الأربعاء، 29 يوليو 2020

دون ابتلاء قد لا تستحق الحياة العيش فيها


صَبِيحَةٌ مُبارَكَةٌ
إِخْوَتِي أَخَوَاتِي
دون ابتلاء قد لا تستحق الحياة العيش فيها
ومن صور الابتلاء التي تنهك العقل وتكاد تقتل النفس ، أن تجد من يقول لك : هيك الصح ، ولا خيار . وكما خَيّرْ جُحَا صاحبه : بدك غزال خود حمار . لا بدك حمار خود الحمار . ترى لا تقول ما خَيَّرْتك .
وحين ترى من ولي أمر وهو غاية في العجز عن القيام بأقل منه ، لا بل هو من بحاجة لمن يقوده وجنود إبليس كثيرون ومغرياتهم لا حصر لها فإن فقد المرء الخوف من الله ، فليس له إلا أن يقول : قضاء وقدر . ولا نقول : هي مشيئة الله . فالقضاء علم الله بما سيحدث والقدر حدوث ما علمه الله . ومن المعروف أن العلم صفة كاشفة غير مؤثرة . نعم نحن مؤمنون أن كل شيء بقضاء وقدر، وأن الجزع لا يرد عنك القضاء، وأن ما نحن فيه أخف مما هو أكبر منه، وأن ما بقي لنا أكثر مما أخذ منا، وأن لكل قدر حكمة لو علمناها لرأينا المصيبة عين النعمة، وأن كل مصيبة للمؤمن لا تخلو من ثواب أو مغفرة، أو تمحيص، أو رفعة شأن، أو دفع بلاء أشد، وما عند الله خير وأبقى. عَنْ خطاب بْن القاسم عَنْ أبي عثمان قَالَ كان عِيسَى عَلَيْهِ السلام يصلي عَلَى رأس جبل فأتاه إبليس فَقَالَ أنت الذي تزعم أن كل شيء بقضاء وقدر قَالَ نعم قَالَ فألق نفسك من الجبل وقل قدر علي فَقَالَ يا لعين اللَّه يختبر العباد وليس للعباد أن يختبروا اللَّه تعالى.
سمع أعرابي أحد الولاة يخطب . فلحن فصرّ الأعرابي أذنيه، أي جعل أصابعه خلف أذنيه يديرهما وينصبهما ليسمع جيداً ما يقول الخليفة، ثم لحن لحنة أخرى، فهب الأعرابي واقفاً، ثم لحن الثالثة فقال الأعرابي: أشهد أنك وُلِّيت هذا الأمر بقضاء وقدر. وكأنه يريد أن يقول: «أنت لا تستحق أن تكون في هذه المكانة» .
يا رب أعنّا لنأخذ بالأسباب ، رضنا بقضاء وقدرك 
يا رب فرج عن سوريا وأهل سوريا
ــــــــــــــــ
تلبيس إبليس – ابن الجوزي (ص: 250)
هكذا علمتني الحياة – الدكتور مصطفى السباعي(ص: 234)
عيون الأخبار – ابن قتيبة الدينوري(2/ 175)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق