الخميس، 26 مارس 2020

للناس في رد المعروف مواقف ووجوه


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
للناس في رد المعروف مواقف ووجوه
ومن سيرة عبد المؤمن بن علي مؤسس دولة الموحدين نتعلم
من الناس من يرى أن المعروف واجب : مقولته : لو ما إلو مصلحة معي ما عملو . وآخرون تأسرهم التحية فإن ألقيت السلام على أحدهم . وجد في تحيتك معروف أسره طوال عمره .
ومنهم من كان المعروف سببا ولّد الحسد تجاهك ، هو ناقم على القدرة التي كانت عندك ولِمَ لمْ تكن لديه . لقد نسي أن الناس مسخرون لبعضهم ، حاجاتهم مبنية على أساس هذا التسخير .
مر عبد المؤمن بن علي  في طريقه راجعًا من إفريقية ببجاية(في الجزائر )؛ فدخل البلد متنزهًا فيه، فمر بسُوَيْقة بناحية باب من أبوابها يدعى باب تاطُنْت؛ فوقف ووقفت معه وجوه دولته؛ فسأل عن بياع بها سماه باسمه؛ فأخبره أهل السويقة بوفاته، فقال: هل خلف عقبًا؟ قالوا: نعم؛ فأمر بشراء جميع الدكاكين التي بتلك السويقة وأوقفها عليهم، وأمر لهم بمال كثير. ثم التفت إلى بعض خواصه وقال له: أتيت إلى هذا البياع ولي وللإمام -يعني: ابن تومرت- ولجماعة من أصحابنا من الطلبة أيام لم نطعم فيها، وما معي إلا سكين الدواة؛ فأخذت منه خبزًا وإدامًا، ثم وضعت عنده السكين رهنًا على ذلك، فأبى قبولها وقال لي: إني توسمتُ فيك الخير؛ فمتى أعوزك شيء فهلم الدكان فهو بين يديك وبحكمك! فحقه علي أكثر من هذا.
ونظر في هذا اليوم الذي ركب فيه مخترقًا بجاية إلى يحيى بن العزيز يمشي بين يديه راجلا وقد علاه الغبار، فدمعت عيناه، واستدعاه فقال له: أتذكر يومًا خرجت إلى بعض منتزهاتك، فأذكر أني جمعني وإياك هذا الباب، فوطئت دابتك عقبي، فلما نظرتُ إليك أمرتَ بعض عبيدك فوكزني وكزة كدت أقع منها ، فاستحيا يحيى وتغير لونه وأطرق، وجعل يقول: الله الله يا مولاي! وظن أنه الشر؛ فلما رأى ذلك منه قال له: إنما ذكرت لك ذلك على طريق الاعتبار؛ ولتذكر وتنظر كيف تقلب الأيام بأهلها! وأمر له بما أزال به رَوْعُه.
ومر في طريقه هذا ما بين البطحاء وتلمسان بموضع قد التف فيه الدَّوْح، فجاءت منه دوحة في وسطها رحبة نقية؛ فأمر أن يضرب خباؤه هنالك؛ وهو غير منزل معروف. فلما نزل ونزلت العساكر واستقر بهم النزول، قال لبعض خواصه: أتدرون لِمَ آثرت النزول بهذا المكان؟ قالوا: لا؛ قال: ذلك لأني بت بهذا الموضع في بعض الليالي جائعًا مقرورًا، وكانت ليلة ممطورة؛ فما زال هذا الدوح وقائي حتى أصبحت؛ فأردت النزول هنا على هذه الحالة لأشكر الله سبحانه على الفرق ما بين المنزلتين والفصل ما بين المبيتين! ثم قام فتوضأ وصلى ركعتين شكرًا لله عز وجل .
وأسألكم وأسأل نفسي عن الأسلوب الذي نتبعه في رد المعروف
أقول هناك من وجد رد المعروف لوطنه بالسعي لدماره
وأقول : قاتل الله كل من آذانا في أمننا وأماننا
يا رب فرج عن سوريا وأهل سوري
__________
المعجب في تلخيص أخبار المغرب - التميمي(ص: 170)
الكامل في التاريخ – ابن الأثير (9/ 260)
===============
1- السويقة: السوق الصغيرة.
4- الدوحة: الشجرة العظيمة المتشعبة, ذات الفروع الممتدة.
5- الرحبة: الأرض الواسعة، ورحبة المكان: ساحته ومتسعه.
6- المقرور: الذي أصابه البرد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق