الثلاثاء، 26 مايو 2020

درهم على درهم ومن سيرة العرب نتعلم . من سهل ابن هارون وأشعب والوليد بن يزيد

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

درهم على درهم

ومن سيرة العرب نتعلم . من سهل ابن هارون وأشعب والوليد بن يزيد

والقصد شوية من هون ، وشوية من هون ،وبعد ما تكبر جبلي حل

وكثيرا ما كنا نحتقر أموراً ونستصغرها حتى عظمت وتجلى ضررها لا محالة وحينها لن تنفعنا كلمة يا ريت

خاطب شيخ فقال : «يا قوم لا تحقّروا صغار الأمور، فإن أول كل كبير صغير، ومتى شاء الله أن يعظّم صغيرا عظّمه، وأن يكثر قليلا كثّره. وقال رجل لسهل بن هارون: هبني ما لا مرزئة عليك فيه، قال: وما ذاك يا ابن أخي؟ قال: درهم واحد! قال: يا ابن أخي لقد هونت الدرهم وهو طائع الله في أرضه الذي لا يعصى، والدرهم ويحك عشر العشرة، والعشرة عشر المائة، والمائة عشر الألف، والألف دية المسلم! ألا ترى يا ابن أخي إلى أين انتهاء الدرهم الذي هونته؟ وهل بيوت المال إلا درهم على درهم.

بعث الوليد بن يزيد إلى أشعب بعد ما طلّق امرأته، فقال: يا أشعب، لك عندي عشرة آلاف درهم على أن تبلغ رسالتي سعدة؛ فقال: أحضر العشرة الآلاف/ الدرهم حتى أنظر إليها؛ فأحضرها الوليد؛ فوضعها أشعب على عنقه وقال: هات رسالتك؛ قال: قل لها يقول لك أمير المؤمنين:

أسعدة هل إليك لنا سبيل ... وهل حتى القيامة من تلاقي

بلى ولعلّ دهرا أن يؤاتي ... بموت من حليلك أو طلاق

فأصبح شامتا وتقرّ عيني ... ويجمع شملنا بعد افتراق

فأتى أشعب الباب فأخبرت بمكانه، فأمرت لها ففرشت وجلست وأذنت له. فلما دخل أنشدها ما أمره؛ فقالت لخدمها: خذوا الفاسق! فقال: يا سيّدتي إنها بعشرة آلاف درهم. قالت: واللّه لأقتلنك أو تبلّغه كما بلّغتني؛ قال: وما تهبين لي؟ قالت: بساطي الذي تحتي؛ قال: قومي عنه؛ فقامت فطواه وجعله إلى جانبه، ثم قال: هات رسالتك جعلت فداك؛ قالت: قل له:

أ تبكي على لبنى وأنت تركتها ... فقد ذهبت لبنى فما أنت  صانع

فأقبل أشعب فدخل على الوليد؛ فقال: فأنشده البيت؛ أوّه قتلتني! ما أنا صانع، فاختر أنت الآن ما أنت صانع بك ، إمّا أن أدلّيك على رأسك منكّسا في بئر أو أرمي بك منكّسا من فوق القصر أو أضرب رأسك بعمودي هذا ضربة، هذا الذي أنا صانع، فاختر أنت الآن ما أنت صانع؛ فقال: ما كنت لتفعل شيئا من ذلك؛ قال: ولم ؟ قال: لم تكن عينين نظرتا إلى سعدة. قال: أوّه! أفلتّ واللّه بهذا! اخرج عنّي.

وما نحن فيه تكريس لأخطاء أهملنا صغيرها حتى أتعبنا وكاد يهلكنا كبيرها

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ـــــــــــ

البخلاء للجاحظ (ص: 56)

العقد الفريد (7/ 218)

الأغاني (7/ 21)

 

 

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق