الأحد، 31 ديسمبر 2017

أحمد الطوبل من شيوخ من أدى رسالة التعليم

أحمد الطوبل من شيوخ من أدى رسالة التعليم
نال اعجاب من علمه ، وحظي باعجاب من عرفه
أنموذجٌ للمعلم الشامل
فقد كان مدرساً رائداً لمادة التربية الإسلامية
ولكن إن احتجت إليه فهو مدرس قادر على تدريس ولا أبالغ إن قلت جميع المواد الدرسية ابتدأ باللغة العربية وانتهاءً باللغة الإنكليزية وبتميز ، وخطاطا يرسم الحرف وكأنه مبدعه
خطيب يعلم إن ارتقى المنبر بالذي يقوله
عمل مدرساً في دمشق وحلب ومن ثم في مدارس ادلب وقد قضى جزء من حياته مدرسا في مدينة بنش ، ومن ثم في مدينة المعرة حتى وفاته رحمه الله ، وهو من خريجي كلية الشريعة جامعة دمشق في بداية الستينات من القرن الماضي
كثيرون هم المحسوبون على التربية والتعليم وربما كانوا الأكثر على ساحة العمل الوظيفي
في التسمية هم معلمون وفي الحقيقة هم محسوبون على العمل التربوي لا أكثر
قلة هم من اختار أن يكون معلماً ، وكُثرٌ من لم تسعفه درجاته في الشهادة الثانوية للوصول فرع في الجامعة بعيد الانخراط في سلك التعليم ، فاتجه للتعليم مكرها
لقد كان أستاذي ومعلمي أحمد الطوبل من سادة من علم
هناك مقولة تعلمتها في كلية التربية من الدكتور فاخر عاقل رحمه الله أن على المعلم أن يكون بحراً محيطاً يغرف الطالب ما يشاء منه
تذكرت حينها من علمنا فكان الأكثرية على تلك الصفة ومن كان في ذوأبتهم الأستاذ أحمد الطوبل
في درسه يقرأ وجوه طلابه
تغيرٌ فجائي ينقلب إليه دون بلبلة ومن قَلبِ الموضوع يمنحك معلومة ذات علاقة حياتية بك وإن احتاج الأمر فهو راوٍ للطرفة ضابط لانفعالات الطلبة حتى لا يخرج الأمر عن حده
لا تدري كيف يشدك إليه ، ألشخصيته القوية ، أم لعلمه الواسع ، أم لصبر على طلابه دون حد
احتياجه ليده منبوذ عنده ، وما حاجته ليده والكل منقاد إليه إنقياد حب وتقدير
يرسم الحرف على السبورة وكأنه حين ينهيه ينطق بمعناه
كنا نهابه ونحبه
كريم في علمه وعلى سعته لا يبخل به على أحد

قُدر لي وأنا طالبا في الصف العاشر أن أحظى بمرافقته بين المدرسة والبيت لن أصف إحساسي وأنا بجانبه قدرت بأني في حظوة لم ينلها سواي
قبيل نهاية الطريق وأمام محل الحاج مطيع العلوان رحمه الله ، رجل متقدم في السن اتجه إلينا مخاطبا يا شيخ أحمد يا شيخ وقف وقف بدي اسألك
وتوقف الأستاذ أحمد الطوبل وابتسامة رضاً تعلو وجهه
أنا إمام في مسجد كذا ولا أحفظ إلا الفاتحة وبعض قصار الصور وهناك سورة كلما قرأتها خطأني المصلون ورائي بدي سمعك ياها
قال الأستاذ : قل
قال الرجل : إلاهكم التكاثر فقال الأستاذ : يا أخي هذا كفر لمن علمه ، وعليك أن تقول ألهاكم التكاثر .وانتبر الرجل قائلا حتى إنتي يا شيخ : عليه الطلاق ما بيقراها إلا متل قبل
كتمت أنفاسي حتى لا يعلو صوت من الضحك
وأستاذي يقول : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم
كان مشجعنا لنا على الخطابة وكان يقول : علي كتابة الخطب والتدريب عليها وعلى من أحب إلقاءها في المسجد
كان شيخ المعرة أحمد الحصري رحمه الله يُعَوِل عليه وكذلك قضاء المعرة في حساب المسائل المعقدة في الميراث
في المدرسة وكان الموجهون أيامها كلهم من دمشق وكان موجه التربية الإسلامية لا يغيب عن حضور درسه
نقل لنا من علمنا من زملائه أنه كان يقول له يا أستاذ أحمد أنا أحضر درسك لأتعلم منك
وفي المرة الأخيرة التي حضر له ، طلب منه أن يعطيه صورة على الدرس الذي حضره وأستأذنه في أن يكون درسه أنموذجا لمعلمي التربية الإسلامية في سوريا
وكانت مكافأة التربية له أن نقل لمؤسسة المياه في المعرة
ألح عليه العاملون فيها أن لا يتعب نفسه في الدوام وأن راتبه سيصل إليه كل شهر لكنه رفض فكيف أتقاضى راتبا دون عمل
منبر مسجد يوشع بن نون يذكره ، والترس الأثري في مسجد محمد المصري لن ينساه بل لا أنساه أنا أحبه وكأني أرى أستاذي يعلوه بكلمات تدخل القلب ومستقرها العقل
قدم لأهل المعرة أسرة يغلفها العلم من ذكور وإناث
ولد أستاذنا سنة 1349 هـ م1930 وكانت وفاته في شهر ربيع الأول سنة 1408 هـ الشهر العاشر لسنة 1987م
رحمك الله يا معلمي وأستاذي
رحمك الله يا أبا سعيد
رحمك الله يا أحمد الطوبل
المقر بفضلك : هشام محمد كرامي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق