السبت، 28 ديسمبر 2019

ويحدث بعضنا بعضا بمصابه


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
ويحدث بعضنا بعضا بمصابه
لا حديث إلا عن البلاء ، وهنا أنا لا ألوم من ينفس عن كربه ليحدث القريب والبعيد بما حل به فالأهل والوطن كلهم في حالة حزن وكأنهم في مأتم ورحم الله القائل :
فبتنا كأنهم بينهم أهل مأتم ... على ميّت مستودع بطن ملحد
يحدّث بعض بعضنا بمصابه ... ويأمر بعض بعضنا بالتجلّد
ومن بعيد تصلك صرخة متفائل باقتراب الفرج . صرخة نابعة من الثقة بأن البلاء شكل من أشكال التأديب الرباني ، ومن المعلوم أن التأديب وهو شكل من التربية لا يدوم فنحن نؤدب أولادنا إلى حين ، ثم نتركهم ليكون التأديب ذخرهم لهم ومؤنة على متاعب الحياة .
نحن قوم ثقتنا بالله سبيل لرفع البلاء عنا فالله هو الضار النافع ، فما نتصوره بالضرر وجد لتكون نتيجته النفع . ولهذا فنحن في حالة من الحمد الذي يبدأ دون نهاية ، بعيدون عن الحزن ، راضون بقضاء الله وقدره ، ورحم الله القائل :
الله أحمد شاكراً ... فبلاؤه حسنٌ جميل
أصبحت مستوراً معافى ... بين أنعمه أجول
خلواً من الأحزان خفّ ... الظهر يقنعني القليل
لم يشقني طمعٌ ولا ... حرصٌ ولا أملٌ طويل
ونفيت باليأس المنى ... عني فطاب لي المقيل
والناس كلّهم لمن ... خفّت مؤونته خليل
ومن يرضى بقضاء الله فليمدد بسبب إلى السماء ثم ليقطع ولينظر هل كان في سقوطه خيره له . قال الله تعالى : مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ ﴿١٥﴾ سورة الحج
والنصر هنا للنبي عليه الصلاة والسلام ولكل من تبعه ، وليس الانتصار في معركة فحسب بل زوال البلاء والفوز بالأمن والأمان في الدنيا والآخرة .
ــــــــــــــ
الديارات للشابشتي (ص: 68)
العقد الفريد (7/ 211)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق