الأحد، 1 ديسمبر 2019

الشجاعة ومن المعرة حكاية جرت في الثلاثينات من القرن الماضي


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
الشجاعة
ومن المعرة حكاية جرت في الثلاثينات من القرن الماضي
الشجاعة في اللغة القوة وتعني القوي الجريء،  وقد تكون الشجاعة في القوي والضعيف. وكل منا يحتاج في حياته قدراً منها . المعلم يحتاجها في دخوله الأول لحجرة الصف والخطيب في أول ارتقائه المنبر والطبيب حين يمسك بالمبضع لأول مرة وهكذا فهي ضرورة في كل مناحي الحياة بعضها قد يأتي موروثا وهو ما يحتاجه المرء لاستمرار حياته إلا أن البيئة والتربية لها الأثر الأهم في وجودها.
ومن خلال ما تقدم فللشجاعة أوجه ربما كان أعلاها تقدم الصفوف في المعارك ومعارك المواجهة قديما تعبر عن أعلا مراتبها فأنت هنا قاتل أو مقتول لا محالة أما اليوم فأنت تقاتل من بعيد قد ترى لا خصمك وعامل التوقي والسلامة في أعلا مستوياته . وتاريخنا يذكرنا بنماذج قل أن تتكرر فإن أردت البحث عن أعلا صورها فرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سيد الشجعان فعن عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال: كنا إذا احمر البأس ولقي القومُ ، القومَ اتقينا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فما يكون منَّا أحدٌ أدنى من القوم منه. وإن سألت عن الصحابة رُضْوَانُ الله عَلَيْهِمْ فقد لا تستثني أحداً قالَ أَصْحَابُ الْمَغَازِي: دَخَلَ أَصْحَابُ مُسَيْلَمَةَ حَدِيقَةَ الْمَوْتِ، فَأَغْلَقُوهَا عَلَيْهِمْ، وَأَحَاطَ الْمُسْلِمُونَ بِهَا، فَصَرَخَ الْبَرَاءُ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، احْمِلُونِي عَلَى الْجِدَارِ ( في جفنة ) حَتَّى تَطْرَحُونِي عَلَيْهِمْ، فَفَعَلُوا، فَنَادَى: أَنْزِلُونِي، ثُمَّ قَالَ: احْمِلُونِي، فَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا، ثُمَّ اقْتَحَمَ عَلَيْهِمْ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى فَتَحَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَهُمْ عَلَى الْباب مِنْ خَارِجٍ فَدَخَلُوا، فَأَغْلَقَ الْباب عَلَيْهِمْ، ثُمَّ رَمَى بِالْمِفْتَاحِ مِنْ وَرَاءِ الْجِدَارِ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، وَقَتَلَ اللَّهُ مُسَيلِمَةَ، وَقُتِلَ مَنْ فِي الْحَدِيقَةِ. تخيل كيف حمل رضوان الله عليه وألقي عشوائيا فوق رماح مقاتلي مسيلمة وقد كادوا دحر المسلمين . وقاتل خَالِد بن الْوَلِيد رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ جيش جبلة بن الأيهم البالغ مائة ألف وكلهم من العرب بعشرة يوم كاملا حتى أتاه الغوث من أَبي عُبَيْدَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ  والعجيب في الأمر أن كانت في مقدمة المغيثين امرأة محتجبة دخلت المعركة مباشرة وسألها خالد من أنت أيها الفارس فقالت أم تميم زوجتك
و مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ له رأي آخر في الشجاعة رُوِيَ عنه قَالَ لَهُ عَمْرو بن الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ  : قد أعياني أَن أعلم: أجبان أَنْت أم شُجَاع فَقَالَ:
شُجَاع اذا مَا أمكنني فرْصَة ... والا تكن لي فرْصَة فجبان
ويستمر الزمن وتستمر صورة الشجاعة . وفي المعرة وفي الخمسينات من القرن الربع عشر الهجري الموافق للثلاثينات من القرن الماضي الميلادي صورة بطولة ومظهر للشجاعة فقد كان أحد أمار البدو من القبائل المحيطة بالمعرة وقد حكم عليه من قبل الفرنسيين بالإعدام يرسل خبراً للحامية الفرنسية فيها قائلا الأمير .... يريد أن يمر أي من المعرة والرجل مشهور ومن غرائبه أنه كان يمازح ابنه بطريقة عجيبة منها أنه رأى ابنه يتغوط فأخذ بندقيته ووجهها لمكان سقوط الغائط بين رجليه لتزيل الرصاصات كل ما يسقط من ولده الصغير ومع كل طلقه تسمع صوت الولد يخاطب آباه ( تخسا يبه - أي خاب ما فعلت ) دون أن يبدي حراكا وتعجب من ثابت جأش الأب ورابطة جأش الطفل .
ــــــــــــــــــــ
مسند الإمام أحمد (2/ 156)
تاريخ الطبري (3/ 294)
غريب الحديث لابن قتيبة (2/ 413)
لا تكن لي كتاب الألفاظ لابن السكيت (ص: 123)
فتوح الشام – الواقدي (1/ 111)
سير أعلام النبلاء – الإمام الذهبي (1/ 196)
سير السلف الصالحين-  إسماعيل بن محمد الأصبهاني (ص: 297)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق