للخلاف
حد لا ينبغي أن يتجاوزه ليتحول لاختلاف
والخلاف
سنة كونية من سنن الله تعالى قال الله تعالى ( وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ
النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ ) ﴿١١٨﴾ سورة هود
بل
إن الخلاف وربما كان في حالات كثيرة سببا كشف اللبس عن قضايا حياتية غامضة
إلا
أنه ليس من شأن الخلاف أن لا يقف عند حد
وربما
كان الموت نهاية يتوقف عندها
ففي
سَنَةُ ثَمَانٍ وَثَلَاثِينَ وَخَمْسِمَائَةٍ ، تُوُفِّيَ أَبُو الْفُتُوحِ
مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ بْنِ مُحَمَّدٍ الْإِسْفَرَايِينِيُّ الْوَاعِظُ ، مِنْ
أَهْلِ إِسْفَرَايِينَ مِنْ خُرَاسَانَ، وكان أحد وعاظ بغداد ، وَكَانَ إِمَامًا
فَاضِلًا صَالِحًا، وَكَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ عَلِيٍّ الْغَزْنَوِيِّ تَحَاسُدٌ،
فَلَمَّا مَاتَ حَضَرَ الْغَزْنَوِيُّ عَزَاءَهُ بِبَغْدَادَ، وَبَكَى وَأَكْثَرَ،
فَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِ أَبِي الْفُتُوحِ الْغَزْنَوِيِّ كَلَامًا أَغْلَظَ لَهُ
فِيهِ، فَلَمَّا قَامَ الْغَزْنَوِيُّ لَامَهُ بَعْضُ تَلَامِذَتِهِ عَلَى حُضُورِ
الْعَزَاءِ وَكَثْرَةِ الْبُكَاءِ، وَقَالَ لَهُ: كُنْتَ مُهَاجِرًا لِهَذَا الرَّجُلِ،
فَلَمَّا مَاتَ حَضَرْتَ عَزَاءَهُ، وَأَكْثَرْتَ الْبُكَاءَ وَأَظْهَرْتَ
الْحُزْنَ؟ قَالَ: كُنْتُ أَبْكِي عَلَى نَفْسِي، كَانَ يُقَالُ فُلَانٌ
وَفُلَانٌ، فَمَنْ يُعْدَمُ النَّظِيرَ أَيْقَنَ بِالرَّحِيلِ، وَأَنْشَدَ هَذِهِ
الْأَبْيَاتِ:
ذَهَبَ
الْمُبَرِّدُ وَانْقَضَتْ أَيَّامُهُ ... وَسَيَنْقَضِي بَعْدَ الْمُبَرِّدِ
ثَعْلَبُ
بَيْتٌ
مِنَ الْآدَابِ أَصْبَحَ نِصْفُهُ ... خَرِبًا وَبَاقٍ نِصْفُهُ فَسَيَخْرَبُ
فَتَزَوَّدُوا
مِنْ ثَعْلَبٍ فَبِمِثْلِ مَا ... شَرِبَ الْمُبَرِّدُ عَنْ قَلِيلٍ يَشْرَبُ
أُوصِيكُمُ
أَنْ تَكْتُبُوا أَنْفَاسَهُ ... إِنْ كَانَتِ الْأَنْفَاسُ مِمَّا يُكْتَبُ
الكامل
في التاريخ - ابن الأثير(9/ 129)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق