الثلاثاء، 29 مارس 2016

البكاء يدفع الحُزن

البكاء يدفع الحُزن
ونقل عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قوله : «استغزروا الدموع بالتذكر» .
إلا أن البكاء من خشية الله
وربما لفقد من نحب
أو لندم على فعل خطأ
أما أن يكون البكاء صادقا وعلى عدو فهو غريب تصوره
قال المبرد حدثني رجل من أصحابنا، قال: شهدت رجلاً في طريق مكة معتكفاً على قبر، وهو يردد شيئاً ودموعه تكف من لحيته، فدنوت إليه لأسمع ما يقول، فجعلت العبرة تحول بينه وبين الإبانة، فقلت له: يا هذا! فرفع رأسه إلي، وكأنما هب من رقدة، فقال: ما تشاء? فقلت: أعلى ابنك تبكي? قال: لا، قلت: فعلى أبيك? قال: لا، ولا على نسيب ولا صديق، ولكن على من هو أخص منهما، قلت: أو يكون أحد أخص من ذكرت? قال: نعم، من أخبرك عنه، إن هذا المدفون كان عدواً لي من كل باب، يسعى علي في نفسي وفي مالي وفي ولدي فخرج إلى الصيد أيأس ما كنت من عطبه، وأكمل ما كان من صحته، فرمى ظبياً فأقصده ، فذهب ليأخذه، فإذا هو قد أنفذه حتى نجم سهمه من صفحة الظبي، فعثر فتلقى بفؤاده ظبة السهم، فلحقه أولياؤه فانتزعوا السهم وهو والظبي ميتان، فنمى إلي خبره، فأسرعت إلى قبره معتبطاً بفقده، فإني لضاحك السن؛ إذ وقعت عيني على صخرة، فرأيت عليها كتاباً، فهلم فاقرأه، وأومأ إلى الصخرة، فإذا عليها:
وما نحن إلا مثلهم غير أننا ... أقمنا قليلاً بعدهم وتقدموا
قلت: أشهد أنك تبكي على من بكاؤك عليه أحق من النسيب.
-------------------
-         الكامل في اللغة والأدب – المبرد (4/ 78)
---------------
-         أقصده: لم يخطئه
-         نجم سهمه: ظهر وبر
-         صفحة الظبي: جانبه

-         ظبة السهم: حده

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق