الجمعة، 5 يوليو 2019

قلة ذات اليد عافاكم الله منها ورزقكم نعمه وقصيدة لابن زريق وقصة


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
قلة ذات اليد
عافاكم الله منها ورزقكم نعمه
وقصيدة لابن زريق وقصة
مؤلم أن يأتي الفقر بعد السعة ، وأن تحل القلة محل الغنى ، ويزيد الألم حين تتابع على المرء سنوات الضيّق، ويلح العسر حتى يطبق بكلاله على اليسر .
بَعُدَ من كان يعرف بالصديق ، وتبدت شماتة العدو . ويزيد من إلحاح الحاجة كثرة العيال وقلّة ذات اليد ، تضيق الدنيا على رحابتها وقد تتوقف شبكة التفكير عن العمل ويساء الظن باليوم أو الغد . ومن ذاق طعم مر الأيام وجد في كلماتي ضعفا في الوصف . ورحم الله الشافعي حيث قال : وَأَحَقُّ خَلقِ اللَهِ بِالهَمِّ اِمرُؤٌ ... ذو هِمَّةٍ يُبلى بِرِزقٍ ضَيِّقِ
أبو الحسن علي بن زريق البغدادي . كانت له ابنة عم قد كلف بها أشد الكلف وكانت زوجته فأحاطت به القلة وغمرته الحاجة فانطلق يبحث عن مخرج علّ الله يبدل الحال إلى ما كان عليه . فارتحل من بغداد قائلاً :
استودع الله في بغداد لي قمراً ... بالكرخ من فلك الأزرار مطلعه
ودعته وبودي أن يودعني ... روح الحياة، وأني لا أودعه
كم قد تشفع في ألا أفارقه ... وللضرورة حال لا تشفعه
وكم تشبث بي يوم الرحيل ضحى ... وأدمعي مستهلات وأدمعه
لا أكذب الله: ثوب الصبر منخرق ... عني لفرقته لكن أرقعه
إلى الأندلس قاطعا ألاف الأميال يبغي أبا عبد الرحمن الأندلسي وتقرب إليه بنسبه، فأراد أبو عبد الرحمن أن يبلوه ويختبره، فأعطاه شيئاً نزراً، فقال ابن زريق البغدادي: إنا لله وإنا إليه راجعون! سلكت البراري والبحار والمهامه والقفار إلى هذا الرجل فأعطاني هذا العطاء النزر؟ فانكسرت إليه نفسه واعتل فمات. وشغل عنه أبو عبد الرحمن الأندلسي أياماً، ثم سأل عنه فخرجوا يطلبونه، فانتهوا إلى الخان الذي كان فيه وسألوا الخانية عنه، فقالت: إنه كان في هذا البيت، ومذ أمس لم أره، فصعدوا فدفعوا الباب، فإذا بالرجل ميتاً، وعند رأسه رقعة فيها مكتوب هذه القصيدة
لا تعذليه فإن العذل يولعه ... قد قلت حقاً ولكن ليس يسمعه
جاوزت في نصحه حداً أضر به ... من حيث قدرت أن النصح ينفعه
فاستعملي الرفق في تأنيبه بدلاً ... من عنفه فهو مضني القلب موجعه
قد كان مضطلعاً بالخطب يحمله ... فضلعت بخطوب البين أضلعه
يكفيه من روعة التنفيذ أن له ... من النوى كل يوم ما يروعه
ـــــــــــــــ
نفح الأزهار في منتخبات الأشعار – البتلوني (ص: 5)
العقد الفريد (6/ 224)
المنازل والديار – أسامة بن المنقذ (ص: 9)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق