ظلما
سموها عصور الإنحطاط
وكانت
غنية ببقع النور
وهذه
صورة من صورها
رجل
ساد ملكه العراق والشام وحتى ما وراء خراسان
كانت
حياته بدء الخلاص من الغزو الفرنجي
حدّث
عَبْدُ السَّمِيعِ بْنُ دَاوُدَ الْعَبَّاسِيُّ قال : شَاهَدْتُ مَلِكْشَاهْ،
وَقَدْ أَتَاهُ رَجُلَانِ مِنْ أَرْضِ الْعِرَاقِ السُّفْلَى، مِنْ قَرْيَةِ
الْحَدَّادِيَّةِ، يُعْرَفَانِ بِابْنَيْ غَزَالٍ، فَلَقِيَاهُ، فَوَقَفَ لَهَا
فَقَالَا:
إِنَّ مُقْطِعَنَا الْأَمِيرَ خُمَارَتِكِينَ قَدْ صَادَرَنَا بِأَلْفٍ
وَسِتِّمِائَةِ دِينَارٍ، وَقَدْ كَسَرَ ثَنِيَّتَيْ أَحَدِنَا، وَأَرَاهُمَا
السُّلْطَانَ، وَقَدْ قَصَدْنَاكَ لِتَقْتَصَّ لَنَا مِنْهُ، فَإِنْ أَخَذَتْ
بِحَقِّنَا كَمَا أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْكَ، وَإِلَّا فَاللَّهُ يَحْكُمُ
بَيْنَنَا.
قَالَ:
فَرَأَيْتُ السُّلْطَانَ وَقَدْ نَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ، وَقَالَ: لِيُمْسِكْ
كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمَا بِطَرَفِ كُمَّيَّ، وَاسْحَبَانِي إِلَى خُوَاجِهْ
حَسَنَ، يَعْنِي نِظَامَ الْمُلْكِ، فَامْتَنَعَا مِنْ ذَلِكَ، وَاعْتَذَرَا،
فَأَقْسَمَ عَلَيْهِمَا إِلَّا فَعَلَا، فَأَخَذَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِكُمٍّ
مِنْ كُمَّيْهِ وَمَشَى مَعَهُمَا إِلَى نِظَامِ الْمُلْكِ، فَبَلَغَهُ الْخَبَرُ،
فَخَرَجَ مُسْرِعًا، فَلَقِيَهُ، وَقَبَّلَ الْأَرْضَ، وَقَالَ: يَا سُلْطَانَ
الْعَالَمِ! مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ فَقَالَ: كَيْفَ يَكُونُ حَالِي غَدًا
عِنْدَ اللَّهِ إِذَا طُولِبْتُ بِحُقُوقِ الْمُسْلِمِينَ، وَقَدْ قَلَّدْتُكَ
هَذَا الْأَمْرَ لِتَكْفِينِي مِثْلَ هَذَا الْمَوْقِفِ، فَإِنْ نَالَ
الرَّعِيَّةَ أَذًى فَأَنْتَ الْمُطَالَبُ، فَانْظُرْ لِي وَلِنَفْسِكَ.
فَقَبَّلَ
الْأَرْضَ، وَمَشَى فِي خِدْمَتِهِ، وَعَادَ مِنْ وَقْتِهِ، وَكَتَبَ بِعَزْلِ
الْأَمِيرِ خُمَارَتِكِينَ عَنْ إِقْطَاعِهِ، وَرَدِّ الْمَالِ عَلَيْهِمَا،
وَأَعْطَاهُمَا مِائَةَ دِينَارٍ مِنْ عِنْدِهِ، وَأَمْرَهُمَا بِإِثْبَاتِ
الْبَيِّنَةِ أَنَّهُ قَلَعَ ثَنِيَّتَيْهِ لِيَقْلَعَ ثَنِيَّتَيْهِ عِوَضَهُمَا،
فَرَضِيَا، وَانْصَرَفَا.
-------------------------------------
-
الكامل في التاريخ
(8/ 361)
-
المنتظم في تاريخ
الملوك والأمم – ابن الجوزي (16/ 312)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق