الأربعاء، 6 يناير 2016

الْقَتْلُ بِغَيْرِ حَقٍّ صفة الْجَبَابِرَةِ

الْقَتْلُ بِغَيْرِ حَقٍّ صفة الْجَبَابِرَةِ
وهي ظاهرة تفشت في عصرنا وربما شاعت على مساحة الأرض
وأعجب ما يقال فيها وعنها ، المبررات الدافعة لها
حروب عالمية وأخرى عنصرية وثالثة طائفية
والإرهاب المجهول التعريف أضحى مبرراً دافعا للقتل وبالجملة
والغريب أن التعريف الأشهر للإرهاب هو أن تكون مخالفا لمن اتصف بالقوة
أن تقبل بالظلم أو أن تسير في ركب القوي كعبد يرى حريته في عبوديته ، فهو ظاهراً في مأمن
وكل ما سوى ذلك ينضوي تحت دائرة الإرهاب ، وعلى العالم كله سحقه
ولا غرابة في اختلاف التعريفات وفهم المصطلحات ، فأفلاطون عرَّف العدالة بانقسام المجتمع إلى طبقات أربع في قمتها الفلاسفة ومن ثم النبلاء ثم التجار وأخيراً العبيد وهذا هو مجتمع المدينة الفاضلة عنده
وفي معتقدات الهندوس أن العبيد ليسوا من خلق براهما ، بل خلقهم الإله فيشنو من أظافر قدميه ، ولهذا فإن مرّ ظل العبد على رجل من البراهما حق له قتله كي يتطهر من الدنس الذي لحق به
ولا يسمح في تلك المجتمعات ، بتجاوز تلك القيم الاجتماعية الوضعية التي تبرر في كل صورها القتل
والدراس لتاريخ الإسلام والحروب التي قامت بين المسلمين وأعداء لا إله إلا الله ، يجد قضية في غاية الغرابة فلقد أقر الدارسون أن تلك الحروب التي شملت مساحة العالم المعروف وقتها ، وعبر ثلاثة قرون لم يزد عن مائتي ألف من الطرفين ، حيث لم يكن القتل لدى المسلمين هدفا في تلك الحروب بل السلم والسلام كان هدفا فالقاعدة : (َا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ ) سورة البقرة﴿٢٠٨﴾
فالناس كلهم خلق الله وقد كرمهم خالقهم ( ولقد كرمنا بني آدم ) ، وحرم دماء إلا بحق ، ومن قصص الأنبياء نستشف بعض هذا التكريم فسيدنا داود أراد بناء بيت المقدس فكان كلما وصل لتمام البناء يقع ، ولما تكرر ذلك خشي من ذنب فعله ساقه لتلك الحالة ، فتوجه لربه يسأله ، ليأتيه الرد من رب العزة جلّ جلاله : يا داود إِنَّ هَذَا بَيْتٌ مُقَدَّسٌ وَإِنَّكَ قَدْ صَبَغْتَ يَدَكَ فِي الدِّمَاءِ فَلَسْتَ بِبَانِيهِ، وَلَكِنَّ ابْنَكَ سُلَيْمَانَ يَبْنِيهِ لِسَلَامَتِهِ مِنَ الدِّمَاءِ. فَلَمَّا مَلَكَ سُلَيْمَانُ بَنَاهُ.
واليوم أصبح الدم يهراق بدعاوي بعيدة عن من أكرم النفس البشرية وصانها ، وغُلف القتل بحجج تغضب الله تعالى ، لا بل أصبح القتل هدفا وغاية وسبيلا للتقرب لله والعياذ بالله

وأخرج الإمام الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ صُهَيْبٍ مَوْلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا فَمَا فَوْقَهَا بِغَيْرِ حَقٍّ سَأَلَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ قَتْلِهِ» مسند الإمام الشافعي - (3/ 294)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق