الاثنين، 6 يناير 2020

التناحر والتنافر أودى بنا ومن هرم بن قطبة وقيل هو من أعقل العرب نتعلم


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
التناحر والتنافر أودى بنا
ومن هرم بن قطبة وقيل هو من أعقل العرب نتعلم
والحق أننا نذم سوانا لنظهر فضل لنا ، وينجد البعض قدر من حياتهم لتعقب زلات الناس أملا في نوال بعض السيادة بين الناس . علما بأن المرء لا يخلو من جوانب قد تتصف بالسوء وأخرى يكللها الخير . ومما تعلمناه من علمائنا أن من غلبت حسناته على سيئاته يذكر في نطاق المحسنين ، والعكس أن تغلب السيئات الحسنات . إلا أن المشكلة فيمن يصور للناس حسنات الآخرين على أنها سيئات ألبست ثوب الحسنات . وكأن هوايتهم طمس كل حسن في هذه الحياة . إلا ما يرون هم وما يفعلون . والأعجب أنهم قد نصبوا من أنفسهم حكاما على الخلق في منافرتهم والمُنَافَرة في الأصل : أن يَتفاخَر الرجُلان كُلُّ وَاحدٍ علَى صَاحِبه ، ثم يُحَكِّمَان بيَنُهما واحِدًا .
روى أصحاب السير أن علقمة بن علاثة وعامر بن الطفيل الجعفريين تنافرا في الشرف فهذا إلى هرم بن قطبة بن سيار الفزاري فقالا أتيناك فيما تنافرنا فيه من الشرف وقد أردنا أن تحكم بيننا وقد أتى كل واحد منهما بمائة من الإبل تعطى للقاضي إثر الحكم . فقال هرم بن قطبة اجمعوا إلي الناس فجمعا له من كان بعقوتهم ثم أعلماه ذلك فدعى علقمة بن علاثة  بعد أن حبسه أياماً فقال يا علقمة أتنافر عامرا وأنت تعلم أن يوما منه خير من سنة منك قال فلما ظن علقمة أنه يفضله عليه ناشده الله في الإبقاء وأنه لا ينافره بعدها أبدا قال قال الله الله ثم أخرج ثم دعا عامرا فقال أتنافر علقمة يا عامر والله لأصغر ولد له أشرف منك فلما ظن أنه سيفضله عليه ناشده الله في الإبقاء وأنه لا ينافره أبدا وقضى لهما بالشرف .
نظر عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى هرم بن قطبة، ملتفا في بتّ في ناحية المسجد، ورأى دمامته وقلته، وعرف تقديم العرب له في الحكم والعلم، فأحب أن يكشفه ويسبر ما عنده، فقال: أرأيت لو تنافرا إليك اليوم أيهما كنت تنفر؟ يعني علقمة بن علاثة، وعامر بن الطفيل. فقال: يا أمير المؤمنين: لو قلت فيهما كلمة لأعدتها جذعة. فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لهذا العقل تحاكمت العرب إليك.
ترى هل ننزع لقضاء العقل فيما نحكم على الناس ؟
أم أن الهوى هو قاضينا ؟
ومن كان قاضيه هواه فلن يفلح
يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا
ــــــــــــــــــ
البيان والتبيين (1/ 200)
تاريخ دمشق لابن عساكر (41/ 149)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق