الجمعة، 1 نوفمبر 2019

هل فكرت برد الجميل


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
هل فكرت برد الجميل
ومن حافظ إبراهيم وخليل مطران بل مما رواه الأصمعي عن غلام وفتاة نتعلم
تذكر معي
ترى هل شكرت ربك على حسن خلقك وخُلقك
هل أديت بعض جميل والديك عليك
تذكر معي أنك في أرض الشام وبين أهلها . فهل أديت الشكر على هذه النعمة
وللناس في رد الشكر مذاهب .
هناك من فكر بقتل من أغرقه بمعرفه عسى أن يدخل بقتله له النار ، ويدخل صاحب المعروف الجنة .
أقام حافظ إبراهيم مع خليل مطران في أحد الفنادق ، وحدث أن فقد حافظ زر قبة قميصه . فقدم إليه مطران زرا عوضا عن الضائع فشكره حافظ ، ثم قال له : سأرده لك اليوم . فسأله مطران وعلام السرعة ؟
أجابه حافظ . لأني لا أطيق أن يبقى جميلك في عنقي
روي عن الأصمعي أنه قال: بينا أنا أسير في طريق اليمن، إذا أنا بغلام واقف في الطريق، وهو يمجد ربه بأبيات من الشعر
يا فاطر الخلق البديع وكافلا ... رزق الجميع سحاب جودك هاطل
يا مسبغ البرّ الجزيل ومسبل ... الستر الجميل عميم طولك طائل
يا عالم السرّ الخفي ومنجز ... الوعد الوفي قضاء حكمك عادل
عظمت صفاتك يا عظيم فجلّ أن ... يحصي الثناء عليك فيها قائل
الذنب أنت له بمنّك غافر ... ولتوبة العاصي بحلمك قابل
قال: فدنوت منه وسلمت عليه فقال: ما أنا براد عليك حتى تؤدي من حقي الذي يجب لي عليك! قلت: وما حقك؟ قال: أنا غلام على مذهب ابراهيم الخليل عليه السلام، لا أتغدى ولا أتعشى كل يوم، حتى أسير الميل والميلين في طلب الضيف. فأجبته إلى ذلك، فرحب بي، وسرت معه حتى قربنا من خيمته، فصاح: يا أختاه فأجابته جارية من الخيمة بالبكاء، فقال: قومي
إلى ضيفنا فقالت الجارية: حتى أبدأ بشكر الله الذي ساق لنا هذا الضيف، ثم قامت فصلت ركعتين شكرا لله تعالى. قال: فأدخلني الشاب الخيمة، وأجلسني ثم أخذ الغلام الشفرة وعمد إلى عناق (وليدة الماعز ) فذبحها، قال: فلما جلست في الخيمة، نظرت إلى الجارية، فإذا هي أحسن الناس وجها، فكنت أسارقها النظر، ففطنت لبعض لحظاتي إليها، فقالت لي: مه أما علمت أنه نقل عن صاحب طيبة عليه السلام، أنه قال: إن زنا العينين النظر، أما إني ما أردت بهذا أن أوبخك، ولكني أردت أن أؤدبك لكي لا تعود إلى مثل هذا. قال: فلما كان النوم بت أنا والغلام خارج الخيمة، وباتت الجارية من داخلها، فكنت أسمع دوي القرآن إلى السحر، بأحسن صوت يكون وأرقه، ثم سمعت أبياتا بهذا من الشعر بأعذب لفظ، وأشجى نغمة وهي هذه:
أبى الحبّ أن يخفى وكم قد كتمته ... فأصبح عندي قد أناح وطنبا
إذا اشتدّ شوقي هام قلبي بذكره ... وإن رمت قربا من حبيبي تقربا
ويبدو فأفنى ثم أحيا بذكره ... ويسعدني حتى ألذّ وأطربا
قال: فلما أصبحت قلت للغلام: صوت من كان ذلك؟ قال: تلك أختي، وهذا شأنها كل ليلة، فقلت: يا غلام كنت أنت أحق بهذا العمل من أختك، إذ أنت رجل وهي امرأة. قال: فتبسم .قال الأصمعي: فودعتهما وانصرفت.
حياة الحيوان الكبرى – الدميري (2/ 211)
مجلة العربي الكويتية

ولمن أحب تتمة أبيات الغلام
ربّ يربي العالمين ببره ... ونواله أبدا إليهم واصل
تعصيه وهو يسوق نحوك دائما ... ما لا تكون لبعضه تستاهل
متفضل أبدا وأنت لجوده ... بقبائح العصيان منك تقابل
وإذا دجا ليل الخطوب وأظلمت ... سبل الخلاص وخاب فيها الآمل
وأيست من وجه النجاة فما لها ... سبب ولا يدنو لها متناول
يأتيك من ألطافه الفرج الذي ... لم تحتسبه وأنت عنه غافل
يا موجد الأشياء من ألقى إلى ... أبواب غيرك فهو غرّ جاهل
ومن استراح بغير ذكرك أو رجا ... أحدا سواك فذاك ظلّ زائل
رأي يلم إذا عرته ملمة ... بسوى جنابك فهو رأي مائل
عمل أريد به سواك فإنه ... عمل وإن زعم المرائي باطل
وإذا رضيت فكل شيء هيّن ... وإذا حصلت فكل شيء حاصل
أنا عبد سوء آبق كلّ على ... مولاه أوزار الكبائر حامل
قد أثقلت ظهري الذنوب وسوّدت ... صحفي العيوب وستر عفوك شامل
ها قد أتيت وحسن ظني شافعي ... ووسائلي ندم ودمع سائل
فاغفر لعبدك ما مضى وارزقه تو ... فيقا لما ترضى ففضلك كامل
وافعل به ما أنت أهل جميله ... والظنّ كلّ الظن أنك فاعل


ومن الأبيات ذات الدلالة على الشكر
لأَبِي الفَضْلِ بَهَاءِ الدِّيْنِ زُهَيْرُ بن مُحَمَّد بن عَلِيٍّ المُهَلَّبِيِّ المِصْرِيِّ:
آيَاتُ مَجْدِكَ مَا لَهَا تَبْدِيْلُ ... وَعُلُوّ قَدْركَ مَا إِلَيْهِ سَبيْلُ
يُعْزَى لَكَ الإحْسَانُ غَيْر مُدَافِعٍ ... وَالمُحْسِنُوْنَ كمَا عَلِمْتَ قَلِيْلُ
هَذَا هُوَ الشَّرَفُ الَّذِي لَا يدَّعَى ... هَيْهَاتَ مَا كُلُّ الرِّجَالِ فُحُوْلُ
أَيَّامُكُمْ كَسَتِ الزَّمَانَ مَحَاسِنًا ... فَكَأَنَّهَا غُرَر لَهُ وَحُجُوْلُ
نَفَقَتْ لَدَيْكُمْ سُوْقُ كُلّ فَضيْلَةٍ ... وَالفَضْلُ في هَذَا الزَّمَانِ فَضُوْلُ
يا مَنْ إِذَا ندَاءُ الجمِيْلَ أَعَادَهُ ... فجمِيْلُهُ جمِيْلِهِ مَوْصُوْلُ
الدر الفريد وبيت القصيد – المستعصمي (4/ 308)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق