الثلاثاء، 11 أبريل 2017

هي أمي

هي أمي
وأليت على نفسي أن لا أكتب في هذه المناسبة حتى لا تتحول الأم إلى مناسبة للكتابة ليس إلا
 
والحق إن تَحولتْ أمي وأمهات المسلمين إلى مناسبة للكتابة فعلي كواحد من الخلق أن أنقطع متبلا في الكتابة إليها لا سواها
فبذلك ارضاء لخالقي والتزاما بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، وإكراما لنفسي ووفاء لا يقف عند حد لكائن خلقه بصفات مخصوصة ،جعلته إن ذكر ذكرت معه صفات الخير كلها – هي الأم -
من الناس من جعل ما سمي بعيد الأم مناسبة ذات أهمية له ، ولست ضد أي مناسبة تذكر فيها أمي
ولن أبالغ إن قلت ومن حقي وحق كل إنسان أن يعتز بأمه
إنها كانت متميزة في كل شيء دينا وخلقا وعلما حتى أنها رحمها الله تعالى نالت المتربة الأولى على محافظة بنات حلب سنة 1949 م عندما أنهت المرحلة الابتدائية ومنحتها الدولة أيامها منحة دراسية لتتم تعليمها على نفقتها
وأذكر أن معلمتها استبدلت اسمها لتنادى بذكية ، حتى عرفت به ونسي أهل الحي أن اسمها فاطمة تشرفا بالزهراء رضي الله عنها
تزوجت صغيرة تحمل شهادة الدراسة الابتدائية
وشهادة أخرى أنها حافظةٌ لكتاب الله 
ابتلاها الله بالمرض وهي ريعان شبابها فصبرت
 
كانت سيدة بيت بكل المقاييس 
 
أقعدها المرض عن الحركة ولم يقعدها على رعايتنا – تعلمت الخياطة ونسج الصوف – ومهارات أخرى لنفسها ووالله دون مساعدة أحد 0
 
وأجمل ما في ذاكرتي أسلوبها في التعامل معنا فهي في أقصى درجات الغضب تتوجه إلينا بالقول ( رب يهديك ) أم الضرب والصراخ فو الله لا
ترى فهل يكفي في برها أن أحتفل بذكرى لها وفي يوم من سنة
وأسميه عيداً والعيد من العود
ولعلي وهكذا أظن أننا عندما نتوجه إليها بالقول بعبارة ( كل عام وأنت في  خير ) نُحَمِلُها معها معنى آخر وهي أننا سنقولها لك إن أبقانا الله للعام القادم
بعضنا يُقْبل يديها
ترى فهل جربنا تذوق طعم قدميها 
تعلمت ثم تذوقت حلاوة تقبيل قدمها قبل يدها ورجلها الوحيدة فلقد قطعت بمرضها
غيرنا وسوانا من الناس من حقه أن يكون هناك عيد للأم ، أما نحن فكل يوم هو عيد
حتى من فقد أمه استغفر لها وأكرمها بما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم 
ترى هل نحب أن نكون آخر من يخرج من النار ، فلقد ورد أنهم فئة لا يخرجون إلا بشفاعة أمهاتهم والأغرب والعياذ بالله تعالى أن نرى أمهاتنا يومها تقول يا رب دعهم في النار فقد كانوا يسووننا بزوجاتهم
ولقد قص علي أستاذي في الجامعة – الدكتور محمد منير مصلح - قصة أنقلها عنه : قال : سكنت مع زوجتي وولداي في لندن عند امرأة كبيرة في ظننتها وحيدة لا أقرباء لها وبعد أكثر من سنتين يقرع الباب وتفتح زوجتي ثم تعود لتقول لي فتاة في الباب تسأل بالإنكليزية ، أمي هنا 
خرجت واستفسرت وإذ بها ابنة صاحبة البيت ولقد خاصمت أمها لسبب غريب ،غريب جدا ، إنه قيمة نصف كغ من السكر لم تدفعه الأم لها ثم جاءت لتتصالح معها في عيد الأم 
نعم لقد صنع عيد الأم لهؤلاء
أما نحن فكل يوم أمهاتنا في عيد
لا تتصوروا أني كنت نبيا معصوما ، في تعاملي مع أمي
إلا أني لم أصر على خطأ معها أبدا
يا رب ارحم أمي ، وارحم معها أم أولادي
يا رب إن نساء المسلمين كلهم أمهاتنا 

ارحم من مات منهم 
واحفظ الأحياء 
 
أعنا يا رب على برهم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق