الجمعة، 1 نوفمبر 2019

لنا أن نختار إما أن نكون خامة أو شجرة أرز


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
لنا أن نختار إما أن نكون خامة أو شجرة أرز
عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك ، عن أبيه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع، تفيئها الرياح، تصرعها مرة وتعدلها، حتى يأتيه أجله، ومثل المنافق مثل الأرزة المجذية التي لا يصيبها شيء حتى يكون انجعافها مرة واحدة»
قال أهل العلم : وهذا من أبلغ التشبيهات النبوية التي صور فيها حال المؤمن حال تلقيه المصائب، ومعاناته البلاء، حيث شبهه بالنبتة اللينة التي تتلقاها الريح، واختار التعبير بالريح لا الرياح؛ لأن الريح لا تكون إلا في التمحيص والفتنة، فالنبتة اللينة تميل مع الريح مطاوِعة غير معانِدة، فلا تنكسر ولا تتفتت، ثم تعاودها الريح مرة أخرى فتميل معها، حتى إذا انتهت عاصفة الريح عادت إلى اعتدالها، وهكذا يكون حال المؤمن مستسلما لقضاء الله، متوافقا مع مراد الله، غير معاند ولا متسخط، بل يصبر ويحتسب .
قَال أبو عبيد: شَبّه المؤمن بالخامة التي تميلها الرياح لأنه مُرَزَّأٌ في نفسه وَأهله وماله. وأمَّا الكافر فمثل الأرزة التي لا تميلها الرِّياح والكافر لا يرزَأ شَيئا حتى يَموت وان رزئ لمَ يؤجَر عليه فشبه موته بانجعاف تلك الأرزة حتى يلقى الله بذنوبه جمّةً.
وأقول إن الحديث النبوي الشريف يمنحنا الراحة النفسية الحقيقة على الرغم مما نحن فيه من البلاء . وتستغرب حين تسمع من يقول حين تحل به نكبة مهما قلت  : أشو عاملين لـ الله عياذا بالله ، وكأنه خلق بشروط اشترطها على خالق السموات والأرض . منها أن لا يصيبه مكروه ونسي أن من استدعاه لهذا الكون هو رب العالمين .
كثيرون يعشون وهم غارقون بنعم الله . منهم من تصور الهناء واستجلاب مصدره أن يعيش الآخرون في بلاء .
فاستمرار البلاء على البعض سر في سعادة من عاش حياة الأرزة وليس لهم في خامة الزرع نصيب
ويا رب فرج عن الشام وأهل الشام
ــــــــــــــ
صحيح مسلم (4/ 2164)
صحيح البخاري (7/ 115)
المعلم بفوائد مسلم – التميمي (3/ 349)

 الانجعاف: الانقلاع
الْأَرْزَة الْمُجْذِيَة: الثابتة المنتصبة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق