الجمعة، 26 أبريل 2019

من حكاية تأبط شراً نتعلم


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
من حكاية تأبط شراً نتعلم
أن الوصول للهدف مقرون بالقدر ولا سبيل للفرار من القدر
وهو أبو زهير الفهمي، ثابت بن جابر بن سفيان، شاعر عداء من فتاك العرب في الجاهلية، وسمي تأبط شرا لأنه أخذ سيفا تحت إبطه وخرج، فسئلت أمه عنه فقالت تأبط شرا، توفي نحو سنة 80 ق. هـ. يحكى عن أمه وكانت من عقلاء نساء العرب قالت عنه : «والله ما ولدته يتنا، ولا سقيته غيلا ولا أبتّه على مأقة»  .
تزوج أَبُو كَبِير الْهُذلِيّ واسْمه عَامر بن حليس أحد بني سعد بن هُذَيْل أم تأبط شرا وَكَانَ صَغِيرا فَلَمَّا رأى أَبَا كَبِير يكثر الدُّخُول على أمه تنكر لَهُ وَعرف ذَلِك أَبُو كَبِير فِي وَجهه فَقَالَ أَبُو كَبِير لأمه وَيحك قد وَالله رَابَنِي أَمر هَذَا الْغُلَام وَلَا آمنهُ فَلَا أقْربك قَالَت فاحتل عَلَيْهِ حَتَّى تقتله فَقَالَ لَهُ ذَات يَوْم هَل لَك أَن تغزو فَقَالَ ذَاك من أَمْرِي فَخَرَجَا لَيْلًا حَتَّى إِذا أدركهما مسَاء الْيَوْم الثَّانِي وهما دون زاد فأبصرا نَارا يعرف أَبُو كَبِير أَنَّهَا نَار أَعدَاء لتأبط شرا فوجهه إِلَيْهَا فَرَأى عَلَيْهَا رجلَيْنِ من ألص الْعَرَب فوثبا إِلَيْهِ يُريدَان قَتله فَلَمَّا كَانَ أَحدهمَا أقرب إِلَيْهِ من الآخر عطف عَلَيْهِ فَقتله وَرجع إِلَى الآخر فَرَمَاهُ أَيْضا فَقتله ثمَّ جَاءَ إِلَى نارهما فَأخذ الْخبز وَجَاء إِلَى أبي كَبِير .
أسقط في يد أَبُو كَبِير فعاد وفي الطريق قال أَبُو كَبِير ننام ثم نرحل فاكفني أول الله أكفيك آخره . وحين جاء دور تأبط شرا
وأحس أَبُو كَبِير بتأبط شرا وقد غط بالنوم أخذ حصاة صغيرة وألقاها قربه فانتفض وكأنه لم ينم وسأل عن الصوت فقال له : لعله حذف قدم دابة . وكرر العملية باختيار حصاة أصغر لينتفض تأبط شراً مرة أخرى . حينها أدرك أَبُو كَبِير أن لا سبيل عليه . وحلف لأمه أنه لن يدخل خباءها أبداً
ـــــــــــ
اليتن فخروج رجل المولود قبل رأسه، وذلك علامة سوء، ودليل على الفساد.
الغيل، ارتضاع لبن الحبلى، وذلك فساد شديد.
مأقة : باكياً                                                                          
تسبسب : إنسدل
ـــــــــــــ
الحيوان – الجاحظ (1/ 189)
شرح ديوان الحماسة للتبريزي (1/ 19)
التذكرة الحمدونية – ابن حمدون (2/ 452)

من أخبار تأبط شرا
حدث بعض رواة العرب أن لحيان كانت تطلب تأبط شراً، بثأر، وأنه خرج يريد ماء، من مياه قومه، فرأى على الماء نحلةً تطير، فتبعها، وهي يجري تحتها، حتى أوت إلى جبلٍ، فيه عسلٌ. فصعد فاشتار من ذلك العسل، ولم يكن معه سلاحٌ، وأتى الخبر إلى لحيان، فأتوه وقد ملأ زقاقه، وهو في غارٍ، فأخدوا عليه فم الغار، وقالوا: يا ثابت، قد أمكن الله تعالى منك. فقال لهم: قد، والله، استمكنتم. فاختاروا مني إحدى خلتين: إما خرجت إليكم، فقاتلتكم. فإن قتلتموني أدركتم بثأركم وإن أفلت أفلت. وإما أسرتموني، ومننتم علي فلا أعود لكم في مساءة، أبداً. قالوا: كلا، بل نقتلك مكانك بالسهام. فأخرج إلينا ما كان عندك من العسل. فقال: والله لا جمعتهم على خصلتين: قتلي، وأكل عسلي. ونظر إلى فجوةٍ من الغار، من ناحية أخرى، ففتح زقاقه وألقمها الفجوة، فسال العسل، حتى خلص إلى أصل الجبل. فبقي زقٌّ من الزقاق ملآن، فاحتضنه، وتسبسب، حتى وصل إلى الأرض. فأفلت منهم، وقال:
إذا المرء لم يحتل، وقد جد جده  ... أضاع، وقاسى أمره، وهو مدبرُ

ومن أخبار تأبط شرا
لقي تأبط شرا ذات يوم رجلا من ثقيف يقال له أبو وهب، وكان جبانا  أهوج، وعليه حلّة جيّده، فقال أبو وهب لتأبط شرا: بم تغلب الرجال يا ثابت، وأنت كما أرى دميم ضئيل؟ قال: باسمي، إنما أقول ساعة ألقى الرجل: أنا تأبط شرا فينخلع قلبه حتى أنال منه ما أردت، فقال له الثقفي: فهل لك أن تبيعني اسمك؟ قال: نعم، فبم تبتاعه؟ قال: الحلّة وكنيتي، قال: افعل، ففعل، وقال له: لك اسمي ولي اسمك وأخذ حلّته وأعطاه طمريه ثم انصرف وقال في ذلك يخاطب زوجة الثقفي:
ألا هل أتى الحسناء أنّ حليلها ... تأبط شرا واكتنيت أبا وهب
فهبه تسمّى اسمي وسمّاني اسمه ... فأين له صبري على معظم الخطب
وأين له بأس كبأسي وسورتي ... وأين له في كلّ فادحة قلبي

ـــــــــــــــــــ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق