الأحد، 5 مايو 2024

صور مشرقة من تاريخنا سليمان بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ . فتح خلافته بخير واختتمها بخير : تتمة

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

صور مشرقة من تاريخنا

سليمان بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ . فتح خلافته بخير واختتمها بخير : تتمة

وذكروا أن سُلَيْمَان بْن عَبْد الملك قدم المدينة، فأرسل إِلَى أَبِي حازم فأتاه، فَقَالَ له سُلَيْمَان: يا أبا حازم ما هذا الجفاء؟ قَالَ: وأي جفاء رأيت مني، قَالَ: أتاني أهل المدينة، ولم تأتني! قَالَ: يا أمير المؤمنين، وكيف يكون إتيان من غير معرفة متقدمة، وَالله ما عرفتني قبل هذا اليوم، ولا أَنَا رأيتك، فاعذر، قَالَ: فالتفت سُلَيْمَان إِلَى الزهري، فَقَالَ: أصاب الشيخ، وصدق، قَالَ سُلَيْمَان: يا أبا حازم ما لنا نكره الموت؟ قَالَ: لأنكم أخربتم آخرتكم، وعمرتم دنياكم، فكرهتم أن تنقلوا من العمران إِلَى الخراب قَالَ سُلَيْمَان: صدقت يا أبا حازم، كيف القدوم عَلَى اللَّه تَعَالَى؟ قَالَ: أما المحسن فكالغائب يقدم عَلَى أهله مسرورا، وأما المسيء فكالآبق يقدم عَلَى مولاه محزونا. قال أبو حازم: يا أمير المؤمنين إن بني إسرائيل ما داموا على الهدى والرشد كان أمراؤهم يأتون علماءهم رغبة فيما عندهم، فلما رئي قوم من أراذل الناس تعلموا العلم وأتوا به الأمراء يريدون به الدنيا استغنت الأمراء عن العلماء تعسوا ونكسوا وسقطوا من عين الله عز وجل، ولو أن علماءهم زهدوا فيما عند الأمراء لرغب الأمراء في علمهم، ولكنهم رغبوا فيما عند الأمراء فزهدوا فيهم وهانوا في أعينهم، فقال: الزهري: إياي تعني وتعرض بي فقال أبو حازم: لا والله ما تعمدتك ولكن هو ما تسمع؛ قال سليمان للزهري: هل تعرفه قال: يا أمير المؤمنين إنه لجاري منذ ثلاثين سنة ما كلمته، قال أبو حازم: أجل والله لو أحببت الله لعرفتني ولكن لم تحب الله فنسيتني، فقال الزهري: يا أبا حازم تشتمني! قال: لا، ولكنك شتمت نفسك، أما علمت أن للجار حقاً كالقرابة حقاً كالقرابة

قال سليمان بن عبد الملك لعدي بن الرقاع: أنشدني قولك في الخمر:

كميت إذا شجت، وفي الكأس وردة ... لها في عظام الشاربين دبيب

تريك القذى من دونها وهي دونه ... لوجه أخيها في الإناء قطوب

فأنشده؛ فقال له سليمان: شربتها ورب الكعبة! قال عدي: والله يا أمير المؤمنين، لئن رابك وصفي لها قد رابني معرفتك بها! فتضاحكا . وكان سليمان رحمه ينهى عن الغناء، وكان من الأكلة المذكورين . وحدث هِشَامِ بْنِ يَحْيَى بْنِ يحيى قال حدثنا أَبِي: ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَلَسَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي بَيْتٍ أَخْضَرَ عَلَى وِطَاءٍ أخضر عليه ثِيَابٌ خُضْرٌ، ثُمَّ نَظَرَ فِي الْمِرْآةِ فَأَعْجَبَهُ شَبَابُهُ وَجَمَالُهُ، فَقَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ صِدِّيقًا، وَكَانَ عُمَرُ فَارُوقًا، وَكَانَ عُثْمَانُ حَيِيًّا، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ حَلِيمًا، وَكَانَ يَزِيدُ صَبُورًا، وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ سَائِسًا، وَكَانَ الْوَلِيدُ جَبَّارًا، وَأَنَا الْمَلِكُ الشَّابُّ. فَمَا دَارَ عَلَيْهِ الشَّهْرُ حَتَّى مَاتَ. وقال لجارية عنده كيف ترينني ، فقال :

أنت نعم المتاع لو كنت تبقى ... غير أن لا بقاء للإنسان

أنت خلو من العيوب ومما ... يكره الناس غيرك انك فاني

قال عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانٍ الْكِنَانِيِّ : لَمَّا مَرِضَ سُلَيْمَانُ بِدَابِقٍ قَالَ لِرَجَاءِ بْنِ حَيَوَةَ: مَنْ لِهَذَا الأَمْرِ بَعْدِي، أَسْتَخْلِفُ ابْنِي؟ قَالَ: ابْنُكَ غَائِبٌ، قَالَ: فَابْنِي الآخَرُ، قَالَ: صَغِيرٌ، قَالَ: فَمَنْ تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تَسْتَخْلِفَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: أَتَخَوَّفُ إِخْوَتِي لا يَرْضَوْنَ. قَالَ: فَوَلِّ عُمَرَ، وَمِنْ بَعْدِهِ يَزِيدُ بْنُ عبد الملك، وتكتب كتابا وتختم عليه، وادعوهم إِلَى بَيْعَتِهِ مَخْتُومًا. قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتَ؛ ائْتِنِي بقرطاس، فَدَعَا بِقِرْطَاسٍ فَكَتَبَ فِيهِ الْعَهْدَ، وَدَفَعَهُ إِلَى رَجَاءٍ وَقَالَ: اخْرُجْ إِلَى النَّاسِ فَلْيُبَايِعُوا عَلَى مَا فِيهِ مَخْتُومًا، فَخَرَجَ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُبَايِعُوا لِمَنْ فِي هَذَا الْكِتَابِ، قَالُوا: وَمَنْ فِيهِ؟ قَالَ: هُوَ مَخْتُومٌ، لا تُخْبَرُونَ بِمَنْ فِيهِ حَتَّى يَمُوتَ. قَالُوا: لا نُبَايِعُ. فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: انْطَلِقْ إِلَى صَاحِبِ الشُّرْطَةِ وَالْحَرَسِ، فَاجْمَعِ النَّاسَ وَمُرْهُمْ بِالْبَيْعَةِ، فَمَنْ أَبَى فَاضْرِبْ عُنُقَهُ. فَفَعَلَ، قَالَ: فَبَايَعُوهُ عَلَى مَا فِيهِ. قَالَ رَجَاءُ بْنُ حَيَوَةَ: فَبَيْنَا أَنَا رَاجِعٌ إِذْ سَمِعْتُ جَلَبَةَ مَوْكِبٍ، فَإِذَا هِشَامٌ، فَقَالَ لِي: يَا رَجَاءُ، قَدْ عَلِمْتُ مَوْقِعَكَ مِنَّا، وَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ صَنَعَ شَيْئًا مَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَزَالَهَا عَنِّي، فَإِنْ يَكُنْ قَدْ عَدَلَهَا عَنِّي فَأَعْلِمْنِي مَا دَامَ فِي الأَمْرِ نفس حتى أنظر، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، يَسْتَكْتِمُنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَمْرًا أُطْلِعَكَ عَلَيْهِ! لا يَكُونُ ذَا أَبَدًا. فَأَبَيْتُ عَلَيْهِ فَانْصَرَفَ، فَبَيْنَا أَنَا أَسِيرُ إِذْ سَمِعْتُ جَلَبَةً خَلْفِي، فَإِذَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَالَ لِي: يَا رَجَاءُ، إِنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَمْرٌ كَبِيرٌ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ قَدْ جَعَلَهَا إِلَيَّ وَلَسْتُ أَقُومُ بِهَذَا الشَّأْنِ، فَأَعْلِمْنِي مَا دَامَ فِي الأَمْرِ نَفْسٌ لَعَلِّي أَتَخَلَّصُ مِنْهُ مَا دَامَ حَيًّا، قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، يَسْتَكْتِمُنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَمْرًا أُطْلِعَكَ عَلَيْهِ! قَالَ: وَثَقُلَ سُلَيْمَانُ، فَلَمَّا مَاتَ أَجْلَسْتُهُ مَجْلِسَهُ وَأَسْنَدْتُهُ وَهَيَّأْتُهُ وَخَرَجْتُ إِلَى النَّاسِ، فَقَالُوا: كَيْفَ أَصْبَحَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قُلْتُ: أَصْبَحَ سَاكِنًا، وَقَدْ أَحَبَّ أَنْ تُسَلِّمُوا عَلَيْهِ وَتُبَايِعُوا بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ، فَدَخَلُوا وَأَنَا قَائِمٌ عِنْدَهُ، فَلَمَّا دَنَوْا قُلْتُ: إِنَّهُ يَأْمُرُكُمْ بِالْوُقُوفِ، ثُمَّ أخذت الكتاب من عنده وتقدمت إليهم وَقُلْتُ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُبَايِعُوا عَلَى مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ، فَبَايَعُوا وَبَسَطُوا أَيْدِيهِمْ. فَلَمَّا بَايَعْتُهُمْ وَفَرَغْتُ قُلْتُ: آجَرَكُمُ اللَّهُ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. قَالُوا: فَمَنْ؟ فَفَتَحْتُ الْكِتَابَ فَإِذَا فِيهِ الْعَهْدُ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ بَنِي عَبْدِ الْمَلِكِ، فَلَمَّا سَمِعُوا: " وَبَعْدَهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ " كَأَنَّهُمْ تَرَاجَعُوا، فَقَالُوا: أَيْنَ عُمَرُ، فَطَلَبُوهُ فَإِذَا هُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَتَوْهُ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِالْخِلافَةِ، فَعُقِرَ بِهِ فَلَمْ يَسْتَطِعِ النُّهُوضَ حَتَّى أَخَذُوا بِضَبْعَيْهِ، فَدَنَوْا بِهِ إِلَى الْمِنْبَرِ وَأَصْعَدُوهُ، فَجَلَسَ طَوِيلا لا يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ رَجَاءٌ: أَلا تَقُومُونَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَتُبَايِعُونَهُ، فَنَهَضَ الْقَوْمُ إِلَيْهِ فَبَايَعُوهُ رَجُلًا رَجُلًا وَمَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِمْ،

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: تُوُفِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي عَاشِرِ صَفَرٍ سَنَةَ تسعٍ وَتِسْعِينَ.

ــــــــــــــ

تاريخ بغداد – الخطيب البغدادي (6/ 582)

وفيات الأعيان – ابن حلكان(2/ 423)

بلاغات النساء – ابن طيفور (ص: 103)

تاريخ الخلفاء - السيوطي(ص: 170)

تاريخ الإسلام (2/ 1108)

العقد الفريد (4/ 121)

 

السبت، 4 مايو 2024

علمونا إذا حضر الطعام بطل الكلام . وقالوا : لا سلام ولا كلام على الطعام والصحيح : أكلٌ وحمدٌ خيرٌ من أكلٍ وصمت.

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

علمونا إذا حضر الطعام بطل الكلام . وقالوا :  لا سلام ولا كلام على الطعام

والصحيح : أكلٌ وحمدٌ خيرٌ من أكلٍ وصمت.

قال العيني : فِي بَيَان التسمية على الطَّعَام : القَوْل باسم الله فِي ابْتِدَاء الْأكل وأصرح مَا ورد فِي صفة التَّسْمِيَة مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من طَرِيق أم كُلْثُوم عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا مَرْفُوعا إِذا أكل أحدكُم الطَّعَام فَلْيقل: بِسم الله فَإِن نسي فِي أَوله فَلْيقل بِسم الله أَوله وَآخره، وَالْأَمر بِالتَّسْمِيَةِ عِنْد الْأكل مَحْمُول على النّدب عِنْد الْجُمْهُور

وقال إسحاق؛ وتعشيت مرة أنا وأبو عبد اللَّه – أحمد بن حنبل رحمه الله - وقرابة له، فجعلنا نتكلم، وهو يأكل، وجعل يمسح عند كل لقمة يده بالمنديل، وربما مسحها بالمنديل عند كل لقمة، وجعل يقول عند كل لقمة: الحمد للَّه، وبسم اللَّه. ثم قال لي: أكل وحمد، خير من أكل وصمت. وقال الأَوْزَاعِيُّ: بَلَغَنِي عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ: أَكْلٌ وَحَمْدٌ، خَيْرٌ مِنْ أَكْلٍ وَصَمْتٍ . وعَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَيَّانَ، قال: أَكَلْنَا مَعَ أُمِّ الدَّرْدَاءِ طَعَامًا فَأَغْفَلْنَا الْحَمْدُ لِلَّهِ، فقالت: يا بني لا تدعو أَنْ تُؤْدِمُوا طَعَامَكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ، أكل وحمد، خير من أكل وصَمْتٍ.

وَقال العلماء : يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَتْرُكَ الْحَدِيثَ عَلَى الطَّعَامِ فَإِنَّ تَرْكَهُ عَلَى الطَّعَامِ بِدْعَةٌ، وَلَا يُكْثِرُ مِنْهُ فَإِنَّ الْإِكْثَارَ مِنْ الكلام بِدْعَةٌ أَيْضًا وَلِأَنَّهُ قَدْ يَشْغَلُ غَيْرَهُ عَنْ الْأَكْلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَدْعِيَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ الْكَلَامَ، فَإِنَّ الْأُنْسَ بِالْكَلَامِ جَانِبٌ قَوِيٌّ مِنْ الْقِرَى وإحسان إلى الضيف . ولو قال مع كل لقمة بسم الله فهو حسن حتى لا يشغله الشره عن ذكر الله تعالى .

وجميل قول ابْن الْأَعرَابِي:

إِنَّك يَا ابْن جَعْفَر نعم الْفَتى ... وَنعم مأوى طارقٍ إِذا أَتَى

فَرب ضيف طرق الْحَيّ سرى ... صَادف زادًا وحديثًا مَا أشتهى

إِن الحَدِيث طرف من الْقرى ... ثمَّ اللحاف بعد ذَاك فِي الذرى

يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا

يا رب فرج عن الشام وأهل الشام

ـــــــــــ

عمدة القاري شرح صحيح البخاري – العيني  (21/ 28)

إحياء علوم الدين – الإمام الغزالي(2/ 5)

مناقب الإمام أحمد – ابن الجوزي(ص: 340)

الجامع لعلوم الإمام أحمد - الأدب والزهد (20/ 51)

تهذيب الكمال في أسماء الرجال – الإمام الذهبي (35/ 357)

المدخل لابن الحاج (1/ 223)

سير أعلام النبلاء – الإمام الذهبي (4/ 539)

الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي – النهرواني (ص: 590)



الجمعة، 3 مايو 2024

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل سؤال: ما دلالة التقديم والتأخير لكلمة رجل في الآيتين (وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى (20) يس) و (وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى (20) القصص) ؟

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

ولمسات بيانية في نصوص من التنزيل 

سؤال:  ما دلالة التقديم والتأخير لكلمة رجل في الآيتين (وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى (20) يس) و (وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى (20) القصص) ؟

يقول الدكتور فاضل أحسن الله جزاءه : الآية الأولى في سورة يس والأخرى في سورة القصص في قصة موسى عليه السلام. (وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى) يعني هو فعلاً جاء من أقصى المدينة أي من أبعد مكان فيها. (وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى) ليس بالضرورة ذلك وإنما تحتمل هذا المعنى وغيره. تحتمل أنه فعلاً جاء من أقصى المدينة وتحتمل لا هو من سكان تلك الأماكن البعيدة لكن ليس مجيئه من ذلك المكان ليس بالضرورة. كما تقول جاءني من القرية رجال تعني أن المجيء من القرية، جاءني رجال من القرية أي قرويون هذا يحتمل معنيين في اللغة، هذا يسمونه التعبير الاحتمالي. هناك نوعين من التعبير تعبير قطعي وتعبير احتمالي يحتمل أكثر من دلالة والتعبير القطعي يحتمل دلالة واحدة. لما تقول جاءني رجال من القرية تحتمل أمرين الرجال جاءوا من القرية أي مجيئهم من القرية وجاءني رجال من القرية احتمالين أن المجيء من القرية وتحتمل أنهم رجال قرويون ولكن ليس بالضرورة أن يكون المجيء من القرية. كما تقول: جاءني من سوريا رجل يعني رجل سوري وجاءني رجل من سوريا ليس بالضرورة أن يكون جاء من سوريا، جاء من سوريا رجل يعني جاء من سوريا. وجاء من أقصى المدينة رجل يعني جاء من أقصى المدينة، أما جاء رجل من أقصى المدينة ليس بالضرورة فقد يكون من سكان الأماكن البعيدة، مكانه من أقصى المدينة لكن ليس بالضرورة أن المجيء الآن من ذاك المكان وقد يكون من مكان آخر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - محاضرات - الدكتور فاضل صالح السامرائي  (ص : 1101  )



الخميس، 2 مايو 2024

شَذَرَات مِنْ حَيَاةِ الِإمَامُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه من مآثر الإمام الشافعي

 صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
شَذَرَات مِنْ حَيَاةِ الِإمَامُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه
من مآثر الإمام الشافعي
دفاعه عن العقيدة الصحيحة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم ووقوفه في وجه كل من انحرف عنها . وهو أول من دون في أصول الفقه، وأرسى قواعده . وكان ناصرا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم فقد وضع أصول الحديث الشريف . وأقام توازنا بين الفقه والحديث، من غير غلو ولا شطط، وأعاد الناس إلى منهج الاعتدال والوسطية، ولذلك فرح أصحاب الحديث بالشافعي فرحا شديدا، وأثنوا عليه ثناء حارا، وسموه ناصر السنة، وقال إبراهيم الحربي: سألت أبا عبد الله عن الشافعي فقال: حديث صحيح . وقال محمد بن الحسن: إن تكلم أصحاب الحديث يوما فبلسان الشافعي، يعني لما وضع من كتبه، وقال أحمد: ما كان أصحاب الحديث يعرفون معاني أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينها لهم.
إنصافه ورجوعه إلى الدليل وعدم تعصبه: فقد قال: إذا صح عندكم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضربوا بقولي عرض الحائط، فلا قول لي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن الحميدي قال كنت بمصر فحدث محمد بن إدريس بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رجل يا أبا عبد الله تأخذ بهذا قال رأيتني خرجت من كنيسة ترى علي زنارا حتى لا أقول بهذا إذا ثبت الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلته وقولته إياه ولم أزل عنه وإن هو لم يثبت عندي لم أقوله أنا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- تهذيب الأسماء واللغات، النووي،
2- الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني
3- البداية والنهاية – الإمام ابن كثير
4- تاريخ دمشق لابن عساكر
5- تفسير القرطبي، أبو عبد الله القرطبي.
6- سير أعلام النبلاءالإمام الذهبي


الثلاثاء، 30 أبريل 2024

صور مشرقة من تاريخنا سليمان بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ . فتح خلافته بخير واختتمها بخير : تتمة

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

صور مشرقة من تاريخنا

سليمان بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ . فتح خلافته بخير واختتمها بخير : تتمة

كان مِنْ خِيَارِ مُلُوكِ بَنِي أُمَيَّةَ، وَلِيَ الْخِلافَةَ فِي جُمَادَى الآخِرَةِ سَنَةَ ستٍ وَتِسْعِينَ بَعْدَ الوليد بالعهد المذكور من أبيه.

روى الحديث قَلِيلا عَنْ أَبِيهِ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُنَيْدَةَ. رَوَى عَنْهُ: ابْنُهُ عَبْدُ الْوَاحِدِ، وَالزُّهْرِيُّ. وَكَانَ فَصِيحًا مُفَوَّهًا مُؤْثِرًا لِلْعَدْلِ، مُحِبًّا لِلْغَزْوِ، وَجَهَّزَ الْجُيُوشَ مَعَ أَخِيهِ مُسْلِمَةَ لِحِصَارِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ، فَحَاصَرَهَا مُدَّةً حَتَّى صَالَحُوا عَلَى بِنَاءِ جامع بالقسطنطينية، وَمَوْلِدُهُ سَنَةَ سِتِّينَ. وَقَالَتِ امْرَأَةٌ: رَأَيْتُهُ أَبْيَضَ عَظِيمَ الْوَجْهِ مَقْرُونَ الْحَاجِبَيْنِ، يَضْرِبُ شَعْرُهُ مِنْكِبَيْهِ، مَا رَأَيْتُ أَجْمَلَ مِنْهُ. وَلِيَ سُلَيْمَانُ وَهُوَ إِلَى الشَّبَابِ وَالتَّرَفُّهِ مَا هُوَ، فَقَالَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ العزيز: يا أبا حفص، إنا قد ولينا ما تَرَى، وَلَمْ يَكُنْ لَنَا بِتَدْبِيرِهِ عِلْمٌ، فَمَا رَأَيْتَ مِنْ مَصْلَحَةِ الْعَامَّةِ فَمُرْ بِهِ. فَكَانَ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ عَزَلَ عُمَّالَ الْحَجَّاجِ، وَأَخْرَجَ مَنْ كَانَ فِي سِجْنِ الْعِرَاقِ، وَمِنْ ذَلِكَ كِتَابُهُ أَنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ قَدْ أُمِيتَتْ فَأَحْيُوهَا وَرُدُّوهَا إِلَى وَقْتِهَا. مَعَ أمورٍ حَسَنَةٍ كَانَ يَسْمَعُ مِنْ عُمَرَ فِيهَا، فَأَخْبَرَنِي مَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ أَنَّ سُلَيْمَانَ هَمَّ بِالإِقَامَةِ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ وَاتَّخَذَهَا مَنْزِلا، ثُمَّ ذَكَرَ مَا قَدَّمْنَا فِي سَنَةِ ثمانٍ وَتِسْعِينَ مِنْ نُزُولِهِ بِقِنَّسْرِينَ مُرَابِطًا. وَحَجَّ سُلَيْمَانُ فِي خِلافَتِهِ سَنَةَ سبعٍ وَتِسْعِينَ. وَعَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: حَجَّ سُلَيْمَانُ، فَرَأَى النَّاسَ بِالْمَوْسِمِ، فَقَالَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَمَا تَرَى هَذَا الْخَلْقَ الَّذِي لا يُحْصِي عَددَهُمْ إِلا اللَّهُ وَلا يَسَعُ رِزْقَهُمْ غَيْرُهُ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، هَؤُلاءِ الْيَوْمَ رَعِيَّتُكَ، وَهُمْ غَدًا خُصَمَاؤُكَ. فَبَكَى سُلَيْمَانَ بُكَاءً شَدِيدًا ثُمَّ قَالَ: بِاللَّهِ أَسْتَعِينُ. وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ حَازِمٍ، قَالَ: كَانَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ يَخْطُبُنَا كُلَّ جُمُعَةٍ، لا يَدَعُ أَنْ يَقُولَ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّمَا أَهْلُ الدُّنْيَا عَلَى رَحِيلٍ، لَمْ تَمْضِ بِهِمْ نِيَّةٌ وَلَمْ تَطْمَئِنَّ لَهُمْ دَارٌ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ وَهُمْ عَلَى ذَلِكَ، لا يَدُومُ نَعِيمُهَا وَلا تُؤْمَنُ فجائعها، وَلا يُتَّقَى مِنْ شَرِّ أَهْلِهَا. ثُمَّ يَقْرَأُ: {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ} {ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ} {مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ}. وَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ سُلَيْمَانَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ، افْتَتَحَ خِلَافَتَهُ بِإِحْيَائِهِ الصَّلاةَ لمواقيتها، وَاخْتَتَمَهَا بِاسْتِخْلافِهِ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ. وَكَانَ سُلَيْمَانُ يَنْهَى عَنِ الْغِنَاءِ.

يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا

يا رب فرج عن الشام وأهل الشام

ــــــــــــــ

تاريخ بغداد – الخطيب البغدادي (6/ 582)

وفيات الأعيان – ابن حلكان(2/ 423)

بلاغات النساء – ابن طيفور (ص: 103)

تاريخ الإسلام (2/ 1108)

العقد الفريد (4/ 121)

الأحد، 28 أبريل 2024

حين تضطر لرد السخرية من السيرة العطرة ومن حياة السلف والناس أمثلة

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

حين تضطر لرد السخرية

من السيرة العطرة ومن حياة السلف والناس أمثلة

من سوء الخلق السخرية من خلق الله ومما ينكره قوله – ليك على الشكل – والله تعالى يقول : لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴿٤﴾ سورة التين وعن أبي هريرة رضي الله عنه ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «.. «بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام، دمه، وماله، وعرضه» ولكن قد تضطر للرد قال الله تعالى :

وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلَأٌ مِنْ قَوْمِهِ سَخِرُوا مِنْهُ  قَالَ إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ ﴿٣٨﴾سورة هود . وقال الحُكماءُ مَنْ سَرَّهُ الثناء الكاذبُ نفَذَتْ فيْهِ سِهَامُ السّخُرِيَّةِ. كان طريق أبي الأسود الدؤليّ إلى المسجد والسوق في بني تيم اللّه بن ثعلبة وكان فيهم رجل متفحش يكثر الاستهزاء بمن يمرّ به، فمرّ به أبو الأسود الدؤليّ يوما فقال لقومه: كأنّ وجه أبي الأسود وجه عجوز راحت إلى أهلها بطلاق، فضحك القوم، وأعرض عنهم أبو الأسود. ثم مرّ به مرّة أخرى، فقال لهم: كأنّ غضون قفا ( أي تجعد جلده ) أبي الأسود غضون الفقاح – نوع من العطر - . فأقبل عليه أبو الأسود فقال له: هل تعرف فقحة ( فتحة الدبر ) أمّك فيهنّ؟ فأفحمه، وضحك القوم منه، وقاموا إلى أبي الأسود، فاعتذروا إليه مما كان، ولم يعاوده الرجل بعد ذلك، وقال فيه أبو الأسود بعد ذلك حين رجع إلى أهله:

ومن ال سخرية اللاذعة بين الكاتب الإنكليزي برنارد شو ، وصديقه ، أن جرى الحديث التلفوني التالي بين الكاتب الإنكليزي برنارد شو ، وصديقه الكاتب والمثل الشهير نويل كوارد ، وبدأ شو المحادثة بقوله : كوارد أريد أن أراك . قريبا إن شاء الله . هل تتناول الغذاء معي ؟ - آسف سأتغدى مع البرنس أوف ويلز . -إذا لنشرب الشاي معاً .-آسف سأشرب الشاي مع البرنس أوف ويلز . - العشاء إذاً . - أسف سأتعشى مع البرنس أوف ويلز - يا عزيزي كوارد ، اعلم أنك مهما صنعت ومهما تقربت من ولي العهد ، فإنك لن تصبح في يوم من الأيام ملكة بريطانية .

يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا

يا رب فرج عن الشام وأهل الشام

ــــــــــــــ

صحيح مسلم (4/ 1986)

الأغاني (12/ 485)

الدر الفريد وبيت القصيد - المستعصمي(5/ 478)

مجلة العربي الكويتية