الأحد، 15 أبريل 2018

طبق رطب إهداء لكل من كان قدره أن يكون حكما بين اثنين


طبق رطب
إهداء لكل من كان قدره أن يكون حكما بين اثنين
يا أخي ، يا أختي إن لم نكن في عدالة سلفنا فلنكن في الطريق الموصل إليهم ، فمن سار لا بد أن يصل
إن لم نبلغهم فلا نميل كل الميل لينقلب الحق باطلاً
كان عافية القاضي يتقلّد للمهديّ الخليفة العباسي أحد جانبي بغداد، وكان عالما زاهدا، فصار إلى المهدي في وقت الظهر في يوم من الأيام وهو خال، فاستأذن عليه فأدخله، وإذا معه قمطره، فاستعفاه من القضاء واستأذنه في تسليم القمطر إلى من يأمره بذلك. فظنّ أنّ بعض الأولياء قد غضّ منه أو أضعف يده في الحكم، فقال له في ذلك فقال: ما جرى من هذا شيء.
فقال: ما سبب استعفائك؟ فقال: كان يتقدّم إليّ خصمان موسران منذ شهرين في قضية معضلة مشكلة، وكل يدعي بينة وشهودا ويدلي بحجج تحتاج إلى تأمل وتثبت فرددت الخصوم رجاء يصطلحوا أو يعن لي وجه فصل ما بينهما، قَالَ فوقف أحدهما من خبري على أني أحب الرطب السكر، فعمد في وقتنا- وهو أول أوقات الرطب- إلى أن جمع رطبا سكرا لا يتهيأ في وقتنا جمع مثله إلا لأمير المؤمنين، وما رأيت أحسن منه، ورشا بوابي جملة دراهم على أن يدخل الطبق إلي ولا يبالي أن يرد، فلما أدخل إلي أنكرت ذلك وطردت بوابي وأمرت برد الطبق، فرد، فلما كان اليوم تقدم إلي مع خصمه فما تساويا في قلبي ولا في عيني، وهذا يا أمير المؤمنين ولم أقبل فكيف يكون حالي لو قبلت، ولا آمن أن يقع علي حيلة في ديني فأهلك وقد فسد الناس فأقلني أقالك اللَّه وأعفني، فأعفاه.
ـــــــــــــــــــ
التذكرة الحمدونية (3/ 184)
الطبقات الكبرى - ابن سعد (7/ 239)
تاريخ بغداد – الخطيب البغدادي (12/ 304)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عافية بن يزيد الأودي. وكان من أصحاب أبي حنيفة أيضًا وولي القضاء للمهدي ببغداد في عسكر المهدي.
وكان أصحاب أبي حنيفة الذين يذاكرونه، أَبُو يوسف وزفر وداود الطائي وأسد بْن عمرو وعافية الأودي والقاسم بْن معن وعلي بْن مسهر ومندل وحبان ابنا علي، وكانوا يخوضون في المسألة، فإن لم يحضر عافية قَالَ أَبُو حنيفة: لا ترفعوا المسألة حتى يحضر عافية، فإذا حضر عافية فإن وافقهم قَالَ أَبُو حنيفة أثبتوها، وإن لم يوافقهم قَالَ أَبُو حنيفة: لا تثبتوها.
ــــــــــــــــــ
حدث عبد الملك ابن قريب الأصمعي أنه قَالَ: كنت عند الرشيد يوما فرفع إليه في قاض كان قد استقضاه يقال له عافية، فكبر عليه فأمر بإحضاره فأحضر، وكان في المجلس جمع كثير فجعل أمير المؤمنين يخاطبه، ويوقفه على ما رفع إليه وطال المجلس، ثم إن أمير المؤمنين عطس فشمته من كان بالحضرة ممن قرب منه، سواه فإنه لم يشمته، فقال له الرشيد: ما بالك لم تشمتني كما فعل القوم؟ فقال له عافية لأنك يا أمير المؤمنين لم تحمد اللَّه، فلذلك لم أشمتك هذا النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عطس عنده رجلان فشمت أحدهما ولم يشمت الآخر، فقال: يا رَسُول اللَّه مالك شمت ذلك ولم تشمتني؟
قال: «أن هذا حمد اللَّه فشمتناه، وأنت فلم تحمده فلم أشمتك»
فقال له الرشيد: ارجع إلى عملك أنت لم تسامح في عطسة تسامح في غيرها؟ وصرفه منصرفا جميلا، وزبر القوم الذين كانوا رفعوا عليه.
ــــــــــــــ
القمطر : الصندوق الذي توضع فيه السجلات

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق