الأربعاء، 6 يناير 2016

حديث وعبرة من قصة سبأ

حديث وعبرة من قصة سبأ
قوم سألوا الله أَنْ يُبَدَّلُوا ولكن بِالْخَيْرِ شَرًّا
وهو أمر يخالف الطبيعية البشرية ،دون شك
لقد بلغ بهم الحال أن وقاهم الله فيها الشر بأشكاله ، وصوره لتتجاوز صور الكرم الرباني إلى تنقية الهواء من الهوام
وقيل لهم: كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة- أي هَذِهِ بلده طيبة- ، وذكر ابن كثير رحمه الله تعالى وغيره
قال : كانوا فِي غِبْطَةٍ عَظِيمَةٍ وَعَيْشٍ رَغِيدٍ وَأَيَّامٍ طَيِّبَةٍ حَتَّى ذَكَرَ قَتَادَةُ وَغَيْرُهُ أَنَّ الْمَرْأَةَ كَانَتْ تمر بالمكتل على رأسها فتمتلئ مِنَ الثِّمَارِ مَا يَتَسَاقَطُ فِيهِ مِنْ نُضْجِهِ وَكَثْرَتِهِ وَذَكَرُوا أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي بِلَادِهِمْ شئ مِنَ الْبَرَاغِيثِ وَلَا الدَّوَابِّ الْمُؤْذِيَةِ لِصِحَّةِ هَوَائِهِمْ وَطِيبِ فِنَائِهِمْ كَمَا قَالَ تَعَالَى: (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ في سكنهم آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ)
فبعث الله إليهم ثلاثة عشر نبيا فكذبوا الرسل، ولم يقروا بنعم اللَّه، بل بطروا وتكبروا ، فأرسل عليهم سيل العرم فأهلك مساكنهم ومزارعهم وقيل أن رئيسهم عبد الله بن عامر الأزدي رأى في المنام كأن الردم قد انبثق فسال الوادي فأصبح وجمع بنيه العشرة فأخبرهم بالقصة ثم باع ضياعه وأمواله وتحول إلى بلد عمان فلم يلبث القوم بعده إلا يسيرا حتى هلكوا وفيهم يقول الأعشى
وفي ذاك للمؤتســــى إسوة ...  ومــــأرب قفى عليه العرم
ركام بنته لـــــــــــــه حمير ... إذا جــــــــاء فوارة لم يرم
فأروى الزروع وأعنى بها ... على ســــــبعة ماءه إذ قسم
فصاروا أيــاد فما يقدرون ...  منه على شــرب طفل فطم
واليوم وفي بلادنا نحن نخربها بأيدنا ونستبدل نعم الله والتي كان من الأولى شكره عليها بغية زيادتها وديمومتها بكرم الله تعالى
لم يسلم في بلادنا شيء لا في مسمى الطبيعة أو البشر أو البهائم شيء
-         ترى أنحن مسلمون بحق ؟
-         ترى أنخاف الله بحق ؟
-         هل يرضي الله سبحانه ؟
ورحم الله ابن عبدون الأندلسي حيث
الدَهرُ يُفجِعُ بَـــــعدَ العَينِ بِالأَثَرِ   *    فَما البُكاءُ عَلى الأَشــــباحِ وَالصُوَرِ
أَنهاكَ أَنــــهاكَ لا آلوكَ مَوعِظَةً   *    عَــــــن نَومَةٍ بَينَ ناب اللَيثِ وَالظُفرِ
فَالدَهرُ حَربٌ وَإِن أَبدى مُسالَمَةً    *   وَالبيضُ وَالسودُ مِثلُ البيضِ وَالسُمرِ
وَلا هَوادَةَ بَينَ الرَأسِ تَــــــأخُذُهُ  *     يَدُ الضِرابِ وَبَينِ الصــــــارِمِ الذكرِ
فَلا تَغُرَّنكَ مِـــــن دُنياكَ نَومَتُها   *    فَما صِناعَةُ عَينَيها سِوى السَــــــــهَرِ
مــــــــــا لِلَّيالي أَقالَ اللَهُ عَثرَتَنا    *   مِـــــــــــــنَ اللَيالي وَخانَتها يَدُ الغيرِ
في كُلِّ حينٍ لَها في كُلِّ جارِحَةٍ   *    مِنّــــــا جِراحٌ وَإِن زاغَت عَنِ النَظَرِ
تَسُرُّ بِالشــــيءِ لَكِن كَي تغرّ بِهِ   *    كَالأَيمِ ثارَ إِلــــــى الجاني مِنَ الزَهرِ
كَم دَولَة ولِيَت بِالنَصرِ خدمَتها    *   لَم تُبقِ مِنها وَســـــَل ذِكراكَ مِن خَبَرِ
وَمَزَّقَت ســـــَبَأً في كُلِّ قاصِيَةٍ    *   فَما اِلتَقى رائِـــــــــــــــحٌ مِنهُم بِمُبتَكرِ
المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (2/ 161)

البدء والتاريخ (3/ 132)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق