الأربعاء، 13 يناير 2016

أفت فقد آن لك أن تفتي

أفت فقد آن لك أن تفتي
شذرات من حياة الإمام الشافعي رضي الله عنه
قال المزني أبا إبراهيم قال لي الشافعي حضرت مالك بن أنس وأنا أسمع منه الحديث ولي دون الأربع عشرة سنة  فجاءه رجل فوقف عليه ثم قال له إني رجل أبيع القماري فبعت قمريا على هذه فرده إلي فقال ما له صوت فحلفت بالطلاق أنه لا يسكت فقال أو سكت قلت نعم قال أنت حانث
قال الشافعي : فتبعته فقلت له يا رجل كيف حلفت ؟
قال : حلفت بما سمعت
قال : فقلت له صياحه أكثر من سكوته ؟  
فقال : صياحه
فقلت : مر فإن امرأتك لك حلال
قال : فماذا أصنع وقد أفتاني مالك بما أفتى
فقال : عد إليه فقل له إن في مجلسك من أفتاني بأن امرأتي هي لي حلال وأومئ إلي ودعني وإياه فرجع ورجعت وجلست فيما بين الناس
فقال له : إني رأيت أن تنظر في يميني قال أليس قد أفتيناك بأنك حانث فقال في مجلسك من أفتاني بأن امرأتي هي لي حلال
قال الإمام مالك : أفي مجلسي
قال : نعم
قال : ومن هو فأومأ إلي
فقال لي مالك : أنت أفتيته بذلك
قلت : نعم
قال : ولماذا أفتيته بذلك
قلت له : سمعتك تروي عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال : لفاطمة بنت قيس إذا حللت فإذنيني فلما حلت قالت له : قد خطبني معاوية وأبو جهم
فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أما معاوية فصعلوك لا مال له وأما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه وعلم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن أبا جهم يضع عصاه عن عاتقه ويتصرف في أموره فإنما نسب إلى ضرب النساء فذكر أنه لا يضع عصاه عن عاتقه وحمله على الأغلب من أمره وإني سألته
وقلت سكوته أكثر أم صياحه فقال صياحه فأفتيته بذلك
قال فتبسم الإمام مالك رحمه الله وقال القول قولك ثم ناظرني عبد الملك فضرب بيده بين منكبيه فقال افت فقد آن لك أن تفتي

تاريخ دمشق لابن عساكر (51/ 304)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق