الثلاثاء، 18 ديسمبر 2018

شرف الهدف والكل يدعي شرف الهدف ، فالصالح يدعيه ، والطالح هو الآخر يتبناه ويروج له


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
شرف الهدف
والكل يدعي شرف الهدف ، فالصالح يدعيه ، والطالح هو الآخر يتبناه ويروج له
أفلاطون في المدينة الفاضلة قسم الناس لطبقات وادعى الصلاح في ذلك
قتل المكتشفون سكان الهند الغربية أو أمريكا بدعوى عدم قبولهم للتطور
هولاكو  ادعى شرف الهدف وأن الله سخره لتطهير الأرض
الفرنجة قتلوا في المعرة أكثر من أربعين ألفا بدعوة شرف الهدف
حُكِمنا من قبل فرنسا أو انكلترة أو أسبانيا بدعوى جميلة في معناها ( الاستعمار ) وكان استخرابا
واليوم واحدنا إذا بدو يحكي كلمتين وما هون إلو ولا هوي فهمان معناتون ما بتشوفو إلا يبدأ القول:ترى قصدي شريف ..
امتدت الدولة الإسلامية بين الأندلس وغربي الصين ولا أحد في قدرته القول بأن يشكك في نُبْلِ الهدف
فقد مثّل ربعي بن عامر أشرف الهدف يسعى إليه وهو الذي سارت إليه وعليه الفتوحات ، لا مكسب ولا مغنم سوى أن تعيد الخلق للخالق وللعلم فقد جرت مراسلة بين الفرس والمسلمين قبل وبعد لقاء ربعي برستم فكانوا على قلب رجل واحد
لم يضطر سعد إلى تدريب أحدهم ليحسن القول أمام رستم فلقد كان الهدف واضح بَيّنٌ لاثنان وثلاثين ألفاً هم أسود القادسية .
أرسل الفرس لسَعْدٌ ابْعَثْ إِلَيْنَا رَجُلًا نُكَلِّمُهُ وَيُكَلِّمُنَا. فاختار سَعْدٌ جَمَاعَةً لِيُرْسِلَهُمْ إِلَيْهِمْ. فكان منهم رِبْعِيُّ بْنُ عَامِرٍ: الذي قَالَ لسَعْدٍ مَتَى نَأْتِهِمْ جَمِيعًا يَرَوْا أَنَا قَدِ احْتَفَلْنَا بِهِمْ، فَلَا تَزِدْهُمْ عَلَى رَجُلٍ. فَأَرْسَلَهُ وَحْدَهُ، فَسَارَ إِلَيْهِمْ، فَحَبَسُوهُ ( منعوه )ريمثا أُعْلِمَ رُسْتُمُ بِمَجِيئِهِ فَأَظْهَرَ رستم زِينَتَهُ، وَجَلَسَ عَلَى سَرِيرٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَبَسَطَ الْبُسُطَ وَالنَّمَارِقَ وَالْوَسَائِدَ الْمَنْسُوجَةَ بِالذَّهَبِ، وَأَقْبَلَ رِبْعِيٌّ عَلَى فَرَسِهِ وَسَيْفُهُ فِي خِرْقَةٍ( قراب السيف )، وَرُمْحُهُ مَشْدُودٌ بِعَصَبٍ وَقَدٍّ ( أي حبل من جلد  غير مدبوغ )، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَى الْبُسُطِ قِيلَ لَهُ: انْزِلْ، فَحَمَلَ فَرَسَهُ عَلَيْهَا وَنَزَلَ، وَرَبَطَهَا بِوِسَادَتَيْنِ شَقَّهُمَا، وَأَدْخَلَ الْحَبْلَ فِيهِمَا، فَلَمْ يَنْهَوْهُ وَأَرَوْهُ التَّهَاوُنَ، وَعَلَيْهِ دِرْعٌ، وَأَخَذَ عَبَاءَةَ بِعِيرِهِ فَتَدَرَّعَهَا وَشَدَّهَا عَلَى وَسَطِهِ. فَقَالُوا: ضَعْ سِلَاحَكَ. فَقَالَ: لَمْ آتِكُمْ فَأَضَعَ سِلَاحِي بِأَمْرِكُمْ، أَنْتُمْ دَعَوْتُمُونِي. فَأَخْبَرُوا رُسْتُمَ، فَقَالَ: ائْذَنُوا لَهُ. فَأَقْبَلَ يَتَوَكَّأُ عَلَى رُمْحِهِ وَيُقَارِبُ خَطْوَهُ، ( أي يستهين بهم في تمزيق البسط بؤمحه ومقاربة الخطى لزيادة تمزيق البسط والسجاد) فَلَمْ يَدْعُ لَهُمْ نُمْرُقًا وَلَا بِسَاطًا إِلَّا أَفْسَدَهُ وَهَتَكَهُ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ رُسْتُمَ جَلَسَ عَلَى الْأَرْضِ، وَرَكَّزَ رُمْحَهُ عَلَى الْبُسُطِ، فَقِيلَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ قَالَ: إِنَّا لَا نَسْتَحِبُّ الْقُعُودَ عَلَى زِينَتِكُمْ. فَقَالَ لَهُ تُرْجُمَانُ رُسْتُمَ، وَاسْمُهُ عَبُودٌ مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ: مَا جَاءَ بِكُمْ؟ قَالَ: اللَّهُ جَاءَ بِنَا، وَهُوَ بَعَثَنَا لِنُخْرِجَ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ( أي لا إكراه ) مِنْ ضِيقِ الدُّنْيَا إِلَى سِعَتِهَا، وَمِنْ جَوْرِ الْأَدْيَانِ إِلَى عَدْلِ الْإِسْلَامِ، فَأَرْسَلَنَا بِدِينِهِ إِلَى خَلْقِهِ، فَمَنْ قَبِلَهُ قَبِلْنَا مِنْهُ، وَرَجَعْنَا عَنْهُ وَتَرَكْنَاهُ وَأَرْضَهُ دُونَنَا، وَمَنْ أَبَى قَاتَلْنَاهُ حَتَّى نُفْضِيَ إِلَى الْجَنَّةِ أَوِ الظَّفَرِ. فَقَالَ رُسْتُمُ: قَدْ سَمِعْنَا قَوْلَكُمْ، فَهَلْ لَكُمْ أَنْ تُؤَخِّرُوا هَذَا الْأَمْرَ حَتَّى نَنْظُرَ فِيهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَإِنَّ مِمَّا سَنَّ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ لَا نُمَكِّنَ الْأَعْدَاءَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ، فَنَحْنُ مُتَرَدِّدُونَ عَنْكُمْ ثَلَاثًا، فَانْظُرْ فِي أَمْرِكَ، وَاخْتَرْ وَاحِدَةً مِنْ ثَلَاثٍ بَعْدَ الْأَجَلِ: إِمَّا الْإِسْلَامُ وَنَدَعَكَ وَأَرْضَكَ، أَوِ الْجَزَاءُ فَنَقْبَلُ وَنَكُفُّ عَنْكَ، وَإِنِ احْتَجْتَ إِلَيْنَا نَصَرْنَاكَ، أَوِ الْمُنَابَذَةُ فِي الْيَوْمِ الرَّابِعِ، إِلَّا أَنْ تَبْدَأَ بِنَا.
واستغرب رستم فسأله قَالَ أَسَيِّدُهُمْ أَنْتَ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنَّ الْمُسْلِمِينَ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ، بَعْضُهُمْ مِنْ بَعْضٍ، يُجِيرُ أَدْنَاهُمْ عَلَى أَعْلَاهُمْ. فَخَلَا رَسْتُمُ بِرُؤَسَاءِ قَوْمِهِ فَقَالَ: هَلْ رَأَيْتُمْ كَلَامًا قَطُّ أَعَزَّ وَأَوْضَحَ مِنْ كَلَامِ هَذَا الرَّجُلِ؟ فَقَالُوا: مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ نَمِيلَ إِلَى دِينِ هَذَا الْكَلْبِ! أَمَا تَرَى إِلَى ثِيَابِهِ؟ فَقَالَ: وَيْحَكُمْ! لَا تَنْظُرُوا إِلَى الثِّيَابِ، وَلَكِنِ انْظُرُوا إِلَى الرَّأْيِ وَالْكَلَامِ وَالسِّيرَةِ، إِنَّ الْعَرَبَ تَسْتَخِفُّ بِاللِّبَاسِ وَتَصُونُ الْأَحْسَابَ، لَيْسُوا مِثْلَكُمْ.
ــــــــــــــــــ
الكامل في التاريخ – ابن الأثير (2/ 298)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق