الجمعة، 26 أبريل 2019

بين الخليفة المعتصم غفر الله له ، والإمام أحمد بن حنبل رحمه الله ودعوة لمعرفة الحقيقة كاملة


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
بين الخليفة المعتصم غفر الله له ، والإمام أحمد بن حنبل رحمه الله
ودعوة لمعرفة الحقيقة كاملة
الفرق بين امرء وآخر يتمثل بمقدار معرفة أحدهما للحقيقة كاملة فمعرفة الحق تبدل مواقف البشر بل قد تقلبها .
في مجتمعاتنا يسلط الإعلام الضوء على قضية فيظنها الناس لمجرد عنوان أو موقف أن الخير قد اجتمع فيها ، فيهتفون لها ويجتمعون سعيا لتحقيقها ، وتبقى الحقيقة غير ذلك ، لتنكشف حين نُجد السعي للوصول إليها .
زعماء عرب في الخمسينات وحتى نهاية الستينات حصدوا شعبية غير عادية وبعد أن رحلوا ندم الكثيرون على لفظ أسمائهم
والقضية عبر التاريخ معروفة وليست بالغريبة . فنحن لا نعلم عن الخليفة المعتصم سوى مقولة المرأة المسلمة حين أوذيت فصاحت وا معتصماه فجهز الجيش  جزاه الله الخير وانتصر لها في عمورية . فمدحه الشعراء وكانوا أهم وسائل الإعلام وقتها . هذا كل ما نعرفه عن المعتصم أما أنه ضرب الإمام أحمد بيده فهو أمر بقي في بطون الكتب .
طلب المعتصم احضار أَحْمد بن حَنْبَل فأحضر فَلَمَّا وقف بَين يَدَيْهِ سلم عَلَيْهِ وقَالَ لَهُ يَا أَحْمد تكلم وَلَا تخف . فَقَالَ أَحْمد وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ لقد دخلت عَلَيْك وَمَا في قلبي مِثْقَال حَبَّة من الْفَزع .فَقَالَ لَهُ المعتصم مَا تَقول في الْقرَان فَقَالَ كَلَام الله قديم غير مَخْلُوق قَالَ الله تَعَالَى (وَإِن أحد من الْمُشْركين استجارك فَأَجره حَتَّى يسمع كَلَام الله) فَقَالَ لَهُ عنْدك حجَّة غير هَذَا
فَقَالَ أَحْمد نعم يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَوْله تَعَالَى (الرَّحْمَن علم الْقرَان) وَقَوله تَعَالَى (يس وَالْقرَان الْحَكِيم) وَلم يقل يس وَالْقرَان الْمَخْلُوق فَقَالَ المعتصم احْبِسُوهُ فحبس وتفرق النَّاس فَلَمَّا أَصبَحت قال الإسكاف سُلَيْمَان بن عبد الله السجزى قصدت الْبَاب فَأدْخل النَّاس فَدخلت مَعَهم فَأقبل المعتصم وَجلسَ على الكرسي فَقَالَ هاتوا أَحْمد بن حَنْبَل فَلَمَّا جيء بِهِ وقف بَين يَدَيْهِ فَقَالَ لَهُ المعتصم كَيفَ كنت يَا أَحْمد في محبسك البارحة فَقَالَ بِخَير وَالْحَمْد لله إِلَّا إني رَأَيْت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ في محبسك أمرا عجبا
فَقَالَ لَهُ مَا رَأَيْت قَالَ قُمْت من نصف اللَّيْل فَتَوَضَّأت للصَّلَاة وَصليت رَكْعَتَيْنِ فَقَرَأت في رَكْعَة (الْحَمد لله) و (قل أعوذ بِرَبّ النَّاس) وفى الثَّانِيَة (الْحَمد لله) و (قل أعوذ بِرَبّ الفلق) ثمَّ جَلَست وتشهدت وسلمت ثمَّ قُمْت فكبرت وقرأت (الْحَمد لله) وَأَرَدْت أَن أَقرَأ (قل هُوَ الله أحد) فَلم أقدر ثمَّ اجتهدت أَن أَقرَأ غير ذَلِك من الْقرَان فمددت عيني في زَاوِيَة السجْن فَإِذا الْقرَان مسجى مَيتا فغسلته وكفنته وَصليت عَلَيْهِ ودفنته . فَقَالَ لَهُ وَيلك يَا أَحْمد الْقرَان يَمُوت فَقَالَ لَهُ أَحْمد فَأَنت كَذَا تَقول إِنَّه مَخْلُوق وكل مَخْلُوق يَمُوت فَقَالَ المعتصم قهرنا أَحْمد قهرنا أَحْمد
فَقَالَ ابْن أَبى دؤاد وَبشر المريسي اقتله حَتَّى نستريح مِنْهُ
فَقَالَ إني عَاهَدت الله أَن لا أقتله بِسيف وَلَا امْر بقتْله بِسيف
فَقَالَ لَهُ اضربه بالسياط
فَقَالَ احضروا الجلادين فأحضروا
فَقَالَ المعتصم لوَاحِد مِنْهُم بكم سَوط تقتله قَالَ بِعشْرَة
قَالَ خُذْهُ إِلَيْك
قَالَ سُلَيْمَان فَأخْرج أَحْمد بن حَنْبَل من ثِيَابه واتزر بمئزر من الصُّوف وَشد من يَدَيْهِ حبلان جديدان وَأخذ السَّوْط في يَده وَقَالَ أضربه يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ
فَقَالَ المعتصم اضْرِب فَضَربهُ سَوْطًا فَقَالَ أَحْمد الْحَمد لله ثمَّ ضربه ثَانِيًا فَقَالَ مَا شَاءَ الله كَانَ فَضَربهُ ثَالِثا فَقَالَ لَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه الْعَظِيم ونظر المعتصم إِلَى ذَلِك قَالَ خلوه
فَتقدم إِلَيْهِ ابْن أَبى دؤاد وَقَالَ لَهُ قل يَا أَحْمد قل في أذني إِن الْقرَان مَخْلُوق حَتَّى أخلصك من يَد الْخَلِيفَة
فَقَالَ أَحْمد يَا ابْن أَبى دؤاد قل في أذني إِن الْقرَان كَلَام الله غير مَخْلُوق حَتَّى أخلصك من عَذَاب الله عز وَجل . فَقَالَ المعتصم ادخلوه الْحَبْس فَحمل أَحْمد إِلَى الْحَبْس وَانْصَرف النَّاس وانصرفت مَعَهم . فَلَمَّا كَانَ من الْغَد أقبل النَّاس وَأَقْبَلت مَعَهم فوقفت بِإِزَاءِ الكرسي فَخرج المعتصم وَجلسَ على الكرسي وَقَالَ هاتوا أَحْمد بن حَنْبَل
فجيىء بِهِ فَلَمَّا إِن وقف بَين يَدَيْهِ قَالَ لَهُ المعتصم كَيفَ كنت في محبسك اللَّيْلَة يَا ابْن حَنْبَل قَالَ كنت بِخَير وَالْحَمْد لله
فَقَالَ يَا أَحْمد إني رَأَيْت البارحة رُؤْيا .قَالَ وَمَا رَأَيْت يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قَالَ رَأَيْت في منامي كَأَن أسدين قد أَقبلَا إِلَى وأرادا أَن يفترساني وَإِذا ملكان قد أَقبلَا ودفعاهما عَنى ودفعا إِلَى كتابا وَقَالا لي هَذَا الْمَكْتُوب في هَذَا الْكتاب رُؤْيا راها أَحْمد بن حَنْبَل في محبسه فَمَا الذى رَأَيْت يَا ابْن حَنْبَل فَأقبل على المعتصم فَقَالَ لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ فالكتاب مَعَك قَالَ نعم وقرأته لما أَصبَحت وفهمت مَا فِيهِ قَالَ فَقَالَ لَهُ أَحْمد رَأَيْت اللَّيْلَة كَأَن الْقِيَامَة قد قَامَت وَكَأن الله جمع الْأَوَّلين والاخرين في صَعِيد وَاحِد وَهُوَ يحاسبهم فَبينا أَنا قَائِم إِذْ نودى بي فَقدمت حَتَّى وقفت بَين يدى الله عز وَجل فَقَالَ لي يَا أَحْمد فَبِمَ ضربت فَقلت من جِهَة الْقُرْآن فَقَالَ وَمَا الْقُرْآن فَقلت كلامك اللَّهُمَّ لَك فَقَالَ لي من أَيْن قلت هَذَا فَقلت يَا رب حدثني عبد الرَّزَّاق فنودى بِعَبْد الرَّزَّاق فجيىء بِهِ حَتَّى أقيم بَين يدى الله تَعَالَى فَقَالَ الله تَعَالَى مَا تَقول في الْقُرْآن يَا عبد الرَّزَّاق فَقَالَ كلامك اللَّهُمَّ لَك فَقَالَ الله من أَيْن لَك هَذَا فَقَالَ حدثني معمر
فنودى بِمَعْمَر فجيىء بِهِ حَتَّى وقف بَين يدى الله عز وَجل . فَقَالَ الله تَعَالَى مَا تَقول في الْقرَان فَقَالَ معمر كلامك اللَّهُمَّ لَك
فَقَالَ لَهُ من أَيْن لَك هَذَا فَقَالَ حدثني الزهري .فنودى بالزهري فجيىء بِهِ حَتَّى وقف بَين يدى الله تَعَالَى
فَقَالَ يَا زهري مَا تَقول في الْقُرْآن فَقَالَ كلامك اللَّهُمَّ لَك . فَقَالَ يَا زهري من أَيْن لَك ذَلِك قَالَ حدثني عُرْوَة
فجيىء بِهِ حَتَّى وقف بَين يدى الله تَعَالَى . فَقَالَ مَا تَقول في الْقرَان فَقَالَ كلامك اللَّهُمَّ لَك
فَقَالَ من أَيْن قلت هَذَا قَالَ حدثتني عَائِشَة بنت أَبى بكر .فنوديت عَائِشَة فجىء بهَا . فَقَالَ الله يَا عَائِشَة مَا تقولي في الْقُرْآن فَقَالَت كلامك اللَّهُمَّ لَك .فَقَالَ الله من أَيْن لَك هَذَا قَالَت حدثني نبيك مُحَمَّد .قَالَ فنودى بِمُحَمد فجيىء بِهِ حَتَّى وقف بَين يدى الله تَعَالَى . فَقَالَ مَا تَقول في الْقرَان فَقَالَ كلامك اللَّهُمَّ لَك .فَقَالَ الله من أَيْن لَك هَذَا فَقَالَ حدثني جِبْرِيل . فنودى جِبْرِيل حَتَّى جيء بِهِ فَقَالَ مَا تَقول في الْقرَان فَقَالَ كلامك اللَّهُمَّ لَك .قَالَ من أَيْن لَك هَذَا حدثني إسْرَافيل . فنودى بإسرافيل فجيىء بِهِ حَتَّى وقف بَين يدى الله تَعَالَى .فَقَالَ مَا تَقول في الْقرَان فَقَالَ كلامك اللَّهُمَّ لَك .فَقَالَ من أَيْن لَك هَذَا قَالَ رَأَيْت ذَلِك فِي اللَّوْح الْمَحْفُوظ فجيىء باللوح فَوقف بَين يدى الله تَعَالَى .فَقَالَ أَيهَا اللَّوْح مَا تَقول فِي الْقُرْآن فَقَالَ كلامك اللَّهُمَّ لَك .قَالَ الله تَعَالَى من أَيْن لَك هَذَا قَالَ جرى الْقَلَم على فَأتى بالقلم حَتَّى وقف بَين يدى الله تَعَالَى فَقَالَ الله تَعَالَى مَا تَقول في الْقرَان فَقَالَ كلامك اللَّهُمَّ لَك .فَقَالَ الله من أَيْن لَك هَذَا قَالَ الْقَلَم أَنْت نطقت وَأَنا جريت . فَقَالَ الله صدق الْقَلَم وَصدق اللَّوْح وَصدق إسْرَافيل وَصدق جِبْرِيل وَصدق مُحَمَّد وصدقت عَائِشَة وَصدق عُرْوَة وَصدق الزهري وَصدق معمر وَصدق عبد الرَّزَّاق وَصدق أَحْمد بن حَنْبَل الْقرَان كلامي غير مَخْلُوق
ــــــــــــــ
طبقات الحنابلة – ابن أبي يعلى (1/ 164)
المعتصم المقصد الارشد – ابن مفلح (1/ 419)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق