الأربعاء، 6 يناير 2016

وجه من وجوه الفطنة لنبي الله يوسف عليه السلام

وجه من وجوه الفطنة لنبي الله يوسف عليه السلام
قال الله تعالى : قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ ۚ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ ﴿٥٩﴾ سورة يوسف
وفي ذلك سؤال يتبادر للذهن عن سر طلب سيدنا يوسف من أخوته القدوم برفقة أخاه بنيامين
أوقول لما أراد الله تعالى أن يبلغ بيوسف فيما أراد من الابتلاء في محالة قتله ومن بيعه إلى أن وصل إلى ذوآبة الرياسة في قصة استوعبت زمان زاد عن ثلاثة عقود ، يتبين للناظر والله أعلم ، أدب الأنبياء في تعاملهم مع الابتلاء فلو رفع يديه سيدنا يعقوب للسماء لأجيب بحال يوسف وواقعه ، وكذلك حال سيدنا يوسف فقد علم أنه مبتلى وأدرك أن للابتلاء مدة لا بد أن تنقضي حتى يأذن الله بالفرج ، فلم يستعجل الاثنان وأقرا بالتسليم للقضاء الله وقدره 0
ولقد أدرك سيدنا يوسف أن بوادر الفرج بدأت تلوح ، مع خروجه من السجن ومن ثم تبوؤه منصب عزيز مصر
وكان القحط الذي حل بمصر وبلاد الشام سبباً آخر من أسباب الفرج ، ووصول أخوته إلى مصر سائلين القوت ( الحنطة ) وكان عليه السلام يقرؤ بفطنته أنهم لا بد قادمون فأمر من يتفقد من جاء من فلسطين وأن يخبر بكل القادمين منها حتى شاء الله :وَجَاءَ إِخْوَةُ يُوسُفَ فَدَخَلُوا عَلَيْهِ فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ ﴿٥٨﴾ سورة يوسف
وهنا يتبدى مرة ذكاء سيدنا يوسف وقد استغل عدم معرفة أخوته له ، وربما يعلل ذلك نتيجة للبعد الزمني أو للهيئة والزي الذي قابلهم بها ، وهم أيضاً علموا أنهم أمام ملك كافر يعبد الأوثان، ولم يظنوا أنه أخوهم، ولم يتأملوا منه ما يزول به عنهم الشك فيه والجهل بأمره.
ومن خلال محاورته لهم وقد أوهمهم بالشك بهم وأنهم جواسيس لعدو جئتم لتأخذوا خير بلادي ، فقالوا: إنا ببلاد لا يعرفنا أحد وقد عرّفنا أنسابنا فبأي شيء تسكن نفسك إلينا؟ ويوسف يسألهم : من أين أنتم؟ قَالُوا: من وادي كنعان، قَالَ: ومن أنتم؟ قَالُوا: بنو يعقوب النَّبِي ابْن إِسْحَاق بْن إِبْرَاهِيمَ الخليل، فَقَالَ: حياكم اللَّه يا ولد يعقوب، ألكم حاجة؟ قالوا أصاب الناس الجوعُ، حتى أصاب بلادَ يعقوب التي هو بها، فبعثنا أبانا إلى مصر، وأمسك أخانا بنيامين ( يريدون بذلك أن يزيدهم ميرة واحد آخر ، فأقروا بأن لهم أخ آخر استبقاه والدهم
ثم قال سيدنا يوسف: كَيْفَ رأيتم سيرتي وحسن ضيفي؟ قَالُوا: جزاك اللَّه خيرا، فَقَالَ: إِن لي إليكم حاجة، قَالُوا: وَمَا حاجتك؟ قَالَ: تخبروني كم ولد يعقوب؟
قَالُوا: اثنا عشر، قَالَ: فَمَا أرى إلا عشرة، قَالُوا: أما أحدهما وَكَانَ يقال لَهُ يُوسُف وَكَانَ أجملنا فأكله الذئب، قَالَ: فالآخر، قالوا هو عند أبينا لأنه أخو الذي هلك لأمه فأبونا يتسلى به قال فمن يعلم أن الذي تقولون حق قالوا أيها الملك إننا ببلاد غربة لا يعرفنا فيها أحد
وهنا استغل سيدنا يوسف الموقف فقال فأتوني بأخيكم الذي من أبيكم إن كنتم صادقين فأنا راض بذلك منكم قالوا : إن أبانا يحزن لفراقه وسنراوده عنه قال فدعوا بعضكم عندي رهينة حتى تأتوني به فاقترعوا فيما بينهم فأصابت القرعة شمعون وكان أحسنهم رأيا في يوسف فخلفوه عنده
وكانت بذلك إشارة لسيدنا يعقوب ويوسف بقرب اللقاء لذا قال الله على لسان سيدنا يعقوب : يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ۖ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴿٨٧﴾
-------------------------------------------------------
-         التفسير البسيط – الواحدي (12/ 160)
-         فتح البيان في مقاصد القرآن (6/ 358)
-         تاريخ الطبري (1/ 349)
-         البداية والنهاية (1/ 211)
-         المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (1/ 316)
-         تفسير القرطبي (9/ 220)

-         تفسير الخازن - لباب التأويل في معاني التنزيل (2/ 538)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق