الأربعاء، 4 مارس 2020

حين ترضى بما قسمه الله لك ومن النّوار زوجة الفرزدق نتعلم


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
حين ترضى بما قسمه الله لك
ومن النّوار زوجة الفرزدق نتعلم
هناك من يصبر طاعة لله ، وهناك من يصبر مكرها فلا خيار أمامه سوى الصبر .
والصبر على أوجه ولربما كان الصبر على مُرٍ نصاب به من ذوي الرحم أو من صديق من أشد أشكاله
امرأة الفرزدق النوار ابنة أعين بن ضبيعة المجاشعي ، وكان سيدنا علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه وجّه أباها إلى البصرة أيام الحكمين، فقتله الخوارج غيلة، فخطب النّوار رجل من قريش (وأهلها بالشأم) ، فبعثت إلى الفرزدق تسأله أن يكون وليّها إذ كان ابن عمّها، (وكان أقرب من هناك إليها) ، فقال: إنّ بالشأم من هو أقرب إليك منى، ولا آمن أن يقدم قادم منهم فينكر ذلك علىّ، فأشهدي أنك قد جعلت أمرك إلىّ، ففعلت، فخرج بالشهود وقال لهم: قد أشهدتكم أنّها قد جعلت أمرها إلىّ، وإني أشهدكم أنى قد تزوّجتها على مائة ناقة حمراء سوداء الحدق، فذئرت من ذلك ، واستعدت عليه، وخرجت تطلب الخلاص مما وقعت فيه فلجأت إلى بني قيس بن عاصم، فقال الفرزدق في ذلك وكان الناس يخشون لسان الفرزدق :
بَني عاصِمٍ لا تُلجِئُوها فإنّكُمْ ... مَلاجئ للسّواءات دُسمُ العَمائِمِ
بَني عاصِمِ لو كانَ حَيّا لَدَيكُمُ ... لَلامَ بَنيهِ اليومَ قيسُ بنُ عاصِم
قال: فقالوا للفرزدق لئن زدتَ لنقتلنك . ثم توحهت إلى عبد الله بن الزّبير، والحجاز والعراق تحت إمرته ، ونزلت على خولة امرأة عبد الله ابن الزبير، فرقّقتها وسألتها الشفاعة لها، وأمّا الفرزدق فنزل على حمزة بن عبد الله بن الزبير، ومدحه، فوعده الشفاعة له، فتكلّمت خولة في النّوار، وتكلّم حمزة في الفرزدق، فنجحت شفاعة خولة (وخاب حمزة) ، وأمر عبد الله بن الزبير أن لا يقربها حتّى يصيرا إلى البصرة، فيحتكما إلى عامله، فخرج الفرزدق وقال :
أمّا بنوه فلم تنجح شفاعتهم ... وشفّعت بنت منظور بن زبّانا
ليس الشّفيع الذى يأتيك مؤتزرا ... مثل الشّفيع الذى يأتيك عريانا
ثم إن الفرزدق اتفق معها، وبقي زماناً لا يواد له ولد، ثم ولد له بعد ذلك عدة أولاد وهم: لبطة وسبطة وحبطة وركضة وزمعة وكلهم من النوار، وليس لواحد من ولده عقب إلا من النساء. ثم إن الفرزدق طلق النوار لأمر يطول شرحه فندم على ذلك. وله فيها أشعار، فمنها قوله:
ندمت ندامة الكسعي لما ... غدت مني مطلقة نوار
وكانت جنتي فخرجت منها ... كآدم حين أخرجه الضرار
وكانت النساء والرجال تخشى شعر الفرزدق وكان إذا راود امرأة شريفة في قومها عن نفسها، وتهددها بالهجاء ولم تطعه، استعانت بالنوار امرأة الفرزدق، خشيت أن يفضحها في شعره وتقول له : يا فاسق، فكان يجيبها قائلا: وأنت ما أطيبك حراما وأرداك حلالا. وماتت النّوار رحمها الله بالبصرة مطلّقة منه، وصلّى عليها الحسن البصرىّ رحمه الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وفيات الأعيان = ابن خلكان (6/ 100)
الأوائل للعسكري (ص: 72)
الشعر والشعراء = الدينوري(1/ 467)
========
ذَئِرْتُ : ذَئِرْتُ الشَّيْءَ، أَيْ كَرِهْتُهُ وَانْصَرَفْتُ
الفرزدق : همام بْن غالب . والفرزدق : قطع العجين ,تصنع منه المرأة الرغيف ,وقيل الرغيف وقيل فتات الخبز
النَّوارُ : المَرْأَةُ النَّفُورُ من الرِّيبَةِ
الحجلة : مقصورة للنساء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق