الجمعة، 31 يناير 2020

بين العقل والهم مودة


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
بين العقل والهم مودة
وكان يقال: العقل والهم لا يفترقان. ومن جميل شعر ابن المعتز قوله :
وحلاوة الدنيا لجاهلها ... ومرارة الدنيا لمن عقلا
وما يميز أصحاب العقول أن اختياره نابع مما يبصر وأنه ينفّذ ما يبصره بالعزم لا بالتسويف . كما أن إحياء العقل سبيله المحبة والمبالغة في طلب ما هو نافع للخير وحسن الوعي لتقلبات الأحداث
ومن جميل أبي الطيب المتنبي : ذو العقل يشقى في النعيم بعقله ... وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم
وحمل الهموم دليل على وجود العقل وميزة يحملها أصحاب المروءة
لا خير في كلّ فتى نؤوم ... لا يعتريه طارق الهموم
إلا أن يصل الأمر إلى حد قد يُفْقِد المرء توازنه ويختل معه تفكيره : وقع رجل من أهل المدينة فوثئت رجلاه، فجعل الناس يدخلون عليه ويسألونه، فلما أكثروا عليه ، أضجر وكتب قصّته في رقعة، فكان إذا دخل عليه عائد وسأله دفع إليه الرقعة.
وممن عاداه الدهر وأثقلته الهموم قيل : كان رجل من أهل السّواد محدودا لا يقصد في شيء إلا انصرف عنه، فغاب مرّة فأطال، فلما قدم أتاه الناس فجعلوا يسألونه عن حاله وما كان فيه، حتى تبرم بالسؤال ، فأخذ رقعة فكتب فيها:
وما زلت أقطع عرض الفلاة ... من المشرقين إلى المغربين
وأطوي الفيافي أرضا فأرضا ... وأستمطر الجدي والفرقدين
وأطوي وأنشر ثوب الهموم ... إلى أن رجعت بخفّي حنين
فقيرا وقيرا أخا عسرة ... بعدا من الخير صفر اليدين
كئيب الصّديق بهيج العدوّ ... طويل الشّقا زاني الوالدين
واليوم اللي صار فقد أطبقت علينا الهموم حتى لو وجد مشتريا لباعه الناس كَمّاً من همومهم هبة وبالمجان وأشد أشكالها وألوانها أناس يَدَّعون العقل إلا أن عقولهم هبة من الشيطان سخروها للأذى فأساؤوا للبلاد والعباد
ورحم الله أبو صخر الهذلي:
أرِقتُ ونامَ عنِّي مَنْ يلومُ ... ولكنْ لمْ تنمْ عنِّي الهمومُ
سليمٌ ملَّ منهُ أقرَبوهُ ... وعطَّلهُ المُداوي والحميمُ
يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا
ــــــــــــ
اللطائف والظرائف - الثعالبي(ص: 43)
الأدب الصغير – ابن المقفع (ص: 23)
البيان والتبيين – الجاحظ (3/ 155)
عيون الأخبار - الدينوري(3/ 55)
الزهرة  - النويري (ص: 126)
=========
وثئت : أي لم الأمر حد كسر العظم : أي أن العظم شعر ولم يكسر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق