السبت، 18 مايو 2024

الجوار عند العرب قيمة خلقية افتقدناها من السيرة العطرة ومن حياة العرب لنا مثل

 

 صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

 إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

الجوار عند العرب قيمة خلقية افتقدناها

من السيرة العطرة ومن حياة العرب لنا مثل

شعار أيامنا وعند الكثر يذكرنا بالمثل العربي : بعت جاري ولم أبع داري. أي : إني كنت راغبا في الدار، إلاّ أنَّ جاري أساء مجاورتي فبعت الدار من أجله. وَعَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ رَضِيَ اللَّه عَنْهَا : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا: «..  وَصِلَةُ الرَّحِمِ وَحُسْنُ الْخُلُقِ وَحُسْنُ الْجِوَارِ يَعْمُرَانِ الدِّيَارَ، وَيَزِيدَانِ فِي الْأَعْمَارِ»

خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الطَّائِف، هُوَ وَزيد بن حَارِثَة، فَأَقَامَ بِالطَّائِف لَا يَدَعُ أحدا من أَشْرَافهم إلاّ جَاءَهُ وكلَّمه، فَلم يُجيبوه، وخافوا على أحداثهم، وَقَالُوا: يَا مُحَمَّد أُخرج من بَلدنا. وأَغروا بِهِ سفهاءهم، فَجعلُوا يَرمونه بِالْحِجَارَةِ، حَتَّى إنَّ رِجْلَيْ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَتدْمَيَان، وَزيد بن حَارِثَة يَقيهِ بِنَفسِهِ. حَتَّى لقد شُجَّ فِي رَأسه شِجاجاً. فَانْصَرف رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم من الطَّائِف رَاجعا إِلَى مَكَّة وَهُوَ محزونٌ. وَأقَام بنخلَة أيّاماً ثمَّ أَرَادَ الرُّجُوع إِلَى مكةَ، فَقَالَ لَهُ زيد بن حَارِثَة: كَيفَ تدخُل عَلَيْهِم وهم أَخرجوك؟ فَقَالَ: " يَا زيد، إنَّ الله جاعلٌ لِما ترى فَرَجَاً ومَخْرَجاً، وإنَّ الله ناصرُ دينه، ومُظهر نبيّه " ثمَّ سَار إِلَى حِراء فَأرْسل رجلا من خُزَاعة إِلَى مُطْعِم بن عَديّ ولم ممن أسلم : أَدخُلُ فِي جوارك؟ فَقَالَ: نعم، ودعا بَنيهِ وقومَه، وَقَالَ: البسوا السلاحَ، وَكُونُوا عِنْد أَرْكَان الْبَيْت، فَإِنِّي قد أَجرْتُ محمَّداً. فَدخل رَسُول الله [صلى الله عَلَيْهِ وَسلم] وَمَعَهُ زيد بن حَارِثَة حَتَّى انْتهى إِلَى الْمَسْجِد الْحَرَام، فَقَامَ مُطعم بن عَديّ على رَاحِلَته فَنَادَى: يَا معشرَ قريشٍ، إِنِّي قد أَجرتُ محمّداً فَلَا يَهِجْه أَحدٌ مِنْكُم. فَانْتهى رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِلَى الرُّكْن فاستلمه، وصلَّى رَكْعَتَيْنِ وَانْصَرف إِلَى بَيته، ومُطِعم بن عَديّ وَولده مُطيفون بِهِ.

وكان أبو سفيان إذا نزل به جار قال له: يا هذا، إنك قد اخترتني جاراً، واخترت داري داراً، فجناية يدك علي دونك، وإن جنت عليك يدٌ فاحتكم علي حكم الصبي على أهله. وذلك أن الصبي قد يطلب ما لا يوجد إلا بعيداً، ويطلب ما لا يكون البتة، قال الشاعر :

ولا تحكما حكم الصبي فإنه ... كثيرٌ على ظهر الطريق مجاهله

يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا

يا رب فرج عن الشام وأهل الشام

ــــــــــــــــــــــــــ

المختصر الكبير في سيرة الرسول (ص: 39)

الكامل في اللغة والأدب (1/ 43)

الأمثال لابن سلام (ص: 278)

مسند الإمام أحمد (42/ 153)

الجمعة، 17 مايو 2024

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل سورة الفاتحة يقول الدكتور فاضل أحسن الله جزاءه : نفتتح الكتاب بسورة الفاتحة تَبَرُّكاً. {الحمد للَّهِ} . معنى {الحم

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

ولمسات بيانية في نصوص من التنزيل 

سورة الفاتحة

يقول الدكتور فاضل أحسن الله جزاءه : نفتتح الكتاب بسورة الفاتحة تَبَرُّكاً.

{الحمد للَّهِ} .

معنى {الحمد} : الثناءُ على الجميل من نعمةٍ أو غيرها مع المحبة والإجلال. فالحمد: أنْ تذكر محاسنَ الغير، سواء كان ذلك الثناءُ على صفةٍ من صفاتهِ الذاتية كالعلم والصبر والرحمة والشجاعة، أم على عطائه وتَفضُّلهِ على الآخرين. ولا يكون {الحمد} إلا للحَيِّ العاقل. ومما ذكر في الفرق بينهما أيضاً: "إن المدحَ قد يكون قبل الإحسان، وقد يكون بعده، أما الحمد فإنه لا يكونُ إلا بعد الإحسان". فإن الحمد يكون لما هو حاصلٌ من المحاسن في الصفات، أو الفعل، فلا يُحمَدُ مَنْ ليس في صفاته ما يستحق الحمد، ولا يُحمَدُ مَنْ لم يفعل جميلاً. أما المدح، فقد يكون قبل ذلك، فقد تمدح إنساناً ولم يفعل شيئاً من المحاسن والجميل، ولذا كان المدح مَنْهياً عنه، بخلاف الحمد، فإنه مأمورٌ به، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "احثُوا الترابَ في وجوه المَدَّاحين". في حين قال: "مَنْ لم يَحمدِ الناسَ لم يحمدِ الله" وبذا علمنا من قوله: {الحمد للَّهِ} أنَّ الله حَيٌّ، له الصفات الحسنى والفعل الجميل، فحمدناه على صفاته، وعلى فِعْلِه وإنعامه. ولو قال: (المدح لله) لم يُفِدْ شيئاً من ذلك. وهناك فرقٌ آخر بين الحمد والمدح، وهو أنَّ في الحمد تعظيماً وإجلالاً ومحبة، ما ليس في المدح. فكان اختيار (الحمد) أولى من اختيار (المدح) .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - - الدكتور فاضل صالح السامرائي  (ص: 12)



الخميس، 16 مايو 2024

شَذَرَات مِنْ حَيَاةِ الِإمَامُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَكُونُ التَّمْكِينُ إِلا بَعْدَ الْمَحَبَّةِ فَإِذَا امْتُحِنَ

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

شَذَرَات مِنْ حَيَاةِ الِإمَامُ  مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه

قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا يَكُونُ التَّمْكِينُ إِلا بَعْدَ الْمَحَبَّةِ فَإِذَا امْتُحِنَ الإِنَسْانُ فَصَبَرَ مُكِّنَ أَلا تَرَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى امْتَحَنَ إِبْرَاهِيمَ ثُمَّ مَكَّنَهُ وَامْتَحَنَ أَيُّوبَ ثُمَّ مَكَّنَ لَهُ فَقَالَ : {وَآتَيْنَاهُ أَهله وَمثلهمْ مَعَهم} وَامْتَحَنَ سُلَيْمَانَ ثُمَّ آتَاهُ مُلْكًا وَكَذَلِكَ يُوسُفَ عَلَيْهِ السَّلامُ

ذم الهوى - الجوزي(ص: 663)



الأربعاء، 15 مايو 2024

الثلاثاء، 14 مايو 2024

ومن البلاء أننا في زمن عداؤنا فيه بيّن للأشجار ومن أخلاق إسلامية برزت في شخص أبي عبيدة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نتعلم

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

ومن البلاء أننا في زمن عداؤنا فيه بيّن للأشجار

ومن أخلاق إسلامية برزت في شخص أبي عبيدة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ نتعلم

حسبنا الله ونعم الوكيل، ونفوض أمرنا إلى الله.. اللهم انتقم من كل من كان سببا فيما نحن فيه من بلاء ، فنحن في زمن يكفي أن تخالفني في الرأي لأستبيح دمك ومالك لتطال الاستباحة النبات والحيوان نحالف بذلك ما نهى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن فعله فَعن أنس بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: إنْ قَامَت السَّاعةُ وَفِي يَد أَحَدِكُم فَسِيلةٌ فَإنْ استَطاعَ أنْ لَا تَقُومَ حَتى يَغرِسَهَا فَليَغِرسْهَا . ومن وصية سَيِّدِنَا أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لجيش أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ

يا أيها الناس قفوا أوصيكم بعشر فأحفظوها عني : لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلا ولا صغيرا ولا شيخا كبيرا ولا امرأة ولا تقذفوا نخلا ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرا إلا لمأكلة وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له ..

أقام أبو عبيدة رضي الله عنه ينتظر انفصال العهد بين المسلمين وأهل قنسرين قال وكانت عبيد العرب يأتون بالشجر من أخشاب الزيتون والرمان وغير ذلك من الاشجار التي تطعم الثمار يستخدمونها في كحطب فعظم ذلك على الأمير ابي عبيدة رضي الله عنه فدعا العبيد إليه وقال: ما هذا الفساد فقالوا: أيها الأمير أن الأحطاب متباعدة منا وهذه الاشجار قريبة فقال الأمير أبو عبيدة عزيمة مني على كل حر وعبد قطع شجرة لها طعم وثمر لا جازينه ولا نكلن به فلما سمع العبيد ذلك النكال جعلوا يأتون بالأحطاب من اقصى الديار .

يا رب عليك بكل من كان سببا في فساد حالنا

يا رب فرج عن الشام وأهل الشام

ــــــــ

فتوح الشام  - الواقدي (1/ 107)

مسند أحمد الإمام أحمد  (20/ 251)

الأدب المفرد الإمام البخاري (ص: 242)

تاريخ دمشق لابن عساكر (2/ 50)






الأحد، 12 مايو 2024

من عجائب نصر الله . ستون رجلا قبالة ستون ألفاً خالد بن الوليد رضي الله عنه وجولات قبيل معركة اليرموك

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

من عجائب نصر الله . ستون رجلا قبالة ستون ألفاً

خالد بن الوليد رضي الله عنه وجولات قبيل معركة اليرموك

لم تكن حرب تحرير لبلاد الشام كما قيل ويقال بل كانت حروب فتح



سارت جيوش الروم لملاقات المسلمين بقيادة ماهان فنزل على اليرموك قبالة المسلمين ، وكانت أوامر هرقل لا تنجز الحرب بينك وبين المسلمين حتى نبعث إليهم رسولا ونعدهم منا كل سنة بمال كثير وهدايا لصاحبهم عمر بن الخطاب ولكل أمير منهم ويكون لهم من الجابية إلى الحجاز . فلم تنفع الرسل بين المسلمين والروم . وكان رأي ماهان أن يضرب العرب بالعرب فرغب جبلة في العطاء ويلينه ويحرضه على القتال في المسلمين حتى أجابه إلى ذلك وأخبر قومه وبني عمه من بني غسان ولخم وجذام وغيرهم من العرب المتنصرة وأمرهم بأخذ الأهبة للحرب والقتال ففعل القوم ذلك وركبوا في سابغ الحديد والزرد النضيد وهم ستون ألف فارس ما يخالطهم من غير العرب أحد يقدمهم جبلة بن الأيهم وعليه درع من الذهب الأحمر . واقترح خالد رضي الله عنه على أبي عبيدة أن يكيد جبلة قبل أن تبدأ المعركة الحقيقية . وذلك بِسُلة من فرسان الصحابة ما زادت عن الستين رجلا وكانت العرب المتنصرة في ستين ألفا . وبرر خالد خطته فقال : ما أردت بفعلي هذا إلا مكيدة لعدونا لانهم إذا رجعوا إلى أصحابهم منهزمين بقوة الله عز وجل ويقولون لهم من لقيكم فيقولون لقينا ثلاثون رجلا يداخلهم الرعب منا ويعلم ماهان أن جيشنا كفء له فقال أبو عبيدة: رضي الله عنه أن الأمر كما ذكرت إلا إنه إذا كان ستون رجلا منا يكونون عصبة ومعينا بعضهم بعضا . وانتدب خالد ستين رجلا بأسمائهم ، ونظرت العرب المتنصرة إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أقبلوا نحوهم وهم نفر يسير فظنوا إنهم رسل يطلبون الصلح والمواعدة فصاح جبلة بالعرب المتنصرة وحرضهم ليرهب المسلمين . وينادي خالد للحرب ويخرج جبلة بمن معه فحملت الستون ألف فارس في وجه خالد بن الوليد والستين رجلا فثبت لهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم واشتبكت الحرب بينهم حتى قامت الشمس في كبد السماء ، ويخشى أبو من أن يقضى تلك السلة من المسلمين وقد تأخر خبرهم فيستنهض الجيش لنصرتهم وقد أذنت الشمس بالغروب ، ويسمع أبو عبيدة صوت التهليل والتكبير ويرى فلول العرب المتنصرة هاربة ويفتقد خالد أصحابه الستين رجلا فلم يجد منهم إلا عشرين فيلوم نفسه ويعتكر الظلام ويفتقد قتلى المسلمين في المعركة فإذا قتل من العرب المتنصرة خمسة آلاف فارس وجدوا من قتل المسلمين عشرة رجال منهم اثنان من الأنصار أحدهما عامر الأوسي والآخر سلمة الخزرجي . ويظن أبا عبيدة أن تبقى اقتفى أثر العرب واقتفى خالد أثار القوم مع جماعة من المسلمين حتى سمعوا التكبير فكانوا عشرون رجلا ووقع في الأسر خمسة رافع بن عميرة وربيعة بن عامر وضرار بن الأزور وعاصم بن عمرو ويزيد بن أبي سفيان . ينقذهم خالد بعد المعرة

يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا

يا رب فرج عن الشام وأهل الشام

فتوح الشام (1/ 155)

السبت، 11 مايو 2024

بين أخ وأح فرق بيّن ومن الحجاج بن يوسف وغزالة امرأة شبيب الخارجي الحروري التي طلبت مبارزة الحجاج لنا مثل

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

بين أخ وأح فرق بيّن

ومن الحجاج بن يوسف وغزالة امرأة شبيب الخارجي الحروري التي طلبت مبارزة الحجاج لنا مثل

العامة تقول: "أخْ" بالخاء المعجمة، قال الشيخُ أبو منصور اللغوي: " فليست الخاء هاهنا من كلام العرب، إنما هي لغة العَجَم، وأَحَّ: للتنحنح أَو التوجع.

أمَّا غَزَالة امرأة شبيب بن يزيد بن نعيم الشيبانيّ الحروري: من شهيرات


النساء في الشجاعة والفروسية. ولدت في الموصل، وخرجت مع زوجها على عبد الملك بن مروان سنة 76 هـ أيام ولاية الحجاج في العراق، فكانت تقاتل في الحروب قتال الأبطال. وأشهر أخبارها فرار الحجاج منها في إحدى الوقائع أو تحصنه منها حين أرادت دخول الكوفة. وقد عيره بذلك الشعراء، قال عمران بن حطَّان، يخاطبه:

ذعرت غزالة قتله بفوارس ... تركت مناظرة كأمس الدائر

هلا برزت إلى غزالة في الوغى ... أم كان قلبك في جناحي طائر

أسد علي وفي الحروب نعامة ... ربداء تفزع من صفير الصافر

فلما دخلت غزالة الحرورية الكوفة، وتحصن الحجاج وحصره في القصر منها، دقت باب القصر ودعته غزالة للنزال  ، فأمر الحجَّاج غلامًا شجاعًا، فلبسَ ثيابَ "الحجاج" وسلاحَه وركب فرسه، وصاح في الجند فجمعهم وخرج، فقال الناس: قد خرج "الحجَّاج" فأقبلت غزالة وقالت : أين الحجاجُ؟ فأومأوا إليه، فحملت حتى ضربته بالعمود. فلما أحسَّ بوقعه قال: "أخْ" بالخاء. فانصرفت عنه وقالت: قَبَّحكَ الله يابن أمِّ الحَجَّاج، أتتقي الموت بالعبيد؟ ". قتلها فروةُ بن الريَّان امرأة شبيب بالسَّبخةِ. (000 - 77 هـ = 000 - 696 م) . ونحن هنا لا نمتدح الخوارج ، ولا نقول قولهم ، فهم صورة من صور البلاء التي ابتليت به الأمة ، وإنما ما ذكرت أنموذج له في تاريخنا أثر نتعلم منه .

يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا

يا رب فرج عن الشام وأهل الشام

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

نسب معد واليمن الكبير (2/ 581)

تقويم اللسان (ص: 75)

الأنساب للصحاري (ص: 163)

المحكم والمحيط الأعظم – ابن سيده(3/ 394)

الجمعة، 10 مايو 2024

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل سؤال: سؤال من المقدم: تعقيب الآية في سورة يس (قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20)) أما في القصص فالتعقيب (فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ)

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

ولمسات بيانية في نصوص من التنزيل 

سؤال:  سؤال من المقدم: تعقيب الآية في سورة يس (قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (20)) أما في القصص فالتعقيب (فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ)

يقول الدكتور فاضل أحسن الله جزاءه : المجيء في سورة يس أهم لذا قال (رجل يسعى) جاء لتبليغ الدعوة وإشهار الدعوة وأن يعلن ذلك أمام الملأ مع أنهم كلهم ضد على أصحاب يس، على الرسل وهناك في القصص جاء ليسرّ في أذن موسى عليه السلام كلاماً (إن الملأ يأتمرون بك) . هذا إسرار أما ذاك فإشهار، ذاك تبليغ دعوة وهذا تحذير. في قصة يس أن القرية كلها ضد الرسل (إن لم تنتهوا) موسى لم يقل له أحد هذا. في يس كان إشهار الدعوة خطر على الشخص تحتاج إلى إشهار لكن عاقبتها خطر على الشخص. في القصص ليس كذلك لأنه ليس هناك ضد لموسى عليه السلام فلما كان الموضوع أهم وإن موضوع الدعوة لا يعلو عليه شيء والتبليغ لا يعلو عليه شيء وهو أولى من كل شيء قال (من أقصى المدينة رجل يسعى) يحمل هم الدعوة من أقصى المدينة ويسعى ليس متعثراً يخشى ما يخشى وإنما وقال يسعى لتبليغ الدعوة وليس مجيئاً اعتيادياً هكذا لكنه جاء ساعياً. ذاك جاء ساعياً أيضاً لأمر مهم لكنه أسرّ إلى موسى عليه السلام ولهذا جاء التقديم والتأخير بحسب الموضوع الذي جاء من أجله. فلما كان الموضوع أهمّ قدّم (جاء من أقصى المدينة) يحمل هم الدعوة. وفي الموضوع الآخر أخّر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - محاضرات - الدكتور فاضل صالح السامرائي  (ص : 1102  )




الخميس، 9 مايو 2024

شَذَرَات مِنْ حَيَاةِ الِإمَامُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه قال الشافعي رضي الله عنه العلم بين أهل الفضل والعقل رحم متصل

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

شَذَرَات مِنْ حَيَاةِ الِإمَامُ  مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه

قال الشافعي رضي الله عنه العلم بين أهل الفضل والعقل رحم متصل فلا أدري كيف يدعي الاقتداء بمذهبه جماعة صار العلم بينهم عداوة قاطعة فهل يتصور أن ينسب الأنس بينهم مع طلب الغلبة والمباهاة هيهات هيهات وناهيك بالشر شراً أن يلزمك أخلاق المنافقين ويبرئك عن أخلاق المؤمنين والمتقين . ومنها النفاق فلا يحتاج إلى ذكر الشواهد في ذمه وهم مضطرون إليه فإنهم يلقون الخصوم ومحبيهم وأشياعهم ولا يجدون بداً من التودد إليهم باللسان وإظهار الشوق والاعتداد بمكانهم وأحوالهم ويعلم ذلك المخاطب والمخاطب وكل من يسمع منهم أن ذلك كذب وزور ونفاق وفجور فإنهم متوددون بالألسنة متباغضون بالقلوب نعوذ بالله العظيم منه فقد قال صلى الله عليه وسلم إذا تعلم الناس العلم وتركوا العمل وتحابوا بالألسن وتباغضوا بالقلوب وتقاطعوا في الأرحام لعنهم الله عند ذلك فأصمهم وأعمى أبصارهم

إحياء علوم الدين (1/ 47)



الأربعاء، 8 مايو 2024

من حيل الحروب عند المسلمين ابتكار البطيخة البشرية وصورة من صور الحروب الصليبية دخول الصلبيين دمياط وعودتها للمسلمين

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

من حيل الحروب عند المسلمين ابتكار البطيخة البشرية

وصورة من صور الحروب الصليبية

دخول الصلبيين دمياط وعودتها للمسلمين

الحدث سنة 647 هـ 1249م كان حلم السيطرة على مصر يراود الفرنجة الصليبيين ، فجردوا لذلك حملة تفوق ما سبق من حملات في عدة أمور: في كثرة عدد الغزاة لعدد يفوق حد التصور، وفي ضخامة الأسطول ضخامة مما يبعد الشك في النصر ، وكان قائد الحملة هو لويس التاسع  ، خرج القديس لويس من بلاده بأسطوله الضخم وغزاته الكثيرين، قاصداً مصر، وكانت مركز المقاومة الإسلامية ضد الصليبيين، وكان أمله السيطرة على كامل تراب مصر . ووصل القديس وأسطوله وغزاته إلى دمياط، واستولوا عليها لسبع بقين من صفر، وهكذا تحققت أولى خطواته بالانتصار، ثم اندفع بأسطوله في النيل، وقد قدر هو وشياطينه وأسطوله أن الطريق قد فتح أمامهم إلى مصر، فلن يجدوا مقاومة، فقد هرب الجند منها وفتك الصليبيون بمن بقي منهم . لم يكد الخبر يصل الشعب في مصر يعلم بسقوط دمياط حتى نفر الناس عن ساق واحدة: الفلاحون والعربان والتجار والعمال للجهاد، وحتى اللصوص، خرجوا مع الجند، لا ليسرقوا الجند أو إخوانهم أبناء بلدهم، وإنما ليسرقوا الصليبيين، ويذبحوهم ذبح النعاج. ورتب الملك الصالح أيوب معسكراته لجيشه النظامي، وترك أبناء الشعب لحريتهم يفتكون بأعدائهم، أو يخطفونهم ويبعثون بهم إلى القاهرة ليحتفل بهم أهلها بالطريقة التي تروق لهم. ويشاء الله للصالح أيوب ألا يشهد بنفسه انتصار مصر على فرنسا، فقد كان مريضاً قبل إغارة الفرنسيين، ثم أخذ يشتد به المرض، حتى قضي عليه وهو يستعد للدفاع عن الدين والوطن، فتسلم الملك ابنه الملك المعظم تورانشاه. ظن الملك القديس الصليبي أن موت الملك الصالح أيوب بشرى خير لانتصاره على المصريين، فتحرك بشياطينه وأسطوله من دمياط، وتوغل في النيل جنوباً إلى القاهرة، وكانت تلوح أمام عينيه ألوية النصر تخفق فوق رأسه، يتقدم دون أن يحسب للمصريين حساباً، ولا يتوقع القادم من الأحداث ولا سيما في مدينة المنصورة ، وأنه سيؤول أمره إلى أن يصير حبيس بيت القاضي ابن لقمان، وأسير الطواشي صبيح فيبيع نفسه بيع السوائم للمصريين. ويتقدم الجيش بحرا عبر النيل يرافقه الرجالة برا . والجيش المسلم والناس معه سندا يواجهون الفرنسيس يخطفون الجند الفرنسي كخطف الرضيع ، ويرسلونهم زرافات للقاهرة . استنفد المسلمون حيلهم فما أصبحت تجوز على الصليبيين، فقد عرفوا حيلهم، واكتشفوا طرق خداعهم لهم، فتوقفت حركة الخطف، واطمأن الصليبيون على أرواحهم من الخطافين، فأخذوا ينتشرون أفرادا على الشاطئ يستمتعون بمنظر النيل. وفي ليلة مقمرة انفرد صليبي بنفسه، تائهاً في أحلامه، ولعلها أحلام الشباب، يفكر في محبوبته، أو لعلها أحلام القراصنة فهو يُمني نفسه بغنيمة ثمينة من أموال المسلمين، أو لعله ولعله، وفجأة... لمح بطيخة تطفو على سطح الماء، آتية من الشاطئ الإسلامي، وتتجه نحوه كأنها تقصده بالذات، فانفرجت أساريره، وانفرجت شفتاه عن ابتسامة الرضا، فهو في ليلة من ليالي صيف مصر الحار، ولعله، عندما لمح البطيخة العائمة، أحس بالعطش فجأة فهو في حاجة إليها، فأخذ يتابعها بنظره وهي تقترب منه، ولكن سرعتها أخذت تخفّ، وجريها يبطئ مما يدل على أنها لن تواصل سيرها حتى ترسو على الشاطئ، فخشي الصليبي أن يغير تيار الماء خط سيرها، فتضيع من يده، فشمّر عن ساقيه ودلاهما في الماء، حتى استقرتا على القاع. سار سيراً خفيفاً ، فلما أصبحت في متناول يده، مد يديه ليتناولها بهما، فما شعر إلا وقد جذبته البطيخة من يديه ودفعت به إلى الماء بعد أن كممت فمه، ثم سبحت به عائدة إلى الشاطئ الإسلامي، وانتظرت البطيخة صليبيا آخر منفرد يناجي نفسه، أو يناجي قديسه، وسبحت البطيخة ناحية الصليبي المنفرد، وأخذت تقترب منه وتجذب أنظاره إليها، ونجحت البطيخة في إغرائه بالإمساك بها. وخطا في الماء خطوات ومدّ يديه ليقبض عليها، فإذا بالبطيخة الشيطانة تقبض عليه وتجذبه إليها في عنف وقسوة وتكمم فمه، وتسحبه إلى المسلمين، ليروا فيه رأيهم، حتى إذا أسلمته إلى المسلمين عادت لتقتنص غيره.

لقد نجحت فيها هذه البطيخة العجيبة في تضليل الصليبيين وخيل إليهم أنهم اكتشفوا حيلة البطيخة الشيطانة حين دخل في روعهم أنها عفريت من عفاريت نيل الفراعنة، يتقمص شكل بطيخة ليصيدهم ويسلمهم إلى حلفائهم المسلمين، فداخلهم الرعب والفزع فانقطعوا عن الانفراد بأنفسهم إلى جانب النيل،  أما قصة هذه البطيخة التي استطاعت أن تقتنص عشرات من الصليبيين جنود الملك القديس؟ لقد نفذت حيل المسلمين في خطف الصليبيين فقد عرفها الصليبيون كلها فأصبحوا في منجاة منها. ولكن عزّ على فلاح من فلاحي مصر أن يترك أعداءه يستمتعون بخيرات بلاده، ويقاتلون إخوانه، تحت راية قديسهم، ويحتمون بأسطولهم الضخم، فأخذ يفكر في حيلة لخطفهم لم تخطر في بال أمهر الخاطفين، فكر ولكن قريحته لم تسعفه بحيلة جديدة، ويستمر بالتفكير ، اقتلع من أرضه بطيخة ليطفئ بها عطشه، وكانت البطيخة كبيرة وكبيرة جداً، وكان يريدها بطيخة صغيرة تكفيه وحدة، هز كتفيه، وخرج من أرضه ، وعاد إلى مكانه على الشاطئ، ثم استل سكينه فشق بها البطيخة نصفين، تناول أحدهما دون أن يقطعه وأفرغ ليه الأحمر في جوفه ثم أصبح أمامه مفرغاً كالطاسة، وتعلو وجهه ابتسامة الفرح ، فقد هدته هذه الطاسة البطيخة إلى حيلة لم يسبقه إليها أحد، ومد يده إليها ثم غطى بها رأسه، فإذا برأسه كالبطيخة، فلم لا ينزل إذن إلى النيل وليسبح تحت الماء، وليتقدم إلى كل صليبي منفرد ليغرر به، فإن الصليبي حين يراها سوف يظن أنها بطيخة حقيقية، فيمد إليها يديه ليأخذها، فيأخذه هو إلى حتفه. وجرب الفلاح التغرير بأعدائه مرات ومرات، حتى ظن أن الصليبيون اكتشفوا أمره فأبطلوا حيلته. لقد نجحت هذه البطيخة العجيبة في تضليل الصليبيين ومن ثم خيل إليهم أنهم اكتشفوا حيلة البطيخة الشيطانة حين دخل في روعهم أنها عفريت من عفاريت نيل الفراعنة، يتقمص شكل بطيخة ليصيدهم ويسلمهم إلى حلفائهم المسلمين، فداخلهم الرعب والفزع فانقطعوا عن الانفراد بأنفسهم إلى جانب النيل، وتركوا الاستسلام لأحلامهم بين الخضرة والماء ، وقبعوا في خيامهم لا يجرؤون على الخروج منها... نعود إلى الجيشين المتحاربين، حيث انتهى الصراع الدامي بانتصار المسلمين، وأسر الملك القديس وحبس في بيت القاضي فخر الدين إبراهيم بن لقمان – كاتب  الإنشاء- الذي وكل بحفظه الطواشي صبيح المعظمي، ثم باع نفسه من السلطان تورانشاه بالتنازل عن دمياط ، وباع أسرى رجاله منه أيضاً بمليون قطعة من العملة الذهبية الفرنسية.  وكفى الله المسلمين شر الفرنسيين وقديسهم.

ــــــــــــــــــــــــــ

حضارة الإسلام، المجلد الثاني، العدد الثالث، أيلول 1961- ربيع الأول 1381 ص65-69

مرآة الزمان في تواريخ الأعيان سبط ابن الجوزية (22/ 407)

ذيل مرآة الزمان - اليونيني(2/ 203)

كنز الدرر وجامع الغرر  - الدواداري (7/ 198)

النجوم الزاهرة فى ملوك مصر والقاهرة – ابن تغري(6/ 240)






الأحد، 5 مايو 2024

صور مشرقة من تاريخنا سليمان بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ . فتح خلافته بخير واختتمها بخير : تتمة

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

صور مشرقة من تاريخنا

سليمان بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ . فتح خلافته بخير واختتمها بخير : تتمة

وذكروا أن سُلَيْمَان بْن عَبْد الملك قدم المدينة، فأرسل إِلَى أَبِي حازم فأتاه، فَقَالَ له سُلَيْمَان: يا أبا حازم ما هذا الجفاء؟ قَالَ: وأي جفاء رأيت مني، قَالَ: أتاني أهل المدينة، ولم تأتني! قَالَ: يا أمير المؤمنين، وكيف يكون إتيان من غير معرفة متقدمة، وَالله ما عرفتني قبل هذا اليوم، ولا أَنَا رأيتك، فاعذر، قَالَ: فالتفت سُلَيْمَان إِلَى الزهري، فَقَالَ: أصاب الشيخ، وصدق، قَالَ سُلَيْمَان: يا أبا حازم ما لنا نكره الموت؟ قَالَ: لأنكم أخربتم آخرتكم، وعمرتم دنياكم، فكرهتم أن تنقلوا من العمران إِلَى الخراب قَالَ سُلَيْمَان: صدقت يا أبا حازم، كيف القدوم عَلَى اللَّه تَعَالَى؟ قَالَ: أما المحسن فكالغائب يقدم عَلَى أهله مسرورا، وأما المسيء فكالآبق يقدم عَلَى مولاه محزونا. قال أبو حازم: يا أمير المؤمنين إن بني إسرائيل ما داموا على الهدى والرشد كان أمراؤهم يأتون علماءهم رغبة فيما عندهم، فلما رئي قوم من أراذل الناس تعلموا العلم وأتوا به الأمراء يريدون به الدنيا استغنت الأمراء عن العلماء تعسوا ونكسوا وسقطوا من عين الله عز وجل، ولو أن علماءهم زهدوا فيما عند الأمراء لرغب الأمراء في علمهم، ولكنهم رغبوا فيما عند الأمراء فزهدوا فيهم وهانوا في أعينهم، فقال: الزهري: إياي تعني وتعرض بي فقال أبو حازم: لا والله ما تعمدتك ولكن هو ما تسمع؛ قال سليمان للزهري: هل تعرفه قال: يا أمير المؤمنين إنه لجاري منذ ثلاثين سنة ما كلمته، قال أبو حازم: أجل والله لو أحببت الله لعرفتني ولكن لم تحب الله فنسيتني، فقال الزهري: يا أبا حازم تشتمني! قال: لا، ولكنك شتمت نفسك، أما علمت أن للجار حقاً كالقرابة حقاً كالقرابة

قال سليمان بن عبد الملك لعدي بن الرقاع: أنشدني قولك في الخمر:

كميت إذا شجت، وفي الكأس وردة ... لها في عظام الشاربين دبيب

تريك القذى من دونها وهي دونه ... لوجه أخيها في الإناء قطوب

فأنشده؛ فقال له سليمان: شربتها ورب الكعبة! قال عدي: والله يا أمير المؤمنين، لئن رابك وصفي لها قد رابني معرفتك بها! فتضاحكا . وكان سليمان رحمه ينهى عن الغناء، وكان من الأكلة المذكورين . وحدث هِشَامِ بْنِ يَحْيَى بْنِ يحيى قال حدثنا أَبِي: ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: جَلَسَ سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي بَيْتٍ أَخْضَرَ عَلَى وِطَاءٍ أخضر عليه ثِيَابٌ خُضْرٌ، ثُمَّ نَظَرَ فِي الْمِرْآةِ فَأَعْجَبَهُ شَبَابُهُ وَجَمَالُهُ، فَقَالَ: كَانَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا، وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ صِدِّيقًا، وَكَانَ عُمَرُ فَارُوقًا، وَكَانَ عُثْمَانُ حَيِيًّا، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ حَلِيمًا، وَكَانَ يَزِيدُ صَبُورًا، وَكَانَ عَبْدُ الْمَلِكِ سَائِسًا، وَكَانَ الْوَلِيدُ جَبَّارًا، وَأَنَا الْمَلِكُ الشَّابُّ. فَمَا دَارَ عَلَيْهِ الشَّهْرُ حَتَّى مَاتَ. وقال لجارية عنده كيف ترينني ، فقال :

أنت نعم المتاع لو كنت تبقى ... غير أن لا بقاء للإنسان

أنت خلو من العيوب ومما ... يكره الناس غيرك انك فاني

قال عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَسَّانٍ الْكِنَانِيِّ : لَمَّا مَرِضَ سُلَيْمَانُ بِدَابِقٍ قَالَ لِرَجَاءِ بْنِ حَيَوَةَ: مَنْ لِهَذَا الأَمْرِ بَعْدِي، أَسْتَخْلِفُ ابْنِي؟ قَالَ: ابْنُكَ غَائِبٌ، قَالَ: فَابْنِي الآخَرُ، قَالَ: صَغِيرٌ، قَالَ: فَمَنْ تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنْ تَسْتَخْلِفَ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ، قَالَ: أَتَخَوَّفُ إِخْوَتِي لا يَرْضَوْنَ. قَالَ: فَوَلِّ عُمَرَ، وَمِنْ بَعْدِهِ يَزِيدُ بْنُ عبد الملك، وتكتب كتابا وتختم عليه، وادعوهم إِلَى بَيْعَتِهِ مَخْتُومًا. قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتَ؛ ائْتِنِي بقرطاس، فَدَعَا بِقِرْطَاسٍ فَكَتَبَ فِيهِ الْعَهْدَ، وَدَفَعَهُ إِلَى رَجَاءٍ وَقَالَ: اخْرُجْ إِلَى النَّاسِ فَلْيُبَايِعُوا عَلَى مَا فِيهِ مَخْتُومًا، فَخَرَجَ فَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُبَايِعُوا لِمَنْ فِي هَذَا الْكِتَابِ، قَالُوا: وَمَنْ فِيهِ؟ قَالَ: هُوَ مَخْتُومٌ، لا تُخْبَرُونَ بِمَنْ فِيهِ حَتَّى يَمُوتَ. قَالُوا: لا نُبَايِعُ. فَرَجَعَ إِلَيْهِ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ: انْطَلِقْ إِلَى صَاحِبِ الشُّرْطَةِ وَالْحَرَسِ، فَاجْمَعِ النَّاسَ وَمُرْهُمْ بِالْبَيْعَةِ، فَمَنْ أَبَى فَاضْرِبْ عُنُقَهُ. فَفَعَلَ، قَالَ: فَبَايَعُوهُ عَلَى مَا فِيهِ. قَالَ رَجَاءُ بْنُ حَيَوَةَ: فَبَيْنَا أَنَا رَاجِعٌ إِذْ سَمِعْتُ جَلَبَةَ مَوْكِبٍ، فَإِذَا هِشَامٌ، فَقَالَ لِي: يَا رَجَاءُ، قَدْ عَلِمْتُ مَوْقِعَكَ مِنَّا، وَإِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ صَنَعَ شَيْئًا مَا أَدْرِي مَا هُوَ، وَأَنَا أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ قَدْ أَزَالَهَا عَنِّي، فَإِنْ يَكُنْ قَدْ عَدَلَهَا عَنِّي فَأَعْلِمْنِي مَا دَامَ فِي الأَمْرِ نفس حتى أنظر، فَقُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، يَسْتَكْتِمُنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَمْرًا أُطْلِعَكَ عَلَيْهِ! لا يَكُونُ ذَا أَبَدًا. فَأَبَيْتُ عَلَيْهِ فَانْصَرَفَ، فَبَيْنَا أَنَا أَسِيرُ إِذْ سَمِعْتُ جَلَبَةً خَلْفِي، فَإِذَا عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَقَالَ لِي: يَا رَجَاءُ، إِنَّهُ قَدْ وَقَعَ فِي نَفْسِي أَمْرٌ كَبِيرٌ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ، أَتَخَوَّفُ أَنْ يَكُونَ قَدْ جَعَلَهَا إِلَيَّ وَلَسْتُ أَقُومُ بِهَذَا الشَّأْنِ، فَأَعْلِمْنِي مَا دَامَ فِي الأَمْرِ نَفْسٌ لَعَلِّي أَتَخَلَّصُ مِنْهُ مَا دَامَ حَيًّا، قُلْتُ: سُبْحَانَ اللَّهِ، يَسْتَكْتِمُنِي أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَمْرًا أُطْلِعَكَ عَلَيْهِ! قَالَ: وَثَقُلَ سُلَيْمَانُ، فَلَمَّا مَاتَ أَجْلَسْتُهُ مَجْلِسَهُ وَأَسْنَدْتُهُ وَهَيَّأْتُهُ وَخَرَجْتُ إِلَى النَّاسِ، فَقَالُوا: كَيْفَ أَصْبَحَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قُلْتُ: أَصْبَحَ سَاكِنًا، وَقَدْ أَحَبَّ أَنْ تُسَلِّمُوا عَلَيْهِ وَتُبَايِعُوا بَيْنَ يَدَيْهِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ، فَدَخَلُوا وَأَنَا قَائِمٌ عِنْدَهُ، فَلَمَّا دَنَوْا قُلْتُ: إِنَّهُ يَأْمُرُكُمْ بِالْوُقُوفِ، ثُمَّ أخذت الكتاب من عنده وتقدمت إليهم وَقُلْتُ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُبَايِعُوا عَلَى مَا فِي هَذَا الْكِتَابِ، فَبَايَعُوا وَبَسَطُوا أَيْدِيهِمْ. فَلَمَّا بَايَعْتُهُمْ وَفَرَغْتُ قُلْتُ: آجَرَكُمُ اللَّهُ فِي أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ. قَالُوا: فَمَنْ؟ فَفَتَحْتُ الْكِتَابَ فَإِذَا فِيهِ الْعَهْدُ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ، فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ بَنِي عَبْدِ الْمَلِكِ، فَلَمَّا سَمِعُوا: " وَبَعْدَهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ " كَأَنَّهُمْ تَرَاجَعُوا، فَقَالُوا: أَيْنَ عُمَرُ، فَطَلَبُوهُ فَإِذَا هُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَأَتَوْهُ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ بِالْخِلافَةِ، فَعُقِرَ بِهِ فَلَمْ يَسْتَطِعِ النُّهُوضَ حَتَّى أَخَذُوا بِضَبْعَيْهِ، فَدَنَوْا بِهِ إِلَى الْمِنْبَرِ وَأَصْعَدُوهُ، فَجَلَسَ طَوِيلا لا يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ رَجَاءٌ: أَلا تَقُومُونَ إِلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ فَتُبَايِعُونَهُ، فَنَهَضَ الْقَوْمُ إِلَيْهِ فَبَايَعُوهُ رَجُلًا رَجُلًا وَمَدَّ يَدَهُ إِلَيْهِمْ،

وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: تُوُفِّيَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فِي عَاشِرِ صَفَرٍ سَنَةَ تسعٍ وَتِسْعِينَ.

ــــــــــــــ

تاريخ بغداد – الخطيب البغدادي (6/ 582)

وفيات الأعيان – ابن حلكان(2/ 423)

بلاغات النساء – ابن طيفور (ص: 103)

تاريخ الخلفاء - السيوطي(ص: 170)

تاريخ الإسلام (2/ 1108)

العقد الفريد (4/ 121)

 

السبت، 4 مايو 2024

علمونا إذا حضر الطعام بطل الكلام . وقالوا : لا سلام ولا كلام على الطعام والصحيح : أكلٌ وحمدٌ خيرٌ من أكلٍ وصمت.

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

علمونا إذا حضر الطعام بطل الكلام . وقالوا :  لا سلام ولا كلام على الطعام

والصحيح : أكلٌ وحمدٌ خيرٌ من أكلٍ وصمت.

قال العيني : فِي بَيَان التسمية على الطَّعَام : القَوْل باسم الله فِي ابْتِدَاء الْأكل وأصرح مَا ورد فِي صفة التَّسْمِيَة مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ من طَرِيق أم كُلْثُوم عَن عَائِشَة، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهَا مَرْفُوعا إِذا أكل أحدكُم الطَّعَام فَلْيقل: بِسم الله فَإِن نسي فِي أَوله فَلْيقل بِسم الله أَوله وَآخره، وَالْأَمر بِالتَّسْمِيَةِ عِنْد الْأكل مَحْمُول على النّدب عِنْد الْجُمْهُور

وقال إسحاق؛ وتعشيت مرة أنا وأبو عبد اللَّه – أحمد بن حنبل رحمه الله - وقرابة له، فجعلنا نتكلم، وهو يأكل، وجعل يمسح عند كل لقمة يده بالمنديل، وربما مسحها بالمنديل عند كل لقمة، وجعل يقول عند كل لقمة: الحمد للَّه، وبسم اللَّه. ثم قال لي: أكل وحمد، خير من أكل وصمت. وقال الأَوْزَاعِيُّ: بَلَغَنِي عَنْ خَالِدِ بنِ مَعْدَانَ، أَنَّهُ كَانَ يَقُوْلُ: أَكْلٌ وَحَمْدٌ، خَيْرٌ مِنْ أَكْلٍ وَصَمْتٍ . وعَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَيَّانَ، قال: أَكَلْنَا مَعَ أُمِّ الدَّرْدَاءِ طَعَامًا فَأَغْفَلْنَا الْحَمْدُ لِلَّهِ، فقالت: يا بني لا تدعو أَنْ تُؤْدِمُوا طَعَامَكُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ، أكل وحمد، خير من أكل وصَمْتٍ.

وَقال العلماء : يَنْبَغِي لَهُ أَنْ لَا يَتْرُكَ الْحَدِيثَ عَلَى الطَّعَامِ فَإِنَّ تَرْكَهُ عَلَى الطَّعَامِ بِدْعَةٌ، وَلَا يُكْثِرُ مِنْهُ فَإِنَّ الْإِكْثَارَ مِنْ الكلام بِدْعَةٌ أَيْضًا وَلِأَنَّهُ قَدْ يَشْغَلُ غَيْرَهُ عَنْ الْأَكْلِ وَيَنْبَغِي أَنْ يَسْتَدْعِيَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ الْكَلَامَ، فَإِنَّ الْأُنْسَ بِالْكَلَامِ جَانِبٌ قَوِيٌّ مِنْ الْقِرَى وإحسان إلى الضيف . ولو قال مع كل لقمة بسم الله فهو حسن حتى لا يشغله الشره عن ذكر الله تعالى .

وجميل قول ابْن الْأَعرَابِي:

إِنَّك يَا ابْن جَعْفَر نعم الْفَتى ... وَنعم مأوى طارقٍ إِذا أَتَى

فَرب ضيف طرق الْحَيّ سرى ... صَادف زادًا وحديثًا مَا أشتهى

إِن الحَدِيث طرف من الْقرى ... ثمَّ اللحاف بعد ذَاك فِي الذرى

يا رب عليك بمن تسبب في بلائنا

يا رب فرج عن الشام وأهل الشام

ـــــــــــ

عمدة القاري شرح صحيح البخاري – العيني  (21/ 28)

إحياء علوم الدين – الإمام الغزالي(2/ 5)

مناقب الإمام أحمد – ابن الجوزي(ص: 340)

الجامع لعلوم الإمام أحمد - الأدب والزهد (20/ 51)

تهذيب الكمال في أسماء الرجال – الإمام الذهبي (35/ 357)

المدخل لابن الحاج (1/ 223)

سير أعلام النبلاء – الإمام الذهبي (4/ 539)

الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي – النهرواني (ص: 590)



الجمعة، 3 مايو 2024

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل سؤال: ما دلالة التقديم والتأخير لكلمة رجل في الآيتين (وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى (20) يس) و (وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى (20) القصص) ؟

 

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

ولمسات بيانية في نصوص من التنزيل 

سؤال:  ما دلالة التقديم والتأخير لكلمة رجل في الآيتين (وَجَاء مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى (20) يس) و (وَجَاء رَجُلٌ مِّنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى (20) القصص) ؟

يقول الدكتور فاضل أحسن الله جزاءه : الآية الأولى في سورة يس والأخرى في سورة القصص في قصة موسى عليه السلام. (وجاء من أقصى المدينة رجل يسعى) يعني هو فعلاً جاء من أقصى المدينة أي من أبعد مكان فيها. (وجاء رجل من أقصى المدينة يسعى) ليس بالضرورة ذلك وإنما تحتمل هذا المعنى وغيره. تحتمل أنه فعلاً جاء من أقصى المدينة وتحتمل لا هو من سكان تلك الأماكن البعيدة لكن ليس مجيئه من ذلك المكان ليس بالضرورة. كما تقول جاءني من القرية رجال تعني أن المجيء من القرية، جاءني رجال من القرية أي قرويون هذا يحتمل معنيين في اللغة، هذا يسمونه التعبير الاحتمالي. هناك نوعين من التعبير تعبير قطعي وتعبير احتمالي يحتمل أكثر من دلالة والتعبير القطعي يحتمل دلالة واحدة. لما تقول جاءني رجال من القرية تحتمل أمرين الرجال جاءوا من القرية أي مجيئهم من القرية وجاءني رجال من القرية احتمالين أن المجيء من القرية وتحتمل أنهم رجال قرويون ولكن ليس بالضرورة أن يكون المجيء من القرية. كما تقول: جاءني من سوريا رجل يعني رجل سوري وجاءني رجل من سوريا ليس بالضرورة أن يكون جاء من سوريا، جاء من سوريا رجل يعني جاء من سوريا. وجاء من أقصى المدينة رجل يعني جاء من أقصى المدينة، أما جاء رجل من أقصى المدينة ليس بالضرورة فقد يكون من سكان الأماكن البعيدة، مكانه من أقصى المدينة لكن ليس بالضرورة أن المجيء الآن من ذاك المكان وقد يكون من مكان آخر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لمسات بيانية في نصوص من التنزيل - محاضرات - الدكتور فاضل صالح السامرائي  (ص : 1101  )



الخميس، 2 مايو 2024

شَذَرَات مِنْ حَيَاةِ الِإمَامُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه من مآثر الإمام الشافعي

 صَبِيحَةٌ مُبارَكَة

إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
شَذَرَات مِنْ حَيَاةِ الِإمَامُ مُحَمَّدِ بْنِ إِدْرِيسَ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْه
من مآثر الإمام الشافعي
دفاعه عن العقيدة الصحيحة التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم ووقوفه في وجه كل من انحرف عنها . وهو أول من دون في أصول الفقه، وأرسى قواعده . وكان ناصرا لسنة النبي صلى الله عليه وسلم فقد وضع أصول الحديث الشريف . وأقام توازنا بين الفقه والحديث، من غير غلو ولا شطط، وأعاد الناس إلى منهج الاعتدال والوسطية، ولذلك فرح أصحاب الحديث بالشافعي فرحا شديدا، وأثنوا عليه ثناء حارا، وسموه ناصر السنة، وقال إبراهيم الحربي: سألت أبا عبد الله عن الشافعي فقال: حديث صحيح . وقال محمد بن الحسن: إن تكلم أصحاب الحديث يوما فبلسان الشافعي، يعني لما وضع من كتبه، وقال أحمد: ما كان أصحاب الحديث يعرفون معاني أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينها لهم.
إنصافه ورجوعه إلى الدليل وعدم تعصبه: فقد قال: إذا صح عندكم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضربوا بقولي عرض الحائط، فلا قول لي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وعن الحميدي قال كنت بمصر فحدث محمد بن إدريس بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رجل يا أبا عبد الله تأخذ بهذا قال رأيتني خرجت من كنيسة ترى علي زنارا حتى لا أقول بهذا إذا ثبت الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلته وقولته إياه ولم أزل عنه وإن هو لم يثبت عندي لم أقوله أنا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- تهذيب الأسماء واللغات، النووي،
2- الإصابة في تمييز الصحابة، ابن حجر العسقلاني
3- البداية والنهاية – الإمام ابن كثير
4- تاريخ دمشق لابن عساكر
5- تفسير القرطبي، أبو عبد الله القرطبي.
6- سير أعلام النبلاءالإمام الذهبي