الجمعة، 31 يناير 2020

حتى وإن كنت على مائدة ملك لك أن تعتز بما لديك


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
حتى وإن كنت على مائدة ملك لك أن تعتز بما لديك
لا تام في صفاته إلا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . والناس من بعده يتفاضلون فمنهم من امتاز بالمروءة ومنهم من تميز بالكرم وهناك من رفع العلم من قدره . وحتى البسطاء من الناس لابد وأن لهم ما يفخرون فمنهم من ميزه العفاف وآخر رفعته القناعة .
وهناك من يعتز بالإساءة حتى يقال فلان ( مشراني ) وآخرون تميزوا بأكل أموال الناس بالباطل حتى يعرفوا بين الناس بالنصابون
ومن تاريخ مثل لأعرابي اعتز بطعامه وعلى مائدة عبد الملك بن مروان فأذهل عبد الملك بما اعتز به : ذكر عوانة بن الحكم: أن عبد الملك بن مروان صنع طعاماً، فأكثر، وأطاب ودعا الناس، فأكلوا، فقال بعضهم: ما أطيب هذا الطعام وما أكثره، وما أظن أحداً أكل أطيب منه. فقال أعرابي من ناحية القوم: أما أكثر، فلا! وأما أطيب فقد أكلت أطيب منه. فطفقوا يضحكون، فأشار إليه عبد الملك، فدنا منه، فقال: ما أنت لما تقول بحقيقٍ. قال: بلى، يا أمير المؤمنين؛ بينا أنا بهجر في ترابٍ أحمر في أقصاها حجراً إذ توفي أبي وترك كلا وعيالاً ونساء ونخلاً، وفي النخل نخلةٌ لم ير الناظرون مثلها، كأخفاف الرباع ولم ير تمرٌ قط أغلظ لحماً ولا أصغر نوىً، ولا أحلى حلاوةً منها. وكانت أتانٌ وحشيةٌ قد ألفت تلك النخلة، فتثبت برجليها، وترفع يديها وتعطو بفيها، وكادت تنفذ ما فيها، فانطلقت بقوسي وكنانتي وأسهمي وزندي، وأنا أظنني أرجع من ساعتي، فمكثت يوماً وليلة، حتى إذا كان السحر، أقبلت فرميتها فأصبتها، ثم عمدت إلى سرتها، فأبرزتها، ثم عمدت إلى حطبٍ جزلٍ
فجمعته، وإلى رضفٍ فوضعته، وإلى زندي فأوريته، ثم ألقيت سرتها في ذلك الحطب ثم أدركني النوم فنمت، فلم يوقظني إلا حر الشمس، فانطلقت فكشفتها وألقيت عليها من رطب تلك النخلة من مجزعه ومنقطه فسمعت لها أطيطاً كتداعي قطاً وغطيطا، ثم أقبلت أتناول الشحمة واللحمة والتمرة، فقال عبد الملك: لقد أكلت طيباً، فمن أنت؟ قال: أنا رجل جانبتني صأصأة اليمن، وعنعنة تميم وأسد، وكشكشة ربيعة، وتأنيث كنانة.
قال عبد الملك: فمن أنت؟ قال: أنا رجلٌ من أخوالك بني عذرة، قال عبد الملك: أولئك من أفصح العرب، فهل لك من معرفةٍ بالشعر؟ قال : بلى فجده يروي أجود أشعار العرب
وهناك من يعتز بخراب وطنه وبيده
ويا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا
جمهرة أشعار العرب – القرشي (ص: 103)

العنعنة: وكانت تميم تجعل الهمزة عينا : فيقال عنك أي أنك
الكشكشة: صوت دون الهدير
صأصأة : عدم القدرة على العين وصأصأ الرجل ذل وخضع




ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق