الأحد، 30 مايو 2021

أذن من طين، وأذن من عجين وفي المعرة يقولون : دانو طرشا وكذلك يقولون : سماع وفلّت

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

أذن من طين، وأذن من عجين

وفي المعرة يقولون : دانو طرشا

وكذلك يقولون : سماع وفلّت

من صور البلاء الذي نحن فيه وربما من أسرار وجوده أناس لهم آذان ولن لا رغبة لهم في السماع وصفهم الله تعالى فقال : وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعاءَ إِذا مَا يُنْذَرُونَ (45) سورة الأنبياء وقال الإمام القرطبي:  أَيْ مَنْ أَصَمَّ اللَّهُ قَلْبَهُ، وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ، وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً، عَنْ فَهْمِ الْآيَاتِ وَسَمَاعِ الْحَقِّ. فحاسّة السمع هي أول معلوميات الإنسان، وأول حواسه عملاً، وقبل أن يتكلم الطفل لا بُدَّ أنْ يسمع أولاً، لينطق ما سمعه؛ لأن السمع هو الإدراك الأول المصاحب لتكوين الإدراكات، والأذن تسبق العين في أداء مهمتها. والسمع هو الآلة التي لا تتعطّل عن مهمتها، حتى ولو كان الإنسان نائماً؛ لأن به يتم الاستدعاء؛ لذلك لما أراد الحق سبحانه أنْ يُنيم أهل الكهف هذه المدة الطويلة ضرب على آذانهم، وعطّل عندهم حاسة السمع حتى لا تُزعجهم أصوات الطبيعة خارج الغار، فقال: {فَضَرَبْنَا على آذَانِهِمْ فِي الكهف سِنِينَ عَدَداً} [الكهف: 11] . ومعنى: {وَلاَ يَسْمَعُ الصم الدعاء ... } [الأنبياء: 45] صحيح أنهم يسمعون، وآلة السمع عندهم صالحة للعمل، إلا أنه سماعٌ لا فائدة منه والمسألة ليست طبيعية في التكوين، إنما توجيه إدراكات، كأنْ تكلِّم شخصاً في أمر لا يعجبه، فتجده «أذن من طين، وأذن من عجين» ينصرف عنك كأنه لم يسمع شيئاً، كأحدهم لما قال لصاحبه: فيك مَنْ يكتم السر؟ قال: نعم سِرُّك في بير، قال: أعطني عشرة جنيهات، فردَّ عليه: كأنِّي لم أسمع شيئاً!!! .

ما من أحد يجهل أن الوطن والأهل أمانة لا يجوز العبث بها فكيف بمن سعى وكان سببا في ما حل فيه من بلاء .

ورضي الله عن عمرو الزبيدي حيث قال :

وَلَو نار نفخت بِها أَضاءَت .. وَلَكن أَنتَ تَنفخ في رَماد

لَقَد أَسمَعت لَو نادَيت حَياً .. وَلَكن لا حَياةَ لِمَن تُنادي

يا رب فرجك عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــــــــــ

تفسير القرطبي (11/ 292)

تفسير ابن كثير (5/ 345)

تفسير الشعراوي (15/ 9550)

 

عمرو الزبيدي

100 ق. هـ - 21 هـ / 525 - 642 م

عمرو بن معدي كرب بن ربيعة بن عبد الله الزبيدي. فارس اليمن، وصاحب الغارات المذكورة، وفد على المدينة سنة 9هـ، في عشرة من بني زبير، فأسلم وأسلموا وعادوا. ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم، ارتد عمرو في اليمن، ثم رجع إلى الإسلام، فبعثه أبو بكر إلى الشام، فشهد اليرموك، وذهبت فيها إحدى عينيه. وبعثه عمر إلى العراق، فشهد القادسية، وكان عصبي النفس، أبياً، فيه قسوة الجاهلية، يكنى أبا ثور.وأخبار شجاعتهُ كثيرة، له شعر جيد أشهره قصيدته التي يقول فيها:

توفي على مقربة من الريّ وقيل: قتل عطشاً يوم القادسية،

 

 

السبت، 29 مايو 2021

القضية هي حسن الختام ومن قصص بني إسرائيل لنا مثل

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

القضية هي حسن الختام

ومن قصص بني إسرائيل لنا مثل

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَمَا كَلْبٌ يُطِيفُ بِرَكِيَّةٍ، كَادَ يَقْتُلُهُ العَطَشُ، إِذْ رَأَتْهُ بَغِيٌّ مِنْ بَغَايَا بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَنَزَعَتْ مُوقَهَا فَسَقَتْهُ فَغُفِرَ لَهَا بِهِ» عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة، في شجرة قطعها من ظهر الطريق، كانت تؤذي الناس » فكيف بمن تعمد الأذى لأهله ووطنه تراه أين سيتقلب ؟ أفي نار جهنم ؟ أم في جنة عرضها السماوات ؟ أنا وحتى سواي ليس لنا الحكم على ختام أحد من الناس فنحن عباد لله إن شاء بعزته عذبنا وهو عدل منه ، وإن شاء برحمته وكرمه عفا عنا وأكرمنا بالجنة وهو عدل أيضاً .يَحْكِي أَنَّ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ كَانَتِ امْرَأَةٌ بَغِيًّا، وَكَانَتْ مُفْتِنَةً لِلنَّاسِ بِجَمَالِهَا، وَكَانَ بَابُ دَارِهَا أَبَدًا مَفْتُوحًا، فَكُلُّ مَنْ مَرَّ بِبَابِهَا رَآهَا قَاعِدَةً فِي دَارِهَا عَلَى السَّرِيرِ بِحِذَاءِ الْبَابِ، فَكُلُّ مَنْ نَظَرَ إِلَيْهَا افْتُتِنَ بِهَا، فَإِذَا أَرَادَ الدُّخُولَ إِلَيْهَا احْتَاجَ إِلَى إِحْضَارِ عَشْرَةِ دَنَانِيرَ، أَوْ أَقَلِّ أَوْ أَكْثَرِ، حَتَّى تَأْذَنَ لَهُ بِالدُّخُولِ عَلَيْهَا. فَمَرَّ بِهَا ذَاتَ يَوْمٍ عَابِدٌ مِنَ الْعُبَّادِ فَوَقَعَ بَصَرُهُ فِي الدَّارِ وَهِيَ قَاعِدَةٌ عَلَى السَّرِيرِ، فَافْتُتِنَ بِهَا فَجَعَلَ يُجَاهِدُ نَفْسَهُ وَيَدْعُو اللَّهَ تَعَالَى لِيُزِيلَ ذَلِكَ مِنْ قَلْبِهِ، فَلَمْ يَزَلْ ذَلِكَ عَنْهُ، وَكَانَ يُكَابِدُ نَفْسَهُ الْمُكَابَدَةَ الشَّدِيدَةَ حَتَّى بَاعَ قُمَاشًا كَانَ لَهُ وَجَمَعَ مِنَ الدَّنَانِيرَ مَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، فَجَاءَ إِلَى بَابِهَا وَأَمَرَتْ أَنْ يُسَلِّمَ ذَلِكَ إِلَى وَكِيلٍ لَهَا، وَوَاعَدَتْهُ وَقْتًا لِمَجِيئِهِ، فَجَاءَ إِلَيْهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَقَدْ تَزَيَّنَتْ وَجَلَسَتْ فِي بَيْتِهَا عَلَى سَرِيرِهَا فَدَخَلَ عَلَيْهَا الْعَابِدُ وَجَلَسَ مَعَهَا عَلَى السَّرِيرِ، فَلَمَّا مَدَّ يَدَهُ إِلَيْهَا وَانْبَسَطَ إِلَيْهَا، تَدَارَكَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِرَحْمَتِهِ وَبَرَكَاتِهِ وَعِبَادَتِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ، فَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَرَانِي فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَوْقَ عَرْشِهِ وَأَنَا فِي الْحَرَامِ، وَقَدْ أَحْبَطَ عَمَلِي كُلَّهُ فَوَسِعَتِ الْهَيْبَةُ فِي قَلْبِهِ. وَارْتَعَدَتْ فَرَائِصُهُ وَتَغَيَّرَ لَوْنُهُ. فَنَظَرَتِ الْمَرْأَةُ إِلَيْهِ فَرَأَتْهُ مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ فَقَالَتْ: أَيُّ شَيْءٍ أَصَابَكَ قَالَ: إِنِّي أَخَافُ رَبِّي، فَائْذَنِي لِي بِالْخُرُوجِ، فَقَالَت لَهُ، وَيْحَكَ إِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَتَمَنَّوْنَ الَّذِي وَجَدْتَهُ، فَأَيُّ شَيْءٍ هَذَا الَّذِي أَنْتَ فِيهِ؟ فَقَالَ لَهَا: إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ تَعَالَى، وَإِنَّ الْمَالَ الَّذِي دَفَعْتُهُ إِلَيْكِ هُوَ حَلَالٌ لَكِ فَائْذَنِي لِي بِالْخُرُوجِ، فَقَالَتْ لَهُ كَأَنَّكَ لَمْ تَعْمَلْ هَذَا الْعَمَلَ قَطُّ. قَالَ: لَا. قَالَتِ الْمَرْأَةُ: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ وَمَا اسْمُكَ؟ فَأَخْبَرَهَا أَنَّهُ مِنْ قَرْيَةِ كَذَا، وَاسْمُهُ كَذَا، فَأَذِنَتْ لَهُ ِالْخُرُوجِ فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهَا وَهُوَ يَدْعُو بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ، وَيَبْكِي عَلَى نَفْسِهِ، وَيَحْثُو التُّرَابَ عَلَى رَأْسِهِ. فَوَقَعَتِ الَهَيْبَةُ فِي قَلْبِ الْمَرْأَةِ بِبَرَكَةِ ذَلِكَ الْعَابِدِ، فَقَالَتْ فِي نَفْسِهَا: إِنَّ هَذَا الرَّجُلَ أَوَّلُ ذَنْبٍ أَذْنَبَهُ، وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِ مِنَ الْخَوْفِ مَا دَخَلَ، وَإِنِّي قَدْ أَذْنَبْتُ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا سَنَةٍ، وَإِنَّ رَبَّهُ الَّذِي يَخَافُ مِنْهُ هُوَ رَبِّي، فَخَوْفِي مِنْهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ أَشَدَّ، فَتَابَتْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى وَأَغْلَقَتْ بَابَهَا عَنِ النَّاسِ وَلَبِسَتْ ثِيَابًا خَلِقَةً، وَأَقْبَلَتْ عَلَى الْعِبَادَةِ. وَكَانَتْ فِي عِبَادَتِهَا مَا شَاءَ اللَّهُ. فَقَالَتْ فِي نَفْسِهَا إِنِّي لَوِ انْتَهَيْتُ إِلَى ذَلِكَ الرَّجُلِ فَلَعَلَّهُ يَتَزَوَّجُنِي فَأَكُونُ عِنْدَهُ فَأَتَعَلَّمُ مِنْ أَمْرِ دِينِي وَيَكُونُ عَوْنًا لِي عَلَى عِبَادَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَتَجَهَّزَتْ وَحَمَلَتْ مَعَهَا مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْخَدَمِ مَا شَاءَ اللَّهُ، فَانْتَهَتْ إِلَى تِلْكَ الْقَرْيَةِ وَسَأَلَتْ عَنْهُ، فَأُخْبِرَ الْعَابِدُ أَنَّهُ قَدِمَتِ امْرَأَةٌ تَسْأَلُ عَنْهُ، فَخَرَجَ الْعَابِدُ إِلَيْهَا فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ كَشَفَتْ وَجْهَهَا لِيَعْرِفَهَا، فَلَمَّا رَآهَا الْعَابِدُ عَرَفَ وَجْهَهَا وَتَذَكَّرَ الْأَمْرَ الَّذِي كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا، فَصَاحَ صَيْحَةً وَخَرَجَتْ رُوحُهُ وَبَقِيَتِ الْمَرْأَةُ حَزِينَةً، وَقَالَتْ: إِنِّي خَرَجْتُ لِأَجْلِهِ وَقَدْ مَاتَ، فَهَلْ مِنْ أَقْرِبَائِهِ أَحَدٌ يَحْتَاجُ إِلَى امْرَأَةٍ؟ فَقَالُوا: إِنَّ لَهُ أَخًا صَالِحًا لَيْسَ لَهُ مَالٌ، فَقَالَتْ لَا بَأْسَ، وَإِنَّ لِي مِنَ الْمَالِ مَا فِيهِ غُنْيَةٌ فَجَاءَ أَخُوُه فَتَزَوَّجَ بِهَا فَوَلَدَ مِنْهَا سَبْعَةً مِنَ الْبَنِينِ، كُلُّهُمْ صَارُوا أَنْبِيَاءَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.

يا رب نحن عبيدك فبعزتك انتقم ممن ظلمنا .

نسألك يا رب سوء الخاتمة لمن تسبب في بلائنا .

يا رب فرج بكرمك ورحمتك عن سوريا وأهل سوريا

ــــــــــــ

صحيح البخاري (4/ 173)

صحيح مسلم (4/ 2021)

تنبيه الغافلين بأحاديث سيد الأنبياء والمرسلين للسمرقندي (ص: 121)

الموق الذي يلبس فوق الخف فارسي معرب. 

الأربعاء، 26 مايو 2021

أحي سنة ما قدرت وهي بشرى تصدق وإن بكلمة خي

 

قبل أن نرقد

أحي سنة ما قدرت

وهي بشرى

تصدق وإن بكلمة خير

عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْيَزَنِيِّ، حَدَّثَنِي بَعْضُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ ظِلَّ الْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صَدَقَتُهُ»

مسند الإمام أحمد (29/ 579)

تأبط شراً

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

تأبط شراً

الحق أن الحذر لا يمنع القدر . كذلك لنعلم أن المرء مهما حاز من صفات وقدرات لن يصل إلى تمام القدرة ، ولن يبلغ كامل الذكاء . إلا من شاء الله أن يعصمه عن الزلل ، كان تأبط شراً يغير راجلاً مسيرة سبعة أيام يمشي الليل ويختفي نهاراً، وكان أجسر أهل زمانه وكان أحد السرعان، تطلبه الخيل فلا تناله ويفوتها بسرعة . قال الأصمعي: كان يثير الظبي، ثم يطلبه فيدركه،  قال أمّ تأبّط شرّا : «والله ما ولدته يتنا، ولا سقيته غيلا ولا أبتّه على مأقة» .فأمّا اليتن فخروج رجل المولود قبل رأسه، وذلك علامة سوء، ودليل على الفساد. وأما سقي الغيل، فارتضاع لبن الحبلى، وذلك فساد شديد. وَلَا أبتُّه على مَأْقَة تَعْنِي أَنه إِذا بَكَى لم أَدَعهُ ينَام حَتَّى أُبَيِّيَه، أَي أُضحكه وأُفرحه ثمَّ ينَام. ومع كل صفاته تخونه خبرته في تحسس ما ينال ولهذا قيل له تأبط شراً مر على حاو ( ساحر )  فسرق جرابه ( صرة ) وفيها حيات وظن أن فيها مالاً وانه تاجر فتأبطها. فلما خلا بها فتحها فرفعت إليه الحيات رؤوسها فألقاها وقتل الحيات - وقال: ضل عن سيده ولبده من حمل حتفه بيده

عوى الذئب فاستأنست إذ عوى ... وصوت إنسان فكدت أطير

رأى الله إني للبرية مبغض ... ويشنؤهم لي مقلة وضمير

وفيه يقول السليك بن السلكة أحد الغرابيب:

ينام بإحدى مقلتيه ويتقي ... بأخرى المنايا من خلال المسالك

إذا خاط عينيه كرى النوم لم يزل ... له كالي من قلب شيحان فاتك

ويجعل عينيه ربيئة قلبه ... إلى سلة من حد أخضر باتك

أقول : لقد طمع من تسبب في بلائنا بمغانم دنيوية ولربما نالوا ولحين حظاً منها على حساب تدمير الوطن وتشريد الأهل ، إلا أن ما هو مخبوء لهم في الغيب أن جهنم بانتظار بقدرة العزيز الجبار

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــــــــــــــــــــ

التيجان في ملوك حمير (ص: 252)

الحيوان (1/ 189)

 

باتك : قاطع

 

تأبط شرا: أبو زهير الفهمي، ثابت بن جابر بن سفيان، شاعر عداء من فتاك العرب في الجاهلية، وقيل أيضاً سمي تأبط شرا لأنه أخذ سيفا تحت إبطه وخرج، فسئلت أمه عنه فقالت تأبط شرا، توفي نحو سنة 80 ق. هـ

الثلاثاء، 25 مايو 2021

الغميصاء أُمَّ سُلَيْم بِنْت ملحان رَضِيَ اللَّه عَنْهَا امرأة كان مهرها الإسلام

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

الغميصاء أُمَّ سُلَيْم بِنْت ملحان رَضِيَ اللَّه عَنْهَا

امرأة كان مهرها الإسلام

الغميصاء. ويقال الرميصاء. وقيل سهلة. ويقال رميلة. ويقال بل اسمها أنيفة. ويقال رميثة. الأنصارية الخزرجية، تزوجها مالك بن النضر فولدت أنس بن مالك خادم النبي صلّى اللَّه عليه وسلم.

حين دخل الإسلام المدينة المنورة كانت نحو الأربعين من عمرها، وكان زوجها مالك بن النَّضر يسبغ عليها من وارف حبِّه، وظليل وداده لصفات تحلت بها مما ملأ حياتها نضرةً ورغدًا وكان أهل «يثرب» يغبطون الزَّوج السَّعيد على ما تتحلَّى به امرأته من رجاحة العقل، وبعد النَّظر، وحسن التَّبعُّل . أسلمت على يدي مصعب بن عمير رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَكَانَ زوجها غَائِباً فَقَالَ: أَصَبَوْتِ فَقَالَتْ: مَا صَبَوْتُ وَلَكِنِّي آمَنْتُ! وكان لمالكٍ صنمٌ من خشبٍ يعبده من دون الله، فكانت تحاجُّه في أمره قائلةً:

أتعبد جذع شجرةٍ نبت في الأرض التي تطؤها بقدميك، وترمي فيها فضلاتك؟! أتدعو- من دون الله- خشبةً نجرها لك حبشيُّ من صنَّاع المدينة؟!. وَجَعَلَتْ تُلَقِّنُ أَنَساً: قُلْ لاَ إِلَهَ إلَّا اللهُ قُلْ: أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً رَسُوْلَ اللهِ فَفَعَلَ. فَيَقُوْلُ لَهَا أَبُوْهُ: لاَ تُفْسِدِي عَلَيَّ ابْنِي. فَتَقُوْلُ: إِنِّي لاَ أُفْسِدُهُ! ولمَّا ضاق الزَّوج ذرعاً بحجج زوجته الدَّامغة رحل عن المدينة ومضى هائماً على وجهه متَّجهاً نحو بلاد الشام فَلَقِيَهُ عَدُوٌّ لَهُ فَقَتَلَهُ: فَقَالَتْ: لاَ جَرَمَ لاَ أَفْطِمُ أَنَساً حَتَّى يَدَعَ الثَّدْيَ وَلاَ أَتَزَوَّجُ حَتَّى يَأْمُرُنِي أَنَسٌ. فَخَطَبَهَا أَبُو طَلْحَةَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُشْرِكٌ فَأَبَتْ. عَنْ أَنَسٍ قَالَ: خَطَبَ أَبُو طَلْحَةَ أُمَّ سُلَيْمٍ فقالت: والله ما مثلك يردُّ يا أبا طلحة، ولكنَّك رجلٌ كافرٌ وأنا امرأةٌ مسلمةٌ، ولا يحل لي أن أتزوَّجك، فإن تسلم فذاك مهري ولا أريد منك صداقًا غير الإسلام.

فقال: دعيني حتَّى أنظر في أمري. ومضى . ولمَّا كان الغد عاد إليها وقال: أشهد أن لا إله إلاَّ الله، وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله. فقالت: أما وإنَّك قد أسلمت، فقد رضيتك زوجاً ... فجعل النَّاس يقولون: ما سمعنا بامرأة قط كانت أكرم مهراً من أمٍّ سليم إذ كان مهرها الإسلام. وفي سفر لأبي طلحة مات له طفل فقالت لأهلها: لا تحدثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون أنا أحدثه قال: فجاء فقربت إليه عشاء، فأكل وشرب، ثم تصنعت له أحسن ما كان تصنع قبل ذلك، فوقع بها، فلما رأت أنه قد شبع وأصاب منها، قالت: يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوما أعاروا عاريتهم أهل بيت، فطلبوا عاريتهم، ألهم أن يمنعوهم؟ قال: لا، قالت: فاحتسب ابنك، قال: فغضب، وقال: تركتني حتى تلطخت، ثم أخبرتني بابني فانطلق حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره بما كان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بارك الله لكما في غابر ليلتكما»

قال: فحملت، قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وهي معه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا أتى المدينة من سفر، لا يطرقها طروقا، فدنوا من المدينة، فضربها المخاض فاحتبس عليها أبو طلحة، وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يقول أبو طلحة: إنك لتعلم، يا رب إنه يعجبني أن أخرج مع رسولك إذا خرج، وأدخل معه إذا دخل، وقد احتبست بما ترى، قال: تقول أم سليم: يا أبا طلحة ما أجد الذي كنت أجد، انطلق، فانطلقنا، قال وضربها المخاض حين قدما، فولدت غلاما فقالت يا أنس لا يرضعه أحد حتى تغدو به على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أصبح احتملته، فانطلقت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فصادفته ومعه ميسم، فلما رآني قال: «لعل أم سليم ولدت؟» قلت: نعم، فوضع الميسم، قال: وجئت به فوضعته في حجره، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعجوة من عجوة المدينة، فلاكها في فيه حتى ذابت، ثم قذفها في الصبي، فجعل الصبي يتلمظها، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «انظروا إلى حب الأنصار التمر» قال: فمسح وجهه وسماه عبد الله . لقد كان من شأن أمِّ سليمٍ أنها أحبَّت رسول الله صلوات الله وسلامه عليه حبًا خالط منها اللَّحم والعظم، وسكن في حبَّة القلب. وقد بلغ من حبِّها له ما حدَّث عنه ابنها أنسٌ . فعن أنس بن مالك، قال: دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم ، فعرق، وجاءت أمي بقارورة، فجعلت تسلت العرق فيها، فاستيقظ النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «يا أم سليم ما هذا الذي تصنعين؟» قالت: هذا عرقك نجعله في طيبنا، وهو من أطيب الطيب . ومن شواهد حبِّها لرسول الله صلوات الله وسلامه عليه وهي كثيرةٌ وفيرةٌ، أن ابنها أنساً كانت له ذؤابةٌ تنوس على جبينه، فرغب إليها زوجها أن تقصَّها له بعد أن طالت فأبت ذلك؛ لأنَّ النَّبيَّ صلوات الله وسلامه عليه كان كلَّما أقبل عليه أنسٌ مسح رأسه بيده ومسَّ ذؤابته المدلاَّة على جبينه. شهدت يوم أحد تسقي العطشى وتداوي الجرحى مع عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها. وكذلك شهدت حنينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَتْ أُمُّ سُلَيْمٍ مَعَ نِسَاءِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهُنَّ يَسُوقُ بِهِنَّ سَوَّاقٌ. قَالَ: فَأَتَى عَلَيْهِنَّ النَّبِيُّ فَقَالَ: يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدَكِ سَوْقُكِ بِالْقَوَارِيرِ .

وهذه صورة من صور نسائنا

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا ببركة الصالحات من نسائنا

ـــــــ

الطبقات الكبرى – ابن سعد (8/ 312)

صحيح مسلم (4/ 1909)

شعب الإيمان (8/ 442)

سير أعلام النبلاء – الإمام الذهبي (3/ 531)

 

الغميصاء و الرميصاء : من أسماء نجم الشعرى وغمص أغمض العين وفتحها أي لا تكذب

رميلة : أي بعيدة عن التزييف

رميثة : الرمث نبات ورميثة الأرض المنبتة للرمث

الأحد، 23 مايو 2021

الرحمة من صلب ديننا ومن السيرة العطرة قصة

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

الرحمة من صلب ديننا

ومن السيرة العطرة قصة

والرحمة من معانيها الرأفة والحنان ومع ذلك نجد من ليس في قلبه ذرة رحمة بل يجد أن في الإجحاف والتعسف والجور راحة وسرواً . يطاول حتى من شاركه قول : لا إله إلا الله محمد رسول الله . فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ سَرِيَّةً فَغَنِمُوا، وَفِيهِمْ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُمْ: إِنِّي لَسْتُ مِنْهُمْ، عَشِقْتُ امْرَأَةً فَلَحِقْتُهَا، فَدَعُونِي أَنْظُرُ إِلَيْهَا ثُمَّ اصْنَعُوا بِي مَا بَدَا لَكُمْ، فَإِذَا امْرَأَةٌ طَوِيلَةٌ أَدْمَاءُ ، فَقَالَ لَهَا: أَسْلِمِي حُبَيْشُ قَبْلَ نَفَادِ الْعَيْشِ:

أَرَأَيْتِ لَوْ تَبِعْتُكُمْ فَلَحِقْتُكُمْ ... بِحلْيَةَ أَوْ أَدْرَكْتُكُمْ بِالْخَوَانِقِ

أَمَا كَانَ حَقًّا أَنْ يُنَوَّلَ عَاشِقٌ ... تَكَلَّفَ إِدْلاجَ السُّرَى وَالْوَدَائِقِ

قَالَتْ: نَعَمْ فَدَيْتُكَ، قَالَ: فَقَدَّمُوهُ فَضَرَبُوا عُنُقَهُ، فَجَاءَتِ الْمَرْأَةُ فَوَقَعَتْ عَلَيْهِ، فَشَهِقَتْ شَهْقَةً أَوْ شَهْقَتَيْنِ ثُمَّ مَاتَتْ، فَلَمَّا قَدِمُوا علي رسول الله صلى الله عليه وسلم أَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَحِيمٌ» .

ويسعد أناس بأخبار القتل لأن العفو غائب عن شيمهم

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــــــــــــــــــــــ

عيون الأثر – اليعمري (2/ 236)

السنن الكبرى للنسائي (8/ 46)

 

أَدْمَاءُ : خالصة البياض

حلية : موضع

الخوانق : مكان

الودائق : شدة الحرة


السبت، 22 مايو 2021

عاهدني على الصدق ومن حياة السلف قصص نتعلمها وصية أم الشيخ عبد القادر الكيلاني

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

عاهدني على الصدق

ومن حياة السلف قصص نتعلمها

وصية أم الشيخ عبد القادر الكيلاني

هناك من يحفظ الوصية وهناك من يستهزئ بها قائلا : سماع وفلت . وفي المعرة يقولون : بعات الفهيم ولا توصيه : والقصد أنه غني بحكمته عن الوصية . ويقولون أيضاً : بعات الفهيم ووصيه أي إنّه محتاج إلى معرفة غرضك وإن كان حكيما. والوصية هي العهد . قالوا : وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ الْعَهْدَ مِمَّا يَنْبَغِي الِاحْتِفَاظُ بِهِ . ومن الله العهد والأمر قال الله تعالى : (ألَمْ أعْهَدْ إِلَيْكُم يَا بني آدَمَ). وفي الوصية غالبا تذكير ونهي . أعرابية كان ابنها على سفر توجهت إليه قائلة : أي بني! اجلس أمنحك وصيتي وبالله توفيقك، فإن الوصية أجدى عليك من كثير عقلك ، ومن وصيتها : أي بني! إياك والنميمة، فإنها تزرع الضغينة وتفرق بين المحبين، وإياك والتعرض للعيوب .. ولا تهزز اللئيم فإنه صخرة لا ينفجر ماؤها، ومثل لنفسك مثال ما استحسنت من غيرك فاعمل به، وما استقبحت من غيرك فاجتنبه، فإن المرء لا يرى عيب نفسه ... والغدر أقبح ما تعامل به الناس بينهم ..

حكاية: الشيخ عبد القادر الكيلاني رضي الله عنه قال بنيت أمري على الصدق وذلك أني خرجت من مكة إلى بغداد أطلب العلم فأعطتني أمي أربعين دينارا وعاهدتني على الصدق فلما وصلنا أرض همدان خرج علينا قطاع طرق فأخذوا القافلة فمر واحد منهم بي وقال ما معك قلت أربعون دينارا فظن أني أهزأ به فتركني فرآني رجل آخر فقال ما معك فأخبرته فأخذني إلى كبيرهم فسألني فأخبرته فقال ما حملك على الصدق قلت عاهدتني أمي على الصدق فأخاف أن أخون عهدها فصاح ومزق ثيابه وقال أنت تخاف أن تخون عهد أمك وأنا لا خاف أن أخون عهد الله ثم أمر برد ما أخذوه من القافلة وقال أنا تائب لله على يديك فقال من معه أنت كبيرهم في قطع الطريق وأنت اليوم كبيرنا في التوبة فتابوا جميعا ببركة الصدق.

ونحن قيل لنا : أرضك عرضك . الجار جار لو جار . وكان حفظ الوصية أن دمرنا الأرض وشردنا الأهل

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــــــــ

أمالي القالي (2/ 79)

نزهة المجالس ومنتخب النفائس – الصفوري (1/ 145)

الأربعاء، 19 مايو 2021

خربوها وقعدوا علي تلتها ، ومن حكايا الناس والسلف لنا عبرة

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

خربوها وقعدوا علي تلتها ، ومن حكايا الناس والسلف لنا عبرة

ويضرب المثل للشخص الذي يفسد كل شيء، ولهذا المثل قصة طريفة قيل أنها حدثت مع جحا، حيث كان يعيش في قرية وقد ارتكب ذنباً يستوجب عقابه القتل 0فقام أهل القرية بوضعه فى كيس كبير ، تمهيدا لإلقائه فى البحر كي يلقى حتفه ، وبالفعل وضعوه على شاطئ البحر على أمل تنفيذ الحكم على مرأى و مسمع من الناس ، ثم تركوه وانصرفوا . في هذه الأثناء كان أعرابي بالجوار من المكان يرعى أغنامه ، فسمع جحا أصوات أقدامه، فرفع صوته يصرخ بكلمات هي" لا أريد الزواج منها حتي لو القيتم بي في البحر . فتعجب الراعي وسأل جحا عن الفتاة التي يرفض جحا ان يتزوج بها، فقال له جحا انها ابنة السلطان، وقاد الطمع الراعي فعرض عليه أن يأخذ أغنامه في مقابل أن يتركه يتزوج ابنة السلطان، فوافق جحا وقال له جحا ..نعم على شرط أن تدخل فى الكيس بدلا مني وأخذ الاغنام فوضع الراعي بدلا عنه في الكيس ، وأخبره إن مر به أهل القرية أن يخبرهم بأنه موافق . وبالفعل تبادلا الأدوار وأخذ جحا أغنام الراعي وانصرف الى الجبل. وفى الصباح أتى الناس وحملوا الكيس ظنا منهم أن بداخله جحا ، والراعي من داخله يردد بفرح ...أنا موافق أنا موافق .. حتى ألقوه بالبحر. وفى اليوم التالي رأى الناس جحا يمشي بينهم ومعه أغنام كثيرة فاستغربوا وهم يتساءلون فيما بينهم : بالأمس رميناه فى البحر واليوم معه كل هذه الأغنامّ!!، فظنوا بأنفسهم الظنون، وسألوا جحا كيف أتى بالأغنام ؟ وكيف هو حيا يرزق بعد ان دفع الي عرض البحر ؟، فأخبرهم جحا ان بداخل البحر اشياء جميلة، ، وأنتم القيتموني على مقربة من الشاطئ فوجدت أغنام كثيرة ولو ألقيتموني أبعد من ذلك لكان معي جمال وماشية أكثر من هذا بكثيرّ. ولطمع اهل القرية ، انطلقوا الي البحر يتدافعون الي داخله رغبة في الحصول علي الذهب، فغرقوا جميعا وكان جحا يشاهدهم من تلة مرتفعة في اعلي القرية، فقيل في امره " خربها وقعد علي تلها "

وتتكرر حكاية جحا عبر الزمان ، وما حل بنا صورة من صور تلك الحكاية . فمن كانوا سبباً في بلائنا يجلسون على طرف التلة يستمتعون بما حل بوطنهم وأهلهم من دمار . لقد استغلوا العوام وعلى جهل منهم في تنفيذ مآربهم.

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

 

 


الاثنين، 17 مايو 2021

من زرع الْإِثْم حصد الدمار

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

من زرع الْإِثْم حصد الدمار

هو مثل عربي والأمثلة في هذا المجرى كثيرة ، منها : من زرع العدوان حصد الخسران . وفي المعرة عندنا يقولون : اللي بتطبخ منّو بتاكو منو . حَدث عبيد الله بن مُحَمَّد بن الحفا ، قَالَ: حَدثنِي رجل من أهل الْجند، قَالَ: خرجت من بعض بلدان الشَّام، وَأَنا على دَابَّة لي، وَمَعِي خرج لي، فِيهِ ثِيَاب ودراهم. فَلَمَّا سرت عدَّة فراسخ؛ لَحِقَنِي الْمسَاء، وَأنا على مشارف دير عَظِيم، فِيهِ رَاهِب فِي صومعة. وحين رآني َنزل واستقبلني، وسألني الْمبيت عِنْده، وَأَن يضيفني، فَفعلت. فَلَمَّا دخلت الدَّيْر؛ لم أجد فِيهِ غَيره، فَأخذ دَابَّتي، وَطرح لَهَا شَعِيرًا، وعزل رحلي فِي بَيت، وَجَاءَنِي بِمَاء حَار، وَكَانَ الزَّمَان شَدِيد الْبرد، وأوقد بَين يديّ نَارا، وَجَاءَنِي بِطَعَام طيب، من أَطْعِمَة الرهبان، فَأكلت. وَمَضَت قِطْعَة من اللَّيْل، فَأَرَدْت النّوم، فَقلت: أَدخل المستراح، قبل أَن أَنَام، فَسَأَلته عَنهُ، فدلني على طَرِيقه، وَكُنَّا فِي غرفَة. فَلَمَّا صرت على بَاب المستراح، إِذا بَارِية مطروحة، فَلَمَّا صَارَت رجلاي عَلَيْهَا نزلت بي فَإِذا أَنا فِي الصَّحرَاء، وَإِذا البارية قد كَانَت مطروحة تستر ما تحتها . وَكَانَ الثَّلج يسْقط فِي تِلْكَ اللَّيْلَة سقوطا عَظِيما، فَصحت، فَقُمْت وَقد تجرح بدني، إِلَّا أَنِّي سَالم، فَجئْت، واستظللت بطاق بَاب الدَّيْر من الثَّلج. فَمَا وقفت حينا حَتَّى رَأَيْت فِيهِ برابخ من فَوق رَأْسِي، وَقد جَاءَتْنِي مِنْهَا حِجَارَة، لَو تمكنت من دماغي لطحنته. فَخرجت أعدو، وَصحت بالراهب ، فشتمني، فَعلمت أَن ذَلِك من حيلته؛ طَمَعا فِي رحلي. فَلَمَّا خرجت؛ وَقع الثَّلج عَليّ، فَعلمت أَنِّي تَالِف إِن دَامَ ذَلِك عَليّ، فولد لي الْفِكر أَن طلبت حجرا فِيهِ ثَلَاثُونَ رطلا وَأكْثر ، فَوَضَعته على عَاتِقي تَارَة، وعَلى قفاي تَارَة، وَأَقْبَلت أعدو فِي الصَّحرَاء أشواطا، حَتَّى إِذا تعبت، وحميت وَجرى عرقي؛ طرحت الْحجر، وَجَلَست أستريح خلف الدَّيْر، من حَيْثُ يَقع لي أَن الراهب لَا يراني. فَإِذا أحسست بِأَن الْبرد قد بَدَأَ يأخذني؛ تناولت الْحجر، وسعيت من الدَّيْر، وَلم أزل على هَذَا إِلَى الْغَدَاة. فَلَمَّا كَانَ قبيل طُلُوع الشَّمْس، وَأَنا خلف الدَّيْر؛ إِذْ سَمِعت حَرَكَة بَابه، فتخفيت. فَإِذا بِالرَّاهِبِ قد خرج، وَجَاء إِلَى مَوضِع سقوطي، فَلَمَّا لم يرني دَار حول الدَّيْر يطلبني، وَيَقُول، وَأَنا أسمعهُ: ترى، مَا فعل الميشوم؟ أَظن اتجه للقرية القريبة من الدير ، فَقَامَ يمشي إِلَيْهَا، ويتحسر قائلا لقد فَاتَنِي سلبه، وَأَقْبل يمشي يطْلب أثري. قَالَ: فخالفته إِلَى بَاب الدَّيْر، حتى دخلته ، وهو يدور حول الدَّيْر، وأَنا خلف بَاب الدَّيْر، وَقد كَانَ فِي وسطي سكين، فوقفت خلف الْبَاب، فَطَافَ الراهب، وَلم يبعد. فَلَمَّا لم يقف لي على خبر؛ عَاد وَدخل، فحين بَدَأَ ليرد الْبَاب، وَخفت أَن يراني؛ ثرت عَلَيْهِ، ووجأته بالسكين، فصرعته ،وقتلته. وأغلقت بَاب الدَّيْر، وصعدت إِلَى الغرفة، فاصطليت بِنَار موقودة ، حتى دفئت، وَفتحت خرجي وأخرجت ، مِنْهُ ثيابًا جافة، وَأخذت كسَاء الراهب، فَنمت فِيهِ، فَمَا أَفَقْت إِلَى قريب من الْعَصْر. ثمَّ انْتَبَهت وَأَنا سَالم ، فطفت بالدير، حَتَّى وقفت على طَعَام، فَأكلت مِنْهُ، وسكنت نَفسِي. وَعثرت على مَفَاتِيح بيُوت الْحصن ، فَأَقْبَلت أفتح بَيْتا بَيْتا، فَإِذا بِمَال عَظِيم من عين، وورق، وَثيَاب، وآلات، ورحال قوم، واخراجهم. وَإِذا تِلْكَ عَادَة الراهب كَانَت مَعَ كل من يجتاز بِهِ وحيدا، ويتمكن مِنْهُ، فَلم أدر كَيفَ أعمل فِي نقل المَال، وَمَا وجدته. فَلَيْسَتْ ثِيَاب الراهب، وأقمت فِي مَوْضِعه أَيَّامًا، أتراءى لمن يجتاز بالموضع من بعيد، فَلَا يَشكونَ أنني هُوَ، وَإِذا قربوا مني لم أبرز بهم وَجْهي، إِلَى أَن خَفِي خبري. ثمَّ نزعت تِلْكَ الثِّيَاب، ولبست من بعض ثِيَابِي، وَأخذت جواليق، فملأتها مَالا، وحملتها على الدَّابَّة، ومشيت، وسقتها إِلَى أقرب قَرْيَة، واكتريت فِيهَا منزلا، وَلم أزل أنقل إِلَيْهَا كلما وجدته، حَتَّى لم أدع شَيْئا لَهُ قدر إِلَّا حصلته فِي الْقرْيَة. ثمَّ أَقمت بهَا إِلَى أَن اتّفقت لي قافلة، فَحملت على دَوَاب اشْتَرَيْتهَا، كل مَا كنت قد حصلت فِي الْمنزل. وسرت فِي جملَة النَّاس بقافلة عَظِيمَة لنَفْسي، بغنيمة هائلة، حَتَّى قدمت بلدي، وَقد حصلت لي عشرات أُلُوف من دَرَاهِم ودنانير، وسلمت من الْمَوْت.

والأمثلة في الحياة كثيرة ، وفد قيل من عمل شرا أوشك أَن يحصد ندامةً . ونحن لا نشك أن الذين كانوا سبباً في ما نحن فيه من بلاء سيحصدون شر ما فعلوا

ويا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــ

مفيد العلوم ومبيد الهموم (ص: 393)

الفرج بعد الشدة للتنوخي (3/ 389)

نثر الدر في المحاضرات – الآبي (1/ 293)

 

الحفا : السير حافيا

الفرسخ : 1 فرسخ  4.828 كيلو متر

المستراح : مكان قضاء الحاجة

البارية : قطعة من الجلد وقد تنسج من القصب يغطى بها البئر ، وقد تستخدم لوضع الطعام

بَرْبَخ: منفذ الماء ومجراه، أو فتحة عموديَّة ضيّقة في حائط أو سطح لتسهيل تصريف المياه وسواها .

الجوالق : أكياس أو جرار لوضع الحبوب

الأحد، 16 مايو 2021

الأذكياء بين ذكاء الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان رحمه الله وذكاء امرأة .

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

الأذكياء

بين ذكاء الإمام الأعظم أبي حنيفة النعمان رحمه الله وذكاء امرأة .

تتفاوت نسبة الذكاء بين الخلق ومن أعلام الأذكياء من سلفنا الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان رحمه شهد له به علماء عصره . قال الشافعي : سمعت مالك بن أنس- وقيل له: تعرف أبا حنيفة؟ فقال: نعم! ما ظنكم برجل لو قال: هذه السارية من ذهب لقام دونها حتى يجعلها من ذهب ، وهي من خشب أو حجارة؟ . إلا أن ذلك لا يعني أنه الأذكى أو أن فطنته قد تخونه أحياناً . قَالَ ابن الجوزي رحمه الله بلغنا أَن رجلا ابتلى بمحبة امْرَأَة فَأتى أَبَا حنيفَة فَأخْبرهُ أَن مَاله قَلِيل وَأَنَّ أهل المرأة إِن علمُوا بذلك لم يزوجوه . فَقَالَ لَهُ أَبُو حنيفَة أتبيعني اصبعك بِاثْنَيْ عشر ألف دِرْهَم ؟ قَالَ لَا قَالَ فَأخْبر الْقَوْم إِنِّي أعرفك فَمضى فَخَطَبَهَا فَقَالُوا من يعرفك فَقَالَ أَبُو حنيفَة فسألوا أَبَا حنيفَة عَنهُ فَقَالَ مَا أعرفهُ إِلَّا أَنه حضر عِنْدِي يَوْمًا فسوم فِي سلْعَة لَهُ بِاثْنَيْ عشر ألف دِرْهَم فَلم يبع ، فَقَالُوا هَذَا يدل على أَنه ذُو مَال فَزَوجُوهُ فَلَمَّا تيقنت الْمَرْأَة حَاله قَالَت لَا يضيق صدرك فهَذَا مَالِي بحكمك ، ثمَّ مَضَت إِلَى أبي حنيفَة فِي حليها وحللها فَقَالَت فَتْوَى فَدخلت فأسفرت عَن وَجههَا فَقَالَ تستري فَقَالَت مَا يُمكن قد وَقعت فِي أَمر لَا يخلصني مِنْهُ أَلا أَنْت أَنا بنت هَذَا الْبَقَّال الَّذِي على رَأس الدَّرْب وَقد بلغت عمرا واحتجت إِلَى الزَّوْج وَهُوَ لَا يزوجني وَيَقُول لمن يخطبني ابْنَتي عوراء قرعاء شلاء ثمَّ حسرت عَن وَجههَا ورأسها ويديها وَيَقُول بِنْتي زمنة . وَأُرِيد أَن تدبرني فَقَالَ ترْضينَ أَن تَكُونِي لي زَوْجَة فَقبلت ، وَقَالَت من لي بغلامك؟! فَقَالَ امْضِي فِي دعة الله فَخرجت فأحضر الْبَقَّال وحطبها وَدفع إِلَيْهِ خمسين دِينَارا وَقَالَ زَوجنِي ابْنَتك وكتب كتابا بِمِائَة دِينَار ، فَقَالَ الْبَقَّال يَا سَيِّدي اسْتُرْ مَا ستر الله . فبنتي لا تصلح لك ، قَالَ دع هَذَا عَنْك رضيت بابنتك القرعاء الشلاء الزمنة فَزَوجهُ على الْمِائَة وَالْخمسين وَمضى ، فَحدث الرجل زَوجته فَقَالَت وَالله لَا كَانَ إِلَّا يكون هَذَا ، إِلَّا على يَد أبي حنيفَة فَلَمَّا كَانَ عَشِيَّة تِلْكَ اللَّيْلَة أَجْلِسهَا أَبوهَا فِي صن وَحملهَا بَينه وَبَين غُلَامه ، فَلَمَّا رَآهَا أَبُو حنيفَة قَالَ مَا هَذَا فَقَالَ الْبَقَّال اشْهَدْ على طَلَاق أمهَا إِن كَانَت لي بنت غَيرهَا . فَقَالَ أَبُو حنيفَة هِيَ طَالِق ثَلَاثًا أعد على الْكتاب وَأَنت فِي حل من الْخمسين وَبَقِي أَبُو حنيفَة متفكر أشهراً ثمَّ جَاءَت تِلْكَ الْمَرْأَة إِلَيْهِ ، فَقَالَ مَا حملك على مَا فعلت ؟ فَقَالَت وَأَنت مَا حملك على أَن غررتنا بِرَجُل فَقير ؟

ــــــــ

الأذكياء – ابن الجوزي (ص: 229)

 

الزمنة : فيها عاهة

الصن: زبيل كَبِير ونحن نقول تحريفا زنبيل

السبت، 15 مايو 2021

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

المِرَاء أو الجدل العقيم ، من أسرار بلائنا

ومن سيرة الْمُصْطَفَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ والسلف نتعلم

وفي المعرة عندنا يقولون : معلاقو تخين . يجادل إن كان على حق أو كان على باطل ، والقصد الجدل لا الوصول إلى نتيجة تفضي إلى فائدة . وقد قالوا : إن المِرَاءُ فِي الدِّيْنِ يُقَسِّي القَلْبَ ، وَيُورِثُ الضَّغَائِنَ. ومن شعر ابن المقفع :

إذا أعطى الإنسان شيئًا من الجدل ... فلم يعطه إلا لكى يمنع العمل

وما هذه الأهواء إلا مصائب ... يخص بها أهل التعمي والعلل

في جلساتنا تجد من يماري بعيداً عن الود لتخرج الجلسة بالشحناء فالمراء  يصدع  العلم ويرهن الود ويورث الجمود وينشئ الشحناء ويُعِل القلب ورحم الله القائل :

إياك إياك المراء فإنه ... إلى الشر دعّاء وللصرم جالب

وعن السَّائِبُ بْنُ أَبِي السَّائِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قال: أتيتُ النبيَّ- صلى الله عليه وسلم -، فجعلوا يُثنُون عليٍّ ويذْكُروني، فقال رسُولُ اللهِ- صلى الله عليه وسلم -: "أنا أعلمُكُم" يعني به، قلت: صدقتَ بأبي وأُمي، كنتَ شرِيكي، فنعمَ الشريكُ، كنت لا تُدارِي، ولا تُمارِي . وَعَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ , وَبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ , وَبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا , وَتَرَكَ الْكَذِبَ وَإِنْ كَانَ مَازِحًا , وَحَسُنَ خُلُقُهُ» قيل لعبد الله بن الحسن: ما تقول في المراء؟ قال: ما عسى أن أقول في شيء يفسد الصداقة القديمة، ويحلّ العقدة الوثيقة، فإن أقل ما فيه أن يكون دربة للمغالبة، والمغالبة من أمتن أسباب الفتنة . قال ابن عباس لمعاوية رضي الله عنهما : هل لك في مناظرتي في ما زعمت؟ قال: وما تصنع بذلك؟ فأشغب بك وتشغب بي فيبقى في قلبك ما لا ينفعك ويبقى في قلبي ما يضرّك. وقيل: الناس رجلان: عالم فلا تماره، وجاهل فلا تجاره.

واليوم لقد ضيعنا من يماري لا بقصد إحقاق الحق بل لطمس الحق واستمرار البلاء . فسعادة هؤلاء هي ديمومة ما نحن فيه . لنا صاحب مولع بالخلاف ... كثير المراء قليل الصّواب.

اللهم فرج عنا

يا رب نسألك فرجا لسوريا وأهل سوريا

تجنب صديق السوء واحترم حاله ... فإن لم تجد عنه مَحيصًا فَدَاره

وأحبب صديق الخير واحذر مراءه ... تنل منه صفو الود مالم تُجاره

ـــــــــــــــــــــــــــ

الأدب والمروءة (ص: 22)

البيان والتبيين (1/ 172)

الرسائل الأدبية (ص: 432)

المعجم الصغير للطبراني (2/ 74)

سنن أبي داود (7/ 206)

محاضرات الأدباء ومحاورات الشعراء والبلغاء - الراغب الأصبهاني (1/ 102)

 

السَّائِبُ بْنُ أَبِي السَّائِبِ وَاسْمُهُ صَيْفِيُّ بْنُ عَائِذِ صَحِبَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَوَى عَنْهُ

اللَّوْعة: حُرقة يجدها الرّجل من الحُزْنِ والوَجْد.

الصرم : القطيعة




الأربعاء، 12 مايو 2021

رجل من الزهّاد بين يدي المنصور هناك من طبيعته الظلم ، وآخر غفل فظلم

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

رجل من الزهّاد  بين يدي المنصور

هناك من طبيعته الظلم ، وآخر غفل فظلم

بينما المنصور يطوف ليلا إذ سمع قائلا يقول: اللهمّ إني أشكو إليك ظهور البغي والفساد في الأرض، وما يحول بين الحقّ وأهله من الطمع. فخرج المنصور فجلس ناحية من المسجد، وأرسل إلى الرجل يدعوه. فصلّى الرجل ركعتين واستلم الركن وأقبل مع الرسول فسلّم عليه بالخلافة، فقال المنصور: ما الذي سمعتك تذكر من ظهور البغي والفساد في الأرض وما يحول بين الحقّ وأهله من الطمع؟ فوالله لقد حشوت مسامعي ما أرمضني ( أوجعني ) . قال  : يا أمير المؤمنين، إن أمّنتني على نفسي أنبأتك بالأمور من أصولها، وإلا احتجزت منك واقتصرت على نفسي ففيها على نفسك فقل؛ فقال  : إنّ الذي دخله الطمع حتى حال بينه وبين ما ظهر من البغي والفساد لأنت؛ قال: ويحك وكيف يدخلني الطمع والصفراء والبيضاء في قبضتي والحلو والحامض عندي؟ قال: وهل دخل أحد من الطمع ما دخلك؟ إنّ الله تبارك وتعالى استرعاك المسلمين وأموالهم فأغفلت أمورهم واهتممت بجمع أموالهم، وجعلت بينك وبينهم حجابا من الجصّ والآجرّ وأبوابا من الحديد وحجبة معهم السلاح ثم سجنت نفسك فيها عنهم، وبعثت عمّالك في جباية الأموال وجمعها وقوّيتهم بالرجال والسلاح والكراع ، وأمرت بألّا يدخل عليك من الناس إلا فلان وفلان نفر سمّيتهم، ولم تأمر بإيصال المظلوم ولا الملهوف ولا الجائع العاري ولا الضعيف الفقير، ولا أحد إلا وله في هذا المال حقّ، فلما رآك هؤلاء النفر الذين استخلصتهم لنفسك وآثرتهم على رعيّتك وأمرت ألّا يحجبوا عنك، تجبي الأموال وتجمعها ولا تقسمها قالوا: هذا قد خان الله فما بالنا لا نخونه وقد سجن لنا نفسه؟ فأتمروا بألّا يصل إليك من علم أخبار الناس شيء إلا ما أرادوا، ولا يخرج لك عامل فيخالف أمرهم إلا قصبوه عندك ونفوه حتى تسقط منزلته ويصغر قدره، فلما انتشر ذلك عنك وعنهم، أعظمهم الناس وهابوهم، فكان أوّل من صانعهم عمّالك بالهدايا والأموال ليقووا بها على ظلم رعيّتك، ثم فعل ذلك ذوو القدرة والثروة من رعيتك لينالوا به ظلم من دونهم، فامتلأت بلاد الله بالطمع بغيا وفسادا، وصار هؤلاء القوم شركاءك في سلطانك وأنت غافل فإن جاء متظلّم حيل بينه وبين دخول مدينتك، فإن أراد رفع قصته إليك عند ظهورك وجدك قد نهيت عن ذلك، وأوقفت للناس رجلا ينظر في مظالمهم فإن جاء ذلك الرجل فبلغ بطانتك خبره سألوا صاحب المظالم ألّا يرفع مظلمته إليك، فإنّ المتظلّم منه له بهم حرمة، فأجابهم خوفا منهم؛ فلا يزال المظلوم يختلف إليه ويلوذ به ويشكو ويستغيث وهو يدفعه ويعتلّ عليه، فإذا أجهد وأحرج وظهرت، صرخ بين يديك، فضرب ضربا مبرّحا، ليكون نكالا لغيره، وأنت تنظر فلا تنكر، فما بقاء الإسلام على هذا؟ وقد كنت يا أمير المؤمنين أسافر إلى الصّين فقدمتها مرّة وقد أصيب ملكها بسمعه، فبكى يوما بكاء شديدا فحثه جلساؤه على الصبر فقال: أمّا إني لست أبكي للبليّة النازلة بي، ولكني أبكي لمظلوم بالباب يصرخ ولا أسمع صوته ثم قال: أمّا إذ ذهب سمعي فإنّ بصري لم يذهب نادوا في الناس ألّا يلبس ثوبا أحمر إلا متظلّم، ثم كان يركب الفيل طرفي نهاره، وينظر هل يرى مظلوما. فهذا يا أمير المؤمنين مشرك بالله غلبت رأفته بالمشركين شحّ نفسه، وأنت مؤمن بالله ثم من أهل بيت نبيه لا تغلب رأفتك بالمسلمين على شحّ نفسك! فإن كنت إنما تجمع المال لولدك، فقد أراك الله عبرا في الطّفل يسقط من بطن أمه وماله على الأرض مال، وما من مال إلا ودونه يد شحيحة تحويه فما يزال الله يلطف بذلك الطفل حتى تعظم رغبة الناس إليه، ولست بالذي تعطي بل الله يعطي من يشاء ما يشاء، وإن قلت إنما أجمع المال لتشديد السلطان فقد أراك الله عبرا في بني أمية ما أغنى عنهم ما جمعوا من الذهب والفضة وأعدّوا من الرجال والسلاح والكراع حتى أراد الله بكم ما أراد، وإن قلت إنما أجمع المال لطلب غاية هي أجسم من الغاية التي أنا فيها، فوالله ما فوق ما أنت فيه إلا منزلة لا تدرك إلا بخلاف ما أنت عليه يا أمير المؤمنين، هل تعاقب من عصاك بأشدّ من القتل؟ قال المنصور: لا، قال: فكيف تصنع بالملك الذي خوّلك ملك الدنيا وهو لا يعاقب من عصاه بالقتل؟ ولكن بالخلود في العذاب الأليم، قد رأى ما قد عقد عليه قلبك وعملته جوارحك ونظر إليه بصرك واجترحته يداك ومشت إليه رجلاك، هل يغني عنك ما شححت عليه من ملك الدنيا إذا انتزعه من يدك ودعاك إلى الحساب؟ فبكى المنصور وقال: يا ليتني لم أخلق! ويحك! فكيف أحتال لنفسي؟ قال: يا أمير المؤمنين، إنّ للناس أعلاما يفزعون إليهم في دينهم ويرضون بهم فاجعلهم بطانتك يرشدوك، وشاورهم في أمرك يسدّدوك، قال: قد بعثت إليهم فهربوا مني، قال: خافوا أن تحملهم على طريقتك ولكن افتح بابك وسهّل حجابك وانصر المظلوم واقمع الظالم وخذ الفيء والصدقات مما حلّ وطاب واقسمه بالحقّ والعدل على أهله وأنا الضامن عنهم أن يأتوك ويسعدوك على صلاح الأمة. وجاء المؤذنون فسلموا عليه فضلى وعاد إلى مجلسه وطلب الرجل فلم يجده .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

عيون الأخبار – ابن قتيبة الدينوري(2/ 360)

الاثنين، 10 مايو 2021

ادعو لأخيك بخير وفي كل أحواله قبسات من سيرت الْمُصْطَفَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بين سَيِّدِنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وسَيِّدِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

ادعو لأخيك بخير وفي كل أحواله

قبسات من سيرت الْمُصْطَفَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ

بين سَيِّدِنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وسَيِّدِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

يستحب أن يقول لصاحبه إذا رأى عليه ثوبًا جديدًا أن يدعو له بخير ، ومما رواه ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَ: رَأَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُمَرَ ثَوْبًا أَبْيَضَ، فَقَالَ: " أَجَدِيدٌ ثَوْبُكَ أَمْ غَسِيلٌ؟ " فَقَالَ: فَلَا أَدْرِي مَا رَدَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْبَسْ جَدِيدًا، وَعِشْ حَمِيدًا، وَمُتْ شَهِيدًا - أَظُنُّهُ قَالَ: - وَيَرْزُقُكَ اللهُ قُرَّةَ عَيْنٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ " .

وهي ليست دعوة للإسراف فكلٌ وما يستطيع ، وقد نقل عن أبي بكر الصدّيق رضى الله عنه قال : إني لأبغض أهل البيت ينفقون نفقة الأيام في اليوم الواحد . وعن ابن عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من لبس ثوب شهرة من الدنيا ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة)). وكان سَيِّدِنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يسأل الله الشهادة فاستجاب الله له فمات شهيداً في مدينة رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قتله مجوسي وفي أحب الأوقات إلى الله وهو الوقت الذي تؤدى فيه صلاة الفجر  ويروى أنه سقط وَهُوَ يقول: وكان أمر الله قدرا مقدورا.

ـــــــــــ

مسند الإمام أحمد (9/ 441)

شرح سنن أبي داود لابن رسلان (16/ 193)

الطبقات الكبرى - (3/ 265)

شرح المشكاة للطيبي الكاشف عن حقائق السنن (9/ 2901)

نهاية الأرب في فنون الأدب - الدينوري(3/ 322)

 

السبت، 8 مايو 2021

دار الندوة كانت جامعة حقيقية للعرب في الجاهلية

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

دار الندوة كانت جامعة حقيقية للعرب في الجاهلية

والعجيب اتساع مهامها لتشمل قضايا اجتماعية واسعة ولم تكن مقصورة على الحرب والتجارة .

ولربما مثَّلت أول برلمان عربي في التاريخ العربي  ويقول المستشرق ( أوليري ) في حديثه عن مكة المكرمة إن القبائل العربية التي استقرت في مكة كانت مشتركة في تحالف بقصد التجارة وكان لهذا التحالف مجلس عام يضع الخطط التجارية ويناقش القضايا العامة ، ثم تطور هذا المجلس إلى شيء من الاستقرار النسبي ، وما أن انتصف القرن الخامس الميلادي حتى انبثقت من هذا المجلس دارة للندوة أسسها قصي بن كلاب أحد أجداد الرسول . والندوة لغة هي المجلس ودار الندوة كل دار يجتمع فيها للمشاورة . كَانَ قُصَيُّ بْنُ كِلابٍ أَوَّلَ وَلَدِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ. أَصَابَ مُلْكًا أَطَاعَ لَهُ بِهِ قَوْمُهُ. فَكَانَ شَرِيفَ أَهْلِ مَكَّةَ لا يُنَازَعُ فِيهَا. فَابْتَنَى دَارَ النَّدْوَةِ وَجَعَلَ بَابَهَا إِلَى الْبَيْتِ. وَكانوا يَتَّبِعُونَ أَمْرَهُ كَالدِّينِ الْمُتَّبَعِ لا يُعْمَلُ بِغَيْرِهِ فِي حَيَاتِهِ وَبَعْدِ مَوْتِهِ. وَكَانَتْ إِلَيْهِ الْحِجَابَةُ وَالسِّقَايَةُ وَالرِّفَادَةُ وَاللِّوَاءُ وَالنَّدْوَةُ وَحُكْمُ مَكَّةَ كُلُّهُ. وَكَانَ يَعْشِرُ مَنْ دَخَلَ مَكَّةَ سِوَى أَهْلِهَا. وَلا يَقْدَمُونَ إِلا نَزَلُوا فِيهَا تَشْرِيفًا لَهُ وَتَيَمُّنًا بِرَأْيِهِ وَمَعْرِفَةً بِفَضْلِهِ. وفِيهَا كَانَ يَكُونُ أَمْرُ قُرَيْشٍ كُلُّهُ وَمَا أَرَادُوا مِنْ نِكَاحٍ أَوْ حَرْبٍ أَوْ مَشُورَةٍ فِيمَا يَنُوبُهُمْ. حَتَّى إِنْ كَانَتِ الْجَارِيَةُ تَبْلُغُ أَنْ تُدَرَّعَ فَمَا يُشَقُّ دِرْعُهَا إِلا فِيهَا. ثُمَّ يُنْطَلَقُ بِهَا إِلَى أَهْلِهَا. وَلا يُعْذَرُ لَهُمْ غُلامٌ إِلا فِي دَارِ النَّدْوَةِ. وَلا تَخْرُجُ عِيرٌ مِنْ قُرَيْشٍ فَيَرْحَلُونَ إِلا مِنْهَا. وَلا يَعْقِدُونَ لِوَاءَ حَرْبٍ لَهُمْ وَلا مِنْ قَوْمٍ غَيْرِهِمْ إِلا فِي دَارِ النَّدْوَةِ. وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ دَارَ النَّدْوَةِ لأَنَّ قُرَيْشًا كَانُوا يَنْتَدُونَ فِيهَا. أَيْ يجتمعون للخير والشر. والندي: مجمع القوم إذ اجْتَمَعُوا.

جمع الله كلمتنا على الحق

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــــــــ

تفسير الطبري (8/ 282)

الطبقات الكبرى – ابن سعد (1/ 58)




للعمل قيمة أياً كان إلا فيما يغضب الله وصوراً من مهن امتهنها أعلام السلف

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

للعمل قيمة أياً كان إلا فيما يغضب الله

وصوراً من مهن امتهنها أعلام السلف

أيام المدرسة كنت ترى من يحاول جاهداً الحصول على عمل إداري حيث أن العمل الإداري يعني أن لا عمل وكأن الراغب يبغي المال دون جهد ، والقضية لا زالت مستمرة حيث أن الاتكالية ظاهرة لا زالت تشكل أهم مظاهر البلاء في مجتمعاتنا ، علما بأن الإسلام حض على العمل فعَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ العَوَّامِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ الحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ، فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ اللَّهُ بِهَا وَجْهَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ» وحض أيضا على اتقان العمل ونهى عن ادعاء الاتقان ، عَنْ عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ اللهَ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلَا أَنْ يُتْقِنَهُ " وما يعيب المرء أن يبقى إلا عاطلا عن العمل وقد قيل : غبار العمل ولا زعفران البطالة . ولو استعرضنا أسماء ثلة من السلف لوجدنا عجبنا فأبو طالب كان يبيع العطر، وأبو بكر رضي الله عنه كان بزازا وكذلك عثمان وطلحة وعبد الرحمن رضي الله عنهم ، وكان سعد بن أبي وقاص يبري النبل والعوام والد الزبير كان خياطا وابنه الزبير كان خزازا ( بائع أقمشة ) وعامر بن كرز والوليد بن المغيرة حدادا، وعقبة بن أبي معيط كان خمارا، وأبو سفيان يبيع الزيت والأدم ( الجلد ) ، عبد الله بن جدعان نخاس ( بائع للعبيد ) وأبو حنيفة كان خزازا، ومالك بن دينار كان وراقا ( يستنسخ الكتب ) والمتنبي ابن سقّاء بالكوفة وكان أبو تمام يخدم خياطاً ، وكان عثمان بن طلحة صاحب مفتاح البيت خياطا وكان عتبة بن أبي وقاص أخو سعد نجاراً، وكان أمية بن خلف يبيع البرام ( القدور ) ، ، وكان العاص بن وائل أبو عمرو بن العاص بيطاراً يعالج الخيل، وكان النضر بن الحارث بن كلدة يضرب العود، وكان الحكم بن العاص خصاء يخصي الغنم، وكذلك حريث بن عمرو بن حريث، وكذلك قيس الفهري أبو الضحاك بن قيس، وكذلك سيرين أبو محمد بن سيرين، ، وكان المهلب بن أبي صفرة بستانياً، وكان مسلم أبو قتيبة جمالاً، وكان سفيان بن عيينة معلماً، وكذلك الضحاك بن مزاحم وعطاء بن أبي رباح، وكذلك الكميت بن زيد الشاعر، وكذلك عبد الحميد بن يحيى كاتب الرسائل، والحجاج بن يوسف وأبوه مارسا التعليم والكسائي؛ هذه صناعات الأشراف نقلتها من مصادرها.

ونحن عن البيضة مسلوقة لأ ومقشرة تصلنا دون تعب .

والبطالة سر من أسرار البلاء الذي نحن فيه

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

 ـــــــــــــــــــــــــ

أبو الطيب المتنبي وما له وما عليه - الثعالبي(ص: 41)

الأغاني (4/ 265)

المحاسن والأضداد (ص: 150)

مفيد العلوم ومبيد الهموم - الخوارزمي(ص: 481)

البصائر والذخائر  - التوحيدي(5/ 43)

الجامع الصحيح للسنن والمسانيد (10/ 186)

صحيح البخاري (2/ 123)