السبت، 23 نوفمبر 2019

وربما كان التجاهل صدقة جارية


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
وربما كان التجاهل صدقة جارية
وفي المعرة عندنا في هذا المعنى يقولون : سماع وصطح . والقصد إن وقفت عند كل ما يصلك من أخبار أو أفعال من فلتات الجهلاء وكان الوقوف يدفع الأمر للتفاقم فأرح نفسك بشيء من التجاهل .
كيف بك أن تحاور من يعتقد أن النقاش عناد وعليك أن تتمسك بما أنت عليه ،وإن كان بعيدا عن الحقيقة ورحم الله القائل :
تغافل فَلَيْسَ السرو إِلَّا التغافل ... وَلَيْسَ سُقُوط الْقدر إِلَّا التعاقل
وَلَا تتجاهل إِن منيت بجاهل ... فَلَيْسَ فَسَاد الجاه إِلَّا التجاهل
وَلَا تتطاول إِن تطاول أَحمَق ... فرأس حماقات الرِّجَال التطاول
وكانت العرب تقول : أَصمّ عَمَّا سَاءَهُ سميع . ويضْرب مثلا للرجل يتغافل عَمَّا يكره وفي هذا المعنى يقول بشار بن برد
قل مَا بدا لَك من زور وَمن كذب ... حلمي أَصمّ وأذني غير صماء
ففي أيامنا تزاحم الناس على فعل ما يسيئ ومن العجب أن يتباهى هؤلاء بما يفعلون . وإن ورطت نفسك وسألت يأتيك الجواب : في أربع حيطان انطاح راسك باللي بيعجبك منون . ورحم الله أبو الفرج بن هندو حيث قال :
أرَى ذا النَّقْصِ لا يَعْيَا بِذَمٍّ ... كَذَا مَنْ يَعْمَ لا يَخْشَى الظَّلامَا
تَزاحَمَتِ النُفوسُ عَلَى المَساوئ ... وَمَا أَلقَى عَلَى فَضلٍ زِحامَا
وَصَارَ النَّاسُ كُلَّهُمُ خِدَاعًا ... فَصِرْتُ أَشُكُّ فِي نَفْسِي اتِّهَامَا
تَجَاهَلْ للجَهُولِ فَإنَّ عَقْلًا ... إِذَا صَاحَبْتَ عُمْيًا أنْ تَعَامَى
ولكن العقلاء ومن اليأس على مسافة كبعد السماء عن الأرض ولسبب بسيط أن الزمن سيسقط كل المزيفين كتساقط أوراق الشجر أيام الخريف ويبقى الدهر على يقوده نحو الصلاح كالأشجار الدائمة الخضرة والتي لا يؤثر فيها الخريف بل لا تسقط ورقة خضراء إلا واستبدلت بأخرى وفي منهى الحيوية
ولعل أهل العناد سر من أسرار البلاء الذي حل بنا
يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا
ــــــــــــــــــــــ
جمهرة الأمثال - العسكري(1/ 140)
الدر الفريد وبيت القصيد - المستعصمي(5/ 337)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق