الثلاثاء، 6 أغسطس 2019

من صور التعليم عند المسلمين


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
من صور التعليم عند المسلمين
للتعليم في العصور دوره وهيئاته ومراحله .
وللتعليم أيضاً أهله ، وهم وسيلة تحقيق أهدافه .
وللمعلم الحق مكانته ، كذلك ولمن هو محسوب على التعليم سر في وجوده في مدارسنا ، علما أن هؤلاء هم أصحاب الحاجة لمن يعلمهم ، وطبيعة هؤلاء تقوم على التلقين والتحفيظ وهو أمر يطمس القدرة على الاستنباط والتفكير لدى الناشئة، لأنه من اعتاد الحفظ لا يكون الا مقلدا، اما الاستنباط فيؤدي بصاحبه الى الخلق والابداع ويوصله الى الحقيقة. ووسيلتهم العصى لا للتأديب بل لستر عيوبهم لا أكثر .
ومن دمشق الحبيبة ، ومن نهاية القرن الثامن الهجري والربع الأول من القرن الرابع عشر الميلادي أنقل لكم شيئا من الحالة التعلمية أيامها وكيف كانت حلقات الدروس والمشرفون عليها في مسجد دمشق حلقات للتدريس في فنون العلم والمحدثون يقرؤون كتب الحديث على كراسي مرتفعة وقراء القرآن يقرؤون بالأصوات الحسنة صباحا ومساءا وبه جماعة من المعلمين لكتاب الله يستند كل واحد منهم إلى سارية من سواري المسجد يلقن الصبيان ويقرئهم وهم لا يكتبون القرآن في الألواح تنزيها لكتاب الله تعالى وإنما يقرؤون القرآن تلقينا ومعلم الخط غير معلم القرآن يعلمهم بكتب الأشعار وسواها فينصرف الصبي من التعليم إلى التكتيب وبذلك جاد خطه لأن المعلم للخط لا يعلم غيره ومن المدرسين بالمسجد المذكور العالم الصالح برهان الدين بن الفركاح الشافعي ومنهم العالم الصالح نور الدين أبو اليسر بن الصانع من المشتهرين بالفضل والصلاح ومنهم الإمام العالم شهاب الدين ابن جهيل من كبار العلماء رحمة الله عليهم أجمعين.
عشنا أياما كان أهلنا يحترمون بل ويجلون المعلم . والحق أن المعلم هو من فرض على الناس احترامه
وعشنا أيام اجتمع في مدارسنا من أساء للتعليم بشخصه سواء كان عن قصد أو غير قصد ، والسر في ذلك أن المدرسة ليست مكانا لأمثال هؤلاء
مقولتهم بدي علّم على قدر ما أعطى من أجر . وتسأله هل اشترطت في عقد الوظيفة هذا الشرط ؟ فيجبيك لا . ولكن على الدولة أن تكفيني وتكفيني هذه كلمة لا حدود لمعناها . فلو أغدقت على الملايين لطلب الزيادة فالحاجات الكمالية حينها تغدو ضرورية
ثم تسأل ما ذنب أطفالنا إن بلوناهم بأمثال هؤلاء
أقول فوالله إن أمثال هؤلاء هم جزء مما نحن فيه من بلاء
ـــــــــــــــ
رحلة ابن بطوطة (1/ 71)
الرسائل الأدبية (ص: 27)
تاريخ بغداد – الخطيب البغدادي (6/ 613)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
الزجاج يدرس النحو على المبرّد
قال: الزجاج كنت أخرط الزجاج، فاشتهيت النحو، فلزمت المبرّد «3» لتعلّمه، وكان لا يعلّم مجانا، ولا يعلّم بأجرة إلّا على قدرها.
فقال لي: أيّ شيء صناعتك؟
قلت: أخرط الزجاج، وكسبي في كل يوم درهم ودانقان، أو درهم ونصف، وأريد أن تبالغ في تعليمي، وأنا أعطيك في كلّ يوم درهما، وأشرط لك أنّي أعطيك إيّاه أبدا، إلى أن يفرّق الموت بيننا، استغنيت عن التعليم أو احتجت إليه.
قال: فلزمته، وكنت أخدمه في أموره، ومع ذاك أعطيه الدرهم، فنصحني في التعليم، حتى استقللت.فجاءه كتاب من بني مارية  ، من الصراط، يلتمسون معلّما نحويّا لأولادهم، فقلت له: أسمني لهم، فأسماني، فخرجت إليهم، فكنت أعلّمهم، وأنفذ إليه في كل شهر ثلاثين درهما، وأتفقّده بعد ذلك بما أقدر عليه.
ومضت على ذلك مدّة، فطلب منه عبيد الله بن سليمان، مؤدّبا لابنه القاسم. فقال له: لا أعرف لك إلّا رجلا زجّاجا بالصراة  مع بني مارية. قال: فكتب إليهم عبيد الله فاستنز لهم عنّي، فنزلوا له.فأحضرني وأسلم القاسم إليّ، فكان ذلك، سبب غناي.
وكنت أعطي المبرّد ذلك الدرهم في كلّ يوم، إلى أن مات، ولا أخليه من التفقّد معه بحسب طاقتي.
نشوار المحاضرة وأخبار المذاكرة – القاضي التنوخي (1/ 274)
ـــــــــــــــــــ
إِبْرَاهِيم بْن السري بْن سهل أَبُو إِسْحَاق النحوي الزجاج صاحب كتاب معاني القرآن،
كَانَ من أهل الفضل وَالدين، حسن الاعتقاد، جميل المذهب، وله مصنفات حسان فِي الأدب، روى عنه: عَلِيّ بْن عَبْد اللَّهِ بْن المغيرة، وغيره.
تاريخ بغداد – الخطيب البغدادي (6/ 613)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق