الخميس، 4 يوليو 2019


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
في تاريخنا لا فرق في جلاء صورته بين الرجل والمرأة
ومن أُمُّ عُمَارَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا نتعلم
نحن نتعامل مع المرأة بأوجه لنا فيها مصلحة ، فإما أن نحجمها بين جدران البيت ( طبخ ، غسيل ، الإشراف على الصغار ...) أو نفتح الباب لها لتخرج وتُسْتَثمر في الحياة العامة والإعلام خاصة كوسيلة للترغيب في كل مفسد ، لتهبط في عيون الرجل إلى دمية جميلة ، لا تصلح إلا للعب بها . ونكافئها بهدية تقدم في مناسبة سنوية .
هذه أُمُّ عُمَارَةَ نَسِيْبَةُ بِنْتُ كَعْبِ بنِ عَمْرٍو الأَنْصَارِيَّةُ المرأة الفَاضِلَةُ، المُجَاهِدَةُ، الأَنْصَارِيَّةُ، الخَزْرَجِيَّةُ، النَّجَّارِيَّةُ، المَازِنِيَّةُ، المَدَنِيَّةُ. كَانَ أَخُوْهَا عَبْدُ اللهِ بنُ كَعْبٍ المَازِنِيُّ مِنَ البَدْرِيِّيْنَ، وَكَانَ أَخُوْهَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ مِنَ البَكَّائِيْنَ.
وقال أصحاب السِير والمؤرخون شَهِدَتْ أُمُّ عُمَارَةَ: لَيْلَةَ العَقَبَةِ، وَشَهِدَتْ: أُحُداً، وَالحُدَيْبِيَةَ، وَيَوْمَ حُنَيْنٍ، وَيَوْمَ اليَمَامَةِ، وَجَاهَدَتْ، وَفَعَلَتِ الأَفَاعِيْلَ. رُوِيَ لَهَا أَحَادِيْثُ، وَقُطِعَتْ يَدُهَا فِي الجِهَادِ. وَقَالَ الوَاقِدِيُّ: شَهِدَتْ أُحُداً مَعَ زَوْجِهَا غَزِيَّةَ بنِ عَمْرٍو، وَمَعَ وَلَدَيْهَا  . خَرَجَتْ تَسْقِي وَمَعَهَا شَنٌّ، وَقَاتَلَتْ، وَأَبْلَتْ بَلاَءً حَسَناً، وَجُرِحَتِ اثْنَيْ عَشَرَ جُرْحاً  .
وَكَانَ ضَمْرَةُ بنُ سَعِيْدٍ المَازِنِيُّ يُحَدِّثُ عَنْ جَدَّتِهِ - وَكَانَتْ قَدْ شَهِدَتْ أُحُداً - قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُوْلَ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُوْلُ: (لَمُقَامُ نَسِيْبَةَ بِنْتِ كَعْبٍ اليَوْمَ خَيْرٌ مِنْ مُقَامِ فُلاَنٍ وَفُلاَنٍ) . وَكَانَتْ تَرَاهَا يَوْمَئِذٍ تُقَاتِلُ أَشَدَّ القِتَالِ، وَإِنَّهَا لَحَاجِزَةٌ ثَوْبَهَا عَلَى وَسَطِهَا حَتَّى جُرِحَتْ ثَلاَثَةَ عَشَرَ جُرْحاً، وَكَانَتْ تَقُوْلُ: إِنِّي لأَنْظُرُ إِلَى ابْنِ قَمِئَةَ وَهُوَ يَضْرِبُهَا عَلَى عَاتِقِهَا، وَكَانَ أَعْظَمَ جِرَاحِهَا، فَدَاوَتْهُ سَنَةً. ومنعتها جراحها عن تلبية مُنَادِي رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى حَمْرَاءِ الأَسَدِ  ، وقد شَدَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابَهَا، فَمَا اسْتَطَاعَتْ مِنْ نَزْفِ الدَّمِ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا وَرَحِمَهَا  -.
أما يوم أحد تقول أُمُّ عُمَارَةَ: رَأَيْتُنِي، وَانْكَشَفَ النَّاسُ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَمَا بَقِيَ إِلاَّ فِي نُفَيْرٍ مَا يُتِمُّونَ عَشَرَةً، وَأَنَا وَابْنَايَ وَزَوْجِي بَيْنَ يَدَيْهِ نَذُبُّ عَنْهُ، وَالنَّاسُ يَمُرُّوْنَ بِهِ مُنْهَزِمِيْنَ، وَرَآنِي وَلاَ تُرْسَ مَعِي، فَرَأَى رَجُلاً مُوَلِّياً وَمَعَهُ تُرْسٌ، فَقَالَ: (أَلْقِ تُرْسَكَ إِلَى مَنْ يُقَاتِلُ) .فَأَلْقَاهُ، فَأَخَذْتُهُ، فَجَعَلْتُ أُتَرِّسُ بِهِ عَنْ رَسُوْلِ اللهِ، وَإِنَّمَا فَعَلَ بِنَا الأَفَاِعْيَلَ أَصْحَابُ الخَيْلِ، لَو كَانُوا رَجَّالَةً مِثْلَنَا أَصَبْنَاهُمْ - إِنْ شَاءَ اللهُ -.فَيُقْبِلُ رَجُلٌ عَلَى فَرَسٍ، فَيَضْرِبُنِي، وَتَرَّسْتُ لَهُ، فَلَمْ يَصْنَعْ شَيْئاً، وَوَلَّى، فَأَضْرِبُ عُرْقُوبَ فَرَسِهِ، فَوَقَعَ عَلَى ظَهْرِهِ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَصِيْحُ: (يَا ابْنَ أُمِّ عُمَارَةَ، أُمَّكَ أُمَّكَ) .قَالَتْ: فَعَاوَنَنِي عَلَيْهِ حَتَّى أَوْرَدْتُهُ الهلاك .
هي صورة من حياة امرأة مسلمة ، وتاريخنا غني بتلك الصور
لست من دعاة الحرب للرجال ، حتى أكون من دعاتها للنساء
إلا أني أحببت التذكير بصورة المرأة التي أخذت دورها في الحياة كاملا ، تربية وعلما وتعليما
عَرِفت ما تريد ، وسعت لما تريد
ــــــــــــــــــــــ
سير أعلام النبلاء – الإمام الذهبي (2/ 278)
الطبقات الكبرى ابن سعد (8/ 414)

ــــــــــــ
شن : يقال للسقاء شن وللقربة شنةٌ.
البكائين : وكانوا سبعة: معقل بن يسار وصخر بن خنساء . وعبد الله بن كعب الأنصاري وعلبة بن زيد الأنصاري وسالم بن عمير وثعلبة بن غنمة وعبد الله بن معقل أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلّم فقال: يا نبي الله إن الله عزّ وجلّ قد ندبنا للخروج معك فاحملنا على الخفاف المرقوعة والنعال المخصوفة نغزوا معك، فقال النبي صلى الله عليه وسلّم: لا أَجِدُ ما أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ فتولوا وهم يبكون  فذلك قوله تعالى: تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلَّا يَجِدُوا ما يُنْفِقُونَ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق