الجمعة، 11 مارس 2016

وليمة صنعها أمير المؤمنين هارون الرشيد رحمه الله تعالى

وليمة صنعها أمير المؤمنين هارون الرشيد رحمه الله تعالى
لك أن تتخيل أنك أحَدَ من دُعي إليها
لا أتخيل أنك ترفض دعوة كهذه
فمن دعاك ملك عنوان ملكه ذُل العبودية لربه
ثم بدأت الصور تتوالى على مخيلتك
سبحان مالك الملك
أنت الآن في حضرة رجل مُلكه اتسع كل المُعمور المعروف من الأرض
رجل بلغ من اتساع سلطته أن يخاطب الغمامة في تواضع لله
اذهبي أنّا شئت فخراجك عائد إلينا
اخترق صمتك نداء هارون الرشيد ، يدعوك
ابدأ الناس المدعوين بكلمة
لن أدخل لأعماق نفسك لأصف ما أنت عليه . عند سماعك النداء
لم يَدر في خلدك أنك ستكون المتحدث الأول !
ترى كيف تبدأ ؟ وبماذا تفكر ؟
هل ستبعدك رهبة المَلكِ الخليفة ؟ عن رهبة المَالك وهو الله تعالى !
سؤال أنت فقط من يحق له الإجابة عليه !
قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: صَنَعَ الرَّشِيدُ يَوْمًا طَعَامًا كَثِيرًا، وَزَخْرَفَ مَجَالِسَهُ، وَأَحْضَرَ أَبَا الْعَتَاهِيَةِ، فَقَالَ لَهُ: صِفْ لَنَا مَا نَحْنُ فِيهِ مِنْ نَعِيمِ هَذِهِ الدُّنْيَا) ، فَقَالَ:
عِشْ مَا بَدَا لَكَ سَالِمًا ... فِي ظِلِّ شَاهِقَةِ الْقُصُورِ
فَقَالَ: أَحْسَنْتَ! ثُمَّ قَالَ: مَاذَا؟ فَقَالَ:
يُسْعَى عَلَيْكَ بِمَا اشْتَهَيْتَ ... لَدَى الرَّوَاحِ وَفِي الْبُكُورِ
فَقَالَ: أَحْسَنْتَ! ثُمَّ مَاذَا؟ فَقَالَ:
فَإِذَا النُّفُوسُ تَقَعْقَعَتْ ... فِي ظِلِّ حَشْرَجَةِ الصُّدُورِ
فَهُنَاكَ تَعْلَمُ مُوقِنًا ... مَا كُنْتَ إِلَّا فِي غُرُورِ
فَبَكَى الرَّشِيدُ. وَقَالَ الْفَضْلُ بْنُ يَحْيَى: بَعَثَ إِلَيْكَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ لِتَسُرَّهُ، فَحَزَنْتَهُ. فَقَالَ: دَعْهُ، فَإِنَّهُ رَآنَا فِي عَمًى، فَكَرِهَ أَنْ يَزِيدَنَا.

الكامل في التاريخ – ابن الأثير(5/ 358)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق