الثلاثاء، 6 أغسطس 2019

عدس بترابه ... كل شي بحسابه


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
عدس بترابه ... كل شي بحسابه
وكان العدس أيام زمان يُباع قديماً بترابه .. فإذا أراد الشاري العدس نظيفاً فما إلا عليه أن يدفع ثمناً يزيد على ثمنه وهو بترابه .ولكل شيء ثمن
هناك من يرغب بمنزلة العلماء ببضع أسطر قرأها من كتاب فلا سهر ولا تعب في طلب العلم ليتعرى ويفتضح أمره كل رفع رأسه ليظهر ليخذله فكره ولسانه . وهناك من رغب بالسيادة والنبل فسلك طريق والبغي على الناس لينقلب بغيه عليه قال الله تعالى : ( .. يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا بَغْيُكُمْ عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ .. )
وما أشد قساوة ومرارة الندم فقد بعد فوات الأوان . قيل إن رجلاً تاجرٌ كان له شريكٌ، فاستأجرا حانوتاً، وجعلا متاعهما فيه. وكان أحدهما قريب المنزل من الحانوت؛ فأضمر في نفسه أن يسرق عدلاً من أعدال رفيقه؛ ومكر الحيلة في ذلك، وقال: إن أتيت ليلاً لم آمن من أن أحمل عدلاً من أعدالي أو رزمة من رزمي ولا أعرفها؛ فيذهب عنائي وتعبي باطلاً. فأخذ رداءه، وألقاه على العدل الذي أضمر أخذه. ثم انصرف إلى منزله. وجاء رفيقه بعد ذلك ليصلح أعداله، فوجد رداء شريكه على بعض أعداله، فقال: والله هذا رداء صاحبي؛ ولا أحسبه إلا قد نسيه. وما الرأي أن أدعه هاهنا؛ ولكن اجعله على رزمة؛ الحانوت فيجده حيث يحب. ثم أخذ الرداء فألقاه على عدلٍ من أعدال رفيقه ، وجار شريكه في الظلمة يلتمس الإزار فوجده على العدل؛ فاحتمل ذلك العدل حتى أتى منزله، ورمى نفسه تعباً. فلما أصبح افتقده فإذا هو بعض أعداله؛ فندم أشد الندامة. ثم انطلق نحو الحانوت، فوجد شريكه قد سبقه إليه ففتح الحانوت ووجد العدل مفقوداً: فاغتم لذلك غماً شديداً؛ وقال: واسوءتاه من رفيق صالحٍ قد ائتمنني على ماله وخلفني فيه! ماذا يكون حالي عنده؟ ولست أشك في تهمته إياي. فوطن  نفسه على دفع غرامته. ثم أتى صاحبه فوجده مغتماً، فسأله عن حاله؛ فقال إني قد افتقدت الأعدال، وفقدت عدلاً من أعدالك، أعلم بسببه؛ وإني لا أشك في تهمتك إياي؛ وإني قد وطنت نفسي على غرامته. فقال له: يا أخي لا تغتم: فإن الخيانة شر ما عمله الإنسان، والمكر والخديعة لا يؤديان إلى خيرٍ؛ وصاحبهما مغرور أبداً، وما عاد وبال البغي إلا على صاحبه واعترف له بالذي فعل .
وليس لذوي البغي من الله نجاة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
كليلة ودمنة – ابن المقفع (ص: 67)
أمثال العرب - الضبي (ص: 77)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق