الأربعاء، 13 يناير 2016

كاثر عدوك بإصلاح نفسك

كاثر عدوك بإصلاح نفسك
فربما كانت العداوة في الحياة أمر لا مفر منه
وابن المقفع له في ذلك وجهة نظر
فإن ابتليت بمحاربة عدوك
فاستشعر الهيبة, وإظهار الجرأة, والتهاون
وعليك بالحذر, والجد في أمرك، والجرأة في قلبك، حتى تملأ قلبك جرأة .
واعلم أن من عدوك من يعمل في هلاكك، ومنهم من يعمل في مصالحتك، ومنهم من يعمل في البعد منك.
فاعرفهم على منازلهم.
وابن المقفع في نصيحته هذه، فاته أن يذكر حالة رابعة هي كيف يكون العمل مع العدو الذي لا يمكن الهرب منه، ولا يمكن القضاء عليه ولا حتى مسايسته ؟ فهل هذا يعني الاستسلام لأذاه والصبر عليه؟ 
ومن أقوى القوة لك على عدوك، وأعزِّ أنصارك في الغلبة له، أن تحصي على نفسك العيوب والعورات, كما تحصيها على عدوك، وتنظر عند كل عيب تراه, أو تسمعه لأحد من الناس: هل قارفت ذلك العيب؟ , أو ما شاكله, أو سلمت منه؟.
فإن كنت قارفت شيئًا منه, جعلته مما تحصي على نفسك, حتى إذا أحصيت ذلك كله, فكاثر عدوك بإصلاح نفسك, وعثراتك, وتحصين عوراتك , وإحراز مقاتلك
فإذا آنست منها دفعًا, وتهاونًا به, فأعدد نفسك عاجزًا ضائعًا خائبًا، معورًا.
وإن حاصل من عيوبك, وعوراتك ما لا تقدر على إصلاحه من ذنب مضى لك، أو أمر يعيبك عند الناس ولا تراه أنت عيبًا، فاحفظ ذلك
واعلم أن عدوك مريدك بذلك, فلا تغفل عن التهيؤ له, والإعداد لقوتك وحجتك وحيلتك فيه سرًا وعلانية.
فأما الباطل, فلا تروعن به قلبك, ولا تستعدن له, ولا تشتغلن بشيء من أمره، فإنه لا يهولك ما لم يقع، وما إن وقع اضمحل.
----------------------
- الأدب الصغير والأدب الكبير (ص: 115)

- صحيفة عكاظ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق