الأحد، 28 مارس 2021

كُلْثُومُ بْنُ الْهِدْمِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ولكل صاحبي منزلة

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

كُلْثُومُ بْنُ الْهِدْمِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ولكل صاحبي منزلة

في بستانه استقبل أهل المدينة المنورة النبي صلى الله عليه وسلم وشرب من مائه ونفث فيه ونزل في بيت كُلْثُومُ بْنُ الْهِدْمِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أياماً رضي الله حتى بني أول مسجد في الإسلام وهو مسجد قباء . وهو كُلْثُومُ بْنُ الْهِدْمِ بْنِ امْرِئِ الْقَيْسِ الأوسي . فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالا: كَانَ كُلْثُومُ بْنُ الهدم رجلا شَرِيفًا وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا. وَأَسْلَمَ قَبْلَ مَقْدِمِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة. فَلَمَّا هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَنَزَلَ فِي بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ نَزَلَ عَلَى كُلْثُومِ بْنِ الْهِدْمِ.

اتفق على ذَلِكَ ابْن إِسْحَاق وموسى والواقدي، فأقام عنده أربعة أيام . وفي بستان وحيث كان النبي صلى الله عليه وسلم يأكل من تمره . وقدم صهيب رضي الله عنه على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ومعه أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ، بين أيديهم رطب ، وصهيب قد أصابه رمد في الطّريق، وأصابته مجاعة شديدة، فوقع في الرّطب، قال صهيب: فجعلت آكل، فقال عمر: يا رسول الله، ألا ترى إلى صهيب يأكل الرّطب وهو رمد؟ فَقَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم : «أَتَأْكُلُ التَّمْرَ وَبِكَ رَمَدٌ؟» فَقُلْتُ: إِنَّمَا آكُلُ عَلَى شِقِّي الصَّحِيحِ لَيْسَ بِهِ رَمَدٌ، قَالَ: فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

وتوفي كلثوم بْن الهدم رضي الله عنه قبل بدر بيسير، وقيل: إنه أول من مات من أصحاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد قدومه المدينة، ولم يدرك شيئًا من مشاهده ذكره الطبري

رضي الله عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم

ويا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا
ــــــــــــــ

الطبقات الكبرى – ابن سعد  (3/ 467)

الاستيعاب في معرفة الأصحاب – النمري (3/ 1327)

أسد الغابة – ابن الأثير (4/ 467)

المستدرك على الصحيحين للحاكم (3/ 451)

 


 

السبت، 27 مارس 2021

وخرج الكل حامدين شاكرين ومن حكايا السلف نتعلم

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

وخرج الكل حامدين شاكرين

ومن حكايا السلف نتعلم

أن المرء حين يضطر لأمر ويُخيَّر بين السيئ والأسوء لابد وأن يختار الأقل سوءا . هذا إن قدر له أن يختار . أما من أحاط به البلاء ومن أناس وجدوا في السيئ هدفا بحد ذاته . إن قالوا : كذبوا . وإن فعلوا : أساؤوا . يستوحون من شياطينهم صورة أفعالهم . لا شأن لهم إلا الرفعة وإن على أجساد أهلهم ، وحتى العبث بتراب وطنهم . حكى أَبُو مُحَمَّد الخشاب النَّحْوِيّ قَالَ حَاز بعض الحاكة على طَبِيب فَرَآهُ يصف لهَذَا النقوع وَلِهَذَا التَّمْر هندي فَقَالَ من لَا يحسن مثل هَذَا فَرجع إِلَى زَوجته فَقَالَ اجعلي عمامتي كَبِيرَة فَقَالَت وَيحك أَي شَيْء قد طَرَأَ لَك قَالَ أُرِيد أَن أكون طَبِيبا قَالَت لَا تفعل فَإنَّك تقتل النَّاس فيقتلوك قَالَ لَا بُد فَخرج أول يَوْم فَقعدَ يصف للنَّاس فَحصل قراريط فجَاء فَقَالَ لزوجته أَنا كنت أعمل كل يَوْم بِحَبَّة فانظري إيش يحصل فَقَالَت لَا تفعل قَالَ لَا بُد فَلَمَّا كَانَ فِي الْيَوْم الثَّانِي اجتازت جَارِيَة فرأته فَقَالَت لسيدتها وَكَانَت شَدِيدَة الْمَرَض اشْتهيت هَذَا الطَّبِيب الْجَدِيد يداويك قَالَت ابعثي إِلَيْهِ فجَاء وَكَانَت الْمَرِيضَة قد انْتهى مَرضهَا وَمَعَهَا ضعف فَقَالَ عَليّ بدجاجة مطبوخة فجيء بهَا فَأكلت فَقَوِيت ثمَّ استقامت فَبلغ هَذَا إِلَى السُّلْطَان فجَاء بِهِ فَشَكا إِلَيْهِ مَرضا يشتكيه فاتفق أَنه وصف لَهُ شَيْئا أصلح بِهِ فَاجْتمع إِلَى السُّلْطَان جمَاعَة يعْرفُونَ ذَاك الحائك فَقَالُوا لَهُ هَذَا رجل حائك لَا يدْرِي شَيْئا فَقَالَ السُّلْطَان هَذَا قد صلحت على يَدَيْهِ وصلحت الْجَارِيَة على يَدَيْهِ فَلَا أقبل قَوْلكُم قَالُوا فنجربه بمسائل قَالَ افعلوا فوضعوا لَهُ مسَائِل وسألوه عَنَّها فَقَالَ إن أجبتكم عَن هَذِه الْمسَائِل لم تعلمُوا جوابها لِأَن الْجَواب لهَذِهِ الْمسَائِل لَا يعرفهُ إِلَّا طَبِيب وَلَكِن أَلَيْسَ عنْدكُمْ مارستان قَالُوا بلَى قَالَ أَلَيْسَ فِيهِ مرضى لَهُم مُدَّة قَالُوا بلَى قَالَ فَأَنا أداويهم حَتَّى ينْهض الْكل فِي عَافِيَة فِي سَاعَة وَاحِدَة فَهَل يكون دَلِيل على علمي أقوى من ذَلِك قَالُوا لَا فجَاء إِلَى بَاب المارستان وَقَالَ اقعدوا لَا يدْخل معي أحد ثمَّ دخل وَحده وَلَيْسَ مَعَه إِلَّا قيم المارستان فَقَالَ للقيم أَنَّك وَالله إِن تحدثت بِمَا أعمل صلبتك وَإِن سكت أغنيتك قَالَ مَا انطق قَالَ فأحلفه بِالطَّلَاق ثمَّ قَالَ عنْدك فِي هَذَا المارستان زَيْت قَالَ نعم قَالَ هاته فجَاء مِنْهُ بِشَيْء كثير فَصَبَّهُ فِي قدر كَبِير ثمَّ أوقد تَحْتَهُ فَلَمَّا اشْتَدَّ غليانه صَاح بِجَمَاعَة المرضى فَقَالَ لأَحَدهم أَنه لَا يصلح لمرضك إِلَّا أَن تنزل إِلَى هَذَا الْقدر فتقعد فِي هَذَا الزَّيْت فَقَالَ الْمَرِيض الله الله فِي أَمْرِي قَالَ لَا بُد قَالَ أَنا قد شفيت وَإِنَّمَا كَانَ بِي قَلِيل من صداع قَالَ ايش يقعدك فِي المارستان وَأَنت معافى قَالَ لَا شَيْء قَالَ فَاخْرُج وَأخْبرهمْ فَخرج وَأخْبرهمْ فَخرج يعدو وَيَقُول شفيت بإقبال هَذَا الْحَكِيم ثمَّ جَاءَ إِلَى آخر فَقَالَ لَا يصلح لمرضك إِلَّا أَن تقعد فِي هَذَا الزَّيْت فَقَالَ الله الله أَنا فِي عَافِيَة قَالَ لَا بُد قَالَ لَا تفعل فَإِنِّي من أمس أردْت أَن أخرج قَالَ فَإِن كنت فِي عَافِيَة فَاخْرُج وَأخْبر النَّاس بأنك فِي عَافِيَة فَخرج يعدو وَيَقُول شفيت ببركة الْحَكِيم وَمَا زَالَ على هَذَا الْوَصْف حَتَّى أخرج الْكل شاكرين لَهُ .

قاتل الله من ادعى الإصلاح ونوى الخراب

قاتل الله من كان سببا أضر بأهله ووطنه

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوري

ــــــــــــ

الأذكياء لابن الجوزي (ص: 105)

 

الخميس، 25 مارس 2021

عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنها سلوكه قائم لاقتناعه

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنها

سلوكه قائم لاقتناعه

هو صورة للخلق العربي بكل أعماقه، وأبعاده..

ومن حياة الصحابة رُضْوَانُ الله عَلَيْهِمْ لنا مثل

يكنى أبا عبد الله. وقيل: بل يكنى أبا محمد وهو شقيق عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا. وَقَالَ ابن سعد: إِنَّهُ أسلم في هدنة الحُدَيبية وهاجر للمدينة . وقالوا  : كان اسمه عبد الكعبة فغير رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسمه وسماه عبد الرحمن. وكان عبد الرحمن بن أبي بكر من أشجع رجال قريش، وأرماهم بسهم، فبينما كان أبوه أول المؤمنين والصدّيق والده رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ  الذي آمن برسوله ايمانا ليس من طراز سواه.. وثاني اثنين اذ هما في الغار كان هو صامدا كالصخر مع دين قومه، وأصنام قريش.!! في غزوة بدر، خرج مقاتلا مع جيش المشركين فلما أسلم قال لأبيه لقد أهدفت لي أي ارتفعت لي يوم بدر مرارا فصدفت عنك أي أعرضت عنك، فقال أبو بكر: لو هدفت لي لم أصدف أي أعرض عنك، فالمراد بكونه أهدف له ارتفع وهو لا يشعر بذلك، فلا ينافي ما قيل إن عبد الرحمن بن أبي بكر يوم بدر دعا إلى البراز، فقام إليه أبوه أبو بكر ليبارزه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم «متعنا بنفسك يا أبا بكر . وفي غزوة أحد كان كذلك على رأس الرماة الذين جنّدتهم قريش لمعركتها مع المسلمين. وحضر اليمامة مع خالد بن الوليد فقتل سبعة من كبارهم، شهد له بذلك جماعة عند خالد بن الوليد، وهو الذي قتل محكم اليمامة بن طفيل، والذي كان العقل المدبر لمسيلمة، كما كان يحمي بقوته أهم مواطن الحصن الذي تحصّن جيش الردّة بداخله، فلما سقط محكم بضربة من عبد الرحمن، وتشتت الذين حوله، انفتح في الحصن مدخل واسع كبير تدفقت منه مقاتلة المسلمين. قَالَ أبو عمر رحمه الله: وشهد الجمل مع أخته عائشة، وكان أخوه محمد يومئذ مع علي رضى الله عنه.

وهو إنسان في أحواله .قَالَ هشام بن عُرْوة، عَن أبيه، إن عَبْد الرَّحْمَنِ قدِم الشَّامَ، فرأى ابنة الجودي عَلَى طُنْفسَة، وحولها ولائد، فأعجبته، فَقَالَ فِيهَا:

تذكرت لَيْلَى والسماوَةُ دونَها ... فما لابنةِ الْجُودِيِّ لَيْلَى وماليا

وأنى تعاطى قلبه حارثية ... تُدَمَّنُ بُصْرى أَوْ تحُلٌ الجوابيا

وأنى تلاقيها؟ بلَى وَلَعَلها ... إن النَّاس حَجُّوا قابِلًا أنْ تُوافيا

قَالَ: فلما بَعَثَ عمر جيشه إِلَى الشَّام قَالَ لمقدمهم: إنْ ظفرت بليلى بِنْت الجوديّ عَنوةً فادفعها إِلَى عَبْد الرَّحْمَنِ، فظفر بها، فدفعها إليه، فأعجب بِهَا، وآثرها عَلَى نسائه، حَتَّى شكونه إِلَى أخته عائشة، فقالت لَهُ: لقد أفرطتَ، فَقَالَ: والله إني أرشف بأنيابها حب الرمان، قال: فأصابها وجع سقط له فوها، فجفاها حَتَّى شكته إِلَى عائشة، فقالت: يَا عَبْد الرَّحْمَنِ لقد أحببتَ ليلى فأفرطت، وأبغضتها فأفرطت، فإما أن تنصفها، وإما أنْ تجهزها إِلَى أَهْلها، فجهزها إِلَى أَهْلها، قَالَ: وكانت بِنْت ملك، يعني من ملَوْك العرب. توفي رضي الله عنه قَالَ ابن أَبِي مُلَيْكة: تُوُفِّيَ بالصَّفاح، فحُمِل فدُفن بمكة - والصِّفاح عَلَى أميال من مكة - فقدمتٌ أخته عائشة فقالت: أين قبر أخي؟ فأتته فصلت عَلَيْهِ. وصحّ أن سعدًا مات سَنَة خمس وخمسين. وهكذا بقي رضي الله عنه ، حاملا مسؤولية اقتناعه وعقيدته، يذود عن آلهة قريش، ويقاتل تحت لوائها قتال المؤمنين المستميتين. لقد كان في كفره رجلا.. وها هو ذا يسلم اليوم اسلام الرجال. فلا طمع يدفعه، ولا خوف يسوقه. وانما هو اقتناع رشيد سديد أفاءت عليه هداية الله وتوفيقه. وازدادت خصال عبد الرحمن في ظل الاسلام مضاء وصقلا.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

الاستيعاب في معرفة الأصحاب – النمري (2/ 824)

تاريخ الإسلام – الإمام الذهبي (2/ 520)

رجال حول الرسول (ص: 388)

شماس بْن عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جُنَّةُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

شماس بْن عثمان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ

جُنَّةُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ومن سيرة الصحابة رضوان الله عليهم لنا مثل

وهو شَمَّاسُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ الشَّرِيدِ بْنِ هَرَمِيِّ بْنِ عَامِرِ بْنِ مَخْزُومٍ. وكان اسم شماس عُثْمَان ، وَإِنما سمي شماسًا لأن بعض شمامسة النصارى قَدْم مكَّة فِي الجاهلية، وكان جميلًا، فعجب النَّاس من جماله، فَقَالَ عتبة بْن رَبِيعة، وكان خاله: أَنَا آتيكم بشماس أحسن مِنْهُ، فأتى بابن أخته عثمان بْن عثمان، فسمي شماسًا من يومئذ، وغلب ذَلِكَ عَلَيْهِ.. أسلم أول الإسلام، وهاجر إِلَى الحبشة . ذكره ابن إسحاق وغيرهما فيمن شهد بدرا، واتفقوا على أنه استشهد بأحد. وشذّ أبو عبيد فقال: إنه استشهد ببدر. وقال حسّان يرثيه ويعزي فيه أخته:

أبقي حياءك في ستر وفي كرم ... فإنّما كان شمّاس من النّاس

قد ذاق حمزة سيف اللَّه فاصطبري ... كأسا رواء ككأس المرء شمّاس

وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: مَا وَجَدْتُ لِشَمَّاسِ بْنِ عُثْمَانَ شَبِيهًا إِلا الْجَنَّةَ. يَعْنِي مِمَّا يُقَاتِلُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يومئذ. يَعْنِي يَوْمَ أُحُدٍ. وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لا يَرْمِي بِبَصَرِهِ يَمِينًا وَلا شِمَالا إِلا رَأَى شَمَّاسًا فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ يَذُبُّ بِسَيْفِهِ حَتَّى غَشْيَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَرَّسَ بِنَفْسِهِ دُونَهُ حَتَّى قُتِلَ. فَحُمِلَ إِلَى الْمَدِينَةِ وَبِهِ رَمَقٌ فَأُدْخِلَ عَلَى عَائِشَةَ. فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ: ابْنُ عَمِّي يَدْخُلُ عَلَى غَيْرِي؟ [فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ. صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

احملوا إِلَى أُمِّ سَلَمَةَ . فَحُمِلَ إِلَيْهَا فَمَاتَ عِنْدَهَا. رَحِمَهُ اللَّهُ. فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُرَدَّ إِلَى أُحُدٍ فَيُدْفَنُ هُنَاكَ كَمَا هُوَ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي مَاتَ فِيهَا.

رضي الله عن صحابة رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

ونحن بالإمكان أن نكون جُنة لرسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ باتباع هدية والسير على هداه

لا أن نتبع الهوى فنغرق في البلاء . كما هو حالنا اليوم

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــــــــــــــــــ

الطبقات الكبرى – ابن سعد  (3/ 185)

أسد الغابة – ابن الأثير (2/ 638)

الإصابة في تمييز الصحابة – ابن حجر العسقلاني(3/ 288)

البردة والبريد

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

البردة والبريد

والبريد كلمة فارسية وأصلها بريدة ( الذنب ) أي محذوف الذنب وذلك لِأَنَّ بِغَالَ البَرِيد كَانَتْ مَحْذُوفَةَ الْأَذْنَابِ كالعَلاَمة لَهَا

وسمي البغل: بريدا والرسول الذي يركبه: بريدا والمسافة التي بعدها فرسخان بريدا . والبَرْدة : كلمة معربة؛ وأصلها في الفارسية: يرده تعنى: الستر، أو الحجاب، أو النقاب ، وهي : كساء مخطط يلتحف به: تلبسه الاعراب من الصوف.

وللبريد أهمية عبر التاريخ . وفي زمن الخلفاء للبريد شخص مخصوص يتولّى أمره بتنفيذ ما يصدر وتلقّي ما يرد، يعبّر عنه ب «صاحب البريد» . والـ (بروانك) . هو الذي يدل صاحب البريد على الطريق. وكان للبريد ألواح من فضّة مخلّدة بديوان الإنشاء تحت أمر كاتب السّرّ بالأبواب السلطانية، منقوش على وجهي اللّوح نقشا مزدوجا ما صورته: «لا إله إلا الله محمد رسول الله،. وعلى الوجه الآخر ما صورته: عزّ لمولانا السّلطان الملك الفلانيّ . وكان أول من وضع ديواناً فى الإسلام، سيدنا مُعاوية بن أبى سفيان رضى الله عنهما وذلك حين استقرت له الخلافة. ويراد بالبريد فى الدول الإسلامية غير ما يراد به الآن. فقد كان صاحب البريد أو صاحب الخبر أشبه برئيس البوليس السرى، أو رقيب أصحاب الأعمال، فكانوا وسطاء بين الولاة والخلفاء، فكانوا ينقلون أوامر الخلفاء إلى ولاتهم وأخبار الولاة إلى خلفائهم. وكان للبريد طرقه الخاصة . وقد بلغ عدد طرق البريد إبان الدولة العباسية 930 سكة، وقدرت نفقات الدواب وأثمانها وأرزاق رجالها 100و 159 دينار فى السنة.

وكان للرسل الذي يحملون الرسائل من بلد إلى بلد بردة حمراء للدلالة عليهم .

نسأل الله تعالى أن تصلنا رسائل بتباشير الفرج من الله

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ــــــــــــــ

النهاية في غريب الحديث والأثر (1/ 115)

صبح الأعشى في صناعة الإنشاء (14/ 416)

موسوعة المفاهيم الإسلامية العامة (ص: 81)

ديننا يدعو للخير ، لا للفروسية والسيف ، ومن زَيْدَ الْخَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لنا مثل

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

ديننا يدعو للخير ، لا للفروسية والسيف ، ومن زَيْدَ الْخَيْرِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لنا مثل

هو زيد بن مهلهل الطائي شاعر وفارس من طيء ولد في نجد قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم حتى كان يدعى زيد الخيل وله قصيدة قبل إسلامه يقول فيها :

أَنا الفَارِسُ الحَامِي الحَقِيقَةِ وَالذِي ... لَهُ المَكْرُمَاتُ وَاللُّهَا وَالمَآثِرُ

وَقَوْمِي رُؤُوسُ النّاسِ وَالرَّأْسُ قَائِدٌ ... إِذَا الحَرْبُ شَنَّتْها الأكُفُّ المَسَاعِرُ

رحل إلى المدينة المنورة إثر هجرة النبي صلى الله عليه وسلم غير أن اسمه لم يقع عند النبي صلى الله عليه وسلم موقع الاستحسان فَعَنْ أَبِي وَائِلٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَقْبَلَ رَاكِبٌ حَتَّى أَنَاخَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَتَيْتُكَ مِنْ مَسِيرَةِ تِسْعٍ، أَنْضَيْتُ رَاحِلَتِي، وَأَسْهَرْتُ لِيَلِي، وَأَظْمَأْتُ نَهَارِي، لِأَسْأَلَكَ عَنْ خَصْلَتَيْنِ أَسْهَرَتَانِي، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا اسْمُكَ؟» قَالَ: أَنَا زَيْدُ الْخَيْلِ قَالَ: «بَلْ أَنْتَ زَيْدُ الْخَيْرِ، فَسَلْ، فَرُبَّ مُعْضِلَةٍ قَدْ سُئِلَ عَنْهَا» قَالَ: أَسْأَلُكَ عَنْ عَلَامَةِ اللهِ فِيمَنْ يُرِيدُ، وَعَلَامَتِهِ فِيمَنْ لَا يُرِيدُ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «كَيْفَ أَصْبَحْتَ؟» قَالَ: أَصْبَحْتُ أُحِبُّ الْخَيْرَ وَأَهْلَهُ، وَمَنْ يَعْمَلُ بِهِ، وَإِنْ عَمِلْتُ بِهِ أَيْقَنْتُ بِثَوَابِهِ، وَإِنْ فَاتَنِي مِنْهُ شَيْءٌ حَنَنْتُ إِلَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَذِهِ عَلَامَةُ اللهِ فِيمَنْ يُرِيدُ، وَعَلَامَتُهُ فِيمَنْ لَا يُرِيدُ، وَلَوْ أَرَادَكَ بِالْآخِرَةِ هَيَّأَكَ لَهَا، ثُمَّ لَا تُبَالِي فِي أَيِّ وَادٍ هَلَكْتَ» وهذه الواقعة تدل على طبيعة الدين الإسلامي . فالإسلام لا يرمي ممن يؤمن ( زيد الفروسية ) إلا أن الهدف المنشود ( زيد الخير ) . لقد كانت العرب في الجاهلية يعدون السبق في الخيل وإظهار البراعة في ضرب السيف من الأعمال البطولية . فلما جاء الإسلام غير مسار عواطفهم في اتجاه آخر ، إذ رغبهم في أن يكونوا حاملي لواء الخير . ويروى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ما وصف لي أحد في الجاهلية فرأيته في الإسلام إلا رأيته دون الصفة غيرك. وأقطعه أرضين. وكان يكنى أبا مكنف، وكان له ابنان: مكنف وحريث، أسلما وصحبا النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وشهدا قتال الردة مع خَالِد بْن الْوَلِيد. وقيل أن قول الله تعالى: {فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ} يعني الخيل، والخيل مال، والخير بمعنى المال الكثير في التنزيل. قال الزجاج: الخير ههنا الخيل، والنبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سمى زيد الخيل: زيد الخير، وسميت الخيل خيرا لأن الخير معقود بنواصيها: الأجر والمغنم.

رضي الله عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم

وجعلنا ممن يفهم ويتفهم سيرة السلف الصالح

ويا رب فرجك عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــــــــــــــ

دلائل النبوة للبيهقي محققا (5/ 337)

تاريخ دمشق لابن عساكر (19/ 521)

أسد الغابة – ابن الأثير (2/ 149)

التفسير الوسيط للواحدي (3/ 551)

تفسير السمعاني (4/ 439)

 

 

حين تنصح أحمقا أو تستنصحه ومن ابتلي بأحمق ضاع وضُيع

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

حين تنصح أحمقا أو تستنصحه

ومن ابتلي بأحمق ضاع وضُيع . ومن حكايات السلف لنا وقفة مع نماذج من الحمقى

أول مظاهر الحمق اتباع الهوى وقد لا يخلو أحد إلا من عصمه الله من قدر من الحمق . قيل : شاور الخليفة المأمون رحمه الله يحيى بن أكثم فكان الرأي مخالفا لهوى المأمون، فقال يحيى: ما أحد بالغ في نصيحة الملوك إلا استغشّوه. قال: ولم يا يحيى؟ قال: لصرفه لهم عمّا يحبّون، إلى ما لعلّهم يكرهون في الوقت، والهوى إله معبود.

وحين تتوجه بالنصح إلى متبع الهوى وقد غلب عليه الحمق بقلك :هات من الآخر . يريد أن تختصر الكلام لعدم الرغبة فيه .

قيل: أخذ رجل ذئبا وهو يعظه ويقول له: إياك وأخذ أغنام الناس فيعاقبك الله، والذئب يقول: خفّف واقتصر، فقدّامي قطيع من الغنم لا يفوتني. وحتى أن أمنيات الحمقى تثير العجب قيل : اصطحب أحمقان في طريق، فقال أحدهما: تعال نتمنّ فإن الطريق يقطع بالحديث، فقال أحدهما: أنا أتمنى قطائع غنم أنتفع برسلها  ولحمها وصوفها، ويخصب معها رحلي، ويشبع معها أهلي، قال الآخر: وأنا أتمنى قطائع ذئاب أرسلها على غنمك حتى تأتي عليها، فقال: ويحك أهذا من حق الصحبة، وحرمة العشرة؟ وتلاحما واشتدت الملحمة بينهما، فرضيا بأول من يطلع عليهما حكما، فطلع عليهما شيخ على حمار بين زقين من عسل، فحدثاه، فنزل عن الحمار، وفتح الزقين حتى سال العسل في التراب، ثم قال: صب الله دمي مثل هذا العسل إن لم تكونا أحمقين.

نعم تلك هي صفة من كان سببا في بلائنا

حمق وهوى ، دمر البلاد وأهلك العباد

ــــــــــــــــ

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء – الراغب الأصبهاني(1/ 166)

التذكرة الحمدونية (3/ 225)

ربيع الأبرار ونصوص الأخيار (2/ 40)

 

 

 

البشكرة و الشكْمَ

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

البشكرة و الشكْمَ

والأصل في البشكرة الشَّبْكَرَةُ كذلك الأصل في أن الشكْمَ هو الجزاء والمكافأة المرسلة لا تخص خيرا أو شر

وفي المعرة عندنا يقولون : أشو مبشكر ، أي وكأن على وجهك البشكير فلا ترى من كانت رؤيته من السهولة بمكان والشَّبْكرة وَهُوَ العَشاء يكون فِي العَين ، والكلمة فارسية معربة ، يقصد بها تعطل البصر ليلاً بحيث لا يقدر المرء على رؤية النجوم . فهو مرض عافانا الله ، وياما ناس مبشكرين وعن عَمْد ليُعْموا أبصارهم عن رؤية الحقيقة . ويقول أهل المعرة عن الشكم : فلان بدو شكم : أي يحتاج من يوقفه عند حده وعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ احْتَجَمَ، وَقَالَ: «اشْكُمُوهُ» أي أعطوه أجره . وكم من الناس من يحتاجون للشكم

صفتان تلتصقان بمن سبب البلاء إلى بلدنا وأهلنا . لقد عَموا وصموا .

لقد عمي هؤلاء عن معنى دمار الوطن وتشريد أهله ، وحتى أن للموت والقتل تبريرا : فللي مات خالص يومو

يا رب ليكن جزاء من جر البلاء إلينا في صقر

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

المعجم الكبير للطبراني (11/ 41)

التمام في تفسير أشعار هذيل مما أغفله أبو سعيد السكري (ص: 222)

حين تكون الفطرة السلمية هي الرائدة ومن سيرة الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيَّ رضي الله عنه لنا مثل

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

حين تكون الفطرة السلمية هي الرائدة

ومن سيرة الطُّفَيْلِ بْنِ عَمْرٍو الدَّوْسِيَّ رضي الله عنه لنا مثل

كان رجلا شريفا شاعرا مليئا كَثِيرَ الضِّيَافَةِ نشأ بين أسرة شريفة كريمة في أرض دوس..

وأوتي موهبة الشعر، فطار بين القبائل صيته ونبوغه.. وفي مواسم عكاظ حيث يأتي الشعراء العرب من كل فج ويحتشدون ويتباهون بشعرائهم، كان الطفيل يأخذ مكانه في المقدمة وذات مرة كان يزورها، وقد شرع الرسول يجهر بدعوته. بِهَا فَمَشَى إِلَيْهِ رِجَالٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَقَالُوا: يَا طُفَيْلُ إِنَّكَ قَدِمْتَ بِلادِنَا وَهَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ أَظْهُرِنَا قَدْ أَعْضَلَ بِنَا وَفَرَّقَ جَمَاعَتَنَا وَشَتَّتَ أَمْرَنَا وَإِنَّمَا قَوْلُهُ كَالسِّحْرِ يُفَرِّقُ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ أَبِيهِ وَبَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ أَخِيهِ وَبَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ. إِنَّا نَخْشَى عَلَيْكَ وَعَلَى قَوْمِكَ مِثْلَ ما دخل علينا منه فَلا تُكَلِّمْهُ وَلا تَسْمَعْ مِنْهُ. قَالَ الطُّفَيْلُ: فو الله مَا زَالُوا بِي حَتَّى أَجْمَعْتُ أَنْ لا أَسْمَعَ مِنْهُ شَيْئًا وَلا أُكَلِّمُهُ. فَغَدَوْتُ إِلَى المسجد وقد حشوت أذني كرسفا ( قطن ) .  فَرَقًا مِنْ أَنْ يَبْلُغَنِي شَيْءٌ مِنْ قَوْلِهِ حَتَّى كَانَ يُقَالُ لِي ذُو الْقُطْنَتَيْنِ. قَالَ فَغَدَوْتُ يَوْمًا إِلَى الْمَسْجِدِ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَائِمٌ يُصَلِّي عِنْدَ الْكَعْبَةِ فَقُمْتُ قَرِيبًا مِنْهُ فَأَبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُسْمِعَنِي بَعْضَ قَوْلِهِ فَسَمِعْتُ كَلامًا حسنا فقلت في نفسي: وا ثكل أُمِّي. وَاللَّهِ إِنِّي لِرَجُلٌ لَبِيبٌ شَاعِرٌ مَا يَخْفَى عَلَيَّ الْحَسَنَ مِنَ الْقَبِيحِ فَمَا يَمْنَعُنِي مِنْ أَنْ أَسْمَعَ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ مَا يَقُولُ؟ فَإِنْ كَانَ الَّذِي يَأْتِي بِهِ حَسَنًا قِبْلَتُهُ وَإِنْ كَانَ قَبِيحًا تَرَكْتُهُ. فَمَكَثْتُ حَتَّى انْصَرَفَ إِلَى بَيْتِهِ ثُمَّ اتَّبَعْتُهُ حَتَّى إِذَا دَخَلَ بَيْتَهُ دَخَلْتُ مَعَهُ فَقُلْتُ: يَا مُحَمَّدُ إِنَّ قَوْمَكَ قَالُوا لِي كَذَا وَكَذَا لِلَّذِي قالوا لي. فو الله مَا تَرَكُونِي يُخَوِّفُونِي أَمْرَكَ حَتَّى سَدَدْتُ أُذُنِي بِكُرْسُفٍ لأَنْ لا أَسْمَعَ قَوْلَكَ. ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ أَبَى إِلا أَنْ يُسْمِعَنِيهِ فَسَمِعْتُ قَوْلا حَسَنًا فَاعْرِضْ عَلَيَّ أَمْرَكَ. فَعَرَضَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الإِسْلامَ وَتَلا عَلَيْهِ الْقُرْآنَ فَقَالَ: لا وَاللَّهُ مَا سَمِعْتُ قَوْلا قَطُّ أَحْسَنَ مِنْ هَذَا وَلا أَمْرًا أَعْدَلَ مِنْهُ. فَأَسْلَمْتُ وَشَهِدْتُ شَهَادَةَ الْحَقِّ فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ إِنِّي امْرُؤٌ مُطَاعٌ فِي قومي وأنا راجع إليهم فداعيهم إِلَى الإِسْلامِ فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَكُونَ لِي عَوْنًا عَلَيْهِمْ فِيمَا أَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ. [فَقَالَ: اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَهُ أَيَّةً] . قَالَ فَخَرَجْتُ إِلَى قَوْمِي حَتَّى إِذَا كُنْتُ بِثَنِيَّةِ تُطْلِعُنِي عَلَى الْحَاضِرِ وَقَعَ نُورٌ بَيْنَ عَيْنِي مِثْلُ الْمِصْبَاحِ فَقُلْتُ: اللَّهُمَّ فِي غَيْرِ وَجْهِي فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَظُنُّوا أَنَّهَا مُثْلَةٌ وَقَعَتْ فِي وَجْهِي لِفِرَاقِ دِينِهِمْ. فَتَحَوَّلَ النُّورُ فَوَقَعَ فِي رَأْسِ سَوْطِي فَجَعَلَ الْحَاضِرُ يَتَرَاءَوْنَ ذَلِكَ النُّورَ فِي سَوْطِي كَالْقِنْدِيلِ الْمُعَلَّقِ. فَدَخَلَ بَيْتَهُ قَالَ: فَأَتَانِي أَبِي فَقُلْتُ لَهُ: إِلَيْكَ عَنِّي يَا أَبَتَاهُ فَلَسْتَ مِنِّي وَلَسْتُ مِنْكَ. قَالَ: وَلِمَ يَا بُنَيَّ؟ قُلْتُ: إِنِّي أَسْلَمْتُ وَاتَّبَعْتُ دِينَ مُحَمَّدٍ. قَالَ: يَا بُنَيَّ دِينِي دِينُكَ. قَالَ فَقُلْتُ: فَاذْهَبْ فَاغْتَسِلْ وَطَهِّرْ ثِيَابَكَ. ثُمَّ جَاءَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ الإِسْلامَ فَأَسْلَمَ. ثُمَّ أَتَتْنِي صَاحِبَتِي فَقُلْتُ لَهَا: إِلَيْكِ عَنِّي فَلَسْتُ مِنْكَ وَلَسْتِ مِنِّي. قَالَتْ: وَلِمَ بِأَبِي أَنْتَ؟ قُلْتُ: فَرَّقَ بَيْنِي وَبَيْنَكِ الإِسْلامُ. إِنِّي أَسْلَمْتُ وَتَابَعْتُ دِينَ مُحَمَّدٍ. قَالَتْ: فَدِينِي دِينُكَ. قُلْتُ: فَاذْهَبِي إِلَى حِسْيِ ذِي الشِّرَى فَتَطَهَّرِي مِنْهُ. وَكَانَ ذُو الشِّرَى صَنَمَ دَوْسٍ. وَالْحِسْيِ حِمَى لَهُ يُحَمُّونَهُ. وَبِهِ وَشَلٌ مِنْ مَاءٍ يَهْبِطُ مِنَ الْجَبَلِ. فَقَالَتْ: بِأَبِي أَنْتَ أَتَخَافُ عَلَى الصِّبْيَةِ مِنْ ذِي الشِّرَى شَيْئًا؟ قُلْتُ: لا. أَنَا ضَامِنٌ لِمَا أَصَابَكِ. قَالَ فَذَهَبَتْ فَاغْتَسَلَتْ ثُمَّ جَاءَتْ فَعَرَضْتُ عَلَيْهَا الإِسْلامَ فَأَسْلَمَتْ. ثُمَّ دَعَوْتُ دَوْسًا إِلَى الإِسْلامِ فأبطأوا عَلَيَّ. ثُمَّ جِئْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَكَّةَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ غَلَبَتْنِي دَوْسٌ . قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال الطفيل يَا رَسُولَ اللَّهِ ادع الله عَلَى دَوْسٍ [فَقَالَ: اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بها] قال الطفيل : [فقال لي رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -  اخْرُجْ إِلَى قَوْمِكَ فَادْعُهُمْ وَارْفُقْ بِهِمْ] . فَخَرَجْتُ إِلَيْهِمْ فَلَمْ أَزَلْ بِأَرْضِ دَوْسٍ أَدْعُوهَا حَتَّى هَاجَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِلَى الْمَدِينَةِ. وَمَضَى بَدْرٌ وَأُحُدٌ وَالْخَنْدَقُ. ثُمَّ قَدِمْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِمَنْ أَسْلَمَ مِنْ قَوْمِي. وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَيْبَرَ حَتَّى نَزَلْتُ الْمَدِينَةَ بِسَبْعِينَ أَوْ ثَمَانِينَ بَيْتًا مِنْ دَوْسٍ. وكلفه رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسرية إِلَى ذِي الْكَفَّيْنِ: صَنَمِ عَمْرو بْن حُمَمَةَ الدوسي فِي شوال سنة ثمان من هجرة رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

الطبقات الكبرى – ابن سعد (2/ 119)

أسد الغابة – ابن الأثير (3/ 77)

التمني أدوم حالات المرء إمتاعاً ترى أتحولت أمانينا لأحلام ؟

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

التمني أدوم حالات المرء إمتاعاً

ترى أتحولت أمانينا لأحلام ؟

قالوا : المنى والحلم أخوان . وقالوا :  «الأماني للنّفس، مثل التّرّهات  للّسان» .

ما هي الأمنية؟ . . الأمنية هي الشيء الذي يحب الإنسان أن يحدث إلا أن ذلك قد يكون حدوثه في دائرة المستحيل. . إذ أنه لن يحدث ولن يكون له وجود. .ولذلك قالوا : إن من معاني التمني اختلاق الأشياء. ورحم الله من قال:

أَلا لَيْتَ الشَّبابَ يعودُ يوماً ... فَأُخْبِرُهُ بما فَعَلَ المَشِيبُ

والشباب لا يمكن أن يعود؟ . كالذي قال:

لَيْتَ الكواكبَ تَدْنُو لِي فَأَنْظمَهَا ... عُقُودَ مَدْحٍ فَما أَرْضَى لَكُمْ كَلِمِ

والمنى في قرابة مع الوساوس:

الله أصدق والآمال كاذبة ... وجلّ هذي المنى في الصّدر وسواس

وهناك من شغلوا بالأماني والأحلام فلا شأن لهم في مجابهة الحياة وبلوغ المنى بالعمل

إذا تمنّيت مالا بتّ مغتبطا ... إنّ المنى روس أموال المفاليس

لولا المنى متّ من همّ ومن حزن ... إذا تذكرت ما في داخل الكيس

قال الأصمعيّ : زُعِم شيخ من بني القحيف قال: تمنّيت دارا فمكثت أربعة أشهر مغتما للدّرجة أين أضعها.

وقد تكون الأمنية وبالاً على صاحبها إن تحققت فنحن لا نعلم الغيب . هناك من ابتغى الصحة وكان المرض سبباً في قربه من ربه . وهناك من رغب بالمال فكان المال سبيله إلى غضب الله . قال الأصمعيّ : أن رجلا كان يطلبه الحجّاج فمرّ بساباط فيه كلب بين حبّين يقطر عليه ماؤهما. فقال: يا ليتني مثل هذا الكلب، فما لبث ساعة أن مرّ بالكلب في عنقه حبل، فسأل عنه، فقالوا: جاء كتاب الحجّاج يأمر فيه بقتل الكلاب.

وفي كتاب للهند أن ناسكا كان له عسل وسمن في جرّة، ففكّر يوما فقال: أبيع الجرّة بعشرة دراهم، وأشتري خمسة أعنز فأولدهنّ في كلّ سنة مرتين؛ ويبلغ النتّاج في سنين مائتين، وأبتاع بكل أربعٍ بقرة، وأصيب بذرا فأزرع، وينمى المال في يدي؛ فأتّخذ المساكن والعبيد والإماء والأهل ويولد لي ابن فأسميه كذا وآخذه بالأدب، فإن هو عصاني ضربت بعصاي رأسه وكانت في يده عصا فرفعها حاكيا للضرب، فأصابت الجرّة فانكسرت، وانصبّ العسل والسمن على رأسه.

ترى هل يرفع البلاء عنا بالأماني ؟

أم يرفع بتغيير الحال قربا إلى الله ؟

يا رب غير أحوالنا لحال يرضيك عنّا

ــــــــــــــ

الحيوان - الجاحظ(5/ 106)

عيون الأخبار – ابن قتيبة(1/ 373)

ـــــــــــــــــــ

الترهات: الأباطيل.

ساباط : سيباط بالعامية . قوس حجري بين تصل بين حائطين

حبين : جرتين

جميل يوسف حرامي وحين تكتب عمَّن تحب

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

جميل يوسف حرامي

وحين تكتب عمَّن تحب

وآل الحرامي منتمين لتاجر حلبي كان قد جاور الحرم المكي سنيناً طوالاً ، ثم عاد إلى مسقط رأسه في حلب ليعرف بالحرمي نسبة للحرم الشريف عرف ببرد بك التاجر  بن عبد الله ، توفي رحمه الله تعالى في شهر رمضان المعظم سنة 897 هـ 1395م من الهجرة وقبره معروف في حلب .في عهد السلطان برقوق أول ملوك الجراكسة .

إن أردت أن أنسب إليه صفة فهو رجل كان همه إصلاح ذات البين بين الناس ، في وقت كان الانتماء للعائلة ذا أثر في حياة الناس في مدينة المعرة ، اعتمد في ذلك على حسن خلقه وسيرته ، ووثوق الناس به وضلوعه في فعل الخير ما أمكنه .

عمل في الجندرمة التركية أيام الدولة العثمانية . وبالرغم من أنه تزوج من زوجته الأولى الحلبية الأصل كي يعفى من أخذ العسكر تم سوقه أيام الحرب العالمية الأولى فهرب مع صديقه المرحوم قاسم الغريب من مدينة أورفه وعادا للمعرة . ثم أولع بظاهرة كانت في بدايتها في مدينة المعرة . وهي امتلاك السيارات الشاحنة فربما كان الأول في امتلاكها في بداية الثلاثينات من القرن العشرين . وكان رحمه الله مع المرحوم علي البيك أول من باع السيارات الشاحنة في المعرة .

ساهم مع وجيه المعرة حينها حكمت الحراكي رحمه الله ومصطفى حمدو الحرامي ، في إنشاء أول شبكة كهرباء في مدينة المعرة أممتها الدولة أيام الوحدة بين سوريا ومصر .

في بداية الأربعينات من القرن الماضي اتجه للعمل بين سوريا وفلسطين ، وكان يتكل في ذلك على سائقين من أقدم سائقي السيارات في المعرة المرحومان أسعد الحلو وعبسي الحاج خميس . استمر العمل لسنوات إلى أن ضبط الإنكليز السائقين بتهمة تهريب ابر الخياطة وأحجار القداحة وكانت من الممنوعات بين فلسطين وسوريا ، فتحمل رحمه الله المسؤولية عنهما وسجن في سجن حيفا مدة شهرين . وهو أول من امتلك حافلة لنقل الركاب بين المعرة وحلب ( البوسطة ) وكانت الوحيدة في المدينة . وسيارة تكسي كان يقودها ابن أخيه محمد بن شحود الحرامي .

امتاز رحمه الله بحبه للتجارة ولا سيما بالسيارات وكان يتعامل مع أشهر تجار السيارات أيامها في حلب وهو أرمني اسمه إلياس حزين وكذلك بتجارة وتربية الأغنام . إضافة لتجارة الحديد والاسمنت

مول الأخوة محمد وصبيحي وخالد الحيدر في إنشاء أول محطة للوقود في المعرة وكانت على يسار وبداية سوق الخضار في المدينة وسوق الخضار لم يشق بعد .

عرف بطاعته المطلقة لوالديه وحبه لأخويه وكان أصغر أخوته الذكور شحود وحسن وأخا لخمس بنات رحم الله الجميع

لم يرزق بأولاد من زوجتيه فقام بتربية مطيع ابن أخي زوجته الحلبية حتى بلغ سن الرشد ومن ثم قام بتربية أبي حتى تزوج فقام بتربيتي منذ ولادتي حتى توفي يرحمه الله وأنا اقدم امتحان الدبلوم صيف سنة 1397هـ 1977م . امتلك من المال الكثير وربما أكون صادقا إن قلت كان أحد أبرز أثرياء المعرة ، ومات رحمه الله لا يملك سوى ما يلزم للقيام بجنازته . فقد أنفق ما يملك ودون حساب على أولاد أخوته وأخواته  وأل حيّه . حتى سن السادسة كنت أظنه أبي الفعلي وأخاطبه بـ يا أبي حتى سمعها مني شيخ المعرة ووجيهها أحمد الحصري فحملني رحمه الله وقال يا هشام هذا أبوك يقصد والدي محمد رحمه الله . وحج رحمه الله بالطائرة سنة 1371 هـ 1952م . وكانت ولادته سنة 1311هـ 1894م.

رحمك الله يا عماه لقد كنت خير أب إلي وإلى والدي وأعمامي .



حكاية وعبرة عسا يفطن إليها التائهون عن الجادة فتكون استقامتهم سبيلا لرفع البلاء عنا

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

حكاية وعبرة عسا يفطن إليها التائهون عن الجادة فتكون استقامتهم سبيلا لرفع البلاء عنا

قيل كان في عصر الخليفة المنصور رجل من مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم تربطه بالمنصور صداقة قديمة، فوفد إليه، وكان الرجل عاقلاً لبيباً ولم يكن عالماً. فلما رآه المنصور قربه وأدناه، وأزلفه واستدعاه. فقال له الرجل يا أمير المؤمنين أنا محب لك شديد المحبة والولاء مخلص في الطاعة والدعاء غير انني لا أصلح لخدمة الملوك فكيف ينبغي أن أزورك بحيث لا يظهر مني سوء أدب فقال المنصور أخّْر الزيارة وإذا زرتني فاجعل بين زيارتك وانقطاعك مدة إذا غبت فيها لم أنسك وإذا حضرت لم أمَلُّك وازدادت محبتك عندي عما كانت عليه أولاً. وإذا دخلت فاجلس بعيداً مني حتى يقربك الحاجب بالتدريج ولا تطل جلوسك فتنسب الى سوء الأدب ولا تسأل حاجتك لئلا تثقل على قلبي، وإذا أحسنت اليك فاشكرني في كل محلة تحلها ومنزلة تنزل بحيث إذا بلغني سررت بشكرك، وازددت في برك، ولا تذكر في المجالس ما جرى بيني وبينك في الزمان الماضي. فامتثل الرجل هذه الوصايا فكان في كل سنة يمضي الى سلامه مرتين وكان المنصور يعطيه في كل مرة يسلم عليه ألف درهم. وللحكاية دلالة ليعلم أن من كان له عقل وان لم يكن عالماً فان عقله يكون له دليلاً، ومن كان ذا علم وليس له عقل عادت أموره كلها منعكسة منقلبة، ومن كان تام العقل والعلم كان في الدنيا نبياً أو حكيماً أو إماما فان جمال الانسان وعزه ومرتبته وصلاح أحوال دنياه وآخرته بالعقل وتمامه، فتتكامل صفاته وأقسامه كما قال الشاعر:

بِالعَقلِ يَنَالُ المَرءُ أوَجَ البَدرِ ... والَعقلُ بِه الجَاه وسَامِي القَدرِ

والعَقَلُ بِه يُغسَلُ عَارَ الوِزرِ ... فِي العَقلِ التَاجُ مَع نَفاذِ الأمرِ

والعقل أول الإيمان ووسط الإيمان وآخر الإيمان.

وكم من مدع للعقل وهو متبع لهواه فلولا اتباع الهوى لم نصل إلى هذا الحد من البلاء

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

التبر المسبوك في نصيحة الملوك – الطوسي (ص: 118)

 

حين يختلف اللص والشيطان ومن حكايات الأولين نتعلم

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

حين يختلف اللص والشيطان

ومن حكايات الأولين نتعلم

في المعرة عندنا يقولون : إذا تنافست الحمير من حظ الركيبة . فلا إعمال للعقل في الهدف من هذه المنافسة ويبقى المستفيد أن يصل من ركب لمبتغاهم في وقت أقصر . إلا أن المعول على النتيجة فقد يكون التأخير فيه الخير .

زعموا أن ناسكاً أصاب من رجل بقرة حلوباً فانطلق بها يقودها إلى منزله، فعرض له لص أراد سرقتها وشيطان يريد اختطافه. فقال الشيطان للص: من أنت؟ قال أنا اللص، أريد أن أسرق البقرة من الناسك إذا نام. فمن أنت؟ قال: أنا الشيطان أريد اختطافه إذا نام وأذهب به فأتهيا على هذا إلى المنزل فدخل الناسك منزله ودخلا خلفه وأدخل البقرة فربطها في زاوية المنزل وتعشى ونام. فأقبل اللص والشيطان يأتمران فيه واختلفا على من يبدأ بشغله أولاً فقال الشيطان للص: إن أنت بدأت بأخذ البقرة فربما استيقظ وصاح، واجتمع الناس: فلا أقدر على أخذه فأنظرني ريثما آخذه، وشأنك وما تريد. فأشفق اللص إن بدأ الشيطان باختطافه فربما استيقظ فلا يقدر على أخذ البقرة، فقال: لا، بل انظرني أنت حتى آخذ البقرة وشأنك زما تريد فلم يزالا في المجادلة هكذا حتى نادى اللص: أيها الناسك انتبه: فهذا الشيطان يريد اختطافك، ونادى الشيطان: أيها الناسك انتبه: فهذا اللص يريد أن يسرق بقرتك فانتبه الناسك وجيرانه بأصواتهما، كليلة وهرب الخبيثان.

وفي حالنا يتنافس أصحاب الشهوات والهوى وهم من شيطان الإنس ، مع شياطين طمعوا بهم وبأهلهم ووطنهم ، جمعهم الطمع ووحدتهم الشهوات على الغي والباطل .

ونحن نسأل الله رب العرش العظيم أن تكون نتيجة من نسبب في بلائنا ( فافوش ) أي لا ينالون سوى الخيبة والخذلان

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

كليلة ودمنة (ص: 218)

أنت قاض شئت أم أبيت في نفسك قاضِ في بيتك قاضِ وبين الناس يمكن أن تكون قاضياَ

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

أنت قاض شئت أم أبيت

في نفسك قاضِ في بيتك قاضِ وبين الناس يمكن أن تكون قاضياَ

سأقص لك نماذج من القضاة ومن سلفنا لتختار مثلاً تحتذيه في حين أن الحق هو أن كلهم مثلا ، لنا أن نرتقي إليه .

أن تكون كإياس بن معاوية قال الجاحظ وجملة القول في إياس أنه كان من مفاخر مضر، ومن مقدمي القضاة، وكان فقيه البدن، دقيق المسلك في الفطن، وكان صادق الحدس نقابا ، وكان عجيب الفراسة ملهما، وكان عفيف الطعم، كريم المداخل والشيم، وجيها عند الخلفاء، مقدما عند الأكفاء.

أم تحب أن تكون كعضد الدّين الإيْجي وهُو  أَبو الفضل، عبدُ الرّحمن بن أَحْمد بن عبد الغفار الإيجيِّ  الشِّيرازيِّ ، عضد الدِّين، قاضِي القُضَاة في زمنه، وشيخ الشَّافعيَّة في بلده،

أم لعلك تحب أن تكون كحفص بْن غياث وكَانَ جالسا فِي الشرقية في بغداد للقضاء فأرسل إليه الخليفة يدعوه، فَقَالَ له: حتى أفرغ من أمر الخصوم، إذ كنت أجيرا لهم وَأصير إِلَى أمير المؤمنين، ولم يقم حتى تفرق الخصوم. وحدث بأكثر من ثلاثة آلاف حديث من حفظه وروايته .

ولعل أحدنا يود أن يكون كعَافِيَة بْن يزِيد القَاضِي

قال الْأَصْمَعِي : كُنْتُ عِنْدَ الرَّشِيدِ يَوْمًا فَرُفِعَ إِلَيْهِ فِي قاضٍ كَانَ اسْتَقْضَاهُ هُوَ يُقَالُ لَهُ عَافِيَةُ، فَكَثُرَ عَلَيْهِ فَأَمَرَ بِإِحْضَارِهِ فَأُحْضِرَ، وَكَانَ فِي مَجْلِسِهِ جَمْعٌ كَثِيرٌ، فَجَعَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ يُخَاطِبُهُ وَيُوقِفُهُ عَلَى مَا رُفِعَ فِيهِ، وَطَالَ الْمَجْلِسُ، ثُمَّ إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَطَسَ فَشَمَّتَهُ مَنْ كَانَ بِالْحَضْرَةِ مِنْ قُرْبٍ مِنْهُ سِوَاهُ فَإِنَّهُ لَمْ يُشَمِّتْهُ، فَقَالَ لَهُ الرَّشِيدُ: مَا بَالُكَ لَمْ تُشَمِّتْنِي كَمَا فَعَل الْقَوْمُ، فَقَالَ لَهُ عَافِيةُ لأَنَّكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ لَمْ تَحْمَدِ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَلِذَلِكَ لَمْ أُشَمِّتْكَ هَذَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَطَسَ عِنْدَهُ رَجُلانِ فَشَمَّتَ أَحَدَهُمَا وَلَمْ يُشَمِّتِ الآخَرَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُكَ شَمَّتَّ ذَاكَ وَلم تشمتني؟ فَقَالَ: إِن هَذَا حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى فَشَمَّتْنَاهُ، وَأَنْتَ فَلَمْ تَحْمَدْهُ فَلَمْ أُشَمِّتْكَ، فَقَالَ لَهُ الرَّشِيدُ: ارْجِعْ إِلَى عَمَلِكَ، أَنْتَ لَمْ تُسَامِحْ فِي عطسةٍ، تُسَامِحُ فِي غَيْرِهَا؟ وَصَرَفَهُ مُنْصَرَفًا جَمِيلا.

ولن أكثر عليكم فهم نماذج من ألاف ، ولازال في زمننا بقية خير

والعدل من أسس رفع البلاء

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

البيان والتبيين (1/ 103)

تحقيق الفوائد الغياثية - الكرماني(1/ 25)

تاريخ بغداد للخطيب

الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي (ص: 443)

عدوّ النفاق وصديق الوضوح سَيِّدِنَا حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

عدوّ النفاق وصديق الوضوح

سَيِّدِنَا حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ

صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحب سره

قتل أبوه اليمان يوم اخْتَلَفَتْ عَلَيْهِ أَسْيَافُ الْمُسْلِمِينَ، فَقَتَلُوهُ وَلَا يَعْرِفُونَهُ ، فَقَالَ حُذَيْفَةُ: أَبِي  أبي ، فَقَالُوا: وَاَللَّهِ إنْ عَرَفْنَاهُ، وَصَدَقُوا. قَالَ حُذَيْفَةُ: يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ .  تأدب سَيِّدِنَا حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان واضحا كفق الصبح، لا تخفى على الصحابة من حياته شيء، ولا من أعماق نفسه خافية.. صادق وأمين يحب الأقوياء في الحق، ويمقت الملتوين والمرائين والمخادعين . فَعَنْ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ قَالَ: قَالَ حُذَيْفَةُ: «كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُونَهُ عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ» ، قِيلَ: لِمَ فَعَلْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: «مَنْ اتَّقَى الشَّرَّ وَقَعَ فِي الْخَيْرِ» حضر كثيرا من فتوحات الشام والعراق . وعَنْ أَبُو إِدْرِيسَ الخَوْلاَنِيُّ، أَنَّهُ سَمِعَ حُذَيْفَةَ بْنَ اليَمَانِ يَقُولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الخَيْرِ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ، فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الخَيْرِ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قُلْتُ: وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ، وَفِيهِ دَخَنٌ» قُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ» قُلْتُ: فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ، دُعَاةٌ إِلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا» قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا؟ فَقَالَ: «هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا» قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: تَلْزَمُ جَمَاعَةَ المُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ، قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟ قَالَ «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الفِرَقَ كُلَّهَا، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ، حَتَّى يُدْرِكَكَ المَوْتُ وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ» . وولاه أمير المؤمنين عُمَر بْن الخطاب رضي الله عنه المدائن، فأقام بها إِلَى حين وفاته. فَعَنِ ابْنِ سِيرِينَ، قَالَ: كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِذَا بَعَثَ أَمِيرًا كَتَبَ إِلَيْهِمْ: إِنِّي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ فُلانًا وَأَمَرْتَهُ بِكَذَا وَكَذَا، فَاسْمَعُوا لَهُ وَأَطِيعُوا. فَلَمَّا بَعَثَ حُذَيْفَةُ إِلَى الْمَدَائِنِ كَتَبَ إِلَيْهِمْ: إِنِّي قَدْ بَعَثْتُ إِلَيْكُمْ فُلانا فَأَطِيعُوهُ، فَقَالُوا: هَذَا رَجُلٌ لَهُ شَأْنٌ فَرَكِبُوا لِيَتَلَقَّوْهُ، فَلَقُوهُ عَلَى بَغْلٍ تَحْتَهُ إِكَافٌ، وَهُوَ مُعْتَرِضٌ عَلَيْهِ رِجْلاهُ مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ فَلَمْ يَعْرِفُوهُ فَأَجَازُوهُ، فَلَقِيَهُمُ النَّاسُ فَقَالُوا لَهُمْ: أَيْنَ الأَمِيرُ؟ قَالُوا: هُوَ الَّذِي لَقِيتُمْ، قَالَ: فَرَكَضُوا فِي إِثْرِهِ فَأَدْرَكُوهُ وَفِي يَدِهِ رَغِيفٌ وَفِي الأُخْرَى عِرْقٌ ( ملح ) لقد سار رضي الله عنه ، والناس محتشدون حوله، وحافون به. وحين رآهم يحدّقون فيه كأنهم ينتظرون منه حديثا، ألقى على وجوههم نظرة فاحصة ثم قال: " اياكم ومواقف الفتن" قالوا: وما مواقف الفتن يا أبا عبد الله. قال: " أبواب الأمراء". يدخل أحدكم على الوالي أو الأمير، فيصدّقه بالكذب، ويمتدحه بما ليس فيه". لقد كان استهلالا ذا دلالة ، بقدر ما هو عجيب..!! ومات حذيفة سنة ست وثلاثين بعد قتل عثمان .

ترى هل كان النفاق سر بلائنا ؟

أم أن المنافقين هم السبب الرئيس في هذا البلاء

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــــــــ

سيرة ابن هشام (2/ 87)

السيرة النبوية وأخبار الخلفاء لابن حبان (2/ 491)

مسند الإمام أحمد (38/ 401)

صحيح البخاري (4/ 199)

الاستيعاب في معرفة الأصحاب (1/ 335)

تاريخ بغداد - الخطيب (1/ 506)

تاريخ دمشق لابن عساكر (12/ 259)