الأربعاء، 30 ديسمبر 2015

لمسات بيانية- مكة وبكة

لمسات بيانية - ماهى الآية الوحيدة التي نزلت داخل الكعبة؟

لمسات بيانية - فبما أغويتني لاقعدن لهم صراطك المستقيم

لمسات بيانية - شبهة 'إن هذان لساحران' هل هناك خطأ في القرآن؟

لمسات بيانية - قال الل تعالى - وكانت من القانطين ولم يقل من القانطات

لمسات بيانية - كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَ...

لمسات بيانية - ثاني اثنين اذ هما في الغار

لمسات بيانية - إن من أزواجكم عدو لكم

لمسات بيانية - الفتنة أكبر من القتل والفتنة أشد من القتل

لمسات بيانية - لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ

لمسات بيانية - التشابه والاختلاف سورة الفاتحة

لمسات بيانية - وليس الذكر كالأنثى - فهل هي عملية تفضيل

الجمعة، 27 نوفمبر 2015

أين ابن اﻷثير كي نحدثه عن مصابنا

أين ابن الأثير رحمه الله تعالى كي نحدثه !
لنخبره ونسأله كيف سنكتب تاريخ ما يجري في هذه الأيام ؟
وأدعوكم لتقرؤا معاناته عند أرخ لخروج التتر لبلاد الإسلام
ترى هل تتساوى المصيبتان ؟ أم أن مصابنا أكبر وأشد
التتر عداة وأعداء
أما نحن فبلاء أن نقتل أبناءنا
في أحداث سَنَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ يقول ابن الأثير :
لَقَدْ بَقِيتُ عِدَّةَ سِنِينَ مُعْرِضًا عَنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْحَادِثَةِ اسْتِعْظَامًا لَهَا، كَارِهًا لِذِكْرِهَا، فَأَنَا أُقَدِّمُ إِلَيْهِ رِجْلًا وَأُؤَخِّرُ أُخْرَى، فَمَنِ الَّذِي يَسْهُلُ عَلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ نَعْيَ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ؟ وَمَنِ الَّذِي يَهُونُ عَلَيْهِ
ذِكْرُ ذَلِكَ؟ فَيَا لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدْنِي، وَيَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ حُدُوثِهَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا، إِلَّا أَنَّنِي حَثَّنِي جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَصْدِقَاءِ عَلَى تَسْطِيرِهَا وَأَنَا مُتَوَقِّفٌ، ثُمَّ رَأَيْتُ أَنَّ تَرْكَ ذَلِكَ لَا يُجْدِي نَفْعًا، فَنَقُولُ: هَذَا الْفِعْلُ يَتَضَمَّنُ ذِكْرَ الْحَادِثَةِ الْعُظْمَى، وَالْمُصِيبَةِ الْكُبْرَى الَّتِي عَقَّتِ الْأَيَّامُ وَاللَّيَالِي عَنْ مِثْلِهَا، عَمَّتِ الْخَلَائِقَ، وَخَصَّتِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: إِنَّ الْعَالَمَ مُذْ خَلَقَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى آدَمَ، إِلَى الْآنِ، لَمْ يُبْتَلَوْا بِمِثْلِهَا، لَكَانَ صَادِقًا، فَإِنَّ التَّوَارِيخَ لَمْ تَتَضَمَّنْ مَا يُقَارِبُهَا وَلَا مَا يُدَانِيهَا.
وَمِنْ أَعْظَمِ مَا يَذْكُرُونَ مِنَ الْحَوَادِثِ مَا فَعَلَهُ بُخْتُ نَصَّرَ بِبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْقَتْلِ، وَتَخْرِيبِ الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ، وَمَا الْبَيْتُ الْمُقَدَّسُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا خَرَّبَ هَؤُلَاءِ الْمَلَاعِنُ مِنَ الْبِلَادِ، الَّتِي كَلُّ مَدِينَةٍ مِنْهَا أَضْعَافُ الْبَيْتِ الْمُقَدَّسِ، وَمَا بَنُو إِسْرَائِيلَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ قَتَلُوا، فَإِنَّ أَهْلَ مَدِينَةٍ وَاحِدَةٍ مِمَّنْ قُتِلُوا أَكْثَرُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَلَعَلَّ الْخَلْقَ لَا يَرَوْنَ مِثْلَ هَذِهِ الْحَادِثَةِ إِلَى أَنْ يَنْقَرِضَ الْعَالَمُ، وَتَفْنَى الدُّنْيَا، إِلَّا يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ.
وَأَمَّا الدَّجَّالُ فَإِنَّهُ يُبْقِي عَلَى مَنِ اتَّبَعَهُ، وَيُهْلِكُ مَنْ خَالَفَهُ، وَهَؤُلَاءِ لَمْ يُبْقُوا عَلَى أَحَدٍ، بَلْ قَتَلُوا النِّسَاءَ وَالرِّجَالَ وَالْأَطْفَالَ، وَشَقُّوا بُطُونَ الْحَوَامِلِ، وَقَتَلُوا الْأَجِنَّةَ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ.
------------------------------------------
- الكامل في التاريخ – أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) (10/ 333)

هي الدنيا

هي الدنيا
قال الأصمعي: وجد في دار سليمان بن داود، عليه السلام، على قبته مكتوباً:
ومن يحمد الدنيا لشيء يســـــــــره ... فسوف لعمري عن قريب يلومها
إذا أدبرت كانت على المرء حسرةً ... وإن أقبلت كانـــت كثيراً همومها
- المحاسن والأضداد (ص: 164)

الخميس، 26 نوفمبر 2015

السعادة وكلمات

السعادة وكلمات
كلنا يبحث عن السعادة ، وحتى على إطلاق معناها
نطلبها دون ملل
نسخر لها كل ما أوتينا من طاقة ، ملكنا الخالق إياها
وربما كانت اللذة بعض عناوينها
إلا أنها لا تدوم ، فدوامها يفقدنا الإحساس بها بل يدفعنا للملل بها ومنها
فمن أدمن شيئاً من ملاذ الدنيا، لا بد أن يفقد لذته
فألذ الطعام وأطيبه ما كان على جوع شديدٍ
وألذ النوم وأهنأه ما كان بعقب التعب والسهر.
والاحتلام أطيب من الغشيان
وتمنّيك للشيء أوفر حظا في اللّذة من قدرتك عليه
وعند نضع الأمور في مواضعها يطُلْ سرورنا بها
---------------------------------
- التاج في أخلاق الملوك – الجاحظ (ص: 150)
- الحيوان للجاحظ (5/ 106)
- الرسائل للجاحظ (1/ 276)
-----------------------------------
- الِغِشْيَانِ الشيءٍ الغالبُ " والغِشْيَانُ: مصدر غشي الشيء غِشْيَانًا

شهوة المعصية

شهوة المعصية
ووجهة نظر عمر بن الخطاب رضي الله عنه
ذكر الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ قَالَ: كُتب إِلَى عُمَرَ  يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، رَجُلٌ لَا يَشْتَهِي الْمَعْصِيَةَ وَلَا يَعْمَلُ بِهَا، أَفْضَلُ، أَمْ رَجُلٌ يَشْتَهِي الْمَعْصِيَةَ وَلَا يَعْمَلُ بِهَا؟ فَكَتَبَ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَهُونَ الْمَعْصِيَةَ وَلَا يَعْمَلُونَ بِهَا {أُولَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ} (9) .
- الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي كِتَابِ الزُّهْدِ

الأحد، 15 نوفمبر 2015

عمر بن الخطاب ، وجرأة صبي

عمر بن الخطاب ، وجرأة صبي
مرّ عمر بن الخطّاب بالصبيان وفيهم عبد الله بن الزبير، ففرّوا ووقف
فقال له عمر: ما لك لم تفرّ مع أصحابك؟
فقال: يا أمير المؤمنين، لم أجرم فأخافك، ولم يكن بالطريق ضيق فأوسع لك.
عيون الأخبار (2/ 215)

وَاللَّهِ لَا لَقِيتُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَقَدِ اسْتَعْمَلْتُ مَا حَرَّمَهُ عَلَيَّ

وَاللَّهِ لَا لَقِيتُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَقَدِ اسْتَعْمَلْتُ مَا حَرَّمَهُ عَلَيَّ
سَنَةُ سَبْعٍ وَسَبْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، وفِي رَجَبَ، تُوُفِّيَ الْمَلِكُ الصَّالِحُ إِسْمَاعِيلُ بْنُ نُورِ الدِّينِ مَحْمُودٍ صَاحِبُ حَلَبَ بِهَا، وَعُمْرُهُ نَحْوُ تِسْعَ عَشْرَةَ سَنَةً، وَلَمَّا اشْتَدَّ مَرَضُهُ وَصَفَ لَهُ الْأَطِبَّاءُ شُرْبَ الْخَمْرِ لِلتَّدَاوِي، فَقَالَ: لَا أَفْعَلُ حَتَّى أَسْتَفْتِيَ الْفُقَهَاءَ، فَاسْتَفْتَى، فَأَفْتَاهُ فَقِيهٌ مِنْ مُدَرِّسِي الْحَنَفِيَّةِ بِجَوَازِ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: أَرَأَيْتَ إِنْ قَدَّرَ اللَّهُ تَعَالَى بِقُرْبِ الْأَجَلِ أَيُؤَخِّرُهُ شُرْبُ الْخَمْرِ؟ فَقَالَ لَهُ الْفَقِيهُ: لَا! فَقَالَ: وَاللَّهِ لَا لَقِيتُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَقَدِ اسْتَعْمَلْتُ مَا حَرَّمَهُ عَلَيَّ، وَلَمْ يَشْرَبْهَا.
الكامل في التاريخ (9/ 454)

السبت، 14 نوفمبر 2015

التكرار ممل

التكرار ممل أحيانا
تكلم ابن السّمّاك يوما وجارية له تسمع كلامه، فلما دخل إليها
قال: كيف رأيت كلامي؟ قالت: ما أحسنه لولا أنّك تكثر ترداده!
قال: أردّده حتّى يفهمه من لم يفهمه
قالت: إلى أن يفهمه من لم يفهمه قد ملّه من فهمه!
عيون الأخبار (2/ 194)

واسقط بأيدي قريش

وأُسْقِط في أيديهم
روي محمد بن عبّاد المخزوميّ أنّ قريشا قالت: قيّضوا (هيئوا) لأبي بكر رجلا يأخذه ، فقيّضوا له طلحة بن عبيد الله؛ فأتاه وهو في القوم
فقال: يا أبا بكر، قم إليّ
قال: إلام تدعوني؟ قال: أدعوك إلى عبادة اللّات والعزّى ؟
قال أبو بكر: من اللّات والعزّى ؟ قال بنات الله، قال: فمن أمّهم؟
فسكت طلحة وقال لأصحابه: أجيبوا صاحبكم، فسكتوا
فقال طلحة: قم يا أبا بكر، فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أنّ محمدا رسول الله
فأخذ أبو بكر بيده فأتى به النبيّ صلى الله عليه وسلم فأسلم.
-------------------------------------------
- عيون الأخبار (2/ 216)
- نثر الدر في المحاضرات (2/ 9)

الخميس، 12 نوفمبر 2015

الصديق

ترى هل انت معي في ما أراده النابغة
النابِغَة الذُبياني : ? - 18 ق. هـ / ? - 605 م
زياد بن معاوية بن ضباب الذبياني الغطفاني المضري ، أبو أمامة.
شاعر جاهلي من الطبقة الأولى، من أهل الحجاز، كانت تضرب له قبة من جلد أحمر بسوق عكاظ فتقصده الشعراء فتعرض عليه أشعارها. وكان الأعشى وحسان والخنساء ممن يعرض شعره على النابغة.
شعره كثير وكان أحسن شعراء العرب ديباجة، لا تكلف في شعره ولا حشو. عاش عمراً طويلاً.
---------------------------------------------------------------
والقتب هو الرحل الذي يعضّ غارب البعير والغارب من البعير أسفل من السنام، وهو ما انحدر من السنام إلى العنق
وهذا التشبيه من مجاز الاستعمال

الأربعاء، 11 نوفمبر 2015

بين الصمت والكلام

بين الصمت و الكلام
للسان آفات ومن آفاته إطلاقه كيف شاء وكثيراً ما يمدح الصمت ويذم الكلام خشية الزلة
وللعلم كل آلة تحتاج للدربة واللسان آلة ، ولا بد لها من ذلك
وقد قيل إن اللسان إذا أكثرت تقليبه رق ولان ، وإذا أقللت تقليبه وأطلت إسكاته جسأ وغلظ.
وكان أعرابي يجالس الشعبي فيطيل الصمت، فسئل عن طول صمته فقال: «أسمع فأعلم، وأسكت فأسلم»
وإنما حثوا على الصمت لأن العامة إلى معرفة خطأ ، فالكلام أفضل من الصمت لأسباب عديدة. منها إنك تصف الصمت بالكلام ، ولا تصف الكلام بالصمت.
كما إن الكلام ضروري للإبانة عن النفس والتعبير عن الحاجات الكثيرة التي تكثر لدى الانسان. ومنها إن الكلام هو الميزة التي يمتاز بها الانسان عن الحيوان والجماد.
واذا كان الصمت يحمد في حالة واحدة وهي توقي الإثم وتوخي النجاة، فانه يلزم صاحبه صفة الجهل والغباء.
والكلام الذي تفوه به سيدنا إبراهيم لدى تحطيمه الاوثان هو الذي نجاه. وكذلك فالكلام الذي تفوه به سيدنا يوسف لدى عزيز مصر هو الذي لفت الى ذكائه وفطنته فقربه منه واكرمه.
ثم ان الكلام هو الذي برهن على شرائع الانبياء وشرحها وقربها من افهام الناس، وهو الصيغة التي يعبر بها المؤمن بشهادة الايمان. وعلى الكلام البليغ قامت معجزة القرآن. وكان النبي محمد صلى الله عليه وسلم افصح العرب وابلغهم بيانا. رغم اتصاف العرب بالبيان ولا سيما قريش قبيلة الرسول عليه الصلاة والسلام .
ومما قيل : في الصمت والكلام
إذا أعجبك الكلام فاصمت وإذا أعجبك الصمت فتكلم.
وكائن ترى من صامتٍ لك معجب ... زيادته أو نقصه فــــــــــــــي التكلمِ
خير الكلام ما لم يحتاج بعده إلى الكلام
واتهم إياس بن معاوية بكثرة الكلام ، فقال : فبصواب أتكلم أم بخطأ قالوا بصواب قال فالإكثار من الصواب أمثل
----------------------------------------
- الأمثال لابن سلام (ص: 55)
- البيان والتبيين (1/ 170)
- الرسائل الأدبية (ص: 56)
- عيون الأخبار (1/ 75)

الثلاثاء، 10 نوفمبر 2015

وجه من وجوه الفطنة لنبي الله يوسف عليه السلام

وجه من وجوه الفطنة لنبي الله يوسف عليه السلام
قال الله تعالى : قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ ۚ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ ﴿٥٩﴾ سورة يوسف
وفي ذلك سؤال يتبادر للذهن عن سر طلب سيدنا يوسف من أخوته القدوم برفقة أخاه بنيامين
أوقول لما أراد الله تعالى أن يبلغ بيوسف فيما أراد من الابتلاء في محالة قتله ومن بيعه إلى أن وصل إلى ذوآبة الرياسة في قصة استوعبت زمان زاد عن ثلاثة عقود ، يتبين للناظر والله أعلم ، أدب الأنبياء في تعاملهم مع الابتلاء فلو رفع يديه سيدنا يعقوب للسماء لأجيب بحال يوسف وواقعه ، وكذلك حال سيدنا يوسف فقد علم أنه مبتلى وأدرك أن للابتلاء مدة لا بد أن تنقضي حتى يأذن الله بالفرج ، فلم يستعجل الاثنان وأقرا بالتسليم للقضاء الله وقدره 0
ولقد أدرك سيدنا يوسف أن بوادر الفرج بدأت تلوح ، مع خروجه من السجن ومن ثم تبوؤه منصب عزيز مصر
وكان القحط الذي حل بمصر وبلاد الشام سبباً آخر من أسباب الفرج ، ووصول أخوته إلى مصر سائلين القوت ( الحنطة ) وكان عليه السلام يقرؤ بفطنته أنهم لا بد قادمون فأمر من يتفقد من جاء من فلسطين وأن يخبر بكل القادمين منها حتى شاء الله :وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ﴿٥٨﴾ سورة يوسف
وهنا يتبدى مرة ذكاء سيدنا يوسف وقد استغل عدم معرفة أخوته له ، وربما يعلل ذلك نتيجة للبعد الزمني أو للهيئة والزي الذي قابلهم بها ، وهم أيضاً علموا أنهم أمام ملك كافر يعبد الأوثان، ولم يظنوا أنه أخوهم، ولم يتأملوا منه ما يزول به عنهم الشك فيه والجهل بأمره.
ومن خلال محاورته لهم وقد أوهمهم بالشك بهم وأنهم جواسيس لعدو جئتم لتأخذوا خير بلادي ، فقالوا: إنا ببلاد لا يعرفنا أحد وقد عرّفنا أنسابنا فبأي شيء تسكن نفسك إلينا؟ ويوسف يسألهم : من أين أنتم؟ قَالُوا: من وادي كنعان، قَالَ: ومن أنتم؟ قَالُوا: بنو يعقوب النَّبِي ابْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيمَ الخليل، فَقَالَ: حياكم اللَّه يا ولد يعقوب، ألكم حاجة؟ قالوا أصاب الناس الجوعُ، حتى أصاب بلادَ يعقوب التي هو بها، فبعثنا أبانا إلى مصر، وأمسك أخانا بنيامين ( يريدون بذلك أن يزيدهم ميرة واحد آخر ، فأقروا بأن لهم أخ آخر استبقاه والدهم
ثم قال سيدنا يوسف: كَيْفَ رأيتم سيرتي وحسن ضيفي؟ قَالُوا: جزاك اللَّه خيرا، فَقَالَ: إِن لي إليكم حاجة، قَالُوا: وَمَا حاجتك؟ قَالَ: تخبروني كم ولد يعقوب؟
قَالُوا: اثنا عشر، قَالَ: فَمَا أرى إلا عشرة، قَالُوا: أما أحدهما وَكَانَ يقال لَهُ يُوسُف وَكَانَ أجملنا فأكله الذئب، قَالَ: فالآخر، قالوا هو عند أبينا لأنه أخو الذي هلك لأمه فأبونا يتسلى به قال فمن يعلم أن الذي تقولون حق قالوا أيها الملك إننا ببلاد غربة لا يعرفنا فيها أحد
وهنا استغل سيدنا يوسف الموقف فقال فأتوني بأخيكم الذي من أبيكم إن كنتم صادقين فأنا راض بذلك منكم قالوا : إن أبانا يحزن لفراقه وسنراوده عنه قال فدعوا بعضكم عندي رهينة حتى تأتوني به فاقترعوا فيما بينهم فأصابت القرعة شمعون وكان أحسنهم رأيا في يوسف فخلفوه عنده
وكانت بذلك إشارة لسيدنا يعقوب ويوسف بقرب اللقاء لذا قال الله على لسان سيدنا يعقوب : يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴿٨٧﴾
-------------------------------------------------------
- التفسير البسيط – الواحدي (12/ 160)
- فتح البيان في مقاصد القرآن (6/ 358)
- تاريخ الطبري (1/ 349)
- البداية والنهاية (1/ 211)
- المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (1/ 316)
- تفسير القرطبي (9/ 220)
- تفسير الخازن - لباب التأويل في معاني التنزيل (2/ 538)

القتل بغير الحق صفة الجبابرة

الْقَتْلُ بِغَيْرِ حَقٍّ صفة الْجَبَابِرَةِ
وهي ظاهرة تفشت في عصرنا وربما شاعت على مساحة الأرض
وأعجب ما يقال فيها وعنها ، المبررات الدافعة لها
حروب عالمية وأخرى عنصرية وثالثة طائفية
والإرهاب المجهول التعريف أضحى مبرراً دافعا للقتل وبالجملة
والغريب أن التعريف الأشهر للإرهاب هو أن تكون مخالفا لمن اتصف بالقوة
أن تقبل بالظلم أو أن تسير في ركب القوي كعبد يرى حريته في عبوديته ، فهو ظاهراً في مأمن
وكل ما سوى ذلك ينضوي تحت دائرة الإرهاب ، وعلى العالم كله سحقه
ولا غرابة في اختلاف التعريفات وفهم المصطلحات ، فأفلاطون عرَّف العدالة بانقسام المجتمع إلى طبقات أربع في قمتها الفلاسفة ومن ثم النبلاء ثم التجار وأخيراً العبيد وهذا هو مجتمع المدينة الفاضلة عنده
وفي معتقدات الهندوس أن العبيد ليسوا من خلق براهما ، بل خلقهم الإله فيشنو من أظافر قدميه ، ولهذا فإن مرّ ظل العبد على رجل من البراهما حق له قتله كي يتطهر من الدنس الذي لحق به
ولا يسمح في تلك المجتمعات ، بتجاوز تلك القيم الاجتماعية الوضعية التي تبرر في كل صورها القتل
والدراس لتاريخ الإسلام والحروب التي قامت بين المسلمين وأعداء لا إله إلا الله ، يجد قضية في غاية الغرابة فلقد أقر الدارسون أن تلك الحروب التي شملت مساحة العالم المعروف وقتها ، وعبر ثلاثة قرون لم يزد عن مائتي ألف من الطرفين ، حيث لم يكن القتل لدى المسلمين هدفا في تلك الحروب بل السلم والسلام كان هدفا فالقاعدة : (َا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) سورة البقرة﴿٢٠٨﴾
فالناس كلهم خلق الله وقد كرمهم خالقهم ( ولقد كرمنا بني آدم ) ، وحرم دماء إلا بحق ، ومن قصص الأنبياء نستشف بعض هذا التكريم فسيدنا داود أراد بناء بيت المقدس فكان كلما وصل لتمام البناء يقع ، ولما تكرر ذلك خشي من ذنب فعله ساقه لتلك الحالة ، فتوجه لربه يسأله ، ليأتيه الرد من رب العزة جلّ جلاله : يا داود إِنَّ هَذَا بَيْتٌ مُقَدَّسٌ وَإِنَّكَ قَدْ صَبَغْتَ يَدَكَ فِي الدِّمَاءِ فَلَسْتَ بِبَانِيهِ، وَلَكِنَّ ابْنَكَ سُلَيْمَانَ يَبْنِيهِ لِسَلَامَتِهِ مِنَ الدِّمَاءِ. فَلَمَّا مَلَكَ سُلَيْمَانُ بَنَاهُ.
واليوم أصبح الدم يهراق بدعاوي بعيدة عن من أكرم النفس البشرية وصانها ، وغُلف القتل بحجج تغضب الله تعالى ، لا بل أصبح القتل هدفا وغاية وسبيلا للتقرب لله والعياذ بالله
وأخرج الإمام الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ صُهَيْبٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ سَأَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ قَتْلِهِ» مسند الإمام الشافعي - (3/ 294)

الاثنين، 9 نوفمبر 2015

الرياء

الرياء
قل ما شئت عنه فصاحبه مكشوف يوما
وحقيقة الرياء طلب المنزلة في قلوب الخلق
ومن غامض الرياء أن ترى بأنك لا ترائي
وَفِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّ مُوسَى، عَلَيْهِ السَّلَامُ، قَالَ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ: مَا لَكُمْ تَأْتُونِي عَلَيْكُمْ ثِيَابُ الرُّهْبَانِ، وَقُلُوبُكُمْ قُلُوبُ الذِّئَابِ، الْبَسُوا ثِيَابَ الْمُلُوكِ، وَأَلِينُوا قُلُوبَكُمْ بِالْخَشْيَةِ.
وعَنْ أَنَسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "حَسْبُ امرئ من الشَّرِّ - إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ - أَنْ يُشِيرَ النَّاسُ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَإِنَّ اللَّهَ لَا يَنْظُرُ إِلَى صُوَرِكُمْ وَلَكِنْ إِلَى قُلُوبِكُمْ وَأَعْمَالِكُمْ"
-----------------------------------------
- تفسير ابن كثير (6/ 342)
- الجامع لابن وهب (ص: 600)
- مفيد العلوم ومبيد الهموم (ص: 240)
- الرسائل الأدبية (ص: 379)

الأحد، 8 نوفمبر 2015

للخلاف حد لا ينبغي أن يتجاوزه ليتحول لاخنلاف

للخلاف حد لا ينبغي أن يتجاوزه ليتحول لاختلاف
والخلاف سنة كونية من سنن الله تعالى قال الله تعالى ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) ﴿١١٨﴾ سورة هود
بل إن الخلاف وربما كان في حالات كثيرة سببا كشف اللبس عن قضايا حياتية غامضة
إلا أنه ليس من شأن الخلاف أن لا يقف عند حد
وربما كان الموت نهاية يتوقف عندها
ففي سَنَةُ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ ، تُوُفِّيَ أَبُو الْفُتُوحِ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ الْوَاعِظُ ، مِنْ أَهْلِ إِسْفَرَايِينَ مِنْ خُرَاسَانَ، وكان أحد وعاظ بغداد ، وَكَانَ إِمَامًا فَاضِلًا صَالِحًا، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلِيٍّ الْغَزْنَوِيِّ تَحَاسُدٌ، فَلَمَّا مَاتَ حَضَرَ الْغَزْنَوِيُّ عَزَاءَهُ بِبَغْدَادَ، وَبَكَى وَأَكْثَرَ، فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي الْفُتُوحِ الْغَزْنَوِيِّ كَلَامًا أَغْلَظَ لَهُ فِيهِ، فَلَمَّا قَامَ الْغَزْنَوِيُّ لَامَهُ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ عَلَى حُضُورِ الْعَزَاءِ وَكَثْرَةِ الْبُكَاءِ، وَقَالَ لَهُ: كُنْتَ مُهَاجِرًا لِهَذَا الرَّجُلِ، فَلَمَّا مَاتَ حَضَرْتَ عَزَاءَهُ، وَأَكْثَرْتَ الْبُكَاءَ وَأَظْهَرْتَ الْحُزْنَ؟ قَالَ: كُنْتُ أَبْكِي عَلَى نَفْسِي، كَانَ يُقَالُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ، فَمَنْ يُعْدَمُ النَّظِيرَ أَيْقَنَ بِالرَّحِيلِ، وَأَنْشَدَ هَذِهِ الْأَبْيَاتِ:
ذَهَبَ الْمُبَرِّدُ وَانْقَضَتْ أَيَّامُهُ ... وَسَيَنْقَضِي بَعْدَ الْمُبَرِّدِ ثَعْلَبُ
بَيْتٌ مِنَ الْآدَابِ أَصْبَحَ نِصْفُهُ ... خَرِبًا وَبَاقٍ نِصْفُهُ فَسَيَخْرَبُ
فَتَزَوَّدُوا مِنْ ثَعْلَبٍ فَبِمِثْلِ مَا ... شَرِبَ الْمُبَرِّدُ عَنْ قَلِيلٍ يَشْرَبُ
أُوصِيكُمُ أَنْ تَكْتُبُوا أَنْفَاسَهُ ... إِنْ كَانَتِ الْأَنْفَاسُ مِمَّا يُكْتَبُ
الكامل في التاريخ - ابن الأثير(9/ 129)

الفتيا لها أهلها

الفتيا لها أهلها
وما أكثر المفتون في عصرنا
فلا علم ولا أهلية
فتاوى تعبد الجنة وتقرب من النار أعاذنا الله تعالى
ومن جميل ما قرأت لأَبِي الْفَتْحِ الدِّينَوَرِيِّ الْفَقِيهُ الْحَنْبَلِيُّ وكان أحد فقهاء بَغْدَادَ، هَذِهِ الْأَبْيَاتِ:
تَمَنَّيْتَ أَنْ تُمْسِيَ فَقِيهًا مُنَاظِرًا ... بِغَيْرِ عَيَاءٍ وَالْجُنُونُ فُنُونُ
وَلَيْسَ اكْتِسَابُ الْمَالِ دُونَ مَشَقَّةٍ ... تَلَقَّيْتَهَا فَالْعِلْمُ كَيْفَ يَكُونُ
مناقب الإمام أحمد (ص: 705)
الكامل في التاريخ (9/ 99)