السبت، 28 ديسمبر 2019

قد يقتل المرء لسانه ومن طرفة بن العبد نتعلم


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
قد يقتل المرء لسانه
ومن طرفة بن العبد نتعلم
إن أحسن الرجل منا القول قد ينال الثناء ، وإن أساء فكثيرا ما أورد المرء لسانه إلى التهلكة وَعَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنُؤَاخَذُ بِمَا نَقُولُ كُلِّهِ وَيُكْتَبُ عَلَيْنَا؟ قَالَ: «وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ عَلَى مَنَاخِرِهِمْ فِي جَهَنَّمَ إِلَّا حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟»
وممن قتله لسانه طرفة بن العبد وُلد في البحرين في بيت عريق الأصل ، فقد والده في سن مبكرة فنشأ يتيم الوالد ينفق بغير حساب فضيّق عليه أعمامه ورفضوا أن يعطوه حقه، وجاروا على أمّه، فظلموها حقها . وهو أحد فحول الشعراء وصاحب المعلقة التي يقول فيها
لِخَوْلَةَ أَطْلالٌ ببُرقَةِ ثَهْمَدِ ... تَلوحُ كباقي الوَشْمِ في ظاهر اليَدِ
نشأ شاعرنا حاد الذكاء فخوراً تياهاً بشعره، لم يراع حرمة لقريب أو كبير فقد سمع خاله المتلمس وهو من فحول الشعراء مرة يقول: وقد أتناسى الهم عند احتقاره ... بناجٍ، عليه الصيعرية، مكدم
فقال طرفة: ((إستنوق الجمل)) لأن الصيعرية سمة للنوق فضحك القوم وغضب خاله ثم قال: ويل لهذا الفتى من لسانه.
وقد صحت مقولة المتلمس فيه فقد جنى عليه لسانه وأودى به إلى القتل. وقد تضاربت الروايات حول قصة مقتله إلا أن أكثرهم يؤكد حقيقة دامغة وهي أن أخته كانت عند عبد عمرو بن بشر وكان من سادات قومه فجار على أخت الشاعر وظلمها فشكته إليه فهجاه طرفة بقصيدة يقول فيها:
ولا خير فيه غير أن له غنىً ... وإن له كشحاً إذا قامَ أهضما
وكان من أفحش الهجاء عند العرب أن تصف رجلاً بوصف النساء فكيف بصهره صاحب الخصر النحيل الذي يشبه خصور النساء؟ واتفق بعدها أن عمرو بن هند خرج يوماً للصيد فأمعن في الطلب، فانقطع في نفرٍ من أصحابه حتى أصاب طريدته فنزل وقال لأصحابه اجمعوا حطباً، وفيهم عبد عمرو بن بشر صهر طرفة. فقال لهم عمرو: أوقدوا فأوقدوا وشووا. فبينما عمرو يأكل من شوائه وعبد عمرو بن بشر يقدم إليه إذ نظر إلى خصر قميصه منخرقاً فأبصر كشحه، وكان من أحسن أهل زمانه جسماً فقال له عمرو بن هنج: يا عبد عمرو لقد أبصر طرفة كشحك حيث يقول:
ولا خير فيه غير أن له غنىً ... وإن له كشحاً إذا قامَ أهضما
فغضب عبد عمرو وقال: لقد قال في الملك أقبح من هذا, فقال عمرو بن هند: وما الذي قال؟ فندم عبد عمرو على الذي سبق منه وأبى أن يسمعه ما قال. فقال اسمعنيه وطرفة أمين. فأسمعه القصيدة التي يقول فيها طرفة:
فليت لنا مكان الملك عمرو ... رغوثاً، حول قبتنا تخورُ
لعمرك إن قابوس بن هندٍ ... ليخلط ملكه نوك كثيرُ
فسكت عمرو على ما وقر في نفسه وكره أن يُعجل على طرفة لمكان قومه، فلما طالت المدة ظن طرفة أنه قد رضي عنه وكان المتلمس قد هجا عمرو بن هند أيضاً. فقدما إليه فجعل يريهما المحبة ليأنسا به، فلما طال مقامهما عنده قال لهما: لعلكما اشتقتما إلى أهلكما. قالا: نعم. فكتب لهما إلى عامله بالبحرين وهجر واسمه ربيعة بن الحارث العبدي. ولقبه المعكبر فلما هبطا النجف وقيل أرضاً قريبة من الحيرة، إذ هما بشيخ معه كسرة يأكلها وهو يتبرز ويقتل القمل. فقال له المتلمس: بالله ما رأيت شيخاً أحمق منك ولا أقل عقلاً. فقال له الشيخ: وما الذي أنكرت علي؟ فقال: تتبرز وتأكل وتقتل القمل! قال: إني أُخرج خبيثاً وأدخل طيباً وأقتل عدواً. ولكن أحمق مني من يجعل حتفه بيمينه وهو لا يدري، فتنبه المتلمس فإذا هو بغلام من أهل الحيرة فقال له: يا غلام أتقرأ؟ قال: نعم. ففتح كتابه ودفعه إليه فلما نظر إليه قال: ثكلت المتلمس أمه. وإذا في الكتاب: إذا أتاك المتلمس فاقطع يديه ورجليه وادفنه حياً. فرمى المتلمس صحيفته في نهر يقال له كافر ثم تبع طرفة ليدركه وقال له: تعلم أن ما كتب فيك إلا بمثل ما كتب فيّ. فقال طرفة: إن كان قد اجترأ عليك فما كان ليجترئ علي. فهرب المتلمس إلى الشام وانطلق طرفة إلى العامل المذكور، حتى قدم عليه بالبحرين وهو بهجر ، فدفع إليه كتاب عمرو بن هند فقرأه فقال: تعلم ما فيه؟ قال: نعم أُمرتَ أن تجيزني وتُحسن إلي. فقال له العامل: إن بيني وبينك خؤولة أنا لها راع. فاهرب من ليلتك هذه فإني قد أمرت بقتلك فاخرج قبل أن تصبح ويعلم بك الناس. فقال له طرفة: اشتدت عليك جائزتي وأحببت أن أهرب وأجعل لعمرو بن هند عليّ سبيلاً، كأني أذنبت ذنباً والله لا أفعل ذلك أبداً. فلما أصبح أمر بحبسه وجاءت بكر بن وائل فقرأ عليهم كتاب الملك. وأرسل إلى عمرو بن هند أن ابعث إلى عاملك فإني غير قاتل الرجل، فبعث إليه عمرو بن هند رجلاً من بني تغلب يقال له عبد هند واستعمله على البحرين وكان رجلاً شجاعاً وأمره بقتل طرفة فقتله، فقبره معروف بهجر
فقضى كرفة ولما يكمل العقد الثالث من عمره وقد رثته أخته الخرنق بأبيات تقول فيها:
عددنا له ستاً وعشرين حجةً ... فلما توفاها استوى سيداً ضخما
ترى فهل نحن ممن جررنا البلاء على أنفسنا بألستنا
ــــــــــــــــــ
خلق أفعال العباد للبخاري (ص: 73)
ديوان طرفة بن العبد (ص: 3)
شرح المعلقات السبع للزوزني (ص: 89)
===
(1) الرغوث: الناقة المرضعة.
(2) النوك: الحماقة.
(3) وقر: سمع.



مشغول بس فضيت تكرم


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
مشغول بس فضيت تكرم
وشتان بين من ينشغل بك ، وبين من ينشغل عنك
في أيام البلاء تتجلى المروءة ، وينكشف الغطاء عن من ادعى النبل وتزيا بالنخوة والرجولة
وتصك مسامعك : مانك شايفني مشغول ، ليس أمامك إلا أن تنتظرني
وتقول في نفسك وربما بصوت مرتفع وهل سيمهلني القدر حتى تنتهي من شغلك ؟!. قال عبيد الله بن سليمان لأبي العيناء: اعذرني فإني مشغول، قال: إذا فرغت لم أحتج إليك، وما اصنع بك فارغاً، وأنشد: الطويل
ولا تعتذر بالشغل عنا فإنما ... تناط بك الآمال ما اتصل الشغل
هذا إن كان المسؤول لا يتصف باللؤم ، أما إن كان اللؤم من صفاته ، فالسائل هنا في بلاء فوق بلائه
لا تطلبنّ إلى لئيم حاجة ... واقعد فإنك قائما كالقاعد
وفي المقابل تجد من كانت حياته المروءة وإن كانوا قلة
 وفتىً خَلاَ من مالِهِ ... ومن المروءة غير خالِ
أعطاك قبلَ سُؤالِهِ ... وكفَاكَ مَكروهَ السُؤالِ
ولصاحب الحاجة أن لا يكلف من يسأله فوق طاقته ، فإن فعل خيب نفسه وخاب رجاءه
إنك إن كلفتنيِ ما لم أطِق ... ساءَكَ ما سرَّكَ مني من خُلق
ويا رب لا تجعل حوائجنا إلا إليك ، واكشف البلاء عنا يا كريم
يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا
ــــــــــــــــــــــــ
البصائر والذخائر – أبي حيان التوحيدي (5/ 133)
عيون الأخبار - الدينوري(3/ 152)
البرهان في وجوه البيان (ص: 223)



طول عمرو عنزة ، وكيف صار تيس الله أعلم


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
طول عمرو عنزة ، وكيف صار تيس الله أعلم ، وفي المثل العربي عنز استتيست.
ويتقلب الدهر ليرفع أقوام يهدم بهم سبل الخير ويخفض آخرين حق لهم أن يسودوا
وقد قيل : ما شيء أضر على النفس من معاشرة سخيفٍ، أو مخاطبة وضيعٍ؛ لأنه كما أن النفس تصلح على مخاطبة الشريف الأديب الحسيب، كذلك تفسد بمعاشرة الدنيء الخسيس حتى يقدح ذلك فيها، ويزيلها عن فضيلتها .
فكيف إن حسب الخسيس على أهل الرأي والمشورة
ورحم الله ابن حبناء حيث قال :
وأمّك حين تنسب أمّ صدق ... ولكنّ ابنها طبع سخيف
وقومك يعلمون إذا التقينا ... من المرجو منا والمخوف
ورحم الله الإمام الشافعي
مِحَنُ الزَمانِ كَثيرَةٌ لا تَنقَضي     ...  وَسُرورُهُ يَأتيكَ كالأَعيادِ
مَلَكَ الأَكابِرَ فَاِستَرَقَّ رِقابَهُم   ...    وَتَراهُ رِقّاً في يَدِ الأَوغادِ
ترى ماذا سيقول الشافعي عن زمننا لو كان معنا ؟
ـــــــــــ
التاج في أخلاق الملوك - الجاحظ(ص: 22)
الشعر والشعراء (1/ 394)
أمالي القالي (2/ 82)



حُسْن الظنّ بِاللَّه


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
حُسْن الظنّ بِاللَّه
قال الله تعالى : .. وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴿٣٦﴾ سورة الزمر
أشكال البلاء في حياة المرء تتلون ولعلها من سنن الكون ، بعضها امتحان والآخر منها دفعة من العذاب ، وللناس في البلاء لهم أحوال فمنهم يركب سُلم اليأس ليعزز ذلك إبليس بحبائله ، وآخرون امتلكوا ناصية الثقة بالله ، وأن الله من بيده كشف الضر عن عباده 0
وَزِير لملك نَفَاهُ الْملك لموجدة وجدهَا عَلَيْهِ فَاغْتَمَّ لذَلِك غمًا شَدِيدا فَبَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ لَيْلَة فِي بَيت لَهُ إِذْ أنْشدهُ رَجُل كَانَ مَعَه:
أَحْسِنِ الظَّنَّ بربٍّ عَوَّدّكْ ... حَسَنًا بالْأَمْس وسَوّى أَوَدَكْ
إِنَّ ربّا كَانَ يَكْفِيك الَّذِي ... كَانَ بالْأَمْس سيكفيك غَدَك
قيل أن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله جمعه السجن برجل أُودع السجن لعلة شرب الخمر ، ويلاحظ الرجل علامة التعب على وجه الإمام لشدة ما نال من الضرب ، فخشي عليه أن يستكين ويتراجع عن الموقف الذي سجن بسببه . فقال له يا إمام لقد أودعتُ السجن بسبب الخمر وأنا صابر على فعل يغضب الله . أفلا تصبر أنت على ما يرضي الله . فنسي الإمام أحمد رحمه الله ألم العذاب بمقولة الرجل .
واليأس قاتل لكل مقومات القوة عند المرء . وقد قيل من جعل نفسه من حسن الظن بإخوانه نصيبا أراح قلبه. يعني إنَّ الرجل إذا رأى من أخيه إعراضا أو تغيرا فحمله منه على وجه جميل، وطلب له المخارج والعذر خفف ذلك عن قلبه، وقل منه غيظه واغتمامه.
وفي المثل العربي : اكذب نَفسك إِذا حدثتها . ويُقَال ذَلِك للرجل يهتم للأمر الجسيم فتخوفه نَفسه الخيبة فِيهِ والسقوط دون غَايَته فَيُقَال أكذبها عِنْد ذَلِك وحدثها بالظفر لتعينك على مَا تبغيه مِنْهُ فَإِن الهائب لَا يلقى جسيماً وَأكْثر الْخَوْف باطله .
ونحن نحدث أنفسنا بكشف البلاء عنا ونستبعد بقاء ظله بحسن الظن بالله
تخوفني صروف الدَّهْر سلمى ... وَكم من خَائِف مَا لَا يكون
وقيل أيضا :
وكل هول على مِقْدَار هيبته ... وكل صَعب إِذا هونته هانا
ـــــــــــــ
الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي - النهرواني (ص: 32)
الأمثال لابن سلام (ص: 184)
جمهرة الأمثال – ابن مهران (1/ 51)




الوجه الأخر وحقد لبعض الزعماء تجاه المرأة


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
الوجه الأخر  وحقد لبعض الزعماء تجاه المرأة
هتلر - غاندي - نيلسون ماندلا
هتلر كان يفتتن بالمرأة الجميلة، بحسب مجلة تايم الأميركية التي نقلت شهادة كارل كراوس خادم هتلر لمدة 5 سنوات بدءا من عام 1934، الذي قام بتدوين علاقاته بالنساء في الكتاب الذي شارك في كتابته "العيش مع هتلر". ولم يتزوج هتلر، وحافظ على صورة الرجل الأعزب الذي يبدو كأنه لا يحب النساء، إذ كان مبدأه "النساء أكثر ميلا للانجذاب للرجل الأعزب". وعاش هتلر مع إيفا براون التي ظلت عشيقته السرية لأكثر من 13 عاما مسحورة به، لكنها كانت له مجرد "دمية" وتابعة مخلصة، وقد أنهت حياتها معه في ملجأ تحت مستشارية الرايخ في برلين عام 1945، وكان الدكتاتور قد تزوج منها. طبقا لـ"دويتشه فيلله".   كما استخدم هتلر النساء لإنقاذ حياته يوميا، فقد كان الزعيم النازي يشعر بأنه مستهدف طوال الوقت، لذا استخدم 15 سيدة لتذوق وجباته اليومية لضمان أنها غير مسممة، بحسب ما ورد في كتاب "الذواقة" للكاتبة الإيطالية روزيلا بوستورينو.
كثيرون في أنحاء العالم يحترون غاندي رائد المقاومة السياسية في الهند لكن غاندي، مع ذلك، كان يحمل وجها آخر كريها، كان يحتقر المرأة ويبغضها، ويعتقد أن الحيض مظهرا من مظاهر تشوه روحها، ودان النساء الهنديات اللائي تعرضن للاغتصاب معتقدا أنهن فقدن قيمتهن كبشر، مبررا للآباء قتل البنات اللائي تعرضن للاعتداء الجنسي من أجل شرف الأسرة والمجتمع، وكان ينظر إلى المرأة التي تستخدم موانع الحمل كعاهرة، بحسب ما جاء في صحيفة الغارديان.  وبعد ذلك بسنوات وخلال الصراع بين المسلمين والهندوس في ولاية البنغال، أجرى غاندي تجربة مثيرة للجدل، إذ طلب من مانو غاندي حفيدة أحد أقاربه ومن أقرب مساعديه النوم معه في الفراش. وواجه غاندي معارضة كبيرة من مساعديه الذين اعتبروا أن هذه التجربة ستدمر سمعته وطالبوه بالتخلي عنها. وقد استقال أحدهم احتجاجا عليها.
أما نيلسون مانديلا فعلى العكس من غاندي، فقد وضع مانديلا المرأة على قائمة أولوياته، مدافعا عنها، وكما أورد مقال منشور على موقع "غلوبال سيتيزين"، أنه بعد توليه الرئاسة أصدر قوانين تحمي وتفتح الفرص أمام النساء لتحقيق المساواة بين الجنسين، وارتفع عدد النساء في حكومته بنسبة 27% بعد أن كن يشغلن 2.7% فقط من المناصب قبل توليه الحكم. كما أنه أعلن 9 أغسطس/آب من كل عام يوما للاحتفال بالنساء اللائي حاربن نظام الفصل العنصري، وفي كلمة للاحتفال بيوم المرأة قال "طالما أن طرق التفكير التي عفى عليها الزمن تمنع النساء من تقديم مساهمة ذات مغزى في المجتمع، فسيكون التقدم بطيئا". لكنه رغم ذلك، كان يترك جرحا عميقا في نفوس زوجاته اللائي وقفن بجواره وساندنه في مراحل مختلفة من حياته، كان يخون زوجاته واحدة بعد الأخرى وكان الطلاق يحدث وأحد أسبابه الخيانة. 
تحفظت زوجاته، كما جاء في تقرير منشور على موقع بي بي سي، على وصفه بالقديس، واتفقن على أنه لم يكن ملاكا، قالت عنه زوجته الأولى إيفيلين مايس "كيف يمكن للرجل الذي ارتكب الزنا وترك زوجته وأولاده أن يوصف قديسا؟ العالم يعبد نيلسون أكثر من اللازم. إنه مجرد رجل"، وقالت زوجته الأخيرة غراسا ماشيل "إنه صبور للغاية وعنيد للغاية، إنه رمز سياسي لكنه ليس قديسا". 
المصدر : مواقع إلكترونية

الكلب وظل رغيف


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
الكلب وظل رغيف
وكم شُغُلنا عن الحقيقة بوهم ، فلا ظفرنا بما توهمنا ، ولا للحقيقة كان طريقنا
كلب كان من الجوع بمكان ، رأى رغيفا متدل على غص شجر وقريب من ضفة النهر ، فاتجه يسبح للضفة الأخرى ،ونباحه علا نباح أقرانه فاتجه يسبح للوصول إليه وقبيل الوصول لفت نظره ظل ذلك الرغيف في الماء فترك الرغيف جهلا منه وطعماً ، وظن أنه رغيف ثاني فاتجه إليه في وقت زاد تدفق السيل وكبرت أمواج الماء فاضطر للعودة من حيث أتى طالباً النجاة من الغرق . فلا حصّل على الرغيف ولا حتى على ظله .
وهو حال الكثيرين ممن تشغلهم توافه الأمور عما كان سعيهم إليه .
كمُهْرِيقِ ماءٍ بِالفلاةِ وغرَّهُ ... سرابٌ أثارتْهُ رِياحُ السَّمائِمِ
والمرء العاقل وبالذات المسلم لا يشغله عن الحق حال
قدم عبد الملك رجلاً ليضرب عنقه، فدخل ولد لعبد الملك، يبكي من تأديب المعلم له، فجعل عبد الملك يسكنه، فقال الرجل: دعه يبكي، فإنه أنفع لعينيه، وأفتح لذهنه، فقال عبد الملك: إنك لفي شغل عن ذلك، فقال الرجل: إن المسلم لا يشغله عن الحق شيء، فأمر بإطلاقه.
ـــــــــــ
سفط الملح وزوح الترح – ابن الدجاجي (ص: 70)
شرح نقائض جرير والفرزدق – ابن حبيب(2/ 548)


ألا تعلم من أنا


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
ألا تعلم من أنا
وبالمعراوي : أشو مانك عرفان مع مين عبتحكي
وهذا ( الأنا ) لن تدوم
ومن المهلب وأولاده ومن ابن ثوابة نتعلم
كثر من الناس اتصفوا بالكِبَرِ كابن ثوابة رئيس ديوان الرسائل في دولة بني العباس . أو كالمهلب بن أبي صفرة سيد قادة دولة بني أمية وحتى أبناؤه كانوا كذلك .
رَوَى الأَصْمِعِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: مَرَّ الْمُهَلَّبُ بْنُ أَبِي صُفْرَةَ عَلَى مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ وَهُوَ يَتَبَخْتَرُ فِي مَشْيَتِهِ، فَقَالَ مَالِكٌ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ هَذِهِ الْمِشْيَةَ تُكْرَهُ إِلا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ؟ فَقَالَ لَهُ الْمُهَلَّبُ: أَمَا تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: أَعْرِفُكَ؛ أَوَّلُكَ نُطْفَةٌ مَذِرَةٌ، وَآخِرُكَ جِيفَةٌ قَذِرَةٌ، وَأَنْتَ بَيْنَهُمَا تَحْمِلُ الْعُذْرَةَ. فَقَالَ الْمُهَلَّبُ: الآنَ عَرَفْتَنِي حَقَّ الْمَعْرِفَةِ.
وكان ابن ثوابة متعجرفا لدرجة كبيرة حتى أنه مرة قال لخادم له اسقني ماء . فقال الخادم : نعم . فأمر بصفعه قائلا له أتقول : نعم فمن قال نعم قادر على أن يقول لا وأنت غير قادر على قول : لا
كثيرون من تكبروا وتجبروا وظنوا أن الدنيا باقية لهم
وفي المعرة يقولون : إيه لا تكبر الله أكبر . والتكبر في صفاته جلب السوء للنفس وللغير  ورحم الله أبو العتاهية حيث قال :
يا من تشرّف بالدّنيا وزينتها ... ليس التّشرّف رفع الطّين بالطين
ويا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا
ــــــــــــــ
معجم الأدباء – ياقوت الحموي (1/ 448)
العقد الفريد (1/ 36)
تاريخ الإسلام – الإمام الذهبي (3/ 491)

أَقَرَّ اللهُ أَعَيْنَكُم


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
أَقَرَّ اللهُ أَعَيْنَكُم
وفي معناه قال الأصمعي: المعنى أبرَدَ الله دمعتكم ، لأن دمعة السرور باردة، ودمعة الحزن حارة. وأقرَّ مشتق من القَرُر، وهو الماء البارد. وقال غيره: معنى أقَرَّ الله عينك أي صادفتَ ما يُرضيك فتقرّ عينك من النظر إلى غيره.
وللناس فيما تقر به أعينهم مذاهب وعجائب
فمنهم من يجد في التسامح والعفو ما تقر به العين ، حتى وإن كان من يتسامح معه وفيما أتى من عذر غير صادق
فقدْ أطاعكَ مَنْ يُرضيكَ ظاهرهُ ... وقدْ أجلَّكَ مَنْ يعصيكَ مُستترا
ومن السيرة المباركة فعَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» فَطَلَعَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، تَنْطِفُ لِحْيَتُهُ مِنْ وُضُوئِهِ، قَدْ تَعَلَّقَ نَعْلَيْهِ فِي يَدِهِ الشِّمَالِ، فَلَمَّا كَانَ الْغَدُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَ ذَلِكَ، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ مِثْلَ الْمَرَّةِ الْأُولَى. فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِثْلَ مَقَالَتِهِ أَيْضًا، فَطَلَعَ ذَلِكَ الرَّجُلُ عَلَى مِثْلِ حَالِهِ الْأُولَى، فَلَمَّا قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَبِعَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ فَقَالَ: إِنِّي لَاحَيْتُ أَبِي فَأَقْسَمْتُ أَنْ لَا أَدْخُلَ عَلَيْهِ ثَلَاثًا، فَإِنْ رَأَيْتَ أَنْ تُؤْوِيَنِي إِلَيْكَ حَتَّى تَمْضِيَ فَعَلْتَ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالَ أَنَسٌ: وَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَاتَ مَعَهُ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثَ، فَلَمْ يَرَهُ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ شَيْئًا، غَيْرَ أَنَّهُ إِذَا تَعَارَّ وَتَقَلَّبَ عَلَى فِرَاشِهِ ذَكَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَبَّرَ، حَتَّى يَقُومَ لِصَلَاةِ الْفَجْرِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: غَيْرَ أَنِّي لَمْ أَسْمَعْهُ يَقُولُ إِلَّا خَيْرًا، فَلَمَّا مَضَتِ الثَّلَاثُ لَيَالٍ وَكِدْتُ أَنْ أَحْقِرَ عَمَلَهُ، قُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ إِنِّي لَمْ يَكُنْ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي غَضَبٌ وَلَا هَجْرٌ ثَمَّ، وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ: «يَطْلُعُ عَلَيْكُمُ الْآنَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ» فَطَلَعْتَ أَنْتَ الثَّلَاثَ مِرَارٍ، فَأَرَدْتُ أَنْ آوِيَ إِلَيْكَ لِأَنْظُرَ مَا عَمَلُكَ، فَأَقْتَدِيَ بِهِ، فَلَمْ أَرَكَ تَعْمَلُ كَثِيرَ عَمَلٍ، فَمَا الَّذِي بَلَغَ بِكَ مَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ. قَالَ: فَلَمَّا وَلَّيْتُ دَعَانِي، فَقَالَ: مَا هُوَ إِلَّا مَا رَأَيْتَ، غَيْرَ أَنِّي لَا أَجِدُ فِي نَفْسِي لِأَحَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ غِشًّا، وَلَا أَحْسُدُ أَحَدًا عَلَى خَيْرٍ أَعْطَاهُ اللَّهُ إِيَّاهُ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ هَذِهِ الَّتِي بَلَغَتْ بِكَ، وَهِيَ الَّتِي لَا نُطِيقُ .
ومن الناس من تقر أعينهم بأذى الناس وكأنهم جنود مسخرة من جنود إبليس وبالمجان ، إن قلت فيهم : فهم من قاذورات الناس متقذرين حيث كانوا . حاقدون ، إن حل بالناس الخير  فهم وكما قيل كلما ازددت مَثَالة، زادك الله رعالة.
يزينون لك ما يودي للهلاك ويقبحون مسالك النجاة من البلاء . ومن المعلوم أن من يفعل البر هو السيد مهما تقلب الزمان
السيدُ البَرُّ لا يستجيزُ أذىً ... ولا يبوحُ بِسرّ عندَه كُتِما
يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا
ـــــــــــــــــــــــــ
الفاخر – ابن عاصم (ص: 6)
مسند الإمام أحمد (20/ 124)
ــــــــ
الرعالة: الرعونة
المَثَالة: الغِنى أو النعمة .

مفتاح البطن لقمة ، ومفتاح الشر كلمة


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
مفتاح البطن لقمة ، ومفتاح الشر كلمة
وهكذا يقولون عندما في المعرة
من الناس من إن صدف وشاركك طعامك أكل كل ما القِدْر وكان في البداية يعتذر بالشبع
وأسوء منه من يشتري إغاظتك بكلمة ، وكل خصام يبدأ في العادة كلمة . ورحم الله القائل :
فإن كنتَ غَضباناً فلا زلتَ راغِماً ... وإِن كنتَ لم تَغضَب إلى اليومِ فاغضَبِ
نعم هناك من يستحثك على الغضب ، وكم دمر الغضب من بيوت ، بل وخرب الأوطان ، ولأسباب في ميزان العقل واهية . أما لجم الخصام فأمر جلل .
وفي المعرة يقولون : غضبت عليك قطعت راسك . ورضيت عليك ( بس ) منوين بدي جبلك راس
أعرابية من بني صباح من عبد القيس أوصت ابنتها عند زواجها فقالت:
لا تُهجري في القول للبعل ولا  ... تُغريه بالشَرّ إذا ما أقبلا
فأوّل الشر يكون جللا ... محتقراً ثم يصير معضلا
ولا تَنثي ما عليه بخلا ... لتكشفي من أمره ما حمِلا
ورحم الله عبد الرحمن بن حسان بن ثابت حيث قال :
من يفعل الحسنات الله يشكرها … والشرّ بالشرّ عند الله سيّان
هناك من يستجر البلاء استجراراً ، وبعدها يلهث بالدعاء يا رب فرج عني
ويا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا
ــــــــــــــــ
أشعار النساء (ص: 94)
أمالي ابن الشجري (2/ 9)
أخلاق الوزيرين – ابن عباد (ص: 54)

لنجرب حسن الخلق ليوم


قبل أن ترقد
أحي سنة ما قدرت
لنجرب حسن الخلق ليوم ، وحتى وإن لليلة عسى الله أن يرفع عنا هذا البلاء
أن لا نشتم ، أن لا نسب ، وبغض النظر عن السبب ، فلا مبرر لسوء الخلق
عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: «يَا عَائِشَةُ إِنَّ الْفُحْشَ لَوْ كَانَ رَجُلًا لَكَانَ رَجُلَ سُوءٍ»
مسند أبي داود الطيالسي (3/ 95)


ويحدث بعضنا بعضا بمصابه


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
ويحدث بعضنا بعضا بمصابه
لا حديث إلا عن البلاء ، وهنا أنا لا ألوم من ينفس عن كربه ليحدث القريب والبعيد بما حل به فالأهل والوطن كلهم في حالة حزن وكأنهم في مأتم ورحم الله القائل :
فبتنا كأنهم بينهم أهل مأتم ... على ميّت مستودع بطن ملحد
يحدّث بعض بعضنا بمصابه ... ويأمر بعض بعضنا بالتجلّد
ومن بعيد تصلك صرخة متفائل باقتراب الفرج . صرخة نابعة من الثقة بأن البلاء شكل من أشكال التأديب الرباني ، ومن المعلوم أن التأديب وهو شكل من التربية لا يدوم فنحن نؤدب أولادنا إلى حين ، ثم نتركهم ليكون التأديب ذخرهم لهم ومؤنة على متاعب الحياة .
نحن قوم ثقتنا بالله سبيل لرفع البلاء عنا فالله هو الضار النافع ، فما نتصوره بالضرر وجد لتكون نتيجته النفع . ولهذا فنحن في حالة من الحمد الذي يبدأ دون نهاية ، بعيدون عن الحزن ، راضون بقضاء الله وقدره ، ورحم الله القائل :
الله أحمد شاكراً ... فبلاؤه حسنٌ جميل
أصبحت مستوراً معافى ... بين أنعمه أجول
خلواً من الأحزان خفّ ... الظهر يقنعني القليل
لم يشقني طمعٌ ولا ... حرصٌ ولا أملٌ طويل
ونفيت باليأس المنى ... عني فطاب لي المقيل
والناس كلّهم لمن ... خفّت مؤونته خليل
ومن يرضى بقضاء الله فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع ولينظر هل كان في سقوطه خيره له . قال الله تعالى : مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ﴿١٥﴾ سورة الحج
والنصر هنا للنبي عليه الصلاة والسلام ولكل من تبعه ، وليس الانتصار في معركة فحسب بل زوال البلاء والفوز بالأمن والأمان في الدنيا والآخرة .
ــــــــــــــ
الديارات للشابشتي (ص: 68)
العقد الفريد (7/ 211)


السبت، 14 ديسمبر 2019

قد لا ينفعك ماضيك


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
قد لا ينفعك ماضيك
وعنترة العبسي مضى دون خلف
ومن الحارث بن عقبة بن قابوس رضي الله عنه نتعلم
ولا أقصد في قولي البطولات التي ننسبها لأنفسنا ونعتز بها حتى وإن كانت في نصرة الحق ، في حين نحن اليوم على باطل مذموم .
لن ينفعنا حسبنا فأبو طالب عم رسول الله صلى ومن سانده حتى نهاية عمره ورحم الله القائل
وكلّ الذى يأتي فأنت نسيبه ... ولست لشيء قد مضى بنسيب
فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ} [الشعراء: 214]، قَالَ: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ - أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا - اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ، لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ لاَ أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا»
ترى هل ينفع من قضى جل عمره مؤذنا ثم امتهن الغناء
والقضية أن أقدم لك نفسي وتقد لي نفسك بما نحن عليه اليوم ، نفعل الخير ونقف في صف أهله ، أم أننا من أهل الشر
هل أنا وأنت ممن يحب وطنه أم يسعى لخرابه
لا يكفيني أنا وأنت ذرف الدموع نتباكى على ماض لن يعود
سأُنزف دمعي حَسرةً وتندُّماً، ... على ما مضى صَبوتي وعَنائي
تعالى معي نري الله ثم الناس موقفا يرضي الله
دعني أسأل نفسي وأسألك عن واقع نحن فيه ، وواقع نمضي إليه
الحارث بن عقبة بن قابوس، نفعه حاضره ولم ينفعه ماضيه ، فقد كان مشركا ومن قدم مع عمه وهب بن قابوس من جبل مزينة بغنم لهما المدينة، فوجداها خلوا، فسألا أين الناس؟ فقيل: بأحد يقاتلون المشركين، فأسلما، ثم خرجا، فأتيا النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقاتلا المشركين قتالا شديدًا حتى قتلا، رضي الله عنهما .
ــــــــــــ
الشعر والشعراء – ابن قتيبة الدينوري(2/ 684)
الزهرة - الأصبهاني(ص: 76)
العقد الفريد (3/ 120)
الاستيعاب في معرفة الأصحاب - النمري(1/ 297)
صحيح البخاري (4/ 6)
صحيح مسلم (1/ 192)

المنفعة توجب المحبة


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
المنفعة توجب المحبة
كما قالوا إن المضرة توجب البغضة، والمخالفة توجب العداوة ، وقيل : طبع الناس على حب المنفعة ودفع المضرة .
إلا أن تفسير المنفعة بين الناس قضية ذات شجون ، والفرق في ذلك بين من يتبع عقله ، وبين من يكون قائده هواه
ومن المعرف الثابت أن من أطاع هواه ضل.
أليست السرقة في أحد وجهها صورة من صور المنفعة ، ولا أقصد بالسرقة السطو فقط . فقد يسرق المرء في خلل ميزانه
وفي الغش أيضا منفعة .
كل ذلك استعجال للمنفعة فالسرقة استعجال للرزق ومن الثابت أن ما قسم لك لن يناله سواك ومن اليقين أن المرء لن ينتهي أجله وله في الدنيا شهيق أو زفير واحد . أبو العلاء على ذكاء وصف به لم يفطن لحكمة الأمانة فقال :
يَدٌ بِخَمسِ مِئينَ عَسجَدٍ فُدِيَت ... ما بالُها قُطِعَت في رُبعِ دينارِ
تَناقُضٌ ما لنا إِلّا السُكوتُ لَهُ ... وَأَن نَعوذَ بِمَولانا مِنَ النارِ
فأجابه علم الدّين السخاوي رحمه الله بقوله
عِزُّ الأمانةِ أغْلاها وَأرْخصها ... ذُلُّ الخِيانةِ فافْهمْ حِكمةَ الْباري
فأسقِط في يد أبي العلاء ، فالحق وإن كان في ظاهره الضرر خير من باطل يسر لوقته ويورث الندامة في نهاية ، فكم من حق يضر ، خير من باطل يسر. وكم من مرغوب فيه يسوء ولا يسر، ومرهوب منه ينفع ولا يضر.
وكم زين إبليس للناس القطيعة على أنها ضرورة فقال بعضهم : يا حية الله ، لا تقربيني ولا بقربك
وكم زين الشيطان لآخرين بشعار : إذا ما خربت ما بتعمر .
ترى وما هي الضمانة أن لا يذهب الخراب بمن بدأ به وكان يظنه منفعة
حين يُبزل العلم وكله منفعة ، فعلى المرء حتى في العلم أن يبزله في محله . المازني أبو عثمان ، كان إمام عصره في النحو والأدب، وكان في غاية الورع، ومما رواه المبرد أن بعض أهل الذمة قصده ليقرأ عليه كتاب سيبويه وبذل له مائة دينار في تدريسه، فامتنع أبو عثمان من ذلك، فقال له المبرد: أترد هذه المنفعة مع فاقتك وشدة ضاقتك؟ فقال: إن هذا الكتاب يشتمل على ثلاثمائة وكذا كذا آية من كتاب الله ولست أرى أن أُمكن ذمياً منها غيرة على كتاب الله .
لَا يشبه النافع من لَا ينفع ... غيرى لسرى إِن أضعت أضيع
وأقول : هناك وحتى في البلاء من يعده منفعة ويرجو دوامه
ويا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا
ـــــــــــــــــــ
المستطرف في كل فن مستطرف – أبو الفتح الأبشيهي(ص: 34)
الأوائل للعسكري (ص: 86)
الرسائل السياسية - للجاحظ(ص: 72)
الفلاكة والمفلوكون  - الدُلجي(ص: 70)
الأمثال للهاشمي (1/ 87)
معاهد التنصيص على شواهد التلخيص – أبو الفتح العباسي(1/ 143)

من لم يحسن المنع ، لم يحسن العطاء


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
من لم يحسن المنع ، لم يحسن العطاء
قال رجل من قريش لابنه: «أي بني؛ إنك إن أعطيت في غير موضع الإعطاء أوشك أن تستعطي الناس فلا تعطى» .
فمن لم يعمل بإزالة السيئة بالحسنة. وعفا في موضع العفو، وعاقب في موضع العقوبة، ومنع ساعة المنع، وأعطى ساعة الإعطاء، خالف الرّبّ في تدبيره، وظنّ أن رحمته فوق رحمة ربه.
فالناس لا يهابون ولا يصلحون إلّا على الثّواب والعقاب، والإطماع والإخافة. فلا خير فيمن كان خيره محضا، وشرّ منه من كان شرّه صرفا، فمن الحكمة خلط الوعد بالوعيد، والبشر بالعبوس، والإعطاء بالمنع، والحلم بالإيقاع.
فالإعطاء في موضع المنع خذلان؛ كما أن الكلام في موضع الصمت فضلٌ وهدر، وكذلك السكوت في موضع الكلام لكنةٌ وقصور
والقضية تربوية صرفة من حاد عنها تعب ، وأتعب وكانت حياته في غير اتجاه الصواب
حين تحالف من عليك مقاطعته
حين تأكل ما ضرك
حين تأمل من وساوس وتنسى واقعك
حين يكون قائدك هواك
وحين .. وحين
تحصد الخراب وتجني الدمار
ويا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا
ـــــــــ
البخلاء للجاحظ (ص: 263)
الحيوان (2/ 298)
أخلاق الوزيرين – أبي حيان التوحيدي(ص: 11)


أحي سنة ما قدرت لا صعوبة في رفع اليدين في الدعاء


قبل أن نرقد
أحي سنة ما قدرت
لا صعوبة في رفع اليدين في الدعاء
ولنبتعد عن الشتم ما استطعنا ، ولا نبرر لأنفسنا شتم أحد
عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا ، قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ يَدْعُو، حَتَّى إِنِّي لَأَسْأَمُ لَهُ مِمَّا يَرْفَعُهُمَا يَدْعُو: «اللَّهُمَّ فَإِنَّمَا أَنَا بَشْرٌ، فَلَا تُعَذِّبْنِي بِشَتْمِ رَجُلٍ شَتَمْتُهُ أَوْ آذَيْتُهُ»
فَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: " كَانُوا إِذَا رَأَوْا إِنْسَانًا يَدْعُوهُ بِإِصْبَعَيْهِ ضَرَبُوا إِحْدَاهُمَا، وَقَالُوا: إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ "
مسند الإمام أحمد (43/ 64)
مصنف ابن أبي شيبة (6/ 87)


وماذا أفعل وقد هداه الله للإسلام


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
وماذا أفعل وقد هداه الله للإسلام
مقولة تكررت على لسان سيدنا أبي بكر وعمر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا  فالإسلام حاجز بينك وبين الانتقام من مسلم ، غاسل مطهر للأحقاد والضغائن .
قد يقع الخصام بين الأخوة ، ولكن هل من المصلحة تأجيج ما وقع من خلاف ليصل إلى درجة تستجر غضب الله تعالى
قيل لأبى بكر رضي الله عنه هذا طليحة الأسدي وكان قد ارتد وتنبأ ، فقال: ما أصنع به؟ خلّوا عنه، فقد هداه الله للإسلام. فمضى نحو مكة، فقضى عمرته، ثم أتى عمر بن الخطاب رضى الله عنه للبيعة حين استخلف: فقال له عمر: أنت قاتل عكّاشة وثابت! والله لا أحبّك أبدا؛ فقال: يا أمير المؤمنين ما تنقم من رجلين أكرمهما الله بيدىّ، ولم يهنّى بأيديهما! فبايعه عمر ورجع إلى دار قومه فأقام حتى خرج إلى العراق.
أَبُو مَرْيَمَ الْحَنَفِيُّ. واسمه إياس بن ضبيح بن المحرش . وكان من أهل اليمامة وكان من أصحاب مسيلمة وهو من قتل زيد بن الخطاب بن نفيل رضي الله عنه يوم اليمامة ثم تاب وأسلم وحسن إسلامه وولي قضاء البصرة بعد عمران بن الحصين في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وكان عمر يحبه حبا شديدا . قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِمُتَمِّمِ بْنِ نُوَيْرَةَ: «مَا أَشَدَّ مَا لَقِيتَ عَلَى أَخِيكَ مِنَ الْحُزْنِ» ، فَقَالَ: كَانَتْ عَيْنِي هَذِهِ قَدْ ذَهَبَتْ وَأَشَارَ إِلَيْهَا فَبَكَيْتُ بِالصَّحِيحَةِ فَأَكْثَرْتُ الْبُكَاءَ حَتَّى أَسْعَدَتْهَا الْعَيْنُ الذَّاهِبَةُ وَجَرَتْ بِالدَّمْعِ، فَقَالَ عُمَرُ: «إِنَّ هَذَا لَحُزْنٌ شَدِيدٌ، مَا يَحْزَنُ هَكَذَا أَحَدٌ عَلَى هَالِكِهِ» ، ثُمَّ قَالَ عُمَرُ: «يَرْحَمُ اللَّهُ زَيْدَ بْنَ الْخَطَّابِ إِنِّي لَأَحْسِبُ أَنِّي لَوْ كُنْتُ أَقْدِرُ عَلَى أَنْ أَقُولَ الشِّعْرَ لَبَكَيْتُهُ كَمَا بَكَيْتَ أَخَاكَ» ، فَقَالَ مُتَمِّمٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَوْ قُتِلَ أَخِي يَوْمَ الْيَمَامَةِ كَمَا قُتِلَ أَخُوكَ مَا بَكَيْتُهُ أَبَدًا، فَأَبْصَرَ عُمَرُ وَتَعَزَّى عَنْ أَخِيهِ، وَكَانَ قَدْ حَزَنَ عَلَيْهِ حُزْنًا شَدِيدًا، وَكَانَ عُمَرُ يَقُولُ: «إِنَّ الصَّبَا لَتَهُبُّ فَتَأْتِينِي بِرِيحِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ» و قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ لِأَخِيهِ زَيْدِ بْنِ الْخَطَّابِ يَوْمَ أُحُدٍ: «أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ إِلَّا لَبِسْتَ دِرْعِي» ، فَلَبِسَهَا ثُمَّ نَزَعَهَا، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: «مَا لَكَ؟» ، قَالَ: «إِنِّي أُرِيدُ بِنَفْسِي مَا تُرِيدُ بِنَفْسِكَ» وزيد بن الخطاب هو الذي قتل الرجال بن عنفوة. وهي سبب رئيس في فتنة مسيلمة
مرّ أبو مريم الحنفي  بعمر رضي الله عنه .فقالوا هذا قاتل زيد فقال : رضي الله عنه وماذا أفعل وقد هداه الله للإسلام
وكثر من شأنه تأجيج الخلاف ليصل إلى حد القتل المنبوذ في كل شرائع الأرض ليرضي شهوة القتل عنده .
ويا رب أخرجنا من هذا البلاء
ـــــــــــــ
الطبقات الكبرى  ابن سعد(7/ 63)
الاستيعاب في معرفة الأصحاب – النمري (2/ 551)
سير السلف الصالحين لإسماعيل بن محمد الأصبهاني (ص: 419)
أسد الغابة  ابن الأثير(2/ 356)
نهاية الأرب في فنون الأدب – النويري (19/ 75)