الجمعة، 6 أبريل 2018

البرسقي رحمه الله ، سار في طريق عمر بن الخطاب رضي الله عنه


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
والبرسقي رحمه الله ، سار في طريق عمر بن الخطاب رضي الله عنه
عند تستمع لكثير من المتحدثين والخطباء في عصرنا تجد الكلام مكراراً عن عدالة سيدنا عنر بن الخطاب رضي الله عنه أو عن شجاعة خالد بن الوليد رضي الله عنه أو عن مأثر صلاح الدين .
وهؤلاء لا شك من الصفوة ، ولكن هل توقف تاريحنا عند هؤلاء السادة .
أقل لكم لا فعدد كبير كبير سار في طريقهم كان أحدهم
آقسُنْقُر، سيف الدين قسيم الدولة أبو سعيد البُرْسُقيُّ، [المتوفى: 520 هـ]
ترقت به الحال إلى أن ولاه السُّلطان محمود بن محمد إمرة المَوْصل والرَّحْبة، ثم ولاَّه شحنكية بغداد إلى أن عُزِلَ عنها في سنة ثمان عشرة، فعاد إلى الموصل، كاتبه الحلبيون لنصرة حلب لما حصرهم الفرنج، فسار إليهم ليرحَّل الفرنج عنها فملكها في ذي الحجة من السنة.518 هـ
ولكن بغدوين غدر واتفق مع أحد القادة المسلمين وهو دُبيس بن صدقة مع إبراهيم بن رضوان بن تتش فنازلوا حلب وطال الحصار حتى أكل أهل الجيف ووقع فيهم الوباء بحلب وهم مع ذلك ثابتو الجأش في القتال، فأغاثهم الله بقسيم الدولة البرسقي ؛ وذلك أن أهل حلب اتفقوا وأخرجوا في اللَّيل قاضيهم أبا غانم والشريف زُهْرة وابن الحلِّي إلى تمرتاش صاحب حلب وهو بماردين، فلما أصبح الصَّباح صاح الفرنج: أين قاضيكم أين شريفكم، فما شكَّ النَّاس أنهم قد أُسروا. فوصل منهم كتاب بأنهم فاتوا الفرنج فقدموا على حسام الدين تمرتاش، وحلب له ، فأخذ يماطلهم ويسوفهم إلى أن قال مرة: خلُّوهم إذا أخذوا حلب عُدتُ وأخذتُها، فقلنا: لا تفعل ولا تسلم المسلمين إلى عدوهم. فقال: كيف أقدر على لقائهم؟ فقال القاضي أبو غانم: وأيش هم حتى لا تقدر عليهم. ثم لما خاف أن ننفصل عنه إلى غيره ونستعين بسواه احتجزنا ، فأعملنا الحيلة في الهرب إلى الموصل إلى حيث آقسنقر البرسقي ، فتحدثنا مع من يُهَرِّبُنَا وكان للمنزل الذي نحن فيه باب يصرُّ عظيماً إذا فُتِحَ فطرحنا فيه زيتاً وواعدنا الغِلْمان أن يأتونا بالدَّواب، وكان الثَّلج كثيراً. قال أبو غانم: فنام الموكلون بنا، وجاء الغلمان إلا غلامي ياقوت، فأخبروا أن قيد الدابة تعسر عليه، فضاقت صدورنا، فقلت لأصحابي: امضوا أنتم ولا تنتظروني. ثم جاءني ياقوت بالدَّابة سحَرًا، فركبت ولا أعرف الطريق، ثم قصدت الجهة، فلما طلع الضَّوء إذا أنا وأصحابي في مكان واحد، وكانوا قد ضلُّوا عن الطَّريق، فصلينا الصُّبح وسُقنا، فجئنا فإذا البُرْسقي مريض، وقد تماثل ولكنه ضعيف، فطلبنا منه أن يغيث المسلمين وذكرنا له ما حلَّ بهم من الحصار والضِّيق والقلّة، فقال: كيف لي بالوصول إليهم وأنا هكذا؟ فقلنا: يجعل المولى في نيَّته وعزمه إن خلَّصه الله أن ينصرهم. فقال: إي، والله، ثم رفع رأسه إلى السَّماء وقال: اللهم إني أشهدك إن عوفيت لأنصرنَّهم. قال: ففارقته الحُمَّى بعد ثلاث، فنادى في عسكره: الغزاة، وبرَّز خيمته، ثم توجَّه بعساكره، فلما أشرف على حلب رحل الفرنج عنها، وتأخروا إلى جبل جوشن، فقاربها وخرج أهلها إلى لقائه فقصد نحو الفرنج بعسكره وبأهل البلد، فانهزم الفرنج، فسار وراءهم حتى أبعدوا، ورجع ودخل البلد، ورتَّبه وجلب إليه الغلال، وكان ذلك في آذار، فجعل الناس يبلُّون الحنطة والشَّعير بالماء ويزرعونها، وجاء مغل صالح. وترك ولده عز الدين مسعوداً بها، وعاد إلى الموصل، فقتلته الإسماعيلية بالجامع يوم الجُمُعة، ثار عليه عشرة فقتل بيده منهم ثلاثة وقُتِل، ولم يفلت منهم سوى رجل، وذلك في تاسع ذي القعدة من سنة عشرين. وقيل: إنهم كانوا بزي الصُّوفية، وكان قد تصدى لإبادة الإسماعيلية والباطنية، وقَتَلَ منهم جماعة كثيرة.
قال المؤرخون ومن الذهبي رحمه الله ، كان البرسقي دينا عادلا قال: ومما يؤثر عنه أنه قال يوما لقاضي الموصل، أظنه المرتضى بن الشهرزوري، أريد أن تساوي بين الرفيع والوضيع في مجلس الحكم، وأن لا يختص أولو الهيئات والمراتب بزيادة احترام في مجلس الحكم، فقال له القاضي: وكيف لي بذلك؟ فقال: ما لهذا طريق إلا أن ترتاد خصما يخاصمني في قضية ويدعوني الى مجلس الحكم، وأحضر إليك وتلتزم معي ما تلتزمه مع خصمي، وسوف أرسل إليك خصما لا تشك في أنه خصم لي، ويدعي علي بدعوى، فادعني حينئذ الى مجلس الحكم لأحضر إليك، وجاء الى زوجته الخاتون ابنة السلطان محمود- فيما أظن- وقال لها وكلي وكيلا يطالبني بصداقك، فوكلت وكيلا، ومضى الوكيل الى مجلس الحكم، وقال: لي خصومة مع قسيم الدولة البرسقي وأطلب حضوره الى مجلس الحكم، فسير القاضي إليه ودعاه فأجاب وحضر مجلس الحكم، فلم يقم له القاضي، وساوى بينه وبين خصمه في ترك القيام والاحترام، وأدعى عليه الوكيل وأثبت الوكالة، واعترف البرسقي بالصداق، فأمره القاضي بدفعه إليه فأخذه، وقام الى خزانته ودفع إليه الصداق، ثم انه أمر القاضي أن يتخذ مسمارا على باب داره يختم عليه بشمعه، وعلى المسمار منقوش أجب داعي الله، وأنه من كان له خصم حضر، وختم بشمعه على ذلك المسمار ويمضي بالشمعة المختومة الى خصمه كائنا من كان ولا يجسر أحد على التخلف عن مجلس الحكم.
قرأت بخط الحافظ أبي الطاهر السلفي: وسنقر البرسقي ولي العراق سنين، وبلغ مبلغا عظيما، ثم ولي ديار مضر ودار ملكه الموصل، ثم حلب، وكثيرا من مدن الشام، وجاهد الأفرنج، ثم قتله بعض الملاحدة ، لعنهم الله، وكان سيفا عليهم، قلما يرى في جيشه مثله، رحمه الله ورضي عنه، رأيته بالعراق في حال ولايته وبالشام قبل أن وليها.
وقال ابن العديم : قال لي عز الدين أبو الحسن بن الأثير : في سنة عشرين وخمسمائة: وقتل آق سنقر البرسقي بالجامع العتيق بالموصل بعد الصلاة يوم الجمعة، قتله باطنية
===========
تاريخ الإسلام – الإمام الذهبي (11/ 313)
بغية الطلب فى تاريخ حلب – ابن العديم (4/ 1968)

يقول ابن العديم رحمه الله
أخبرني والدي رحمه الله عن أبيه أن دبيس بن صدقة عاهد الفرنج على أنهم يحاصرون حلب وتكون الأنفس والأموال للفرنج والبلاد لدبيس.
قال لي والدي عن أبيه: ولما طال الحصار بهم وقلت أزوادهم وقع فيهم المرض فكان يمر المار في الاسواق فيجد المرضى على الدكاكين، فاذا قارب الفرنج والعسكر البلد للقتال ووقع الصائح قام المرضى مع شدة مرضهم وقاتلوا أشد قتال وردوا العدو.
قال لي والدي: وبلغني أن عوام حلب كانوا يصعدون أسوار المدينة عند حصار دبيس ويضربون بطبل صغير ويصيحون: يا دبيس يا نحيس.
بغية الطلب فى تاريخ حلب (7/ 3481)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق