الجمعة، 1 نوفمبر 2019

كافور الأخشيدي هل ظلمه المتنبي ؟


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
كافور الأخشيدي
هل ظلمه المتنبي ؟
بداية قولوا سبحان الله
كافور عبد أسود خصي مثقوب الشفة السفلى بطين قبيح القدمين ثقيل البدن لا فرق بينه وبين الأمة، وكان هذا العبد الأسود لقوم من أهل مصر يعرفون ببني عياش يستخدمونه وكان سيده يربط في رأسه حبلا إذا أراد النوم فإذا أراد منه حاجة جذبه بالحبل لأنه لم يكن ينتبه بالصياح، وكان غلمان ابن طغج يصفعونه في الأسواق كلما رأوه فيضحك فقالوا هذا الأسود خفيف الروح، وكلموا صاحبه في بيعه فوهبه لهم، فأقاموه على وظيفة الخدمة، ومات سيده أبو بكر بن طغج وولده صغير، وتقيد الأسود بخدمته وأخذ البيعة لولد سيده، ثم تفرد الأسود بخدمته وخدمة والدته، فقرب من شاء وبعد من شاء ، فتسابق الناس إلى التقرب إليه، وكان محمد بن طغج قد رأى في كافور النبوغ فعينه كمشرف على التعاليم الأميرية لأبنائه، ثم لاحظ ولائه وإخلاصه وموهبته جعله حرا وأطلق سراحه، وأرسله كقائد عسكري في عام 945 لسوريا، ثم قاد عدة حملات أخرى في الحجاز . قال أصحاب السير وَكَانَ ذكياً لَهُ نظر فِي الْعَرَبيَّة وَالْأَدب وَالْعلم وَكَانَت أيامه سديدة جميلَة ودعي لَهُ على المنابر بالحجاز ومصر وَالشَّام والثغور .وكان يحب العلماء والفقهاء، ويكرمهم، ويتعهدهم بالنّفقات، ويكثر الصدقات حتّى استغنى الناس في أيامه، ولم يجد أرباب الأموال من يقبل منهم الزكاة فرفعوا أمر ذلك إليه فأمرهم أن يبتنوا بها المساجد ويتخذوا لها الأوقاف . كما كان يحب أهل الأدب ويكثر مجالستهم . دخل أبو بكر سيبويه المصري نافلة البصرة على كافور الإخشيدي وعنده بعض ندمائه. فقال: أيها الاستاذ، دعني أهاتره. فقال: إنك لا تطيقه. قال: لا بد من ذلك. قال: شأنك. قال: يا أبا بكر، ما حد الرأس؟ قال: ما أحاط به جربانك، وأدبك عليه سلطانك، ولاعبك فيه إخوانك. فخجل الرجل، وضحك كل من حضر.
دخل عليه أبو الفضل بن عياش عند كافور الإخشيدي، فقال: أدام الله أيام مولانا، وكسر الميم فتبسم كافور إلى أبي إسحاق، ففطن لذلك، فقال ارتجالا:
لا غرو أن لحن الداعي لسيدنا ... وغص من دهشٍ بالريق والبهر
فمثل سيدنا حالت مهابته ... بين الأديب وبين القول بالحصر
وإن يكن خفض الأيام من دهش ... في موضع النصب لا من قلة البصر
فقد تفاءلت من هذا لسيدنا ... والفأل مأثوره عن سيد البشر
بأن أيامه خفض بلا نصبٍ ... وأن دولته صفو بلا كدر
فأمر له بثلاثمائة دينار وللنجيرمي بمائتين.
المتنبي أحد أشهر شعراء العرب  وقد لازم المتنبي سيف الدولة الحمداني في حلب سنوات طويلة ، وكان سيف الدولة يغدق عليه العطاء كما كتب المتنبي في سيف الدولة عدد من أفضل قصائده في المدح .وفي أحد الأيام وقع خلاف بين المتنبي وشاعر أخر يدعى ابن خلويه أثناء تواجدهما في مجلس سيف الدولة ، فقام ابن خلويه وضرب المتنبي في وجهه بمفتاح كان يمسكه في يده فشق وجهه ، ولم يتدخل سيف الدولة للدفاع عن المتنبي فشعر بالغضب وخرج من مجلس سيف الدولة واتجه نحو دمشق وظل هناك حتى وصلته دعوة من كافور الإخشيدي حاكم مصر وأجزاء من الشام في ذلك .فمدح وأجزل له العطاء
حببتك قلبى قبل حبك مــن نأى *** وقد كان غدارا فكن أنت وافيا
فإن دمــوع العين غــــــدر بربها *** إذا كـــــن إثر الغادرين جواريا
ولكن بالفسطاط بحـــر أزرته *** حياتى ونصحى والهوى والقوافيا
إلا أن المتنبي غره الطمع فذم الإخشيد حين لم يلبي أطماعه فهرب وترك مصر ثم ذمه
نَامَتْ نَوَاطِيرُ مِصرٍ عَنْ ثَعَالِبِها *** فَقَدْ بَشِمْنَ وَما تَفنى العَنَاقيدُ
صَارَ الخَصِيّ إمَامَ الآبِقِينَ بِهَ *** فالحُرّ مُسْتَعْبَدٌ وَالعَبْدُ مَعْبُودُ
لا تَشْتَرِ العَبْدَ إلاّ وَالعَصَا مَعَهُ *** إنّ العَبيدَ لأنْجَاسٌ مَنَاكِيدُ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
صبح الأعشى في صناعة الإنشاء (3/ 493)
جمع الجواهر في الملح والنوادر  - أبو اسحاق الحصري (ص: 86)
زهر الآداب وثمر الألباب (4/ 1039)
قال وحدثني أبو إسحاق النجيرمي
بدائع البدائه - االأزدي(ص: 198)
صبح الأعشى في صناعة الإنشاء (3/ 390)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق