الأربعاء، 12 أبريل 2017

هجرنا الكتاب ، حتى للزينة

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إخوتي أخواتي
هجرنا الكتاب ، حتى للزينة
يختلف الناس في أساليب تزين البيوت ، وعن نفسي ربما كان الكتاب قمة في تزيين الحجرة
وحتى للزينة أصبحت الكتب في بيوت شبه مفقودة
مع أن الكتاب روح تبعث الحياة للناظر فكيف بالقارئ الدارس
أيام كنت شاباً وفي دمشق اتبعت مكتبة دار الفكر – جزاهم الله الخير - في الحجاز وسط دمشق وسيلة تدفع بها الشباب على اقتناء الكتب بيسر وسهولة
تعلن على إعادة طباعة عدد من الكتب ولا سيما التاريخية منها ، ويقوم الراغب في شراء أحدها أو جميعها ، بالتسجيل وبما لا يزيد عن خمسة عشر قرشا للملزمة من كل كتاب ، وكل أسبوع هناك ملزمة ، حتى تنتهي الطباعة وقد يستغرق الأمر عدة شهور ، بعدها يعطى الكتاب للشاري مجلدا فنياً وعليه اسمه ، ثم يعلن عن كتب طباعة أخرى
وهنا أتوقف ولن أحدثكم عن حجم مكتبتي ، ولا عن مأساتها ……..
ولكني أقول زين بيتك بكتاب ، حتى وإن كان مصوراً فلم تعد طباعة الكتب أمرا معروفا
فلربما تدفع الناظر إليه لقراءته ، فتكسب الأجر وتفتح بابا للفرج
قال الحضرمي وهو أحد علماء الأندلس : أقمت مرّة بقرطبة، ولازمت سوق كتبها مدة أترقب فيها وقوع كتاب كان لي بطلبه اعتناء، إلى أن وقع وهو بخط جيد وتسفير مليح ، ففرحت به أشد الفرح، فجعلت أزيد في ثمنه، فيرجع إليّ المنادي بالزيادة عليّ، إلى أن بلغ فوق حدّه ، فقلت له : يا هذا أرني من يزيد في هذا الكتاب حتى بلّغه إلى ما لا يساوي، قال: فأراني شخصاً عليه لباس رياسة ، فدنوت منه، وقلت له: أعز الله سيّدنا الفقيه، إن كان لك غرض في هذا الكتاب تركته لك فقد بلغت به الزيادة بيننا فوق حده؛ قال: فقال لي : لست بفقيه، ولا أدري ما فيه، ولكنّي أقمت خزانة كتب، واحتفلت فيها لأتجمل بها بين أعيان البلد، وبقي فها موضع يسع هذا الكتاب، فلمّا رأيته حسن الخط جيّد التجليد استحسنته ، ولم أبال بما أزيد فيه، والحمد لله على ما أنعم به من الرزق فهو كثير؛ قال الحضرمي: فأحرجني ، وحملني على أن قلت له: نعم لا يكون الرزق كثيراً إلاّ عند مثلك، يعطى الجوز من لا عنده أسنان ، وأنا الذي أعلم ما في هذا الكتاب ، وأطلب الانتفاع به ، يكون الرزق عندي قليلاً، وتحول قلّة ما بيدي بيني وبينه.
=========
-         نفح الطيب من غصن الاندلس الرطيب - محمد المقري التلمساني (1/ 463)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق