الجمعة، 31 يوليو 2015

من صنع الرشيد

من صنع الرشيد
هم سلفنا
لمن شاء أن يدرك حالهم
نعود لسيرتهم ، نتعلم فننطلق
ولا نتغنى لنقول كان أبي
بل لنقول ها أنا ذا
ومما يذكره المؤرخون وأصحاب السير من صنع الرشيد للفقهاء وعلومهم، هذا الخبر الذي يروى عن زاهد وقته وعالم دهره عبد الله بن المبارك المتوفى سنة 182هـ : وذلك أن الرشيد حين قدم الرقة؛ لقي عبد الله هذا، فلما هم بالقيام من عنده - وكان قد زاره في داره- قال ابن المبارك: يا أمير المؤمنين، إني أخشى أن يكون العلم قد ضاع قبلك كما ضاع عندنا، فقال الرشيد: أجل، إنه ما قلت. ثم لما قدم الرشيد العراق كان أول ما ابتدأ فيه النظر:
أن كتب إلى الأمصار كلها، وإلى أمراء الأجناد:
أما بعد
فانظروا من التزم الأذان عندكم، فاكتبوه في ألف من العطاء
ومن جمع القرآن وأقبل على طلب العلم وعمر مجالس العلم ومقاعد الأدب، فاكتبوه في ألفي دينار من العطاء
ومن جمع القرآن وروى الحديث وتفقه في العلم واستبحر، فاكتبوه في أربعة آلاف دينار من العطاء
وأشار في كتابه فقل : وليكن ذلك بامتحان الرجال السابقين لهذا الأمر من المعروفين به من علماء عصركم وفضلاء دهركم، فاسمعوا قولهم وأطيعوا أمرهم فإن الله تعالى يقول: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} .
وهم أهل العلم.
قال ابن المبارك: فما رأيت عالمًا ولا قارئًا للقرآن ولا سابقًا للخيرات ولا حافظًا للمحرمات في أيام بعد أيام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيام الخلفاء والصحابة أكثر منهم في زمن الرشيد وأيامه.
وهذا الخبر مناقب الرشيد - رحمه الله- وهي كثيرة لا تضيق من دونه
وقد صحت الرواية بأنه ما اجتمع على باب خليفة قبله ما اجتمع على بابه من الشعراء وأهل الأدب، وقد كانت يتفقدهم ويتقدم في طلبهم ويحظيهم ويفضل عليهم، وما هذه الرواية إلا بسبيل من تلك، ولتلك أقرب إلى الحق وأعلق بأسباب الزمن.
- تاريخ آداب العرب – مصطفى صادق الرافعي (2/ 82)

البراطيل تنصر اﻷباطيل

«إن البراطيل تنصر الأباطيل» .
==============
البرطيل : حَجَرٌ أو حديدٌ فيه طول يُنقَرُ به الرَّحَى ومنه كان استخدام الكلمة كناية عن الرشوة

الخميس، 30 يوليو 2015

إذا جهلت فأسأل

إذا جهلت فاسأل
وإذا زللت فارجع
وإذا أسأت فاندم
وإذا ندمت فأقلع

لغتنا شرفنا

لغتنا شرفنا
هي ساحرة بكل المقاييس
العرب توهموا السحر ما توهموه
فلما أنزل الله كتابه
فقال العرب : هذا هو السحر المبين.
وكانوا يأخذون في ذلك بباطن الظن
ثم تحولوا فأخذوا هذا بحق اليقين (أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنْتُمْ لَا تُبْصِرُونَ)
فسبحان من جعلها لغة الفرآن الكريم
إعجاز القرآن والبلاغة النبوية للرافعي (ص: 24)

جور السلطان مقتض لجدب الزمان

جور السلطان مقتض لجدب الزمان
حكى ابن عباس رضي الله عنهما: إن الأرض لتزّيّن فى أعين الناس إذا كان عليها إمام عادل، وتقبح إذا كان عليها إمام جائر.
وأن ملكا من الملوك (كسرى أبرويز ) خرج يسير في مملكته متنكرا، فنزل على رجل له بقرة تحلب قدر ثلاث بقرات، فتعجب الملك من ذلك وحدثته نفسه بأخذها، فلما كان من الغد حلبت له النصف مما حلبت بالأمس،
فقال الملك: ما بال حلبها نقص أرعت في غير مرعاها بالأمس؟
فقال: لا ولكن أظن أن ملكنا رآها أو وصله خبرها فهم بأخذها، أو قال : فنقص لبنها أو فرض أتاوة عليها ، فإن الملك إذا ظلم أو هم بالظلم ذهبت البركة. فتاب الملك وعاهد ربه في نفسه أن لا يأخذها ولا يحسد أحدا من الرعية، فلما كان من الغد حلبت عادتها.
نهاية الأرب في فنون الأدب - النويري(6/ 36)
التذكرة الحمدونية – ابن حمدون (3/ 215)

للشباب

للشباب
قيل لإعرابية ظريفة :
ما بال شفتيكِ مشققة؟
فقالت:
إن التين إذا حلا تشقق
والورد يتشقق إذا مسه الندى.

الأربعاء، 29 يوليو 2015

من كلام الحكمة

العجول مخطىء وإن ملك
والمتأني مصيب وإن هلك

أيام كان القلب أكبر من العقل

أيام كان القلب أكبر من العقل
أيام كان العامي يرفض الاستهزاء بكتاب الله حتى دون أن يدرك القصد وإنا كان صحيح
روى المسعودي: أن أبا خليفة الفضل بن الحباب الجمحي المتوفى سنة 305هـ "وكان فصيحًا معربًا لا يتكلف الإعراب بل صار له كالطبع لدوام استعماله إياه من عنفوان حداثته، خرج مع بعض أصحابه متفكهين إلى نهر من أنهار البصرة وقد غيروا ظواهر زيهم كيلا يعرفهم الناس، وكان ذلك أيام المبادئ وهي الأيام التي يثمر فيها التمر والرطب فكبسونه في القواصر "أوعية التمر" تمرًا؛ وتكون حينئذ البساتين مشحونة بالرجال ممن يعمل في التمر من الأكرة "الزراع" وغيرهم، فلما أكلوا قال بعضهم لأبي خليفة غير مكن له خوفًا أن يعرفه من حضر من العمال في النخل: أخبرني "أطال الله بقاءك" عن قول الله عز وجل: {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا} هذه الواو ما موقعها من الإعراب؟ قال أبو خليفة: موقعها رفع، وقوم "قوا" هو أمر للجماعة من الرجال. قال له: كيف تقول للواحد من الرجال وللاثنين؟ قال: يقال للواحد من الرجال: ق، وللاثنين قيا، وللجماعة قوا.
قال: كيف تقول للواحدة من النساء، وللاثنين، وللجماعة منهن؟ قال أبو خليفة: يقال للواحدة قي، وللاثنتين قيا، وللجماعة قين.
قال: فأسألك أن تعجل بالعجلة: كيف يقال للواحد من الرجال والاثنين والجماعة وللواحدة من النساء والاثنين والجماعة منهن؟
قال أبو خليفة "وهو ينطق" عجلان: ق، قيا، قوا، قي، قيا، قين.
وكان بالقرب منهم جماعة من الأكرة، فلما سمعوا ذلك استعظموه، وقالوا:
يا زنادقة، أنتم تقرءون القرآن بحرف الدجاج..؟ وغدوا عليهم فصفعوهم؛ فما تخلص أبو خليفة والقوم الذين كانوا معه من أيديهم إلا بعد كد طويل.
تاريخ آداب العرب – مصطفى صادق الرافعي (2/ 82)

من فقد حبيبا واراه التراب فليسره في قبره

سبحان الله الرحيم الرحمن
من فقد حبيبا واراه الترب
فليسره في قبره
برا ودعاء وزيارة
فعن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه كان يَقُولُ :
قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إِنَّ أَعْمَالَكُمْ تُعْرَضُ عَلَى أَقَارِبِكُمْ وَعَشَائِرِكُمْ مِنَ الْأَمْوَاتِ، فَإِنْ كَانَ خَيْرًا اسْتَبْشَرُوا بِهِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ، قَالُوا: اللهُمَّ لَا تُمِتْهُمْ، حَتَّى تَهْدِيَهُمْ كَمَا هَدَيْتَنَا
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَيَرْفَعُ الدَّرَجَةَ لِلْعَبْدِ الصَّالِحِ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: يَا رَبِّ، أَنَّى لِي هَذِهِ؟ فَيَقُولُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا: "مَا مِنْ أَحَدٍ يَمُرُّ بِقَبْرِ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ، كَانَ يَعْرِفُهُ فِي الدُّنْيَا، فَيُسَلِّمُ عَلَيْهِ، إِلَّا رَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِ رُوحَهُ، حَتَّى يَرُدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ
وَرَوَى ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا فِي كِتَابِ الْقُبُورِ عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَا مِنْ رَجُلٍ يَزُورُ قَبْرَ أَخِيهِ وَيَجْلِسُ عِنْدَهُ، إِلَّا اسْتَأْنَسَ بِهِ وَرَدَّ عَلَيْهِ حَتَّى يَقُومَ".
====================
- مسند الإمام أحمد (16/ 356)
- سنن ابن ماجه (4/ 631)
- مسند الإمام أحمد (20/ 114)
- تفسير ابن كثير (6/ 325)
---------------------------------------
رحمكم الله يا أحبتنا
ورحم الله نساء المسلمين ورجال

يغلب على المرء طبع أهله

يغلب على المرء طبع أهله
والكرم والبخل نقيضان
حكى بعض أهل الأدب  قال: كنت في سفر فضللت عن الطريق فرأيت بيتا في الفلاة فأتيته، فإذا به أعرابية فلما رأتني قالت: من تكون؟
قلت: ضيف. قالت: أهلا ومرحبا بالضيف، إنزل على الرحب والسعة
قال: فنزلت فقدمت لي طعاما فأكلت، وماء فشربت، فبينما أنا على ذلك إذ أقبل صاحب البيت
فقال: من هذا؟
فقالت: ضيف.
فقال: لا أهلا ولا مرحبا ما لنا وللضيف، فلما سمعت كلامه ركبت من ساعتي وسرت فلما كان من الغد رأيت بيتا في الفلاة فقصدته، فإذا فيه أعرابية فلما رأتني قالت:
من تكون؟
قلت: ضيف، قالت: لا أهلا ولا مرحبا بالضيف ما لنا وللضيف؟
فبينما هي تكلمني إذ أقبل صاحب البيت فلما رآني
قال: من هذا؟ قالت: ضيف.
قال: مرحبا وأهلا بالضيف. ثم أتى بطعام حسن فأكلت وماء فشربت فتذكرت ما مر بي بالأمس فتبسمت
فقال:مم تبسمك؟ فقصصت عليه ما اتفق لي مع تلك الأعرابية وبعلها وما سمعت منه ومن زوجته
فقال: لا تعجب إن تلك الأعرابية التي رأيتها هي أختي وإن بعلها أخو امرأتي هذه، فغلب على كل طبع أهله.
ثمرات الأوراق في المحاضرات - الأبشيهي (2/ 248)

الاثنين، 27 يوليو 2015

أحمد الحصري شيخ معرة النعمان

شيخ معرة النعمان
الشيخ أحمد ألحصري
وهو الرجل الذي سيبقى ذكره مقرونا بإذن الله تعالى بذكر الرجال الذين جعلوا خدمة هذا الدين حياتهم كلها ، فعبر أكثر من خمسة عقود من القرن الماضي كان هذا الرجل هو كل شيء بالنسبة للمدينة فهو شيخها وعالمها ووجيهها حتى غدت المدينة تعرف من خلاله ولازلنا نعرّف أنفسنا بأننا من بلد الشيخ أحمد ذلك العالم العامل تلك الشخصية التي كانت ولازال لها حضورها في كل بيت من بيوت المدينة بل وريفها ، وهل للأمة إلا أمثال هؤلاء يعتز بهم 0 والمدينة بأهلها تشهد للشيخ بأنه جعل من نفسه خادماً لهذا الدين خدمة العلماء العاملين ، وكان ديدنه رحمه الله تعالى في مصلحة سكان هذه المدينة ، فلقد كان أبا وأخا ومعلماً ، إن لجأت إليه تأكدت بأنه سيكون في قضاء حاجتك ما أمكنه ذلك ، تقابله فتشعر بالرهبة ، لكنك إن كلمته وجدت التواضع والسماحة وطيب النفس ،  وكان رحمه على خبرة واسعة في التعامل مع الناس على اختلاف وجوههم فقد خبر المنطقة بأكملها وخبر عادتها ، يراعي الشرع ويحكمه في حياته وهو القاسم المشترك بينه وبين الناس ، فهو في حرب دائمة مع كل ما يغضب الله تعالى فتراه آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر لا تأخذه في الله لومة لائم 0ولد الشيخ في شهر جمادى الأولى لعام 1327 هـ الموافق لشهر أيار عام 1909 والمعرة وقتها في ظل الخلافة العثمانية ، عاش رحمه الله طفولته في حالة من قلة ذات اليد ثم أتاه الله من سعته لكنه هو هو 0 بدأ الشيخ تعليمه في المعرة ولم يكن وقتها سوى مكتب للتعليم أسس في نهاية العهد العثماني ، ثم أكمل تعليمه في حلب وحلب هي محط أنظار المعريين في كل شيء ، انطلق إلى حلب تحمله رغبة جامحة في طلب العلم ، وفي حلب نال حظاً وافرا من التعليم مكنه من إتمام رسالته ، وصقلته معرفته ولقاؤه بالعديد من علماء حلب ، وكان قد انتسب فيها للمدرسة الخسروية فيها ، وهي غنية عن التعريف وصفها الشيخ الغزي في نهر الذهب في تاريخ حلب والشيخ راغب الطباخ في إعلام النبلاء في تاريخ حلب الشهباء وهو من أساتذتها وممن علم الشيخ أحمد فيها ، ومن خلال المدرسة تعرف على صديق عمره وشيخ حماة وعالمها الشيخ محمد الحامد رحمه الله تعالى0 تخرج الشيخ في بداية الثلاثينات وعاد لشق طريقه في العمل الدعوي الذي اختاره لنفسه ، عاد وهو يشعر أنّ المعرة التي غني تاريخها بفقهاء وعلماء عظام ذاع صيتهم في مصر والعراق والشام هي الآن شبه خالية من أمثال هؤلاء ولن نجحف الناس حقهم لقد عاصر الشيخ بعض العلماء من آل الرمضان والصبوح 0
مارس الشيخ التعليم الحكومي ليصبح بعدها خطيب المسجد الجامع ألعمري الكبير في المعرة 0 ولازال شخصه على منبر المسجد وهو كالأسد الهصور يرشد ويعلم يشير للخطأ ويعالج القضايا تهم الناس ، وكان البعض يتزمر من أن كان يطيل الخطبة يوم الجمعة ومع ذلك فهم حريصون على حضورها فلقد اتفق الناس على حبه ، كيف لا وهم يرونه حريص كل الحرص على مصالحهم بعيد في تصرفاته عن الشبهات والمصلحة الشخصية ، وكان للشيخ لقاء أسبوعي مع النساء في محمد المصري وهو من أبناء عمار بن ياسر رضي الله عنه يومي الاثنين والخميس
مآثر الشيخ في المعرة
الجمعية الخيرية
أنشأ الشيخ ولأول مرة في المعرة جمعية خيرة كانت غايتها تقديم المعونة لفقراء المدينة ( سميت بجمعية النهضة الإسلامية ) ، تعتمد في ذلك على التبرعات التي يدفعها الميسورين من أهل المنطقة والمدن المجاورة لها وقد حاول الشيخ أن يجمع في أعضائها كل الجادين في العمل من أهل المعرة بإشرافه وتوجيهه 0
معهد الإمام النووي للتعليم الشرعي
كان إنشاءه عام1382 هـ  1962م  فكان نقطة ضوء جليلة القدر في حياة الشيخ فلقد وجد ومن خلال معرفته الدقيقة للمنطقة بأن الحاجة ماسة لهذا النوع من التعليم ، ولاسيما في ريف المعرة ومن جهة أخرى فهو لا يريد أن يترك الساحة خالية من بعده ،  فكانت الفكرة من إنشاء المعهد أن يُعد المنتسب إليه إعداداً دينياً يتناسب وما هيأ له في المستقبل ، لقد اختار الشيخ اسم الإمام النووي ليكون اسماً لهذا المعهد ذالك الرجل الذي لن يغيب حبه عن قلوب المسلمين أبد الدهر ، وبذلك حمّل الشيخ نفسه مسؤولية الإشراف التربوي والمادي على طلاب المعهد الجديد واستطاع بفضل الله ومنته النجاح بذلك ولازال المعهد مستمر يخرج طلاب العلم من أبناء المنطقة عموما 0شارك الشيخ التدريس في البداية عالمان جليلان هما الشيخ أديب السمنة (الآمنة) وعالم جليل آخر هو الشيخ صبحي الجسري ( العدولي ) رحمهم الله تعالى 0
علم الشيخ
لقد كان رحمه الله تعالى عالما واسع الإطلاع على مذهب الإمام الشافعي رضي الله عنه كمان كان على دراية بالمذاهب الإسلامية وقد مارس الإفتاء عملياً ووظيفياً حتى وفاته رحمه الله تعالى ولست بالأهل لتقدير سعة علم الشيخ لكن الله منّ علي بلقاء بعض علماء دمشق الأجلاء وما التقيت واحداً وعُرفت من المعرة إلا وسئلت عن شيخنا فلقد أثنى عليه عالم سورية الشيخ المربي حسن حبنكة رحمه الله تعالى في لقاء لي معه في بيته في حي الميدان وكنت أحضر درسه العام بعد صلاة الفجر أيام الجمعة ، وفي لقاء لي مع الشيخ ملا رمضان البوطي رحمه الله تعالى ) الذي لازلت أذكر عذوبته فلقد كان يوم الثلاثاء بعد صلاة المغرب عام 1976 ، فأثنى عليه ثناءً يليق بالعلماء رغم أنه لم يلتق به ، وكذلك أثنى عليه الشيخ الدكتور محمد عوض حفظه الله 0                                 وهنا لابد من القول أنّ أمثال هؤلاء الرجال ما كانوا كذلك ليحصدوا الثناء بل هم رسل الإسلام اليوم ، دأبهم الحفاظ على سنة محمد صلى الله عليه وسلم وتسليم أمانة هذا الدين إلى شباب هذه الأمة نقية طاهرة 0
أقسم وأنا أكتب هذه الكلمات أني أكتب عن رجل انتقل إلى رحمة ربه وشكّل انتقاله فراغاً في المدينة لم يسد حتى اللحظة فالشيخ كان أباً لكل الناس في المدينة وبكل ما تعني هذه الكلمة ، يده في حل مشاكلهم ، كلمته لها قبول عجيب عند أهل المدينة بل وريفها إن تكلم في مجلس يرقب الناس كلامه فلم يعهد عنه أن يماري في الله أحداً ، لقد عالم بكل أحوال المنطقة  جند حياته لحل مشاكلها بما يرضي الله عز وجل ، وكان منبر المسجد الجامع الكبير أحد أهم وسائل التوجيه من خلال خطب الجمعة والمناسبات العامة الأخرى ، عادات سيئة كثيرة جعله الله سبباً في زوالها رحمك الله يا شيخ المعرة وجزاك الله من خير ما يجزي عباده الصالحين 0
ورع الشيخ
لقد كان حياته كلها صورة للمؤمن الذي يراعي الله في شؤون حياته بعيداً عن الكبر متواضعا تواضع العلماء همه الصلاح والإصلاح ترك الدنيا وراءه لا يبتغي مغنما دنيوياً ولا يروم مكانة اجتماعية مع أنه كان سيد هذه المدينة دون أن يسوده الناس ، والقصص التي تؤيد ما قلناه كثيرة  ومن القصص الطريفة والتي حصلت مع الشيخ وأحب روايتها والتي تؤكد حاجتنا للعلماء العاملين وكانت قبل وفاته رحمه الله تعالى حيث نوى الحج لبيت الله الحرام إلا أن السيد الوزير رفض منحه إجازة للحج واشترط لذلك لقاءه فهذب الشيخ إلى دمشق فوجد عند السيد الوزير كل الحفاوة والحب لقد أراد تكليفه برئاسة وفد الحجيج السوريين لكن الشيخ رفض متعذرا بعامل السن وأنه لا يستطيع تقديم خدمات للحجاج تتناسب وما ستنفقه الدولة عليه مع العلم أن هذا المنصب يحتاج وبالنسبة للكثيرين إلى التدليس ولن أقول أكثر 0
تحدث الناس عن كرامات حصلت للشيخ ولكنني أقول إنه وجوده بحد ذاته كرامة لله على أهل هذه المنطقة وبعد لقد توفي رحمه الله تعالى سنة/ 16 / 12 / 1406هـ الموافق لـ /21 / 8 / 1986/ لقد كان يوما صعباً وقاسياً فقد فيه الناس علماً وعالماً رحمك الله يا شيخنا وليس لنا إلا أن نذكرك بكل الخير فلقد كنت وكنت وكنت
أخوكم هشام

الطبيب الدمشقي وحكاية شهيد

الطبيب الدمشقي وحكاية شهيد
الحمد لله حق حمده ، والصلاة والسلام على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعه ألى يوم الدين 0
وبعد أقول في مدينة تشرفت بأقدام أبي عبيدة وخالد بن الوليد وعبادة بن الصامت وغيرهم من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين ، ثم سكنها ووليها ومنحها اسمه النعمان بن بشير بن سعد الأنصاري أول مولد للأنصار بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وقتل سنة أربع وستين للهجرة في محافظة حمص في منطقة تعرف بـ ( وادي حر بنفسه ) رضي الله عنه وأرضاه 0
في هذه المدينة التي تذهب عميقا جذورها في التاريخ الإنساني جرت تلك الحكاية التي سأرويها لكم ، معتبراً نفسي مصدرا لروايتها ومسؤولا عن مصداقيتها 0
فأنا سأنقل عن أناس أصبحوا كلهم في ذمة الله تعالى ، وهم المصدر الوحيد فيما سأتحدث عنه ، وللعلم كان بعضهم في سن العاشرة أو زاد عن ذلك بعدة سنوات وقت كان الطبيب الدمشقي حيا يمارس مهنته الإنسانية في مدينة المعرة 0
وهم والد الحاج مطيع العلوان وكان من المعمرين في المعرة وطالب الحراكي والحاج لطفي الجندي وهو من كان الدمشقي يسكن في بيته أي بيت والده وأبو رياض الجندي ، والحاج نوري الصبوح ، إضافة للحاج قدور العلوان والد عمر العلوان وهو من المعمرين في المعرة فهو ووالد الحاج مطيع العلوان توفوا عن عمر زاد المائة وخمس سنوات رحم الله الجميع ، وأسكنهم فسيح جناته 0
سؤال أوجهه لنفسي أن كيف ولماذا اهتممت بهذا الرجل فلم أجد جوابا ، زرت مقبرة الشيخ حمدان مرات وكنت ألحظ القبر من اسمه ، وهو قبر ميزه أهل المعرة عن غيره وربما عن قصد لتمييزه عن جميع قبور المقبرة ، بشكله وشهادتيه ، لقد وجدت نفسي يوما مهتما بهذا الرجل ، وبدأت أبحث عن أي معلومة تزيدني معرفة به ، ساعدني بذلك قريب لي هو الحاج عمر الأبرش ( الحرامي ) رحمه الله تعالى وكان مهتما أيضا بتربة هذا الرجل وإعادة ترميمها إضافة لابراز اسمه والسعي لإطلاقه على إحدى المؤسسات الحكومية 0
قمنا بنقل الشاهدة الرئيسية للقبر والاحتفاظ بها زمان حيث بقية عند الحاج عمر الأبرش سنين طولا ،حتى تم إعادتها بعد ترميم القبر من قبل نقابة الأطباء في سوريا 0
بدأت بكبار السن ممن يمكن أن يعرف الرجل ومن الرجال الذين ذكرتهم سابقاً
وكنت أسأل من هو الطبيب الدمشقي فكنت ألتقى الإجابة التي أجمعوا عليها ؟ نعم هو حسني أفندي ، ومتى قدم المعرة ؟ جاء مرافقا لجيش الثورة العربية مع الأمير عبد الله ، لِم استقر في المعرة ؟ لا نعلم 0 أقول ولعله رحمه الله تعالى عمل بالحديث الشريف فعن الزبير بن العوام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : البلاد بلاد الله، والعباد عباد الله، فحيثما أصبتَ خيراً فأقِمْ - ، مسند الإمام أحمد (2/ 198) 0
ومع استمرار السؤال تكون لدي كم مقبول من المعلومات عن ذلك الرجل ،فما نعرفه أنه هو طبيب حكومي مارس منهته في السريا القديمة وسط المدينة القديمة إلى الغرب من الجامع الكبير ، وهو من أبناء دمشق 
وهو متزوج ؟ فهو أب لثلاثة أبناء ولد وابنتين
زار دمشق بعد إقامته في المعرة في أغلب الظن مرة واحدة وقد غادرت عائلته المدينة بعد وفاته وانقطعت صلتهم بها 0
كيف هو شكله لباسه ؟ وكانت كل الإجابات متماثلة نقلتها إلى مدرس الرسم في المدرسة وهو من المدرسين الفنانين على مستوى الجمهورية العربية السورية (الأستاذ طه الإبراهيم من بلدة معرشمشة 0فقام برسم وافقة الصفات التي ذكرت عنه وقد لاقت قبول عند من عرفه 0
والمشكلة التي كانت مثلت العقبة لدي هي معرفة نسبه ، فالدمشقي لم تكن كنيته في أغلب الظن بل إلحقت به بعد إقامته في المعرة باعتباره من مدينة دمشق 0
سنين حاولت التأكد من ذلك وقد ساعدني في ذلك الأستاذ كامل شحادة مدير متحف المعرة والحاج عمر الأبرش رحمهم الله تعالى 0
اعتمدنا على على الجريدة الرسمية للحصول عن أي معلومات إضافية تفيدنا في ذلك ، وللدكتور عبد السلام العجلي جهد مشكور في البحث عن حياة ذلك الرجل ومن يمت إليه بصل 0وقد استمر البحث والإعلان لمدة زادت عن السنتين دون جدى تذكر 0
ومهما يكن من أمر فالرجل عاش في المعرة لمدة عامين اثنين كان من خلالهما أنموذجا للتواضع والإخلاص في في عمله الإنساني ، وهكذا عرفه أهل المدينة ولهذه الصفات أحبوه ، كيف وهو يعالج الكبير والصغير لا يأل ذلك أن كان ليلا أو نهارا ، ممتنعا عن ذلك أي مقابل سوى الأجر الشهر الذي خصصته له الدولة0
فهو بذلك طبيب سوري درس الطب في مصر وتخرج من جامعة القاهرة ومارس المهنة في دمشق بداية ثم تحول بعدها للمعرة ليكون أول طبيب مجاز سكن المعرة ومارس فيها مهنته في العصر الحديث 0
وإن كان تاريخها يعج بأطباء عظام شاع صيتهم ، فكان طبيب أبو جعفر المنصور الخاص من المعرة وكان الطبيب المرافق لنور الدين زنكي رحمه الله من أهل المعرة 0
إلا أنها عانت خلال القرنين الثاني والثالث عشر الهجريين الثامن والتاسع عشر الميلاديين من تدني الحالة القافية بشكل عام لأسباب معروفة لست بصدد الحديث عنها0
ولنعد لصورة الأحداث التي أدت إلى وفاة الرجل ، فسوريا لم تعد حرة كما حلم قادة الثورة العربية ومفكروها بعد زوال الخلافة العثمانية أو إن شئنا خروج الأتراك من بلادنا ، بل تحولت مباشرة لتصبح تحت سيطرة القائد الإنكليزي إدموند هنري ألنبي بين سنتي 1336- 1337 هـ 1918 – 1919 م ، تشكلت حينها سلطة عربية من عدة حكومات مؤقتة كحكومة محمد سعيد الجزائري وحكومة علي رضا باشا الركابي ومن ثم فيصل بن الشريف حسين إلى أن تمت السيطرة الفرنسية للجنرال هنري جوزيف أوجين غورو 0
هذا في الإطار العام لسوريا أما فيما يتعلق بمدينة معرة النعمان ، فلقد دخلها الفرنسيون قادمين من لبنان قبل دخول غورو دمشق ، ومع وصولهم إليها بدأت حركة المقاومة الوطنية ضدهم ، من خلال ما عرف المقاومة الشعبية وكانت تمثل رد فعل ذاتية ضد المحتل الفرنس وعلى شكل مجموعات ثم التفت حول قيادة هنانو فيما بعد 0
وقد عرف هؤلاء المقاومون في المعرة بتعبير عامي ( الجتا ) ومع بدء هذه المعارك مع الفرنسيين برز دور الطبيب الدمشقي رحمه الله تعالى 0 الذي مثّل بيته الواقع في الحي الشمالي – وهو منزل الحاج لطفي الجندي يرحمه الله تعالى المشفى الذي يستقبل مصابي المعارك من المعريين وغيرهم ، حيث استخدم الدمشقي المغارة الموجودة في البيت لإخفاء المصابين وعلاجهم ( والمغارة قبو للمهام الخاصة وملاذ يختبؤون به ورما كان موصولا بمغارة الجوار أحيانا له باب جانبي أوأرضي مخفي ، وكانت موجودة في كل بيوت المعرة تقريباً ومعروفة منذ عهد الغزو الفرجي لها قبيل نهاية القرن الخامس الهجري)0
وللعلم أيضاً أنه لم يكن في المعرة صيدلية لبيع الأودية حينها ، بل كان والد الحاج نوري الصبوح يرحمه اله تعالى هو بائع الأودية الوحيد في المدينة وهي في معظمها أدوية طبيعية مما يحتاج الناس فأصبح المصدر الوحيد لأودية الدمشقي في عمله وكان بيته غير بعيد عن منزل الدمشقي رحمه الله تعالى 0
استخدم الدمشقي مغارة بيته كمكان للعناية بأصحاب الحالات الخاصة من جرحى المجاهدين والعناية بهم 0
إلا أن سلاح الغدر وعون الخونة أوصل الفرنسين لوجود بعض الجرحى من شجعان المعرة وجبل الزاوية لديه0
ففاجئه الضابط الفرنسي برنار دي سفير وهو برتبة الملازم أول ، والمسؤول عن منطقة المعرة وجسر الشغور مع ثلة من الدرك الفرنسي ليلاً بزيارة خاصة كان هدفها التأكد من الخبر ومدى صحته 0
أحرج الطبيب الدمشقي من تلك الزيارة للجند الفرنسيين وكان منهم العربي والإفريقي ولا سيما السنغالي ، وعلم أن الزيارة لن تنتهي دون تفتيش المنزل ، فاستأذن للإعداد الشاي للملازم الفرنسي ومن برفقته - وكان الشاي وقتها مشروب العائلات الميسورة في المعرة – في حين أرسل من يخدم في البيت إلى والد الحاج نوري الصبوح يطلب مادة الزرنيخ ، ليضعها في الشاي الذي سيقدمه للفرنسيون ، إلا أن قدر الله لم يكن كالذي خطط له فطلب الضباط الفرنسي منه شرب الشاي وكأنه قرأ في وجهه ما قد خبأ من كيد له ولمرافقيه 0
تململ الدمشقي وتعلل وعندها أُشْرِب الشاي مكرها فأدى ذلك لوفاته ، ثم قام الفرنسييون بأخذه معهم ومن ثم دفنه ليلا وإخفاء معالم القبر 0 وما ذكرته هو نقل عن العناصر العربية التي شهدت ما حدث وقتها ومن ثم نقلوه إلى أهل المعرة بعد ذلك 0
فُقِد الدمشقي أياما سواء في مقر عمله في السرايا الحكومي ، وكذلك في الأمكنة التي كان يرتادها كمضافة آل الجندي وآل الحراكي ثم شاع الخبر بفقده ليعم أرجاء المدينة التي حاول أهلها استجلاء الأمر دون طائل 0
إلا أن مشيئة الله أبت أن يبقى خبر هذا الرجل في طي الكتمان فبعد أكثر من أسبوعين توفي رجل من أهل المدينة ومن الحي الذي يسكنه الدمشقي وكان من عادة أهل المعرة – ولازال الأمر معروفاً ما أمكن ذلك - أن يدفن الميت قرب أقربائه 0
وكان من قدر الله أن يكون المكان الذي اختير لحفر القبر هو نفسه المكان الذي دفن فيه الطبيب الدمشقي من قبل الفرنسيين ، فعند القيام بحفر القبر وجد من يقومون بالحفر أن التراب قد ردم حديثا فخُشي من وقوع جريمة قتل ما ، وعندما تابعوا الحفر وجدوا جسد الدمشقي مدفونا بثيابه ! 0
شاع الخبر بين أهل المدينة الذين قاموا بما يتوجب عليهم تجاهه ، حيث كفن وأعيد دفنه وجعلت له حجرة ميزواها في شكلها عن باقي القبور كعلامة تميزه عن بقية القبور ، وللتذكير فعادة إبراز  القبور لا زالت متفشية في بلادنا 0
ولعلي هنا لن أبالغ في الرفع من شأن الرجل الذي غدا في ذمة الله تعالى ولكنني سأنقل لكم ما سمعت وبطريق الصدفة من أحد أبناء المعرة وهو رجل لم يعرف الدمشقي قط ، ولا يدري شيئا عن حكايته وهو الحاج ( سعيد الضبلط ) يرحمه الله تعالى ، وكان في شبابه يعمل معماراً وصانعا لحُجَر المقبرة وكان من العادة ومنذ أكثر من ثلاثة عقود أن يقومون صانعوا الحجر بإعادة بنقض القبر حتى ما يسمى بالشطيحة وهو الحجر الذي يوضع على صندوق القبر - وقد يقومون برفع الشطائح كنوع من الفضول – ثم يضعون الحجارة ويصبون عليهم الاسمنت كقاعدة لما سيبنى عليها على سطح الأرض 0
وأعود لما روى الحاج سعيد الضبلط وكان حاضر في جنازة ، خلال دفن أحد شباب المعرة الذي توفي بحادث سيارة سنة 1419 هـ 1998 م وكنت أنا وقتها في جملة من شيع الجنازة فكان لا بد لي من زيارة الدمشقي والدعاء له بما يسر الله لي ، فوجدت الحاج سعيد الضبلط واقفا وقد تحلق معه ثلة ممن رافق الجنازة يشرح لهم أشياء تخص القبر 0
رجوته أن يعيد ما ذكر فقال : منذ أكثر من عشرين سنة كنت أقوم بتركيب الحجرة القربية من قبر هذا الرجل وكان على غير حالته التي هي عليه الآن ، فقد جددت حجرته - ثم تابع وهو لا يعلم مدى اهتمامي بصاحب هذا القبر فقال فعندما وصلنا للشطائح ونتيجة للحفر فتح جزء من ناحية القدمين لصاحب هذا القبر وساقني الفضول لأعلم مدى ابتلاء صاحبه فوجدت أمراً غريبا أدهشني وأثارني ( جسد بارد وكفن بحاله وكأن الميت مات للتو ) ثم تابع وقال فخرجت من القبر الذي كنا نحفره لأطلع على اسم صاحب القبر ومن هو فكان الطبيب الشهيد حسن حسني الدمشقي فدعوت من كان معي ليطلعوا على أمرا جلل رجل مات سنة مات منذ أكثر من خمسين سنة وهو كأنه يوم دفن 0
فأقسمت بالله عليه فأقسم الرجل قسم الواثق من نفسه وقد تغلفني الصمت واعترني الدهشة لحظات لمعلومة هي في ذمة الراوي 0 ثم توجه إلي قائلا بعد عرفني ( يا أستاذ ليش مستغرب الله قادر) وأنا احدثك عن رجل ليس من قرابتي ولا من أهلي ولم أعرف عنه شيئا سوى اسمه وأنت من عرفني به الآن ( بدك انكش القبر لفرجيك إنو كلامي صحيح وإن كنت كاذبا إدفنوني معه )
لم تنهي الحكاية فلقد تابعت والحاج عمر الأبرش والاستاذ كامل شحادة أمر الرجل حتى حصلنا على أذن رسمي بتسمية المدرسة التي كنت أتولى إدراتها باسم ( الطبيب الشهيد حسن حسني الدمشقي ) وكان موقعها جنوبي المعرة ومن ثم نقلنا إلى قرب مديرية الزراعة بالمعرة 0
اهتمت نقابة أطباء سوريا مشكورين وبالذات فرع إدلب بالأمر وقدموا ما يلزم لترميم القبر 0
لا بل أصبح الدمشقي عضوا فخريا في نقابة أطباء سوريا ومن جملت اهتمامي به فقد حصلت على صورة عن البطاقة الشخصية للضابط الفرنسي الذي أمر بقتل الدمشقي رحمه الله تعالى 0
هي حكاية أظنها حكاية شهيد
ولقد قلت :
هذا الضريح به الدمشقي المنتمي * للعز فــــــــــي أصل وأرفع منزل
نال الشهادة غربة من بعد مـــــــا * نـــــــــــاداه داع الحق أقبل فاعتل
مذ في الفدا دعاه تـــــاريخ الوفى * لبـــــــــــــى نداء الحق دون تمهل
وبعد فقبر الطبيب الشهيد حسن حسني الدمشقي موجودة في مقبر الشيخ حمدان في معرة النعمان بن بشير الأنصاري وفي الجهة الشمالية للمقبرة على مقبرة من الباب الشمالي وباتجاه الجنوب الشرقي منه بعدة أمتار0
محب الدمشقي
المدرس : هشام محمد كرامي