام  
وبلغ من أدبيات عمر أن يستمع للكبير والصغير محاورا ومناقشا فقد ذكر أنه لما اسْتُخْلِفَ عمرُ بن عبد العزيز، رضي اللّه عنه، قَدِمَ عليه وُفُودُ أهلِ كلِّ بلد؛ فتقدَّم إليه وَفْدُ أهلِ الحجاز، فأشْرَأب منهم غلامٌ للكلام
فقال عمر: يا غلام،ليتكلمْ مَنْ هو أَسَن منك!
فقال الغلام: يا أمير المؤمنين، إنّما المرءُ بأَصغريه، قلبهِ ولسانِهِ،فإذا مَنَح اللَّهُ عبدَه لساناً لافظاً، وقلباً حافظاً، فقد أجاد له الاختيار؛ ولو أن الأمور بالسن لكان هاهنا مَنْ هو أحق بمجلسك منك.
فقال عمر: صدقت، تكلّم؛ فهذا السحْرُ الحلال!
فقال: يا أمير المؤمنين، نحن وفد التهنئة لا وَفْدُ الْمَرْزِئة، ولم تُقْدِمْنا إليك رغبةٌ ولا رهبة؛ لأنا قد أمِنا في أيامك ما خِفْنا، وأدركْنا ما طلبنا!
وقد لا يفيد الحوار ولا تنفع الوسيلة فالحرورية كانوا من المعارضين شمالي العراق في سنة مائة  للهجرة ويطلب والي العراق عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وكان على الموصل ، الإذن في قتالهم ، فيؤكد عمر رحمه الله تعالى أسلوبا آخر في التعامل مع المعارضين وذلك طعما في استجابة الضال ورده ، وبشرط إبعاد الأذى عن الناس إذا رأوا أن يسيحوا في البلاد في غير أذى لأهل الذمة ، و في غير أذى للأمة فليذهبوا حيث شاءوا ، و إن نالوا أحداً من المسلمين أو من أهل الذمة بسوء فحاكِمهم إلى الله " .
إنها الثوابت التي تأتي من الكتاب الكريم { أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين } [ سورة يونس ، الآية 99 ] .و قوله تعالى : { إنما أنت مذكر * لست عليهم بمسيطر } [ الغاشية ] .
وفي الختام من أين لك كل هذا يا عمر
أهو حب في الشهرة
أهو حب في إثبات الذات
ويأتي الجواب سريعا إنها قيم ومثل ألغت الجهل وأقرت العلم ، أبطلت القهر وحققت العدل ، لا شأن ولا مكان للباطل في أرض يحاسب أبنائها أنفسهم قبل أن يحاسبوا ، منطلقهم أن الناس خلقوا عبادا ولم يخلقوا عبيدا ، وكيف يكمن أن يتحقق إلا بالحوار ولغة الخوار 0
أن تقبلني كمحاور وأن أجلك كند شريف كريم نتحاور لنحتكم للعقل الذي تربى في بيت العلم ، دون أن  نتوقع أن يلد الحوار أناس متماثلين ،في أفكارهم ومعتقداتهم بل بشر متآخين وإن كانوا على خلاف ، فالخلاف شأن إنساني ، في حين أن الاختلاف شأن غير العقلاء شأن من ادعى رجاحة العقل ،وهو قد وخرج عن ثوابته ولبس ثوب العلم ليستر جهلا استحكم في نفسه فكان ظلا له يجره حيث شاء {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا 00000} (25) سورة الأنعام
وأختم بأبيات هي في الواقع قصة حوارية شعرية وقعت مع جد عمر بن عبد العزيز ، عمر بن الخطاب t لأقول إن هذه الثمرة من ذلك الجزع
جاء إعرابي إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال:
يا عمر الخير جزيت الجنة         أكس بنياتـــــي وأمهنه
وأقسم بالله لتفعلنه
فقال له عمر: فإن لم أفعل يكون ماذا؟ قال:
إذاً أبا حفصٍ لأذهبته
قال: فإذا ذهبت يكون ماذا؟ قال:
                        تكون عن حالي لتســألنه           يوم تــكون الأعطيات يمنه
                        والواقف المســئول بينهنه         إما إلـــــى نارٍ وإما جنه
قيل : فبكى عمر حتى اخضلت لحيته، ثم قال: يا غلام أعطه قميصي هذا لذلك اليوم لا لشعره ، أما والله ما أملك غيره.
وفاته رحمه الله تعالى
 ذكر أن سبب وفاته رحمه الله  كان سببها السل وقيل سببها أن مولى له سمه في طعام أو شراب / وهو الأرجح والله أعلم / وأعطي على ذلك ألف دينار فحصل له بسبب ذلك مرض فأخبر أنه مسموم فقال لقد علمت يوم سقيت السم ثم استدعى مولاه الذي سقاه فقال له ويحك ما حملك على ما صنعت فقال ألف دينار أعطيتها فقال هاتها  فأحضرها فأمر بوضعها في بيت المال ثم قال له اذهب حيث لا يراك أحد فتهلك ثم قيل لعمر تدارك نفسك فقال والله لو إن شفائي أن أمس شحمة أذني أو بطيب فأشمه ما فعلت  0
وبعث لأهل الدير وقال إن بعتموني موضع قبري وإلا تحولت عنكم فقالوا لولا أنَّا نكره أن يتحول عنا ما قبلناه 
دير سمعان
 من المعلوم تاريخيا أن ثمة أديرة عديدة تحمل اسم سمعان اشتهر معظمها جوار حلب وهناك أديرة أخرى في إنطاكية ودمشق وحمص والمعرة وهذا هو سبب الخلاف بين المؤرخين في تحديد مكان قبر عمر 0
لكنني أقول والله أعلم أن دير سمعان الذي دفن به عمر رحمه الله تعالى وبشكل شبه يقيني في مدينة معرة النعمان والإشكالية تأتي من كونها كانت معروفة دون نسب ثابت لها فقد كان المؤرخون يذكرونها بمعرة مجردة انطلاقا من أن المعري المطلق منسوب إلى معرة النعمان النسب وذكرت أيضا حسب تبعيتها فهي معرة حلب أو معرة حمص أو 00 وخلال الفترة التي نتحدث عنها كانت تنسب لحمص وهذا الذي أوقع المؤرخين في هذا اللبس في تحديد موقع القبر ، ومن هنا نرى جل من ذكر وفاة عمر بن عبد العزيز قال من أعمال حمص ولم يرد من ذكر وفاته في حمص  وزد على ذلك إشكالية دير النقيرة وهو اسم لدير سمعان الموجود قرب المعرة فصاحب معجم البلدان يقول دير النقيرة في جبل قرب المعرة يقال به قبر عمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه والصحيح أنه في دير سمعان كما ذكرناه وبهذا الموضع قبر الشيخ أبي زكريا يحيى المغربي وكان من الصالحين يزار في أيامنا ) وهو مدفون بجانب قبر عمر بن عبد العزيز
ففي مآثر الأناقة (ودفن بأرض دير سمعان من عمل حمص قال والظاهر أن دير سمعان هو المعروف الآن بدير النقيرة من عَمل معرة النعمان ) 0
وابن كثير رحمه الله يؤكد الوفاة في خناصرة والمعلوم أن عمر رحمه الله تعالى رفض أن ينقل من مكان وفاته ( مات وهو بخناصرة من دير سمعان بين حماه وحلب في يوم الجمعة وقيل في يوم الأربعاء لخمس بقين من رجب من هذه السنة أعنى سنة إحدى ومائة عن تسع وثلاثين سنة وأشهر وقيل أنه جاوز الأربعين بأشهر فالله اعلم) 
ويميز صاحب بغية الطلب بين دير سمعان الذي في المعرة وغيره مما أطلق عليه نفس الاسم فيقول : ( جبل سمعان وهذا الجبل غربي مدينة حلب أوله شمالي جبل جوشن ثم يمتد غربا ويتصل بجبال عدة محسوبة منه إلى كورة تيزين وهو جبل نزه كثير الشجر من التين والزيتون والكرم والكمثرى
وفيه آثار عظيمة من بناء الروم وفيه دير سمعان وكان من الأبنية العظيمة المستحسنة التي تقصد لحسنها وكان على الدير حصن مانع أخَربه سعد الدولة أبو المعالي شريف بن سيف الدولة بن حمدان خوفا من غلبة الروم عليه ومضايقتهم حلب به وهذا الدير غير دير سمعان الذي دفن فيه عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بالقرب من معرة النعمان ويعرف بدير النقيرة أيضا
ويؤكد ذلك صاحب العيون والحدائق أنه توفي بخناصرة ودفن بدير سمعان من أرض المعرة.
والمسعودي في مروج الذهب يقول : وتوفي بدير سمعان من أعمال حمص مما يلي بلاد قنسرين. وقبره مشهور في هذا الموضع إلى هذه الغاية معظّم يغشاه كثير من الناس من الحاضرة والبادية، -وكانت صحة القبر في حمص مشكوكاً فيها في أيام صلاح الدين الأيوبي، ولما مر بحلب ،سنة 584هـ ، وتوجه منها قاصداً معرة النعمان اجتاز بحمص، ولم يقم بها، مما يدل على أنا لقبر المنسوب إلى الخليفة الأموي كان مشكوكاً فيه تلك الأيام.فكانت زيارة صلاح الدين له قطعاً للشك ودليل على صحة وجوده في دير النقيرة
وفي مرآة الزمان ( في رجب منها توفي السيد الفاضل الإمام العادل أمير المؤمنين وخامس الخلفاء الراشدين أبو
حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان الأموي بدير سمعان من أرض المعرة)0
ومما تقدم تتأكد الإشكالية في أمرين الأول هو في نسب المعرة والثاني تسمية دير سمعان بدير النقيرة
والدولة الآن وبعد البحث التاريخي من قبل المختصين أكدت موقع القبر على بعد سبعة كيلو متر جنوب شرقي المعرة في قرية تعرف الآن بدير الشرقي ، وقبر فاطمة زوجه عند قدميه بوصية منها ، على الرغم من أنها قد تزوجت بعده ، كذلك للدولة عناية خاصة بالضريح ، وقبل ذلك كان أهل المنطقة هم من يقومون بذلك 0
ومن جميل القصائد التي رثي بها
يقول جرير
لو كنت أملك والأقـــدار غالبة       تأتـــي رواحا وتبييتا  و تبتكر
رددت عن عمر الخيرات مصرعه      بدير ســـمعان لكان يغلب القدر
وقال أيضا
ينعى النعاة أمير المؤمنين لــنا        يا خير من حج بيت الله واعتمرا
حُمِّلتَ أَمراً عَظيماً فَاِصطَبَرتَ لَهُ       وَقُمتَ فيـــهِ بِأَمرِ اللَهِ يا عُمَرا
وقال كثير يرثيه
لـــقدْ كنتَ للمظلومِ عزاً وناصراً      إذا ما تعيّا فــــي الأمورِ حصونُها
كما كـــانّ  حصناً لا يرامُ ممنَّعاً       بأشــــــبالِ أسدٍ لا يرامُ عرينُها
وليتَ فما شـــــانتكَ فينا ولايةٌ      ولا أنتَ فيها كنتَ ممّنْ  يشــــينها
فعفّتْ عن الأموالِ نفســـكَ رغبةً      وأكرمْ بنفسٍ عــــندَ ذاكَ  تصونُها
وعطلتَها من بــــعدِ ذلكِ  كالّذي      نهى نفســــــه أنْ خالفتهُ يهينُها
كدحتَ لها كـــدحَ امرئٍ متحرِّجٍ       قد أيقنَ أنَّ اللهَ ســــــوفَ يدينُها
فما عابَ من شــــيءٍ عليهِ فإنّهُ      قد اســــــتيقنتْ فيهِ نفوسٌ يقينُها
فعشتَ حميداً في البريَّةِ مقســـطاً      تؤدِّي إليها حقَّها  مــــــا تخونُها
ومتَّ فقيداً فهــــي  تبكي بعولةٍ      عليكَ وحزنٍ مـــــا تجفُّ  عيونُها
إذا ما بدا شــــجواً حمامٌ  مغرِّدٌ      علــــى أثلةٍ خضراءَ دانٍ غصونُها
بكتْ عمرَ الخيراتِ عينــي بعبرةٍ       على إثرِ أخرَى تســــتهلُّ  شؤونُها
تذكرتُ أيّامـــــاً خلتْ  وليالِياً       بها الأمنُ فيها الـــعدلُ كانت تكونُها
فإنْ تصبحِ الدّنـــيا تغيّرَ صفوُها       فحالتْ وأمستْ وهي غثِّ ســـمينُها
فـــقدْ غنيتْ إذ كنتَ  فيها رخيَّةُ       ولكنَّها قــــــــدماً كثيرٌ فنونُها
فلو كان ذاقَ الموتَ غيركَ لم تجدْ         ســــخياً بها ما عشتَ  فيها يمونُها
فما عابَ من شـــيءٍ عليهِ فإنّهُ        قد اســـــتيقنتْ فيهِ نفوسٌ  يقينُها
فعشتَ حميداً في البريَّةِ مقســطاً        تؤدِّي إليها حقَّها مــــــا تخونُها
ومتَّ فقيداً فهـــ ي تبكي بعولةٍ       عليكَ وحزنٍ مـــــا تجفُّ  عيونُها
إذا ما بدا شـــجواً حمامٌ  مغرِّدٌ        علــــى أثلةٍ خضراءَ دانٍ غصونُها
بكتْ عمرَ الخيراتِ عينـي بعبرةٍ        على إثرِ أخرَى تســـــتهلُّ شؤونُها
فمن لليتامى والمســـاكِينِ بعدَهُ         وأرملةٍ باتتْ شـــــــديداً أنينُها
وليس بها سقمٌ سوى الجوعِ لم تجدْ        على جوعِها من بـــعدِها من يعينُها
وكنتَ لـــها غيثاً مريعاً ومرتَعاً        كما فـــي غمارِ البحرِ أمرعَ نونُها
فإنْ كــــانَ للدُّنيا زوالٌ وأهلُها        لعدلٍ إذا ولَّـــــى فقد حانَ حينُها
أقامتْ لكمْ دنـــيا وزالَ رخاؤها        فلا خيرَ فــــي دنيا إذا زالَ لينُها
بكتهُ الضّواحــي واقشعرَّتْ لفقدِهِ        بحزنٍ عليها ســـــهْلُها وحزونُها
فكلُّ بلادٍ نــــالَها عدلُ حكمهِ         شــــــديدٌ إليها شوقُها وحنينُها
فلمّا بكتْهُ الصّالحــــاتُ بعدلهِ         وما فاتَها منهُ بكتهُ بطونُــــــها
ولمّا اقشـعرَّت حينَ ولَّى  وأيقنتْ         لقدْ زالَ منها أنسُــــــها وأمينُها
وقالت لهُ أهلاً وسـهلاً  وأشرقَتْ         بنورٍ له مستشــــــرقاتٍ بطونُها
فإن أشرقتْ منها بطونٌ وأبشرتْ          لـــــه إذ ثوى فيها مقيماً رهينُها
وقــــد زانَها زيناً لهُ وكرامةً         كما كــــان في ظهرِ البلادِ يزينُها
لقدْ ضمّنتهُ حفرةٌ طابَ نشُــرها         وطــــــابَ جنيناً ضمّنتهُ جنينُها
سقى ربُّنا من ديرِ سـمعانَ حفرَةً         بـــــها عمرُ الخيراتِ رهناً دفينُها
صوابحَ من مزنٍ ثقالٍ غواديـــاً       دوالحَ دُهماً مـــــاخِضاتٍ دُجونها
المصادر التاريخية
1- مآثر الأناقة في معالم الخلافة  - أحمد بن عبد الله القلقشندي
2- تاريخ الطبري - محمد بن جرير الطبري أبو جعفر 
3- الخليفة الأموي الراشد عمر بن عبد العزيز - خالد البيطار.
4- الكامل في التاريخ - محمد بن محمد بن عبد الواحد الشيباني
5- زهرة الآداب وثمرة الأباب  - الحصري القيرواني
6- الطبقات - خليفة بن خياط  أبو عمر ألليثي العصفري
7- عمر بن عبد العزيز على منهاج النبوة - علي الصلابي
8- شذرات الذهب في أخبار من ذهب - عبد الحي بن أحمد العكري الدمشقي
9- الدرر الكامنة في أعيان المئة الثامنة أبو الفضائل - أحمد بن علي بن محمد بن محمد بن علي
10- الاشتقاق  - محمد بن الحسن بن دريد الأزدي القحطاني أبو بكر
11- تاريخ الخلفاء - عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي
12- حلية الأولياء وطبقات الأصفياء - أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني
13- النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة - جمال الدين أبي المحاسن يوسف بن تغري بن بردي الأتابكي
14- فقه عمر بن عبد العزيز -  محمد شقير
15- سير أعلام النبلاء - أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان  قايماز الذهبي
16- الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي - المعافى بن زكريا بن يحي الحريري النهرواني أبو الفرج بن طرار
17- ذيل مرآة الزمان موسى بن محمد بن أبي ألحسين أحمد اليونيني

***************************
بحث مقدم للمشاركة في مهرجان أبي العلاء المعري الثقافي العاشر
إعداد المدرس : هشام كرامي






























الجمهورية العربية السورية
وزارة الثقافة
مديرية الثقافة في محافظة ادلب
المركز الثقافي العربي  في المعرة
مهرجان أبي العلاء المعري الثقافي العاشر
عمر بن عبد العزيز
أدب الحوار عنده – حقيقة دفنه في المعرة
المدرس : هشام محمد كرامي