الجمعة، 4 مارس 2016

رسالة الاسكندر إلى أمه يعزي بها وإليها نفسه

رسالة الاسكندر إلى أمه يعزي بها وإليها نفسه
هي رسالة إلى كل أم أصيبت في ولدها ، بل عزاء لكل من أصيب حتى في نفسه
إماه ألم تري إِلَى كُل مخلوق يجري عَلَى مَا لا يدري؟
هل رأيت يا أماه مُعطيا لا يأخذ، ومُقرضا لا يتقاضى، ومُستودعا لا يسترد وديعته؟!
يا أماه إِن كَانَ أحد بالبكاء حقيقا فلتبك السماء عَلَى نجومها، ولتبك الحيتان عَلَى بحورها وليبك الجو عَلَى طائره، ولتبك الأَرْض عَلَى أولادها والنبت الَّذِي يخرج منها، وليبك الإِنْسَان عَلَى نَفْسه الَّتِي تموت فِي كُل ساعة وعند كُل طرفة. يا أمتاه إِن الْمَوْت لا يعتقني من أجل أني كنت عارفا أَنَّهُ نازل بي يتعبك الحزن فإنك لَمْ تكوني جاهلة بأني من الَّذِينَ يموتون. يا أمتاه إني كتبت كتابي هَذَا وأنا أرجو أَن تعتبري بِهِ ويحسن موقعه منك، فلا تخلفي ظني ولا تحزني روحي، يا أمتاه إني قَدْ علمت يقينا أَن الَّذِي أذهب إِلَيْهِ خير من مكاني الّذي أنا فيه، وأطهر من الهموم والأحزان والأسقام والنصب والأمراض فاغتبطي لي بمذهبي
يا أماه اصنعي طعاما واجمعي من قدرت عَلَيْهِ من نساء أَهْل المملكة، ولا يأكل طعامك من أصيب بمصيبة.
فصنعت طعاما وجمعت النَّاس وَقَالَتْ: لا يأكل من أصيب بمصيبة قط، فلم يأكل أحد
فعلمت أمه مَا أراد
---------------
المنتظم في تاريخ الملوك والأمم – ابن الجوزي(1/ 301)


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق