الثلاثاء، 26 مايو 2020

ليس لنا أن نتوقف عن الدعاء

صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي

ليس لنا أن نتوقف عن الدعاء

وأخص بذلك كل من قال وأيقن بأنه لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ

من السيرة العطرة قصة نزول المطر نتعلم أن لا ملجأ من الله إلا إليه

حلّ القحط بالمدينة المنورة وما جاورها حتى بلغ من الناس مبلغا ورغبوا إلى الله أن يجعل لهم مخرجا منه والقحط وجه من أوجه البلاء فعن أنس بن مالك رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ  قال: أتى أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله! لقد أتيناك وما لنا بعير يئط ولا صبي يصطبح ثم أنشد:

أَتَيْنَاكَ وَالْعَذْرَاءُ يَدْمَى لَبَانُهَا ... وَقَدْ شُغِلَتْ أُمُّ الصَّبِيِّ عَنِ الطِّفْلِ

وَأَلْقَى بِكَفَّيْهِ الصَّبِيُّ اسْتِكَانَةً ... مِنَ الْجُوعِ ضَعْفًا مَا يُمَرُّ وَلَا يُخْلِي

وَلَا شَيْءَ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ عِنْدَنَا ... سِوَى الْحَنْظَلِ الْعَامِيِّ وَالْعِلْهِزِ الْفَسْلِ

وَلَيْسَ لَنَا إِلَّا إِلَيْكَ فِرَارُنَا ... وَأَيْنَ فِرَارُ النَّاسِ إِلَّا إِلَى الرُّسْلِ

فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر ردائه حتى صعد المنبر فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال: «اللهم اسقنا غيثا مغيثا سحا طبقا غير رايث تنبت به الزرع وتملأ به الضرع وتحيي به الأرض بعد موتها وكذلك تخرجون» ، فما استتم الدعاء حتى التقت السماء بأروقتها قَالَ أَنَسٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يصف حالة ما حدث : وَإِنَّ السَّمَاءَ لَمِثْلُ الزُّجَاجَةِ، فَهَاجَتْ رِيحٌ، ثُمَّ أَنْشَأَتْ سَحَابَةً، ثُمَّ اجْتَمَعَتْ، ثُمَّ أَرْسَلَتِ السَّمَاءُ عَزَالِيَهَا، فَخَرَجْنَا نَخُوضُ الْمَاءَ، حَتَّى أَتَيْنَا مَنَازِلَنَا، فَلَمْ يَزَلِ الْمَطَرُ إِلَى الْجُمُعَةِ الْأُخْرَى، فَقَامَ إِلَيْهِ ذَلِكَ الرَّجُلُ، أَوْ غَيْرُهُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، تَهَدَّمَتِ الْبُيُوتُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَحْبِسَهُ، فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قَالَ: «حَوَالَيْنَا وَلَا عَلَيْنَا»، فَنَظَرْتُ إِلَى السَّحَابِ يَتَصَدَّعُ حَوْلَ الْمَدِينَةِ كَأَنَّهُ إِكْلِيلٌ، فضحك رسول الله حتى بدت نواجذه وقال: «لله در أبي طالب لو كان حيا لقرّت عيناه من الذي ينشدنا شعره» ، فقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ  :يا رسول الله! كأنك أردت قوله:

وابيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل

يعوذ به الهلاك من آل هاشم ... فهم عنده في نعمة وفواضل

كذبتم وبيت الله نبرى محمدا ... ولما نقاتل دونه ونناضل

ونسلمه حتى نصرع حوله ... ونذهل عن أبنائنا والحلائل

وقام رجل من كنانة وأنشد:

لك الحمد والحمد ممن شكر ... سقينا بوجه النبي المطر

دعا الله خالقه دعوة ... وأشخص معها إليه البصر

فلم يك إلّا كلقاء الردى ... وأسرع حتى رأينا الدرر

وفاق العز إلى جم البعاق ... أغاث به الله عليا مضر

وكان كما قاله عمه ... أبو طالب أبيض ذو غرر

به الله يسقي صوب الغمام  ... وهذا العيان لذاك الخبر

وقد يقول قائل إن رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد انتقل إلى الرفيق الأعلى . فإلى أين نذهب ؟ أقول : إلى الله نتوسل برسوله فكرامة النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم تنقطع بوفاته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ألم يفعلها سيدنا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فتوسل بالعباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عم النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال : سيدنا عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إنا نتوسل إليك بعم نبيك ونحن مع سيدنا عمر نوقن أن لا ضار ولا نافع إلا الله .

والحق أنني واحد ممن أقر بعجزه في دفع البلاء عنه وعن أهل وطنه ، وليس لي سوى الكلمة الطيبة أتوجه بها إلى أهل وطني ، لأقول لمن أحب وطنه : صحح طريقك إلى الله فيكفينا من البلاء ما حل . وكفانا تحالفا مع الشيطان فقد أغرقنا العناد . ويا رب إنّا نتوسل إليك بسيد الخلق مُحَمَّدٌ نبيك ورسولك أن تكشف البلاء عنّا

يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا

ــــــــــــــــــــــ

دلائل النبوة للبيهقي محققا (6/ 141)

أعلام النبوة للماوردي (ص: 130)

صحيح البخاري (4/ 195)

سنن أبي داود (1/ 304)

 

====

صوب الغمام وصيب الغمام: ماء الغيوم أي المطر.

العلهز الفسل : كان طعام الجاهلية . العِلْهزِ في الجاهلية، يُعالَج الوَتر بدماءِ الحَلَمَ فيأكلونه . والفسل : الضعيف

الحنظل العامي: نوع من الحنظل يتخذ في عام الجدب.

يئط : صوت الرحل الذي يحمل على الناقة

 

 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق