الجمعة، 26 أبريل 2019

من حكايا العدل في الدنيا إحداها عند غير المسلمين والأخرى عند المسلمين


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
من حكايا العدل في الدنيا
إحداها عند غير المسلمين والأخرى عند المسلمين
ولقد تحول العدل عندنا إلى حكايا نعزي بها أنفسنا عن واقع تعيشه بلاد العرب والمسلمين
ولن أبالغ في القول فلقد أصبح العدل صورة جميلة تتحلى بها أفواه الخطباء وأقلام الكتّاب
لا عدل بين أب وولديه فالعدل عند الأب أضحى بميزان المنفعة
لا عدل بين زوج وامرأتيه – فلو عدل تغير اسمه وصرلو اسمين - وحتى وإن كانت واحدة عذبها انتقاما من أهلها الذين أكرموه بها
والأمر محزن إن اتسع الحديث ليشمل مساحة أكثر من صور الظلم في بلادنا
 عراقي ورجلُ من أهل التجارة  وكان يسافر بين العراق والصين وكان بها ملك، اتصف بالعدل . قال : فقدمتها مرة ومن الناس علمت أن سمع ملكهم قد ذهب سمع ، فجعل الملك يبكي ، فقال له وزراؤه: مالك تبكي لا بكت عيناك؟
فَقَالَ: أما إني لست أبكي على المصيبة إذ نزلت بي، ولكن المظلوم بالباب يصرخ فلا أسمع صوته، وَقَالَ: أما إن كَانَ ذهب سمعي فإن بصري لم يذهب، نادوا في الناس أن لا يلبس ثوبا أحمر إلا مظلوم. فكان يركب الفيل فِي طرفي النهار، هل يرى مظلوما فينصفه.
بَدْرُ بْنُ حَسْنَوَيْهِ بْنِ الْحُسَيْنِ أَبُو النَّجْمِ الْكُرْدِيُّ، كَانَ مِنْ خِيَارِ الملوك بناحية الدينور وهمدان، وله سياسة وصدقة كثيرة، كنّاه القادر بأبي النَّجْمِ، وَلَقَّبَهُ نَاصِرَ الدَّوْلَةِ، وَعَقَدَ لَهُ لِوَاءً وأنفذه إليه، وكانت معاملاته وبلاده في غاية الأمن والطيبة، بحيث إذا أعيى جمل أحد من المسافرين أو دابته عن حمله يتركها بما عليها في البرية فيرد عليه، ولو بعد حين لَا يُنْقَصُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَمَّا عَاثَتْ أُمَرَاؤُهُ في الأرض فَسَادًا عَمِلَ لَهُمْ ضِيَافَةً حَسَنَةً، فَقَدَّمَهَا إِلَيْهِمْ وَلَمْ يَأْتِهِمْ بِخُبْزٍ، فَجَلَسُوا يَنْتَظِرُونَ الْخُبْزَ، فَلَمَّا استبطاؤه سألوا عنه فقال لهم: إذا كنتم تهلكون الحرث وتظلمون الزراع، فمن أين تؤتون بخبز؟ ثم قال لهم: لا أسمع بأحد أفسد في الأرض بعد اليوم إِلَّا أَرَقْتَ دَمَهُ. وَاجْتَازَ مَرَّةً فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ بِرَجُلٍ قَدْ حَمَلَ حُزْمَةَ حَطَبٍ وَهُوَ يبكى فقال له: مالك تبكى؟ فَقَالَ: إِنِّي كَانَ مَعِي رَغِيفَانِ أُرِيدُ أَنْ أتقوتهما فَأَخَذَهُمَا مِنِّي بَعْضُ الْجُنْدِ، فَقَالَ: لَهُ أَتَعْرِفُهُ إِذَا رَأَيْتَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَوَقَفَ بِهِ فِي موضع مضيق حتى مر عليه ذلك الرجل الّذي أخذ رغيفيه، قَالَ: هَذَا هُوَ، فَأَمَرَ بِهِ أَنْ يَنْزِلَ عن فرسه وأن بحمل حزمته التي احتطبها حَتَّى يَبْلُغَ بِهَا إِلَى الْمَدِينَةِ، فَأَرَادَ أَنْ يَفْتَدِيَ مِنْ ذَلِكَ بِمَالٍ جَزِيلٍ فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ، حَتَّى تَأَدَّبَ بِهِ الْجَيْشُ كُلُّهُمْ.
ترى لو أمر من ظلم الناس في بلادنا اليوم ارتداء لون من ثياب للدلالة على أنه مظلوم ، فكم هي يا ترى نسبة الذين سيرتدونها من مجموع السكان ؟
ـــــــــــــــ
إحياء علوم الدين – الإمام الغزالي(2/ 352)
البداية والنهاية – الإمام ابن كثير (11/ 353)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق