الخميس، 4 يوليو 2019

كن حريصا فقد تجرح نفسك


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
كن حريصا فقد تجرح نفسك
ومن المعلوم أن الحرص لا حدّ له ولا نهاية، وذلك لأنه سعي لا لحاجة، وتضييع لا لبغية. والحرص غالبا على الأمر الممنوع الذي لا ينتفع به . ومن بنى حياته على أساس من ذلك . رحل دون أن يستفيد مما حرص عليه أو انقلب حرصه عليه فمن حرص على السلطة كثيراً ، أخذت منه ومن أقرب الناس إليه . وحرص المرء على المنفعة الدائمة فحتى لو حصلت كانت علامة النهاية
ومن جميل ما قرأت أنه لما قتل كسرى بزرجمهر وجد في منطقته كتابا: إذا كان القدر حقّا فالحرص باطل .
وفي مناحي الحياة فحرص العامل الشديد على دقة ما يتعلم قد تكون سبيلا لأذى ، قال الحلاق للعامل الجديد الذي يتدرب
على الحلاق عنده . كن حريصاً وأنت تحلق للناس حتى لا تجرح نفسك
ورحم الله القائل :
أقام بدار الخفض راض بحظّه ... وذو الحرص بسري حين لا أحد يسري
يظنّ الرّضا بالقسم شيئا مهوّنا ... ودون الرضا كأس أمرّ من الصّبر
جزعت فلم أعتب فلو كنت ذا حجا ... لقنّعت نفسي بالقليل من الوفر
أظنّ غبيّ القوم أرغد عيشة ... وأجذل في حال اليسارة والعسر
تمرّ به الأحداث ترعد مرّة ... وتبرق أخرى بالخطوب وما يدري
سواء على الأيام صاحب حنكة ... وآخر كاب لا يريش ولا يبري
فلو شاء ربّي لم أكن ذا حفيظة ... طلوبا لغايات المكارم والفخر
وليس الحرص في كل وجوهه مما يذم
أفليس الحرص على أمن وأمان الوطن مندوب
كثير من يفهم ويقرن هذا الحرص بالفائدة من خيرات بلده واكتسابها
وآخرون يرون أن الحرص هو سلامة الوطن ، لتسلم خيراته
ــــــــــــــــــ
الرسائل الأدبية - الجاحظ(ص: 99)
عيون الأخبار - الدينوري(3/ 213)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق