الاثنين، 22 مايو 2017

من العقل أن يعلم المرء من بدء كل أمر عاقبته

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي                    
وفي المعرة عندنا مثل عامي يقول : اللي بتعرف مؤداه – ديته - اقتله
وقد قيل ومن العقل أن يعلم المرء من بدء كل أمر عاقبته
فمن ضريبة البحث عن المكانة الاجتماعية ، أو نيل الحظوة لدى ذي سلطان
أن نضع أنفسنا حيث يبحث الناس ليل نهار عن أسرارنا ودقائق حياتنا
فكيف بمن وصل إلى ذؤابة السلطة
فهو أكثر ما يهتم الناس بعثراته
زد على ذلك أن يقع تحت دعاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ودعاء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مستجاب ففي حديث السيدة عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا «اللهُمَّ، مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ، فَارْفُقْ بِهِ»،
ويوم القيامة يأتي مغلولاً لا يفكه إلا بره
فعَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " مَا مِنْ رَجُلٍ يَلِي أَمْرَ عَشَرَةٍ فَمَا فَوْقَ ذَلِكَ إِلَّا أَتَى اللهَ مَغْلُولًا، يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَدُهُ إِلَى عُنُقِهِ فَكَّهُ بِرُّهُ أَوْ أَوْبَقَهُ إِثْمُهُ أَوَّلُهَا مَلَامَةٌ، وَأَوْسَطُهَا نَدَامَةٌ وَآخِرُهَا خِزْيٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
وأمر الولاية ينسحب حتى على بيوتنا وكذلك تلك المواقف التي قد ندعى إليها للحكم بين الناس وقد نتبجح بقولنا : حطوني حكم
ترى هل سنؤجر ؟ أم سنجر إلى جهنم ؟ من خلال موقف كهذا
شكا بعض الملوك تنقيب العوامّ عن أسرار الملوك فقال:
مـــا يريد الناس منّا ...   مـــا ينام الناس عنّا
لو ســكنّا باطن الأر ...  ض لكانوا حيث كنّا
إنــــــــــما همّهم أن ...  ينشــــروا ما قد دفّنا
---------
-         صحيح مسلم (3/ 1458)
-         مسند الإمام أحمد (36/ 635)
-         الرسائل الأدبية (ص: 101)


لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - سورة الإنسان - وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل 
سورة الإنسان
(وَيُطَافُ عَلَيْهِم بِآنِيَةٍ مِّن فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا {15} قَوَارِيرَ مِن فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيراً) {16}
يقول الدكتور فاضل : بعدما ذكر الفاكهة ذكر الشراب بعدها وأنه يُطاف عليهم بها وذِكر المشروب بعد الطعام هو الجاري عليه في القرآن كله فحيث اجتمع الطعام والشراب في الدنيا أو الآخرة قدّم الطعام على الشراب (كلوا واشربوا ولا تسرفوا) (وهو الذي يطعمني ويسقين) وغيرها. وذكر الطعام قبل الشراب لأن الطعام أهمّ.
ثم قال تعالى (قوارير من فضة) والمعلوم أن القوارير تكون من زجاج فكيف جمع بين القوارير التي هي من زجاج وبين الفضة؟
ونقول أن الفضة هي فضة في صفاء القوارير وشفافيتها وهذه هي فضة الجنّة العجيبة. وقوله تعالى (وقدّروها تقديرا) فيها معنيين الأول على مقدار حاجتهم لا أكثر ولا أقلّ والثاني على ما تشتهيه أنفسهم كيف تكون هيئة القوارير وشكلها أي قدّروها على ما يرغبه الشخص من هيئة وشكل. يأتون بما هو أحبّ لنفسهم والشراب نفسه مقدّر في شكل الإناء وترتيبه وفيما يُقدّم فيه.
---------

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل محاضرات– الدكتور فاضل صالح السامرائي (ص: 330)

بكل عرس له قرص

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
وفي المعرة عندنا يقال : بكل عرس له قرص
مدعو لتذوق الحلاوة ، أين كانت ، وكيف كانت ، ومع أيٍ كانت
فلا شأن له بمرارة الوقوف عند مبدأ
ماضيه تحت حذائه
نعم قد يتبرأ المرء من ماضيه ، ليصحو إلى حاضره مرة وأخرى
فلا عيب ولا حرج
فمن تحول عن الباطل يؤب للحق لا بد من اجلاله
يقال : حينها تاب وارتجع
ولكن المحزن أن التوبة مستمرة
ليست التوبة عن ذنب اقترف ، بل من حال مضى ، إلى حال لا بد من تذوق حلاوته
نعم هي توبة مقرونة بالحال فلكل حال توبة
وسبحان مغير الأحوال
 ==============

من أظهر ما تحب أو تكره فإنما يقاس ما أضمر بما أظهر لأنك لا تقدر أن تعرف ما أَسر
الأدب والمروءة - اللخمي(ص: 13)


اللباس في الإسلام ( الطيلسان )

اللباس في الإسلام ( الطيلسان ) :
من الألبسة التي عرفها المسلمون فهو للرجال شبيه بالجبة ، والطرحة بالنسبة للنساء أو الشال
والطيلسان من الصوف يلبسه الخواص من العلماء والمشايخ ، ويعد من الألبسة الثقيلة على الجسم قال بطر البستاني في محيط المحيط هو كساء مدوّر أخضر من الصوف لا أسفل له لحمتُهُ أو سداُ من الصوف
وهو في الأصل من لباس العجم ، والطيلسان هي كلمة فارسية أصلها تاليسان ، وحُكي عَن الأصمعيّ أنّه قَالَ: الطيلَسان لَيْسَ بعَربيّ. قَالَ: وأصلُه فارسيّ إِنَّمَا هُوَ تالشان أو تالسان فأُعرب 0 وذئبٌ أطْلسُ، وهو الذي في لونه غُبرةٌ إلى السواد.
وفي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفا ، عليهم الطيالسة ، وكذلك ما روي عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له جبة من طيالسة ، َقَالَتْ : هَذِهِ جُبَّةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْرَجَتْ إِلَيَّ جُبَّةَ طَيَالِسَةٍ كِسْرَوَانِيَّةٍ لَهَا لِبْنَةُ دِيبَاجٍ، وَفَرْجَيْهَا مَكْفُوفَيْنِ بِالدِّيبَاجِ، فَقَالَتْ: هَذِهِ كَانَتْ عِنْدَ عَائِشَةَ حَتَّى قُبِضَتْ، فَلَمَّا قُبِضَتْ قَبَضْتُهَا، وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا، فَنَحْنُ نَغْسِلُهَا لِلْمَرْضَى يُسْتَشْفَى بِهَا - صحيح مسلم (3/ 1641)
والطيلسان إن ذكر مجردا فهو أخضر اللون وهناك الأسود
وهي أيضاً كلمة تستخدم في الشتم فيقال : يابنَ الطَّيْلَسَانِ، يراد أَنَّكَ أَعْجَمِيٌّ.
وفي المعرة يقال : عن فقد توازن تفكيره : مطلمس
===========
صحيح مسلم (4/ 2266)
معجم متن اللغة (1/ 127)
المعجم العربي لأسماء الملابس (ص: 307)
كتاب الألفاظ لابن السكيت (ص: 497)
معجم ديوان الأدب (3/ 386)
تهذيب اللغة (11/ 97)
الصحاح تاج اللغة وصحاح العربية (3/ 944)
التكملة والذيل والصلة للصغاني (3/ 378)
القاموس المحيط (ص: 231)

محيط المحيط – ص 554

الرزق مقرونا بالسعي وربما جاء دون سعي

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
الرزق مقرونا بالسعي وربما جاء دون سعي
كذلك فكثرة الجهد لا تزيد فيه ، كما أن التواكل سبيل للفقر والحرمان
في دمشق وفي بداية السبعينات من القرن الماضي ، وبين محطة الحجاز ومقهى الحجاز محل لبيع الفلافل ، اتخذ من اسم صاحبه عنوانا – فلافل القباني – عبر سنوات والمحل لا يهدأ حتى ليلاً فمن رغب بالشراء عليه الانتظار
من حيث الجودة فهناك كثيرة محلات ساوته أو فاقته جودة
لكن الرزق مساق لفم صاحبه
في نهاية السبعينات وفي أحد الأيام ، لفت نظري أن لا ازدحام أمام المحل
ساقني الفضول وبعد أيام عدت لأسأل نفسي ما الذي حصل ؟
لقد بيع المحل
حسنه صاحبه الجديد حتى في النوعية
واحد أو اثنان يشتريان ، أو لا أحد
في المعرة لو شئت لذكرت أمثلة فاقت المثل الذي ذكرت كوني أحد أبنائها
ورحم الله الإمام الشافعي حيث قال :
وَرِزقُكَ لَيسَ يُنقِصُهُ التَأَنّي       وَلَيسَ يَزيدُ في الرِزقِ العَناءُ
خرج رجل في ابتغاء الرزق فأعيا في طلبه، فجلس مستريحاً مقابله حائط، فقرأ فيه
لما رأيتك قاعداً مســــــــــــقبلي ... أيقنت أنــــــــــــك للهموم قرين
هون عليك وكن بربك واثقــــــاً ... فأخو التوكل شــــــــأنه التهوين
طرح الذى عن نفسـه في رزقه ...  لمــــــــــــــا تيقن أنه مضمون
فرجع إلى بلده.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-         الهفوات النادرة (ص: 34)
-         البصائر والذخائر (3/ 157)


من طبيعة الناس أن يستنكروا علينا كثيراً مما نقوله كلاماً

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
ومما لا غرابة فيه ، وربما ومن طبيعة الناس أن يستنكروا علينا كثيراً مما نقوله كلاماً ، أوما نقوم فعلا
فيرشدنا إبليس قائلا موجهاً : ثبت أعصابك وأظهر التواضع لترفع مكانتك ، ولتثبت عليك صفة التواضع
ليقال : ما شاء الله هذا تواضع العلماء ، وهذا سلوك الأجلاء
من الفتنة أن نفعل ذلك ، لا بل هو من البلاء
وحتى يطمئن الناقد
نتابع فنقول : قل ما شئت - أشر عن الخطأ
هو حقك بل واجب عليك ، وعلى كل الناس
ثم نبحث ، وفي الخفاء عن وسيلة للانتقام ممن فعل
قد ننتقم
ولكن الله هو المنتقم
قد نمكر ، ويمكر الله ، والله خير الماكرين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-         آداب النفوس للمحاسبي (ص: 129)
-         الأمثال والحكم - الماوردي(ص: 264)
ـــــــــــــــــــــــــــ
وقال مِسْعَر بن كدام - رحمه الله-: ما نصحت أَحدًا قط إِلا وجدته يفتش عن عيوبي
الأمثال والحكم - الماوردي(ص: 264)
مسعر بن كدام بن ظهير، ويكنى أبا سلمة، من زهاد البصرة، وأسند عن أعلام التابعين، ومات بالكوفة سنة 152، وقيل 155 هـ


عندما نسأل عن جرأة البعض علينا

صبيحة مباركة
إخوتي أخواتي
وعندما نسأل عن جرأة البعض علينا
لنتذكر أنهم الأكثر رؤية ومعاشرة لنا
وقد يتحول الأمر إلى مشكلة في حالٍ يتمادى البعض في سلوكهم تجاهنا والتعليل :
بحبك ، وما كان قاصداً
ترى وهل من الحب أن نهين من نحب
وإن صددته يقال لك : أنت السبب فأنت سبب جرأته عليك
سبحان الله هل تحول الزمن ؟
أم أن القيم والموازين قد اختلفت أو انقلبت
منا من يستخدم الرطل ، وآخرون الأوقية
وهنا من يزن سلوكه بالقنطار
كل يستغرب واقع الزمن الذي يعيشه
وحتى السيدة عائشة أم المؤمنين ، رَضِيَ اللَّه عَنْهَا ، كانت تنشد بيت لبيد ، ثم تقول: " يرحم الله لبيداً، حيث قال :
ذَهَبَ الَّذينَ يُعاشُ في أَكنــــــــــافِهِم  *     وَبَقيتُ في خَلفٍ كَجِلدِ الأَجرَبِ
يَتَأَكَّلونَ مَذَمَةً وَخِيــــــــــــــــــــــــــــــانَةً    *   وَيُعابُ قائِلُهُم وَإِن لَم يَشـــــــــــــــــــغَبِ
فكيف لو أدرك زماننا هذا! "
ومن بعدها كان ابن أختها عروة بن الزبير يذكر كلام عائشة، ثم يقول: " يرحم الله عائشة، فكيف لو أدركت زماننا هذا! "
ونحن نقول كيف بك يا أم المؤمنين لو أدركت زماننا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
-         الأمثال لابن سلام (ص: 276)

لبيد بن ربيعة بن مالك أبو عقيل العامري.
? - 41 هـ / ? - 661 م
أحد الشعراء الفرسان الأشراف في الجاهلية. من أهل عالية نجد. أدرك الإسلام، ووفد على النبي (صلى الله عليه وسلم).
يعد من الصحابة، ومن المؤلفة قلوبهم. وترك الشعر فلم يقل في الإسلام إلا بيتاً واحداً.
أَلا كُلُّ شَيءٍ ما خَلا اللَهَ باطِلُ    *   وَكُلُّ نَعيمٍ لا مَحــــــــالَةَ زائِلُ

 وسكن الكوفة وعاش عمراً طويلاً. وهو أحد أصحاب المعلقات

إنَّ من ابتغاء الخير اتقاء الشر

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
وفي المثل العربي : إنَّ من ابتغاء الخير اتقاء الشر.
لو تفكر أحدنا بكيفية الاستدلال على عقله ، لهدي إلى أمور كثيرة ، منها القدرة على فهم الباطن من خلال الظاهر في أحيان كثيرة
دخول الزوج وعلائم الشر في عينيه
قد تحول دون ظهوره ، بل تقلب الشر إلى سرور ، ابتسامة صدق من زوجته 
أخطأت في حق من تحب ، أيا كان ، ورأيته مقبلا عيناه تنطق بعتب شديد
قد تقلب الموضوع : قولك والله لو تأتي كنت آتيا إليك
إلا أن صنفا منا يشتري الشر لأن الشر سر بقائه ويسترخص الثمن أيا كان
لا يبالي حتى بالناس من حوله
ورحم الله عبد الرحمن بن حسان بن ثابت حيث قال :
أبــــى لك فعل الخير رأي مقصر ... ونفـــس أضاق الله بالخير باعها
إذا هي حثته علــــــى الخير مرة ... عصاها وإن همت بسوء أطاعها
لقد وصلت الأمور بين سيدنا الحسين رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وخصومه إلى اتفاق وأن يعود الطرفان إلى حيث كانوا
ومن بعيد أطلق سهم شر أدى إلى ما نعلم من نتيجة
وما أجمل قول جثّامة بن قيس يهجو قوما
أنتم أنـــاس عظام لا قلوب لكم ... لا تعلمون أجاء الرّشد أم غابا؟
وتبصرون رؤوس الأمر مقبلة ... ولا ترون وقـــــــد ولّين أذنابا
وقلّما يفجــــــأ المكروه صاحبه ... إذا رأى لوجوه الشـــــر أسبابا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-         العقد الفريد (2/ 206)
-         الأمثال لابن سلام (ص: 159)
-         البصائر والذخائر (4/ 193)
-         عيون الأخبار (1/ 92)



إن كانت هناك عدالة، فإلى ما تشاء - وشذرات من حياة أمير المؤمنين هارون الرشيد

إن كانت هناك عدالة، فإلى ما تشاء
وشذرات من حياة أمير المؤمنين هارون الرشيد
في أحد رحلاته وعندما وصل إلى قرية كهناب ، وكان القحط قد حل في المنطقة ، فنصب أمير المؤمنين هناك ثلاثين قدرا أطعم منها الفقراء .
وفي كهناب عرف فيها دهقانها ، وهو أبو عبد الرحمن حمويه بن عباد النّيسابوريّ السراج الطّهمانيّ.
عني هذا الرجل بصيانة كل ما هو متعلق بالوسائل ذات الصلة بالزراعة ومنها قناة قديمة، قام الدهقان حمويه بعمارتها، وأجرى فيها الماء، ولذلك قيل لها «كهنه آب»  .
و يحلّ أمير المؤمنين هارون الرشيد ضيفا لديه ، ويسأله : كم تستطيع أن تستضيفني في أيام القحط هذه؟
ويشترط المضيف حموية على الضيف هارون الرشيد وهو حاكم الدنيا وقتها ، وكان أمير المؤمنين مريضا
قال حمويه : إن كانت هناك عدالة، فإلى ما تشاء.
قال: أي عدالة تريد؟
1-    أن لا يتعرّض للمزروعات والمحاصيل
2-    أن تأمر الشحنة وأعوانه أن لا يسرفوا في القش والحطب، لأن كلا الإتلاف والإسراف
مضر بالمنافع
ويقبل الرشيد بشروط دهقان كهناب
وعندما أراد هارون الرشيد التوجه إلى طوس، قال لوزيره الفضل بن الربيع، لقد كان لهذا الدّهقان يد بيضاء في تشييد معالم الضيافة، ولم يترك شيئا من أعمال المروءة، لذا فقد أصبح لزاما علينا أن نكافئه، وأن نصونه من العجب – أراد هارون الرشيد أن يبق على تواضع نفس الدهقان بطلب لا قدرة له باحضاره - ، وأن لا نضيع شيئا من أياديه وحسن خدمته.
فأعلن بختيشوع الطبيب في حضرة الخليفة، عن احتياجه للفلفل الأبيض، لعلاجه، فاستدعى الخليفة حمويه للمثول في حضرته، والوقوف خاشعا قرب سدّته، وقال له، أيها الدّهقان نحن بحاجة للفلفل الأبيض، وإحضاره فرض عليك، كي لا ينقص من ضيافتك لنا شيء.
ذهب حمويه وهو في حيرة من أمره إلى بيته، وكان له بنت عاقلة، فعرض الأمر عليها، وكان لتلك الفتاة عقد لؤلؤ مما لم يشاهد مثله. فقطعت البنت عقدها هذا ووضعته في طبق وأعطته إلى أبيها قائلة: اذهب إلى الخليفة وبعد التمهيد وتقديم الاعتذار قل له: لقد كان في بيتنا فلفل أبيض، لكن لما حل ظل راية الخليفة على هذه البقاع، وتحول الليل إلى نهار، وهزم الإقبال الإدبار، تحول الفلفل الأبيض إلى لؤلؤ قطري رطب. حفظ حمويه وصية ابنته وذهب إلى الخليفة الذي رحب به وقال:
إذا الله سنّى عقد شيء تيسّرا
ولم ينقص من تلك الضيافة شيء وكان الختام أحلى من البدء، وأمر الخليفة بوضع خراج كهناب وهي قرية الدهقان عبد الرحيم عنه، وكان عبد الرحيم هذا ابن حمويه .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-         تاريخ بيهق/تعريب (ص: 147)
=======
كهناب التي تدعى «لويد سي» ويسميها بعضهم «لوسي» ، و «لوسي» تعني الثعلب بلسان البيهقيّين وتقع جنوب نيسابور
ـــــــــــــــــ
الدهْقَان بِكَسْر الدَّال وَيُقَال بضَمهَا أَيْضا فَارسي مُعرب وهم زعماء فلاحي الْعَجم ورؤساء الأقاليم سموا بذلك لترفهم
مشارق الأنوار على صحاح الآثار (1/ 262)


ضع يدك على صدرك، فكما تجدني كذلك أجدك

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
لنحلف لمن نشاء أننا نحبه ، وأننا في حبنا هذا لا نسوق إلا الخير
ولنتبع قولنا : ولهذا معقول أن نغشك
لا شأن لنا إلا البحث عن مصلحتك
لنظهر محاسننا بأساليب وصور شتى
ولننسى أن للحب باب يقرؤه من أراد بسهولة ويسر
العين باب صادق لا يكذب من قرأه     
وهناك سبيل آخر لو أردنا ، ولمن أراد اكتشاف صدق المودة عند سواه
فقد كتب حكيم إلى حكيم: إذا أردت معرفة مالك عندي فضع يدك على صدرك، فكما تجدني كذلك أجدك.
ورحم الله ذو الإصبع حيث قال :
لا أســــــأل الناس عما في ضمائرهم ... ما في ضميري لهم من ذاك يكفيني
العقد الفريد (2/ 206)
قال محمود الوراق:
لا تســـــــــــــــــــــألنّ المرء عمّا عنده ... واســـــــتمل ما في قلبه من قلبكا
إن كان بغضا كان عندك مثله ... أو كــان حبّا فاز منك بحبّكا


ومن إشارات البلاء أن نحرم من يألفنا ونألفه

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
ومن إشارات البلاء أن نحرم من يألفنا ونألفه
ليبعد السرور عنا ، بعد المشرق عن المغرب
وتتعاقب الهموم فقَلَّ مَا تَرَانَا نتجاوز عَقَبَةً مِنَ الْبَلاَءِ إِلاَّ صِرْنَا فِي أُخْرَى
نبحث عن تفريج هم مهما قل ، لنجد طرقه موصدة ، ودروبه مقفلة
ورحم الله القائلة
دُنيا نَراها تُرينا من تَصَرُّفها ... مَـا لَا يدومُ مصافاةً وأحْزَانا
ونحنُ فِيهَا كأنّـــــا لَا نُزَايلها ... للعيش أحياؤُنا يَبْكُونَ مَوْتانا
ومن العقل في حال كهذه أن نستعين بالصبر فلا سبيل سواه
أن نعيد النظر في أحوالنا فنسقط ما ساء منها ، أو على الأقل نبدأ
والعجيب أن صنفا منا غافل أو اختلط عليه الأمر
مقولته : وإن ما كبرت ما بتصغر ، وهو مثل عامي متداول في المعرة
ترى أنجعل الصغائر من الذنوب كبائر حتى نستقطب الفرج من ربنا
نار أحرقت جانبا من منزل أفنمدها لتحرق المنزل كله
عملا بمقولة : إن ما كبرت ما بتصغر
يا رب فرج همومنا ، واقضي حوائجنا بما يرضيك
وكان على خاتم فيثاغورس: شر لا يدوم خير من خير لا يدوم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-         الأدب الصغير – ابن المقفع (ص: 75)
-         الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي – النهرواني (ص: 118)
-         نثر الدر في المحاضرات - الآبي (7/ 18)



تسأل وتكثر السؤال وتتحرى

وتسأل وتكثر السؤال وتتحرى
فلن تجد مِنَ الناس لم تصبه مصيبة ، قل أثرها أم اتسع
وحتى من ولد للتو ، مصيبته أنه قد فقد من عمره مقدار ما رأى النور فيه
حُكيَ عَن الْإِسْكَنْدَر أَنه لما احْتضرَ كتب إِلَى أمه وَهِي بالإسكندرية: إِذا قَرَأت كتابي يَا أمه فاصنعي طَعَاما كثيرا وأطعميه للنَّاس، وَلَا تطعمي مِنْهُ إِلَّا من لم تصبه مُصِيبَة ، فامتثلت فبقي الطعام ولم يأتها أحد، ففطنت أنه أرسل يعزيها بنفسه .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نثر الدر في المحاضرات – الآبي  (7/ 19)
محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء – الراغب الأصفهاني(2/ 532)


من طبيعة الناس أن يستنكروا علينا كثيراً مما نقوله كلاماً ، أوما نقوم فعلا

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
ومما لا غرابة فيه ، وربما ومن طبيعة الناس أن يستنكروا علينا كثيراً مما نقوله كلاماً ، أوما نقوم فعلا
فيرشدنا إبليس قائلا موجهاً : ثبت أعصابك وأظهر التواضع لترفع مكانتك ، ولتثبت عليك صفة التواضع
ليقال : ما شاء الله هذا تواضع العلماء ، وهذا سلوك الأجلاء
من الفتنة أن نفعل ذلك ، لا بل هو من البلاء
وحتى يطمئن الناقد
نتابع فنقول : قل ما شئت - أشر عن الخطأ
هو حقك بل واجب عليك ، وعلى كل الناس
ثم نبحث ، وفي الخفاء عن وسيلة للانتقام ممن فعل
قد ننتقم
ولكن الله هو المنتقم
قد نمكر ، ويمكر الله ، والله خير الماكرين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-         آداب النفوس للمحاسبي (ص: 129)
-         الأمثال والحكم - الماوردي(ص: 264)
ـــــــــــــــــــــــــــ
وقال مِسْعَر بن كدام - رحمه الله-: ما نصحت أَحدًا قط إِلا وجدته يفتش عن عيوبي
الأمثال والحكم - الماوردي(ص: 264)
مسعر بن كدام بن ظهير، ويكنى أبا سلمة، من زهاد البصرة، وأسند عن أعلام التابعين، ومات بالكوفة سنة 152، وقيل 155 هـ


انظر لنفسك ما يزينها والتمس لقومك ما يصونهم

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
وقد قيل انظر لنفسك ما يزينها والتمس لقومك ما يصونهم
والأمر منسحب على مناحي الحياة كل ، وحتى الكلمة حين نضعها في غير مكانها فنحن نسعى لإذلالها
في علاقاتنا يجدر أن تتنوع حسب المواقف التي نحياها، وقيل الأرذال ينقادون بالخوف، والأخيار بالحياء، فاستعمل في الأولى البطش وفي الثانية الإحسان
أحد زملائي المدرسين رحمه الله ، استشارني في عمل يقوم به لتحسين واقعه المادي ، قلت لا بأس ولكن احرص على ما يناسب
اشتغل في مكتب لبيع السيارات وفي ظنه أن قد اشترط على صاحبه أن العمل محصور بطاولة ومسك حسابات الدفع
آه يا أبو جميل : لم تمض ساعة من وجودي إلا وصاح رب العمل : ديه أستاذ اغسل الكاسات واعمل لنا براد شاي
قال : جاملت وفعلت
ومن ثم ديه : ضيف الشباب ، وفعلت
أستاذ : اسمح الطاولة ، والله والمكتب بدو تنظيف
وكان ذلك آخر ما سمعت
استأذنته ولم أعد
مدرس آخر عمل في سوق الهال ونصحته : فقال أيضا هي الحسابات بس
وعمل ليومين وانسحب
يا أستاذ هشام إذا بدو يصحلك بقلك تعا يا ……..
وأجاب المدرس لا تكمل : هذا قلمك وأنا ذاهب
جربت بنفسي العمل سنة 2005 م وأيضاً عمل حسابي
وبغرفة خاصة لا شأن لي سوى تسجيل حسابات مكتب لتعهد المباني
عذبت نفسي بمشاهدة الرشاوي لمن كنت أظنهم على خلق
وكنت مضطرا لسماع الألفاظ الفاحشة وإن كانت خارج مكتب عملي
ورحم الله أمير الحرمين حيث قال :
قوّض خيامك عن أرض تهان بها ... وجــــــــانب الذّلّ إن الذّلّ مجتنب
وارحل إذا كانت الأوطان منقصة ... فالمندل الرّطب في أوطانه حطب
-----------
-         وصايا الملوك – الخزاعي (ص: 34)
-         ديوان الصبابة (ص: 17)
-         المقتطف من أزاهر الطرف – سعيد المغربي الأندلسي(1/ 102)