الجمعة، 26 أبريل 2019

أَسْلَمَ النَّاسُ، وَآمَنَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
أَسْلَمَ النَّاسُ، وَآمَنَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 
وصور من إسلام الصحابة رضوان الله عليهم
إن حضرت مجلسا عام لن تجد المتحدث إلا ويحدثك عن أسياد الناس بعد رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ واحد من أربعة سيدنا أبو بكر أو عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وأرضاهم ، وأنا هنا وحتى غيري ليس بمقدوره إعطائهم بعض حقهم إن كان الحديث عن سيرتهم ، أو لا قدر الله من حاول الانتقاص من حقهم ، ولكن القضية سببت مشكلة عند مساحة واسعة من الناس وكأن الصدق انحصر في شخص سيدنا أبي بكر والعدل في شخص سيدنا عمر والحياء في شخص سيدنا عثمان والرجولة والبطولة في شخص سيدنا علي رضي الله عنهم وأرضاهم . والحق أن القضية في الإسلام أوسع من أن تنحصر في دائرة أربعة من الصحابة رُضْوَانُ الله عَلَيْهِمْ . فالإسلام استمر ومستمر في حياة التابعين والخلفاء في العهد الأموي والعباسي وحتى في أحلك الظروف التي مرت بالأمة نجد من يمثل الإسلام وكأنه صاحبي فحياة الشهيد عماد الدين الزنكي حياة صحابي وكذلك ابنه نور الدين رحمها الله تعالى . دين شرعه الله للناس ليبقى أبد الدهر .
واليوم أحببت أن تتذكروا معي جانبا من حياة صحابي جليل هو عمر بن العاص وبعضا من سيرته رضي الله عنه ، فقد وصف النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دخول عَمْرٍ الإسلام فقال رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فقد حدث مِشْرَحُ بْنُ هَاعَانَ قَالَ: سَمِعْتُ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَقُولُ «أَسْلَمَ النَّاسُ، وَآمَنَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ» .
قال العلماء : وهو تنبيه على أن من الناس من آمن رهبة، وآمن عمرو رغبة، فإن الإسلام يحتمل أن يشوبه كراهة، والإيمان لا يكون إلا عن رغبة وطواعية.
وقال العلماء وإنما خصَّصه رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالإيمان؛ لأنه وقع إسلامُه في قلبه في الحَبَشة، حين اعترف النجاشيُّ بنبوته والأساقفةُ معه، فعَلِمَ صدقَ نبوَّته، فأقبلَ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مُؤمنًا مِنْ غير أن يدعوَه أحدٌ إليه، فجاء من الحبشة إلى المدينة ساعيًا، فدخل وآمن، وأمَّره في الحال على جماعةٍ فيهم الصِّدِّيق والفاروق - رضي الله عنهما
وعن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله -صلي الله عليه وسلم -: ابنا العاص مؤمنان، عمرو وهشام.
وعن علقمة بن رمثة البلوى، قال: بعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى البحرين، ثم خرج رسول الله صلّى الله عليه وسلم فى سريّة وخرجنا معه، فنعس رسول الله صلّى الله عليه وسلم ثم استيقظ فقال: رحم الله عمرا، فتذاكرنا كلّ إنسان اسمه عمرو. ثم نعس ثانية فاستيقظ فقال: رحم الله عمرا، ثم نعس ثالثة فاستيقظ فقال: رحم الله عمرا؛ فقلنا من عمرو يا رسول الله؟ قال: عمرو بن العاص.
قالوا: وما باله؟ قال: ذكرت أنى كنت إذا ندبت الناس للصدقة جاء من الصدقة فأجزل؛ فأقول له من أين لك هذا يا عمرو؛ فيقول: هو من عند الله. وصدق عمرو. إن لعمرو عند الله خيرا كثيرا
وحين حضرته الوفاة وكان عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ يَقُولُ: عَجَبًا لِمَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ وَعَقْلُهُ مَعَهُ كَيْفَ لا يَصِفُهُ. فَلَمَّا نَزَلَ بِهِ قَالَ لَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرٍو: يَا أَبَتِ إِنَّكَ كُنْتَ تَقُولُ عَجَبًا لِمَنْ نَزَلَ بِهِ الْمَوْتُ وَعَقْلُهُ مَعَهُ كَيْفَ لا يَصِفُهُ فَصِفْ لَنَا الْمَوْتَ وَعَقْلُكُ مَعَكَ. فَقَالَ: يَا بُنَيَّ. الْمَوْتُ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُوصَفَ وَلَكِنِّي سَأَصِفُ لَكَ مِنْهُ شَيْئًا. أَجِدُنِي كَأَنَّ عَلَى عُنُقِي جِبَالُ رَضْوَى. وَأَجِدُنِي كَأَنَّ فِي جَوْفِي شَوْكَ السِّلاءِ. وَأَجِدُنِي كَأَنَّ نفسي يخرج من ثقب إبرة.
ومن شعره عمرو بن العاص رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ  :
إذا المرءُ لم يتركْ طعاماً يحبه ... ولم ينهَ قلباً غاوياً حيث يمما
قضى وطراً منه وغادر سبه ... إذا ذكرتَ أمثالها تملأ الفما
إذا أنا بالمعروف لم أثن صادقاً ... ولم أذمم الجبس الدني المذمما
ففيمَ عرفت الخير والشر باسمه ... وشق لي اللهُ المسمعُ والفما
إذا قلَّ مالي أو أصيب بنكبة ... .... حياتي عفةً وتكرما
وأعرضُ عن ذي المالِ حتى يقالَ لي ... قد أحدثَّ هذا نخوة وتعظما
وما بي من كبرٍ وسوءِ رعايةٍ ... ولكنه فعلي إذا كنتُ.....
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مسند الإمام أحمد (8/ 137)
فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل (2/ 912)
الميسر في شرح مصابيح السنة للتوربشتي (4/ 1353)
المفاتيح في شرح المصابيح - مظهر الدين الزَّيْدَانيُّ الكوفي الضَّريرُ (6/ 354)
المعرفة والتاريخ - الفسوي(2/ 512)
فتوح مصر والمغرب عبد الرحمن بن عبد الحكم(ص: 335)
الطبقات الكبرى – ابن سعد (4/ 196)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق